أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالزهرة حسن حسب - ساحة التحرير















المزيد.....

ساحة التحرير


عبدالزهرة حسن حسب

الحوار المتمدن-العدد: 6429 - 2019 / 12 / 5 - 10:21
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لا اعلم كيف تم زواج امي من أبي ؟ وهي بنت مدينة الموصل التي يختلف بعض موروثها الثقافي الديني عن الموروث الثقافي الديني لمدينة البصرة : ( مدينة أبي) .. أسأل أحياناً هل ان الحب هو الدافع لهذا الزواج الذي أسس لعائلة سعيدة ؟ . في طفولتي كنت اشاهد والدتي احياناً تحيط رقبة والدي بذراعيها الاثنتين وتقبله , وتكثر من تقبيله لتعبر عن استمرار حبها له .
ان سلوكها هذا يثير غيرتي ، فامسك تنورة والدتي وأسحبها عن أبي واطلب منها ان تقبلني على خدي .. تضحك وتفعل ما طلبت . وأحياناً اخرى يفعل والدي ما فعلته امي .. فيثير غيرتي ايضاً . أتذكر تلك اللحظات في هذه الفترة الطفولية ، واتذكر أيضاً اسئلتي الكثيرة بعضها ذات معنى وبعضها لا معنى له ، بعضها يثير حنق والدتي وآخر يثير اعجابها فتكافئني بصفعة محبة على خدي . كنت أسأل من يمنع سقوط النجوم ؟ ومن أين يأتي المطر ، وأسـأل عن الله والطنطل والشيطان .
ذات يوم وأنا بهذه الروح الطفولية البريئة والمتوثبة لمعرفة كل ما يحيط بها . سألت والدي : لماذا لا تملك ساقين مثلي وامي . تأوه وقال : انها الحرب يا بنتي والقائد الذي أججها ليقاتل بالنيابة عن أسياده و غذتها الطائفية لتستمر ثماني سنوات لم تكتفِ بقطع ساقي كما ترين وآلاف المعوقين مثلي بل ازهقت ارواح مليون شاب عراقي بريء ومثلهم عدداً وربما أكثر من شعب ايران .
حقدت على الطائفية والحرب ومسببها وظل اسميهما يثيران الشؤم في نفسي والصداع في رأسي .
ادرك والدي معاناتي بعد سماعي قصته ، ولأجل ان يخفف من تأثيرها على نفسي اخذ يحدثني عن المراحل المشرقة من تاريخ العراق وشعبه العظيم . نسيت الطائفية التي قطعت ساقي والدي .
في السنة الأولى والثانية بعد التغيير رغم اني ما زلت صغيرة . لكن خلايا المخ نمت واخذت خلايا الذاكرة تحتفظ ببعض الكلمات ذات المعنى والجمل ذات الدلالات المرعبة احياناً والمفرحة احياناً اخرى , أخذت اسمع كلمات لم اسمعها سابقاً مثل الشيعة , الرافضة ، السنة ,, وسمعت ايضاً جملاً لم افهم دوافعها كالقول على السنة ان يتوحدوا ليصبحوا قوة قادرة على اعادة مجدها الذي دام ثمانين عاماً .
- لم اطق الجهل بما اسمع وقررت ان أسأل والدتي .
كانت والدتي تمشط شعري قبل ذهابي الى المدرسة وقلت : ماما عائلتنا شيعية أم سنية ؟
اخرسي أيتها الجاهلة . عائلتنا علمانية واسرتنا الكبيرة شعب العراق وهويتنا الوحيدة هي الهوية العراقية .. ابتعدي عن المروجين للطائفية .
بكيت لأني لم اسمع اقسى مما سمعت وندمت ايما ندم لأني أسأت الى قيم ومفاهيم عائلتي . نعم أنا جاهلة والا لماذا لم افهم تلك القيم . الآن ادركت معنى الطائفية ( شيعة وسنة ... ) التي قطعت ساقيّ والدي كان ذلك قبل اربعة وثلاثين عاماً, فماذا ستفعل الطائفية ان عادت الى العراق ؟ ظل البؤس يلازمني والخوف من المستقبل يرعبني يشاركني هذا الإحساس بعض طلبة الكلية والأغلبية تقول المنقذ قادم ان شاء الله وسيؤسس لدولة اسلامية دون الروافض ويسترجع سلطتنا على العراق ...
دخل المجاهدون الملتحون مدينة الموصل , اذنت بعض الجوامع وتصافحت ايد كثيرة وتوارت وجوه داخل بيوتها في 10/6/ 2014
