|
الانتخابات الاسرائيلية بين القديم والجديد
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6333 - 2019 / 8 / 27 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لكل معركة انتخابية في اسرائيل طابعها ولونها ، قديمها وجديدها ، وفي العديد من الحالات تطفو فوق سطح الأحداث وتبرز من داخل التنافس الحزبي المفاجئات التي لم يتوقعها أحد . من هذه المفاجئات أحياناً وبعد اغلاق ملف الانتخابات تشكيل حكومة جديدة تكون استمراراً للحكومة القديمة – كما يتوقع نتنياهو الآن – أو تقلب الخارطة السياسية واقامة حكومة من أحزاب معادية سياسياً للأحزاب التي شكلت الحكومة القديمة . الجديد في طابع هذه المعركة الانتخابية هو الحمى الهستيرية العنصرية التي يعيشها رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو ، أنه مصاب بحالة هلع وخوف من الفشل ، لا يتصور أنه لن يعود الى تشكيل حكومة جديدة عليها لمساته وبصماته وشعاراته ، لأن هذا بالنسبة له ليس فقط نهاية لحياته السياسية ، بل تدميراً وتحطيماً لكل النجاحات السياسية التي استطاع بناءها بكافة الطرق القانونية وغير القانونية . هذه الانتخابات بالنسبة له تحمل صرخة هاملت شكسبير ( أكون أو لا أكون ) أي النتيجة موت أو حياة ، لأنه يعرف ماذا فعل ويعرف ماذا ينتظره !! يعرف قبل غيره أن بدلة السجن الرمادية التي انتظرت كتساف وهيرشزون ودرعي في يوم من الأيام تنتظره ، يعرف بأنه سوف يهوى داخل ظلمات التاريخ ، سيفقد بريقه ومصداقيته لأنه يعتبر نفسه الرجل الأول في تاريخ هذه الدولة الأسود . من أجل ذلك هو يفعل كل شيء ، يتصرف كالحصان الجريح الجامح في ميدان السباق ، انه لا يتوانى عن التصريح والالتفاف خاصة وان غالبية ثقل السلطة في حضنه والوزارات رهن اشارته وأهمها وزارة الدفاع ، أما وزارة المالية فالوزير مجرد العوبة بيده . همه الوحيد الآن أن يثبت لمؤيديه ومعظم الطبقات الشعبية الاسرائيلية – خاصة الطبقات دون المتوسطة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً – أنه لن يتراجع عن سياسة الاستيطان وانه مستمر في سياسته العدوانية ضد ايران وسوريا وان الحصار المفروض على غزة سيبقى قائماً ، كما انه مستمر في وعوده بعدم قيام دولة فلسطينية وان سياسة تهويد القدس مستمرة . هذا هو نهجه المعروف ، لكن في الأيام الأخيرة عندما شعر بأن الاستطلاعات غير مطمئنه وليست لصالحه ضاعف من وتيرة عدوانه على مواقع في دول محور المقاومة ، بالإضافة الى العدوان الشبه يومي على قطاع غزة وسوريا ،وقد طالت يد العدوان أيضاً الأراضي العراقية والضاحية الجنوبية في بيروت . بهذا العدوان المتفرع الى كل الجهات ، يتاجر نتنياهو بدماء ضحايا عدوانه من العرب ، وفي نفس الوقت هو يقامر بدماء الضحايا اليهود الذين يقتلون كل اسبوع تقريباً في أراضي السلطة بسبب استمرار الاحتلال ، ويقامر بدماء كل مواطني الدولة لأن ردود الفعل من الدول التي يتم الاعتداء عليها لا بد أنها قادمة ، كما عودتنا المقاومة اللبنانية في السنوات الماضية . لذلك نتنياهو وزمرته من رؤوس اليمين الفاشي سيقودون البلاد الى داخل نفق مظلم لا أحد يعرف أين نهايته . الجديد في هذه الانتخابات وهناك من اعتبرها تحولاً دراماتيكياً في حياة عرب الداخل الفلسطيني ، ليس فقط زيادة عدد الأحزاب العربية ، مع أن ساحتنا متخمة بكثرة الاحزاب ، انما ما اعلن عنه النائب ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة لصحيفة " يديعوت احرنوت " نعرف بأن هذه الصحيفة تمتاز بكسب ما يعرف بالسبق الصحفي لأسباب عديدة ، وهي حقيقية فازت بهذا السبق الصحفي من النائب أيمن عودة ، عندما أجاب على سؤال الصحفي أهرون برنيع بالفم المليان ودون تردد برأيه الذي كشف عن حكمة وحنكة وعقلانية ، لقد هز تصريحه المجتمع الاسرائيلي و اربك الأحزاب اليهودية وأيضاً اربك