أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زيدان الدين محمد - منطقُ -الله يهديك- .














المزيد.....

منطقُ -الله يهديك- .


زيدان الدين محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6312 - 2019 / 8 / 6 - 14:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نكاد نعدّ أكثرَ الشّعوب تداولاً لعباراتٍ مُبرقعة بالإشارة إلى حُسن أخلاقنا وجوادِ فضائلنا على مادوننا، والعبارات لا تُقمقَم لكثرتها، ولكنّا نُركّز على عبارةٍ تتنصَّب الجدارة في تفشِّيها بين أوساطنا، وهي عبارة "الله يهديك"، مامنطق هذهِ العبارة ومالذي يدفعنا لتوجيهها إلى الآخرين؟.

أوّل مايدفعنا لقول تلك العبارة وبالطبع إستخدامها على ماغير هي عليه، أنّ الآخر ليس على مانحنُ عليه، ويفترض به أن يكون كما نحن، فتوجيه عبارة "الله يهديك" إلى مَن يُخالفنا في رأيٍ ما، أو إعتقادٍ ما، أو قضيّةٍ ما، هو بمثابةِ القول الصريح:
"اسأل الرّب أن يجعل أفكارك كما هي أفكاري، وأن يهديك إلى مفاهيمي الخاصّة؛ ذلك أنني (مهدي) وأمتلكُ الحقائق المُطلقة والصائبة".
نحنُ كمُجتمعات عربية تسودها ثقافة الطلاء والتلوين، لا يعنينا بالغالب طريق الحقّ، بل أننا نُلبس المفهوم السائد فكرة الحقّ والصواب، جاعلين إياه معيارًا للحقيقة وماسواه ليس كذلك، بل ومَن ينتقده فقد انزلقَ إلى الباطل ولا هداية له إلّا بالعدول عن أفكاره الخاصة والإنضمام لمفهومنا المتجذّر في ثقافتنا والسائد؛ لأنهُ رمزًا للهداية، وبالتأكيد فهذهِ مُغالطة جليّة تقوم على عدم الإحتساب للفيصلِ بين "الإعتقاد" و"البيّنة" ، فسيادة إعتقادٍ ما في أي قضيةٍ كانت، ليس ذو صِلةٍ بصدقِ القضيّة أو كذبها، وقد قال برتراند راسل قوله فِي هذا المنحى بإنّ واقعة أن رأيًا ما قد انتشر على نطاقٍ واسع ليست دليلاً البتَّة على أنّ هذا الرأي ليس باطلاً كُل البطلان، والحقّ أنهُ بالنظر إلى سُخفِ أغلبية بني الإنسان، فإنهُ لأقربُ إلى الإحتمال أن يكون الإعتقاد الواسع الإنتشار اعتقادًا سخيفًا مِن أن يكون اعتقادًا معقولاً.

وقد يكون الإسراف بِتوجيه تلك العبارة، ماهو إلّا من قبيل إلغاء الإعتراف بوجود التعدّد الفِكري وحُرِّيّة الفِكر والتعبير والرأي، ومِن جهةٍ أُخرى كأنها تُمهِّد لفرض رأي واحد سائد على نطاق امتلاكه الحقيقة والصواب، وهذا غير لائق في عصرٍ يحدو تطوّرًا إنسانيًا ومفاهيميًا، إذ أن فرض الرأي له حمولته السّلبية ومُترتّباته على إلغاء إنسانية الآخر.
اليوم تُوجد العديدُ مِن النوافذ المنهجية لعملية التفكير وتكوين بُنى الفِكر وقوائمه، وهذا ماتعنيه البلورالية "التعدّدية المعرفية".
التعدّدية المعرفية توحي لنا بِمبدأ مُهم لهُ عوائده الإيجابية في الإنفتاح الفِكري وتقبُّل النقد وضرورة التمحيص وأهميّة الإقرار بالحُرِّيّةِ الفِكرية. وأهم هذهِ العوائد، أنَّهُ ليس بِإمكان أحدهم إثبات وجود منحى واحد صحيح للتفكير علينا السير على خُطاه.
إن الجهاز المعرفي يتطلّب التَّفاوت لضرورته في حركة الحضارة والتّطور الثّقافي، فأن لا أكون مهديًا في وجهةِ نظرك فذلك ليس إلّا أنِّي لستُ أنتمي لمقياس معنى الهداية بالنسبة لك شخصيًا.

