|
فلسطين قضية وطنية سياسية لا تحتاج لمشروع إسلامي
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6309 - 2019 / 8 / 3 - 13:58
المحور:
القضية الفلسطينية
الرئيس الفلسطيني أبو مازن حذر أكثر من مرة من محاولة نتنياهو تحويل الصراع من سياسي إلى ديني ،وبدورنا سبق وأن حذرنا من محاولة إضفاء طابع ديني على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،وأن خصوصية الحالة الفلسطينية لا تحتاج لحركات إسلامية أو مشروع إسلامي بل إن هذه الاخيرة تشكل وبالا على الشعب الفلسطيني . من خلال تحويل الصراع مع إسرائيل والصهيونية لصراع ديني تستطيع إسرائيل أن تحشد معها كل يهود العالم والأصولية المسيحية والانجليكانية المتصاعدة في الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما ،كما تُظهر نفسها كدولة يهودية صغيرة يُحيط بها مئات ملايين المسلمين وآلاف الجماعات الإسلامية التي تهدد دولة اليهود بالزوال ،بينما إضفاء البعد الديني الإسلامي على صراعنا مع الاحتلال لن يفيد الفلسطينيين بشيء ،بل ومن خلال التجربة فإن سبع وخمسين دولة إسلامية تعداد سكانها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم لم يفيدوا القضية الفلسطينية إلا قليلا بل أغلبيتها يعترف بإسرائيل ويقيم علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية معها ،ولم تفعل أنظمة هذه الدول شيئا سوى الاستنكار والتنديد فيما إسرائيل تواصل احتلالها وتتوسع بمشاريعها الاستيطانية وتدنس المقدسات وتعترف بالقدس عاصمة لها بدعم أمريكي الخ ،كما رأينا كيف أن الإسلامويين ذهبوا (ليجاهدوا) في كل مكان في العالم إلا في فلسطين ؟. إن كنا نقدر مشاعر وعواطف المسلمين تجاه فلسطين إلا أن السياسات والعلاقات الدولية لا تقوم على العواطف والمشاعر بل على المصالح وموازين القوى والممارسات الفعلية على الأرض ،وكل صلوات المسلمين ودعواتهم للفلسطينيين بالنصر لن تحرر شبرا واحدا من فلسطين أو تُزيل سيطرة إسرائيل عن القدس والمسجد الاقصى ،كما أن وضع الصراع في سياق ديني شجع إسرائيل لأن تعلن عن نفسها كدولة يهودية . وعلى المستوى الوطني وفي سياق الصراع بين الديني والوطني أو القومي ،وبالرغم مما آلت إليه الحال في الدول العربية والإسلامية من دمار وخراب نتيجة هذا الصراع إلا أن حركة حماس في فلسطين ما زالت مصرة على نسخ ما يجري في العالم العربي والإسلامي من وجود مشروع وطني ومشروع إسلامي وقوى وطنية وقوى إسلامية ،بينما الحالة الفلسطينية مختلفة تماما حيث كل فلسطين تخضع للاحتلال وهو ما يحتاج لوحدة الشعب في جبهة واحدة لمواجهة الاحتلال ،وبعد الاستقلال يمكن أن تتصارع البرامج والأيديولوجيات على السلطة في دولة مستقلة . إن تقسيم الشعب الفلسطيني إلى مشروعين متناقضين في ظل الاحتلال أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية بل وإلى ما يشبه الحرب الأهلية ثم آلت الأمور إلى ما نحن عليه من انقسام بل وفصل بين غزة والضفة وهذا ما كان يريده الاحتلال الإسرائيلي وما زال ، وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني لا يحتاج لمشروع إسلامي . وهكذا نلاحظ أنه في الوقت الذي تشعر به حركة حماس بنشوة النصر لأنها تسيطر على قطاع غزة وتجد قبولاً متدرجاً من أنصار لها في الخارج ممن ينتمون لنفس مشروعها الإسلامي بل وقبولاً أمريكياً وإسرائيلياً مشروطاً بوقفها للمقاومة المسلحة ،وهو ما تحقق نسبيا في اتفاقية الهدنة في مارس الماضي ،في هذا الوقت ينتاب الوطنيون الألم والغضب بل ويشعرون بمرارة الهزيمة لعدم انجاز المشروع الوطني التحرري حتى في حدوده الدنيا المتوافق عليها في دورة المجلس الوطني في الجزائر 1988 وهو دولة فلسطينية مستقلة في الضفة وغزة عاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين ،وفي الوقت الذي تجاهد فيه حركة حماس لتأمين رواتب لموظفيها وترسيم دولة غزة على حساب القضية الوطنية ،تناضل منظمة التحرير وقيادتها من أجل القدس وحق العودة والحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية . ومع افتراض أن كل الأطراف الفلسطينية أخطأت ،والأمر كذلك بالفعل ، فإننا اليوم أمام مشروع (إسلامي) تقوده حركة حماس ومشروع وطني عنوانه منظمة التحرير الفلسطينية بكل عيوبها ،فهل يُعقل ،وفي ظل تراجع وفشل الإسلاموية السياسية في المنطقة ،أن نجر الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير إلى مربع الإسلاموية السياسية ونتخلى عن المشروع الوطني لصالح مشروع حماس الإسلامي وقد رأينا جميعا ما آل إليه حال حماس وحال سلطتها في قطاع غزة ؟ وهل يُعقل ومن المصلحة الوطنية رهن القضية الفلسطينية بالإسلاموية السياسية وقد رأينا ما فعلته وتفعله في العالم العربي والإسلامي . بالمنطق والعقل وبما تقتضيه المصلحة الوطنية يجب أن تعترف حركة حماس بخطئها وتنضوي في السياق الوطني ويكفيها مكابرة وخصوصا أن الشعب بات يدرك الحقيقة ويلمس حقيقة حماس وسلوكياتها وخصوصا في قطاع غزة ،كما أن الإسلام جزء أصيل من المشروع الوطني ومتضَمَن فيه بينما الوطن والوطنية كدولة أو انتماء ليسا جزءا من المشروع الإسلامي . في السياسة هناك ما يُسمى (الالتقاء وسط الطريق) بمعنى أن يعترف كل طرف – وفي الحالة الفلسطينية حركة فتح وحركة حماس - بخطئه ويمارس النقد الذاتي ويعتذر للشعب ،هذا يساعد على أن يتنازل كل طرف عما كان يعتقده مسلمات أو خطوط حمراء ،والتنازل لا يكون للطرف الآخر بل للمصلحة الوطنية ،وبهذا يلتقي الطرفان وسط الطريق وفي مربع المشروع الوطني التحرري . إن لم يحدث ذلك فسيستمر الانقسام ويستمر الصراع بين أنصار المشروع الوطني وإتباع المشروع الإسلامي الوهمي ،وستستمر إسرائيل مدعومة بإدارة ترامب في ابتزاز ومحاصرة كل من أصحاب المشروعين ،والأخطر من ذلك قد تنجح واشنطن بطريقة أو أخرى في تمرير صفقة القرن كأمر واقع وليس كمشروع سلام ،والورقة القوية التي ستوظفها لتبرير موقفها هو الانقسام الفلسطيني وغياب عنوان فلسطيني يمثل الكل الفلسطيني من وجهة نظرها ،ووجود جماعات جهادية مرتبطة بالإسلاموية السياسية في الخارج ،وهو نفس المبرر الذي ستتذرع به الدول العربية المتساوقة مع صفقة القرن .
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد العرش في المغرب : تاريخه ورمزيته
-
نعم لإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل ، ولكن
-
الحل الإقليمي : مشروع تصفية بمسمى مضلل
-
الشباب والنخب السياسية : بين الاقصاء وانعدام الثقة
-
ثقافة الشك تهديد لحصانة المجتمع
-
ورشة المنامة بداية المعركة وليس نهايتها
-
لماذا يتعثر العرب ويتقدم الآخرون ؟
-
أخطاء منظمة التحرير لا تبرر خطيئة الانقسام
-
نعم يمكن إفشال صفقة القرن
-
من النكبة إلى النكسة إلى التآمر
-
صفقة القرن مشروع حرب وعدوان وليس مشروع سلام
-
الفلسطينيون ومؤتمر المنامة ما بين الرفض السياسي والإغواء الم
...
-
سراب السلام الامريكي من مدريد إلى المنامة
-
هل انتهت وظيفة المقاومة ومسيرات العودة ؟
-
النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل
-
ماذا تنتظر منظمة التحرير الفلسطينية ؟
-
شعرة معاوية أفضل من العداوة والانفصال
-
الرفض ليس دوما موقفا وطنيا أو بطوليا
-
كل تاريخ الثورة الفلسطينية منعطفات مصيرية
-
النخب السياسية الفلسطينية :ميكانزمات الهيمنة والأخضاع
المزيد.....
-
RT ترصد التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
-
بوتين: نسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي
-
فرنسا تسحب مقاتلتين ميراج من تشاد إيذانًا بانسحابها العسكري
...
-
منظمة ألمانية تنتقد تمويل أوروبا لتونس وليبيا لإدارة الهجرة
...
-
الجيش الروسي في سيفاستوبول يسقط 5 مسيرات أوكرانية ويصد اثنتي
...
-
هل هناك تواصل مباشر بين طهران وإدارة العمليات العسكرية في سو
...
-
وكالة الطيران الروسية تمدد القيود على الرحلات إلى إسرائيل
-
أوربان: زيلينسكي يرفض مقترحا قدمته هنغاريا بإعلان هدنة مع رو
...
-
الحرس الثوري الإيراني: طورنا مع وزارة الدفاع طائرة مسيّرة -ف
...
-
مسيّرات غامضة على الساحل الأمريكي وعضو في الكونغرس يقول: على
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|