تسع أطروحات أساسية حول الشبيبة .
رفيق حاتم رفيق
2019 / 6 / 28 - 19:25
1ـ من هي الشبيبة ؟
تمثل الشبيبة فئة من فئات الكادحين وهي معنية بالثورة وسواء كان ذلك في المجتمعات الرأسمالية أو في المجتمعات المستعمرة وشبه المستعمرة والاقطاعية وشبه الاقطاعية فإن الشبيبة تمثل قوة ثورية و هي تتكون من فئات ، فمنها عمال وفلاحون وطلبة وتلاميذ وموظفون ومعطلون الخ .. وتلك القوة تتصف بالحيوية والحماس والاقدام ، يقول عنها ماو تسي تونغ ما يلي : " الشباب هم أنشط قوة وأكثرها حيوية من بين سائر قوى المجتمع ، إنهم أكثر الناس إقبالا على التعلّم وأقلّهم ميلا إلى المحافظة في تفكيرهم , وهذا يتضح لا سيما في عهد الاشتراكية "
2 ـ ما علاقتها بالثورة ؟
ويطرح السؤال أولا عمن هو الشاب الثوري ؟ وثانيا عن مساهمة الشبيبة الثورية في الاعداد للثورة والمشاركة فيها وبناء المجتمع الجديد بعد تحقيق النصر وفي علاقة بالسؤال الأول يقول ماوتسي تونغ :" ما هو المقياس الذي نعرف به شابا من الشباب ونحكم بأنه ثوري أوغير ثوري ؟ ليس هناك سوى مقياس واحد , ألا وهو رغبته أو عدم رغبته في الإندماج مع الجماهير الغفيرة من العمال والفلاحين , وتنفيذ هذه الرغبة أو عدم تنفيذها " أما الاجابة عن السؤال الثاني فإنها تقتضي فهم أن للشبيبة مهمات عامة تخص الشعب كله ، كما لها أيضا مهماتها الخاصة . وينبع ذلك من كونها تعيش نفس الأوضاع التي يعيشها الكادحون عامة ، ولكنها أيضا تعيش وضعا خاصا في علاقة بموقع الفئات التي تتشكل منها ضمن علاقات الإنتاج من جهة ، ومن جهة ثانية من حيث المرحلة العمرية. ومن هنا فإن مهمتها مزدوجة ، وكلما أنجزت احداها الا وتقدمت في انجاز الثانية فالخاص والعام مترابطان ديالكتيكيا .
3 ـ الحاجة الى النظرية
ولا يمكن للشبيبة تأدية دورها دون تفسير وتحليل الأوضاع المحيطة بها من ناحية وتحليل وضعها الذاتي من ناحية أخرى و يحتاج ذلك نظرية ، وبينما تجد الشبيبة الرجعية تلك النظرية في المنوعات الايديلوجية الدينية والليبرالية والفاشية والفوضوية تجدها الشبيبة الشيوعية في الماركسية اللينينية الماوية ، وتلك النظرية غير منفصلة عن المعارف التي أنتجتها الإنسانية قاطبة فهي تتوج مجمل تلك المعارف ، ومن هنا أهمية ربطها بها ، مما يتطلب الاطلاع عليها ونقدها وهضمها . لقد خربت الانتهازية الشبيبة على الصعيد الأيديولوجي بالتظاهر بالماركسية والوفاء للبروليتاريا قولا وممارسة الإصلاحية والوفاء للبرجوازية والاقطاعية والامبريالية فعلا .ومن هنا أهمية إعادة الاعتبار للماركسية اللينينية الماوية وخوض نضال فكري ضد الانتهازية وكشفها على حقيقتها ،التي تحاول اخفاءها تحت ألف حجاب وحجاب .