"الله يهديك" لا تعني أكثر مِن كونها عبارة انحرَفتْ عن معناها الأصلي، ومِن الحصافةِ ألَّا نُلقي العبارات القويمة بتحويرٍ هائل إنحيازي، وقد جرى الكثير من تحويرِ العبارات لَكأنّما أُصِبنا بِلثغةٍ في فِكرنا وثقافتنا، وذلك لا يخلو من العواقب الجسيمة العائدة على نهج ثقافتنا والمنهج المشوّه المُتفشِّي بيننا وركوننا إليه كأنهُ سِمةً لنا، فضلاً عن الإستخدام السلبي لِـ اللُغة. وعلى الصعيد الشخصي فما يكاد سمعيَ يخطِفُ هذهِ العبارة حتّى أفطنُ أنَّ معناها "دَعك من حُرّيتك الفِكرية، وكُن نُسخةً منّي، وتبنَّى مُعتقداتي وآرائي".


كي تتجنّب منطق "الله يهديك"، فكّر بنفسك لنفسك أولاً ، وكُن في موضع الناقد الأوّل لمنهجية أفكارك عبر اكتشاف النتائج المُترتّبة عليها. حاول أن تكتسب قدرًا من القُدرةِ على الإنعتاق عن رأيك، ووضعه على محل التّحليل والنقد كما تفعل مع آراء الآخرين.
والأهم كي نتّقي تداول منطق "الله يهديك" بصورة مشوّهة مُمحورة، كُن على إستعداد من حيث المبدأ النّزيه في التّخلّي عن رأيك فور مايتبيّن خطؤه. ومن المُهم التنويه على أن تتعلّم كيف تسأل سُؤالاً حقيقيًا لهدفِ البحث عن الحق، وليس طرح الأسئلة لمُجرد التبرير لِما تعتقده وتعتنقه. فضلاً على أنْ لا تجعل من أفكارك معيارًا للحقيقة المُطلقة، والنهج القويم، ومسالك الصّواب، فالحقّ هنا يُقال أنّ العالم بأسره وأُناسه لم يُفصّل على مقاس أفكارك.
وأخيرًا، تجنّب التحيّز اللامعقول فذلك مايجلَب لك سوء طالع الغضب عند مُساءلتك ويدفعكَ لِلتسرّب من موقفك المُحرج بإستخدام عبارتنا الفاضلة "الله يهديك".



#زيدان_الدين_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتِب العَربي: جمال التَّعبير ومزبلة التَّفكير.
- الشعوب هي القاعدة المُؤسِّسة لِهرمِ الطُّغيان.
- قمّة مكّة ومسرحية لهو الحكومات العربية.
- الله لَيس عَربيًا .
- الإرهاب القمعي والمُعتقلات، وجهٌ صريح للأنظمة العربية.
- رمضان المُسلمين فانوسٌ بلا نور.
- اخجلوا مِن أنفسكم واعطونا الطّفولة.
- مُثقّف الفُقاعة.
- -الوطن- الكذبة التي تَليقُ ب إبريل .
- ضِفَّة الطُغاة و قمّة الرِّمم العربية.
- إلى مَتى سَنبقى نُحارب طواحين الهواء؟.
- لماذا لا تصدر كِتابًا؟.
- حادث نيوزلندا و تواطئ منهجية التَّطرف مع سلوك الإرهاب.
- حتَّى طرزان مُسلمًا حنيفًا.
- مِن التصديق الصبياني إلى الإعتقاد النَّاضج.
- التَّهادر الزوجي و سلبيته على الأبناء.
- ضَحايا تجارب إلهية.
- كاسيت رواية ١٩٨٤ من إنتاج الجماعة ال ...
- بُنٌ بِرائحة امرأة.
- القدِّيس الزِّنديق.


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زيدان الدين محمد - منطقُ -الله يهديك- .