تمت عسكرة المدينة بأسرع ما أتصور لم اسمع ما يدل على مقاومة وسألت والدي هل كل شيء تم بصفقة ومن قادتها ؟
دعك من هذه الأسئلة ، وعلينا مراقبة ما يحدث ,
أحياناً اقف متلصصة على الدواعش المارين بجانب نافذة غرفتي من خلف الستارة لم أجدهم عرباً ، يتكلمون لغات مختلفة ولا يجمعهم الاّ لحاهم الطويلة القذرة ,
أول ضحايا المجاهدين في سبيل الله هم الطائفة الآيزيدية ثم جاء عقاب المرأة .
ارعبني منظر طلبة الكلية المجتمعين في ساحتها ويحيط بهم الدواعش من كل جانب .
قال احدهم للطالبات : لا كلية بعد اليوم المرآة خلقت للأنجاب فعلى كل منكن انتظار عريسها داخل البيت واحذرن من رفض الزواج من الدواعش .
رميت حقيبتي على سريري وبكيت بصوت مسموع . جاءت والدتي واخبرتها بما حدث ، احتضنتني وبكت هي ا[لأخرى وقالت : لقد طردوني من وظيفتي فكيف نعيش براتب تقاعد والدك؟
حالة يائسة خيمت على العائلة ونظرة متشائمة للمستقبل تدور في رأس كل منا , انقذتنا والدتي عندما قالت سألت والدي، لك أعماماً في البصرة . لماذا لا تذهب وتخبرهم اننا نريد ان نعيش بينهم .
سأذهب غداً ..
والدي قصد أخاه من والده الذي رحب به اجمل ترحيب وقال له بعد ان تستريح من عناء السفر تعود الى الموصل وتجلب عائلتك ولا تنس ان تحضر معك الوثائق الرسمية التي تثبت ان زوجتك مدرسة وابنتك طالبة في الصف الثالث جامعة .
تم كل شيء بسرعة لم اتصورها . عادت والدتي الى وظيفتها وأخذت انا اداوم في الكلية وعادت الابتسامة والفرحة الى العائلة .
وجدت طلبة جامعة البصرة يتحلون بالطيبة والبساطة ولم يكن صعباً علي تكوين صداقة مع بعض الطالبات واخص بالذكر منهن زهراء التي جاءت هذا اليوم تسوق سيارتها الفارهة بعد ان هنأتها قلت لها لماذا لم أرك فرحة كما ينبغي ؟
- طلبت من والدي شراء سيارة مثل سيارة بنت صديقه لكنه رفض وقال سعرها مئة مليون دينار , فسألت عن عمل صديق والدها . قالت العائلة الآن في سويسرا بعد ان اتُهِمَ والدها بأن شركته شركة وهمية فهاجر الى سويسرا كما قلت . احمدي الله واشكريه على سيارتك الجميلة كم سعرها ؟ ستون مليوناً
ماذا يشتغل والدك ؟
والدي موظف في شركة النفط
- هل رواتب شركة النفط كبيرة الى هذا الحد ؟
- لا ليست كبيرة كما تتصورين لكن والدي يعمل بلجنة المشتريات ,
- هل رواتب لجنة المشتريات درجات خاصة ؟
- ابتسمت وقالت دعك عن هذا الأسئلة ودعينا نذهب الى الدرس .
- تخرجنا من الجامعة ... انا بدرجة الامتياز وزهراء بدرجة مقبول وقدمنا للتوظيف في شركة نفط البصرة . كانت زهراء من المقبولين ولم يرد اسمي في القوائم
اخبرت زهراء بما حصل قالت اعطني خمسة دفاتر الأسبوع القادم تجلسين على كرسي الوظيفة
اخبرت العائلة بما دار بيني وبين زهراء و ضحك والدي وعلقت والدتي قائلة : بسم الدين قتل السنة الدواعش الآيزيديات والأسر السنية التي رفضت التعاون معهم ، وبسم الدين ايضا الشيعة في الوسط والجنوب سرقوا ثروة البلد ونهبوا خيراته ثم سألت والدي هل يوجد مكان في العراق لا سنّة فيه و لا شيعة ؟ تردد والدي عن الجواب أسعفتُهُ نعم يا والدتي انه ساحة التحرير وقد قررت غدا ساكون فيها. لقد تحقق حلمي أنا الآن في ساحة التحرير، وجدتها كما حلمت بها أنت بالأمس.
إليك رسالتي الأولى التي سأخبرك بها عما وجدته في الساحة.
وجدتُ
- اسرة ِ بيها يسموها عراق
لا كذب بيها ولا بيها نفاق