4 ـ ضد الشعارتية
وليست الماركسية اللينية الماوية مجموعة من القوالب الجامدة والشعارات الفارغة ، ومن ثمة ضرورة الانتباه الى ما ينتشر في العالم الافتراضي ( الفايسبوك مثلا ) والعالم الواقعي من ترديد القوالب الجامدة من قبل أفراد يعتقدون أنهم بذلك سيكونون ماركسيين جيدين ولكن ما ينقص هؤلاء هو تحليل الواقع المحيط بهم وتحديد سبل تغييره مستندين الى النظرية الثورية وبما أنهم يستسلمون لذلك الواقع ولا يدرسون النظرية الثورية ولا ينتظمون في حزب ثوري فإنهم يعوضون كل ذلك بترديد تلك القوالب الجاهزة / الجامدة والشعارات الفارغة المنفصلة عن الواقع لإرضاء أنفسهم أولا والتعويض على كسلهم وجبنهم ، وثانيا لخداع غيرهم وتقديم أنفسهم على أنهم " ثوريون " لا يشق لهم غبار .
5 ـ ربط بين النظرية والتطبيق.
ان الشيوعي هو ذلك الذي لا يتعامل مع النظرية الماركسية اللينينية الماوية كما لو كانت مجموعة من الصيغ و النصائح ، و التوصيات ، و التعليمات ، والسور والآيات ، التي تحفظ عن ظهر قلب ، وانما يعتبرها مرشد عمل وسلاح نقد في علاقة وثيقة بوقائع الحياة المتدفقة أبدا ، فالنظرية تسمتد حياتها من حياة الواقع نفسه لذلك تموت كلما انفصلت عنه ومن ثمة تكون في علاقة ديالكتيكية بالممارسة . يقول لينين " لو كانت دراسة الشيوعية تنحصر في استيعاب ما هو وارد في الكتب و الكراريس و المؤلفات الشيوعية ، لأنتجنا بفائق السهولة شراحا سطحيين شيوعيين أو مدعين مغرورين شيوعيين " منبها الى أنه " دون عمل ، دون نضال ، ليس ثمة إطلاقا أية قيمة للمعرفة التي تستقى الشيوعية من الكتب و المؤلفات الشيوعية " فالنظرية سلاح لتغيير الواقع بالكادحين وللكادحين فتحررهم كما يقول كارل ماركس من صنعهم هم أنفسهم ، وهي تغتني وتتطور بتجارب ذلك الواقع نفسه. ومن هنا الحرص على بناء كوادر في النظرية والممارسة وتعهدها بالعناية مثل عناية البستاني بزهور الحديقة وتوزيع المهام بينها وفقا للاختصاص.
6 ـ واقع الأزمة : موضوعيا .
تعيش الشبيبة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية السياسية والثقافية التي تضرب العالم كله بدرجات متفاوتة ، فالواقع الراهن هو واقع أزمة ، حيث الكساد وانخفاض نسب النمو وتراكم الديون وارتفاع الأسعار وانتشار البطالة والتضخم وتفاقم التناقضات بين الامبرياليات ، وبين الامبريالية والشعوب والأمم المضطهدة ، كما التناقض بين رأس المال والعمل ، فضلا عن تفشي العنصرية والحرب والهجرة والمخدرات والانتحار وتردي القيم الأخلاقية والجمالية .
7 ـ واقع الازمة: ذاتيا .
و تعاني القوي الثورية في شتى البلدان من حالة ضعف فهي في تراجع استراتيجي أمام الهجوم الاستراتيجي الذي تشنه الامبريالية وعملاؤها ، فضلا عن تخريب الانتهازية للعمل الثوري ، جراء ضعف التنظيم الذي ساد خاصة على اثر ضرب الاشتراكية وتصفيتها أولا في الاتحاد السوفياتي ثم ثانيا في الصين ، وما لحق ذلك من تصفية الكثير من حركات التحرر الوطني في آسيا وافريقيا وأمريكا الجنوبية ، وهو ما انعكس على الشبيبة أيضا فقد تمزقت صفوفها وضعف كفاحها وتفشت أمراض الانتهازية المختلفة بينها .
