محمد أبو قمر
الحوار المتمدن-العدد: 6382 - 2019 / 10 / 17 - 09:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من غير لف أو دوران :
============
الوسطية هي الوقوف في المنتصف بين شيئين أحدهما جيد ، والآخر سيء ، وحين تكون في المنتصف بينهما فهذا يعني أنك لست مع هذا تماما ، ولا مع ذاك تماما ، وإنما تأخذ من كل منهما قدرا تختاره أنت وتصنع منهما توليفة تطلق عليها وصف الوسطية ، أو الموقف الوسطي .
وهكذا فإن الوسطية هي مزيج يتضمن عناصر جيدة وعناصر سيئة ، وبصريح العبارة فإن الوسطية غير العقلانية ، فالوسطية في أي شيء هي محض موقف توفيقي تلفيقي نتائجه كارثية حيث في الغالب تشوه العناصر السيئة العناصر الأخري الجيدة ، وأحيانا يصعب التوفيق ، بل أحيانا يستحيل التلفيق حين تبرز العناصر الجيدة مرة ، وتبرز العناصر السيئة مرة أخري ، وبما أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة وفقا لقوانين الاقتصاد فإن العناصر السيئة كثيرا ما تسيطر وتصبح الوسطية محض وهم ، أو مجرد وصف باطل.
أما العقلانية بوضوح وبلا لبس فهي تقوم بعملين أساسيين أولهما نفي السيء وإسقاطه تماما من أية حسابات ، أما المهمة الثانية فهي غربلة الجيد والبحث في مضامينه بدقة ثم اعتماد ما يتفق منه مع العقل ويلائم ظروف الحياة الآنية ومتغيراتها وتطوراتها ، أما ما لا يتفق منه مع العقل ولا يناسب تطورات الحياة وضروراتها المتغيرة دائما يتم نفيه أيضا وإبعاده تماما باعتباره مساويا لكل ما هو سيء.
إما أن تكون عقلانيا فتدفع الروح في العناصر الجيدة وتمنحها فرصة تحريك الحياة وتطويرها وإرساء قواعد الأمان والطمأنينة والإخاء والسلام والحب وترفع من شأن الإنسان وتحرره من الأوهام ، أو تكون وسطيا توفيقيا تلفيقيا توليفيا تشوه الحقائق وتنشر الخوف وتضعف إرادة الناس وتوئد هممهم وترفع من شأن الموت وتحط من قدر الحياة فتتحجر العقول ويسكن كل شيء فيما يشبه الموت انتظارا للموت ذاته.
#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