المرة بيها تطبخ طعام
والعلم بيها شاهد سلام
لكن .
سهل بيها الدم يراق

البنات بيها بعمر الورود
مخلصات بلا حدود
يشهد الهن كل شريف
يحب شعبه والعراق
********
شباب الساحة ينشد وطن
كافي مصايب كافي محن
الثروة تسرق بالعلن
وللأجنبي نباع الوطن
وعشتار تصرخ انهض يا عراق
******
متظاهر التحرير ينشد وطن
بيه عداله ويعيش بسلام
به محبة وبي وئام
بيه شاعر وبالنفق رسام
وبيه اسرة يسموها عراق
لا كذب بيها ولا بيها نفاق
15/10/2019
عزيزتي الوالدة : اليك رسالتي الثانية: تقدم لخطوبتي زميلي في الكلية وهو معي في ساحة التحرير يعمل سائق للتكتك . فرح لنا الأصدقاء وغنوا ورقصوا، لكن فرحتي لم تدم فبعد الخطوبة بثلاثة ايام ضربنا احد المجرمين بقنبلة مسيلة للدموع .. قتل اثنان وجرح اخرون .. اسرع خطيبي ومعه اصدقاؤه ونقلوا الجرحى والشهداء بسيارة الاسعاف ( التكتك ) الى خيم الإسعاف .
ضربهم نفس المجرم بقذيفة اخرى حطمت سيارة الإسعاف وقتل من فيها .
27/10/2019
عزيزتي الوالدة
اكتب اليك رسالتي الثالثة بالأمس حضرت ندوة في ساحة التحرير .. كان عنوانها ( الأنظمة الانتخابية ) تحدث احد الأساتذة الحاضرين بالتظاهر عن انواع الأنظمة وحسنات كل منها وسيئاته ثم جرى حوار من الحاضرين الشباب والنساء والمفكرين وانتهت المحاضرة بعد ان حددت ان النظام الأنتخابي الذي يجعل من العراق دائرة واحدة هو اكثر الأنظمة عدلاً وملائمةً للعراق.. لكن يا والدتي : الفاسدون الذين سرقوا الثروة وضعوا عليه خطاً احمر حتى هذه اللحظة .
1/11/2019
ابعث اليك برسالتي الرابعة : وصلتني رسالتك الإلكترونية ، كنتِ خائفة ومتشائمة لك الحق هكذا فهمت ما يجري في البلاد ولكن عليك ان تدركي ان انتصار السياسي بقراره واصراره على تنفيذه . الشباب في الساحة اتخذوا قرارهم أما الموت واما الانتصار على الأحزاب الفاسدة التي سرقت ثروة البلاد وباعت الوطن .. أنا ارجح الانتصار .. لماذا ؟ لأن العالم معنا والمرجعية أيضاً .. كوني مطمئنة .



#عبدالزهرة_حسن_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي بن يقطين . حاج
- حوار في مجلس معلق
- المنتفعون لا يصلحون للتشريع
- العلاج بالعلمانية
- السعودية وعصر الخلافة الجديد


المزيد.....




- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالزهرة حسن حسب - ساحة التحرير