أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الوائلي - الشعر والتصوف














المزيد.....

الشعر والتصوف


كريم الوائلي
كاتب وناقد ادبي وتربوي .

(Karim Alwaili)


الحوار المتمدن-العدد: 6416 - 2019 / 11 / 22 - 14:26
المحور: الادب والفن
    


لا أحسب إن التصوف مجرد طقوس يؤديها أفراد في عزلة عن الواقع .. بل إنها تجليات مجتمع ينزع نحو الإتصال بالمطلق , أما بنزول اللاهوت إلى الناسوت..أو بإتحاد الناسوت باللاهوت والحلول به ومعه ..إن فهما ً خاطئاً يجعل التصوف مجرد ظاهرة عابرة في التراث العربي الإسلامي وعلى يد مجموعة من المتصوفة , كالحلاج المصلوب والسهرودي المقتول .. واضرابهما , وليس الأمر كذلك فالتصوف ليس حكرا ً على حضارة أو دين أو مذهب .. بل تنتشر أنساقه في العالم كله .. إن التصوف ضرورة في المجتمع وتجلياته تمتد عمقا ً في حفريات المعرفة تمتد من بكائيات العراقيات على عودة تموز من العالم السفلي إلى الحياة كي تدب الحياة من جديد ومرورا ً ببكائيات معاصرة تمتد جذورها إلى قرون في إنتظار المنقذ والمخلص ..
إننا دون شك نلتقي بنزوعات صوفية نجدها في حضارات أخرى .. وديانات متعددة .. ونأخذ هذه النزوعات ملامح تأدية الطقوس الجمعية .. بمعنى إنها ليست مجرد طقوس فردية لاحظ معي طقوس التعميد على ضفاف الأنهار .. ترمز لحركة صوفية تمتد في جذورها إلى أعماق التاريخ..وكذلك السير على الأقدام ضمن طوفان بشري لزيارة أضرحة الأئمة وشكل من أشكال إتحاد الجموع للتوحد بالمنقذ والمخلص كما أشرت .. وكل هذا يتدفق ويتلفع بروح إنسانية مشبعة بوجع الخلق وتمتد آثاره نحو الآتي .جماعات تريد الإنفلات من أسر العجز إلى حرية المعجز .. تتوحد بالمطلق عبر فك أسر القيد الذي تصنعه معيقات الحياة .. والتماهي مع الذات المطلقة.
إن الديانات السماوية كلها تمتح من روح التصوف بطرائق مختلفة وتعبر عنها بطقوس حسية ظاهرة ليست هي المقصودة وإنما المقصود الباطن العميق , خذ مثلا ً طقوس التعميد تبدو في الظاهر طقوسا ً شكلية ولكنها ذات أبعاد باطنية ورمزية عميقة ..ومن الغريب إن المتصوف يحاول أن يعبر عن اللاهوت بأدوات الناسوت .. وهذا مشكل .. ومن المؤكد أن يعجز لأن اللغة محدودة لا تستطيع حمل عبء التعبير عن المطلق .. وبذلك فإن المتصوف أمام أحد أمرين : أما الصمت وهو الغالب .. ومن ثم يحافظ على حياته , وأما الشطح .. بمعنى ( الفعل ) الذي يقوده إلى النبذ أو التكفير .. أو القتل !!
وإني لأعجب كيف لا يكون السياب متصوفا ً من الطراز الأول من حيث حياته المحزنة وعذاباته المتكررة وإنعتاقه عبر الموت نحو آفاق المطلق .. وبذلك كان السياب والصوفـي يمتحان من معين واحد لاينضب من الأعماق .. ويحفران معا ً تذوقا ً في حد الموت , السياب ( يشعر ) كما ( يشعر ) الصوفـي , ويتحول شعورهما وجدا ً عبر الكلمة العاجزة , فيستعين الصوفـي بالشطحات وبتعالي الناسوت نحو اللاهوت , ويستعين السياب هو والبياتي و أدونيس بالتقنع للتعويض عن شطحات الصوفـي ..الصوفـي يتوحد مع اللاهوت .. والسياب وأدونيس والبياتي يتوحدون عبر التقنع مع المطلق عبر فتح من أعماق الداخل , وكذلك كانت اللغة عاجزة من الإبانة عن هذه الأعماق لديهم حميقا ً .. بوطنهم متصوفة كبار .
إن حركة الجموع على ضفاف الأنهار للتعميد .. أو المشي على الأقدام نحو أضرحة الأولياء تشبه تماما ً انساق وجدان أدونيس .. توحد الجموع مع الآتي .. الكائن في رحم الماضي .. وتوحد أدونيس مع ( علي ) في ديوانه مفرد بصيغة الجمع .. الآتي من عمق التاريخ (علي) هو الإمام .. الولي .. الفرد / بصيغة الجمع , يتماهى مع الشاعر أدونيس , وإسمه (علي ) .. فكأن (علي الإمام ) الماضي / المستقبل , هو علي / أدونيس المستقبل المضمخ بعبق الماضي , وقد جمع أدونيس بين الصوفية والسريالية إذ إن كليهما يتوجه نحو الخلاص دينياً عن الصوفية وتجاوز الإبحار عند السريالية .. فالجذور واحدة وإن كانت الوسائل والنتائج متباينة .



#كريم_الوائلي (هاشتاغ)       Karim_Alwaili#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة القامعة والثقافة المقموعة وعودة ذي الوجه الكئيب
- الرومانسية الصوفية وإبداع القصيدة في فكر صلاح عبد الصبور الن ...
- جماليات الأنظمة اللغوية عند ابن جني
- التعليم في العراق في اواخر العهد العثماني ، تأملات نقدية
- القلب كقطاة ، قصيدة للشاعر قيس بن الملوح
- التسامي في الحب عند رابعة العدوية
- ( المسلمون العقائديون ) منظمة اسلامية بنكهة يسارية
- الارهاب صناعة ثقافية / تربوية ( مقترحات ستراتيجية لتربية ما ...
- الدرس الادبي في الجامعات ، الواقع والافاق
- انشطار الذات وانشطار الوعي في رؤية البياتي للتراث
- الحداثة الزمانية ، المبرد وابن قتيبة انموذجا
- اختلاف الاجيال وتغاير الازمنة
- جدلية القامع والمقموع في الديمقراطية العراقية


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الوائلي - الشعر والتصوف