8 ـ ما العمل ؟
يطرح هذا الواقع التركيز على تنظيم القوى الثورية وفي المقدمة منها التنظم حزبيا على قاعدة الماركسية اللينينية الماوية ، وفي معترك النضال اليومي ، فذلك يمثل الآن الحلقة الرئيسية في الكفاح . وفيما يخص الشبيبة فإن تنظيمها يخضع الى هذا التوجه ، وعندما يتم انجاز ذلك يصبح من السهل التعامل ثوريا مع الأزمة في جانبها الموضوعي وتوظيفها في اتجاه الثورة ، بما يمكن من ولادة المجتمع الجديد ، أما اذا استعصى ذلك فإن المجتمع القديم سيفرز المزيد من القوى الرجعية السوداء، التي ليس لها ما تقدمه للشعب غير الإرهاب والمجازر . ويفترض تنظيم الشبيبة أولا قيام العناصر الأشد قدرة في مجالي النظرية والممارسة بتوحيد قوتها في هيئة ثورية مركزية صلبة تنتشر شيئا فشيئا ، مكونة هيئات في الجهات والقطاعات وربط الصلة خاصة بالعمال والفلاحين، وتقيم علاقات ثورية بغيرها من القوى الثورية الشبابية قطريا وعربيا وأمميا .
9 ـ المسلكية الثورية .
تتعرض الشبيبة بشكل دائم لتأثير الإيديولوجيا الرجعية والاصلاحية والفوضوية والقومية الضيقة ، والهدف هو تخريب وعيها حتى تظل بعيدة عن الثورة كما قلنا ، وكثيرا ما تتركز الحملات الأيديولوجية على الجانب الأخلاقي فالليبراليون والانتهازيون والفوضويون يروجون بين صفوفها أوهام الحرية الزائفة والحداثة الكاذبة ، أما الظلاميون الدينيون فيروجون أوهام الوفاء للأسلاف وطاعة الله والرسول وشيوخ الدين، في حين يروج القوميون العنصريون الشوفينية والعرقية والنتيجة نشرالتعصب والانغلاق والتكفير والعنصرية من جهة ، والتسيب والميوعة والانبتات من جهة ثانية ، ويجب مواجهة ذلك كله بنشر القيم الثورية والتحلي بالمسلكية الكفاحية يقول لينين " .ينبغي عليكم أن تربوا أنفسكم تربية شيوعية ، المهمة الموضوعة أمام اتحاد الشبيبة ، هي أن يمارس نشاطه العملي بحيث أن هذه الشبيبة ، و هي تتعلم ، و تنتظم ، و تحتشد ، و تناضل ، تربي نفسها و جميع الذين يعترفون بها كمرشدة ، لكي تربي شيوعيين . ينبغي أن يرمي كل عمل تثقيف الشبيبة الحالية و تعليمها و تربيتها إلى إنماء الأخلاق الشيوعية عندها والتسلح بها ووضعها موضع التطبيق في شتى ميادين النضال."
وفي غمرة النضال تختبر صلابة الشخصية وابداعها وجرأتها ومبادرتها وصمودها واصرارها على النصر فلا ثورة دون أخلاق ثورية ، فتلك الأخلاق حافز داخلي للكفاح كما أنها توقظ الكادحين الى النضال وتخلق منهم جماعة متراصة الصفوف ، متحدة ، متآزرة ، متضامنة ، يكون فيها الواحد من أجل الكل والكل من أجل الواحد، وفي ظل ذلك يمتلك الجميع القدرة على النقد والنقد الذاتي وتقييم أنفسهم وغيرهم ومن ثمة التغلب على الأخطاء والتخلص من الانحرافات البرجوازية الاقطاعية ، وكلما امتلك الشيوعي تلك الخصال كلما استحق احترام الشعب وثقته ، و مهما كانت النظرية والخط السياسي صحيحان فإنهما عاجزان عن تغيير الواقع ثوريا اذا لم يوجد مناضلون يمتلكون فضلا عن ذلك مسلكية ثورية ، بينما تحفز الاخلاق الرجعية على الانحطاط و الكسل والخمول واللامبالاة والخضوع والاستسلام والأنانية . وفي الوقت الذي تصور فيه الفوضوية نفسها على انها ضد الرجعية فإنها بإنكارها الاخلاق الثورية والانضباط الحزبي والمسلكية الثورية تنشر العدمية والعبثية وترسخ بذلك الوضع القائم وتقف عقبة أمام تغييره.