نتنياهو والذين يهللون ويطبلون له . الحكمة في هذا التصريح هو أنه ضرب اليمين السياسي الذي يقوده غنيتس باليمين الفاشي الذي يقوده نتنياهو ، ومن وجهة نظري بأننا وصلنا الى وضع في اسرائيل يؤكد أن اليمين الوسط مع اليسار هي القوة الوحيدة القادرة على كسر شوكة اليمين الفاشي بقيادة نتنياهو ومن حوله . اذا صعدنا في قطار اليمين الوسط مع اليسار نستطيع ان نشارك في توجيه القاطرة ، وقادرون على ابعادها عن سياسة الصلف والتنكر للسلام ، نستطيع ان نكون عامل قوة وضاغط لنيل حقوقنا واسقاط كل القوانين التي ابتدعها نتنياهو ضد المواطنين العرب . ان ما طالب به النائب ايمن عودة لا يعتبر تراجعاً ونزولاً عن سلالم ومقاييس الوطنية ، لا يوجد أي شيء نخشاه ان صعدنا في هذا القطار ، والعكس هو الصحيح ، فانه يزيد من قوتنا ويعتبر صفعة في وجه اليمين الفاشي الذي يصر على اعتبارنا ارهابيين . هذا هو الخيار الأفضل لكافة الجماهير العربية التي تنتظر في كل معركة انتخابية التغيير ولم ولن نرى هذا التغيير السياسي الذي يمنحنا حقوقنا ، إلا اذا فرضنا نحن هذا التغيير . اذا استجاب الائتلاف الذي اشار اليه النائب ايمن عودة لمعظم مطالبه ، فان الخارطة السياسية في اسرائيل سوف تتغير ، وسوف يصبح اليمين هامشياً لا قيمة له ، يدور حول نفسه ، لأن روح هذا اليمين أصبحت قوية بفضل الخطوات التعجيزية والعنصرية التي اقدم عليها ضد المواطنين العرب ، من مصادرة للأراضي وهدم البيوت ورفض الاعتراف بالقرى غير المعترف بها ، وقانون القومية العنصري ، وتحريف مناهج التدريس لتعميق الاسرلة بين المواطنين العرب ورفضه السماح باقامة جامعة للمواطنين العرب ووقف كل الملاحقات والترهيب ضد القوى الرافضة لسياسة اسرائيل . هذا هو الوقود والزيت الذي يشحن قوى اليمين في اسرائيل ، بالإضافة الى امور كثيرة سياسية وغير سياسية ، نقول لكل الأخوة الذين رفضوا تصريح ايمن عودة ، نسأل ما هو البديل ؟ الأمر يتطلب طرح امور موضوعية ومنطقية بدلاً من التهجم والتعنيف والتخوين ، نعم لا ننكر دور وأهمية المعارضة ، لكن يبقى الأخذ بعجلة التأثير أفضل من المعارضة المحاصرة . اقول لزملائي السابقين في حزب التجمع الذين رفضوا وعارضوا طرح النائب أيمن عودة ، لا مانع من المعارضة والنقاش لكن أذكركم بدعمنا الكامل لعزمي بشارة عندما رشح نفسه لرئاسة الحكومة ، وعندما عارض هذا الترشيح البعض ، كان الجواب بأن الهدف من الترشح هو خلق عامل ضاغط على ايهود براك ، وان عزمي بشارة سوف ينسحب في الدقيقة الأخيرة ، مقابل شروط تخدم المواطنين العرب ، لكن أحداً حتى الآن لم يعرف ما هي المكاسب التي حصل عليها عزمي بشارة مقابل انسحابه . لأنه اتضح أنه أراد تلميع نفسه أكثر من خدمته للجماهير العربية .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذاكرة الفلسطينية تتحدى مشاريع الاسرلة
-
مهما تغيرت أسماء الأحزاب السياسية في اسرائيل تبقى صهيونية
-
حرية الصحافة لا تقل أهمية عن التعددية الحزبية
-
ارتفاع منسوب مخزون العنف في داخلنا
-
تموز يا تكوز عد الى الوراء وتجدد
-
لا جديد تحت شمس المذابح الصهيونية
-
القدس تركل ترامب وتصيب نتنياهو بخيبات الامل
-
أوجه الشبه بين نظم الانكشارية والفكر الصهيوني
-
من أول السطر إلى آخره - الحل هو القائمة المشتركة
-
أكثر من وجهة نظر
-
السيسي وصفقة القرن
-
يهودية يهود الفلاشا في خانة الشك
-
ارادة الفلسطيني أقوى من صواريخهم
-
مدرسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية
-
من أجل ابعاد نتنياهو عن السلطة يجب تغيير الشعب
-
المستعرب الياهو ساسون 2
-
المستعرب الياهو ساسون
-
في كل صراع دامي هناك أصابع اسرائيلية
-
وداعا ماما تسيبورا
-
سياسة العنصرية غب اسرائيل = استشهاد المزيد من الطلاب العرب ف
...
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|