|
سماء بغداد القرمزية
ابراهيم الخزعلي
(Ibrahim Al khazaly)
الحوار المتمدن-العدد: 6273 - 2019 / 6 / 27 - 10:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سماء بغداد القرمزية
( عندما تبدأ الحرب ، يفتح الجحيم أبوابه) مثل بولوني
(أن الحرب العالمية الأولى أفقدت الحياة قداستها ، ودلت على سفالت الأجهزة السياسية ) البرت إنشتاين
ان الصراعات الدولية التي كثيرا ماتنتهي باشعال نار الحرب ، ما هي إلاّ لعبة من لعب قوى الشر والعدوان ، لتنفيذ مشاريعها في الغزو وفرض هيمنتها على دول مستقلة ذات سيادة ، وحرمان اهلها من العيش الحر الكريم ومن الأستفادة من ثرواتها والخيرات الطبيعية التي تمتلكها . ومن احدى التجاوزات الكثيرة في تأريخنا المعاصر ، ما قامت به دول تدّعي الديقراطية والحرية وكل الشعارات البراقة ، الفارغة من كل محتوى انساني ، وفي مقدمة قوى الشر هذه ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها في شن أكبر هجوم شرس وبربري على العراق ، ضاربين عرض الحائط كل الأعراف والقيم الأنسانية ، ليحولوا زرقة سماء بغداد بحقدهم ودناءتهم ووحشيتهم الى سماء قرمزية ... فـ (سماء بغداد القرمزية ) الذي نقله من الروسية الى العربية الأخ الدكتور فالح الحمراني ، هو في الحقيقة بصمة شهادة عن تأريخ جريمة حرب ارتكبها مجرمون ، لم يتحلوا بأدنى صفة انسانية ، ولا أي وازع من ضمير ، وهذا الكتاب " سماء بغداد القرمزية" هو شاهد عصر على الروح الشريرة التي حولت البلاد الى ارض يباب ، وعاثت فيها الفساد ، وانتهكت حق الحياة والعباد. فمؤلف الكتاب رجل دبلوماسي مرموق وخبير في شؤون الشرق الأوسط ، عمل في مختلف بلدانه على مدى سنوات طوال من حياته ، ومنها العراق ، قبل الحرب العدوانية عليها ، واثناءها ، وتعرف عن قرب على القيادة السياسية في العراق وعلى رئيسها صدام حسين ، وتضمن الكتاب على ايضاح شخصية صدام حسين من قِبَل مؤلف الكتاب ( فيكتور باسوفاليوف) الذي يؤكد فيه على ذلك في ص 26 ( جرت أول لقاءاتي بصدام حسين في اعوام 1969-1970 حينما رافقت فيدوتوف الذي كان قائما بأعمال السفارة السوفيتية بالعراق ، حيث زار صدام حسين لمناقشة القضية الكردية التي كانت حينها ملحة . كانت تلك الفترة بدايات ترقّي صدام في المناصب ، ومازال بوسعه حينها الأصغاء للآخرين . ولاح لنا أن صداما مهتم فعلاَ باستماع الحقيقة من هذا الدبلوماسي الروسي الحازم الأشقر ( علاوة على أننا كنّا مستعدين جيدا للمحادثة ) وخلال المحادثة اشتبك فيدوتوف في جدل مع صدام ، لأنه كان يعتقد أن بوسعه توجيه تقييمات نقدية لسياسة البعثيين العراقيين الداخلية ، وغالبا ما مشى بتقيماته على حد السكين الحاد ، وفهمت بعد ذلك ، أننا وعلى خلفية طبع صدام الحقود والأنتقامي ، خضنا في الواقع لعبة خطرة ، وسرعان ما انقطعت هذه اللقاءات.. وصفوة القول أن لقائي ذاك بالرئيس العراقي أثار قلقي .) . ومن هذا المنطلق ربط الكاتب (فيكتور باسوفاليوف ) ومن خلال معايشته للواقع العراقي ، ومعرفته بالحكومة العراقية ، وبرئيسها صدام حسين ، كل الأحداث المأساوية التي حلّت بالعراق وإعطاء قوى الشر والعدوان الطامعين بخيرات العراق وتحت قيادة امريكا ( الشيطان الأكبر ) كما وصفها الأمام الخميني أنذاك ، الفرصة في الأنقضاض على هذا البلد المستقل وذا السيادة . ووقع العدوان الآثم على العراق ، شعبا وأرضا ، وبكل وحشية . ويحتوي الكتاب على مقدمة خاصة بالطبعة العربية في ص 5 ، لممثل الرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، نائب وزير خارجية روسيا الأتحادية ميخائيل بوغدانوف " لقد كُتِبت الكثير من المؤلفات الجيدة والمثيرة للأهتمام حول الأحداث التي شهدها العراق في أواخر الثمانينات – وبداية التسعينات من القرن العشرين . وتثار حتى الآن حولها مناقشات ساخنة وجدالات حادة . ومع ذلك ، ان الكتاب الذي بيَدَي القارئ العربي ، لافت للنظر في كثير من النواحي ، ويكتسب أهمية خاصة ..." . فالكتاب الموسوم بـ ( سماء بغداد القرمزية ) في الحقيقة والواقع ، هو احد الوثائق التأريخيةالمهمة عن العراق ، وما تعرض له من عدوان بربري شرس، وعلى مرأى ومسمع من العالم ، ضاربين بأبشع وجه ، واقذر يد كل المبادئ والقيم الأنسانية عرض الحائط ، وبذرائع هم صنعوها كوسيلة تغطية لمآربهم وغاياتهم ، ذلك العدوان المتوحش بكل ما للكلمة من معنى ، وكعادتهم المتأصلين عليها ، هو الوصول الى الهدف الأساسي في الهيمنة والأستعباد واركاع الشعوب وإذلالها ...! وبذلك يضيفون صفحة دموية أخرى الى سجلات تأريخهم المجبول على الجريمة ، والمنقع بالدم والنتن بالآثام والخطيئة. فالأنسان هو الذاكرة، والذاكرة هي الأنسان ، وما تركه لنا وللتأريخ مؤلف كتاب ( سماء بغداد القرمزية ) فيكتور باسوفاليوك ، هو نبضات وجدانه الحية النابضة بالحقيقة الأنسانية الرافضة للجريمة والنزعة العدوانية التي لا يقبلها النفس الأنساني الحر الشريف . فالكتاب يحتوي على الكثير من الحقائق الجلية التي دونها كاتب عاش بشاعة الحرب الظالمة على العراق عن قرب ، لا كما تناولها آخرون عن بعد وعن نقل مشوه ، لا يبرز الوجه الحقيقي للجريمة والمجرمين . فالظلم الذي وقع على العراق والعراقيين لم تمح آثار عاره ، وألمه في نفوس الأجيال ، ويبقى ما دامت الشمس تشرق والأرض تدور في فلكها ...! والأخ الدكتور فالح الحمراني بترجمته هذا الكتاب ، إنما هو أغناء حقيقي للمكتبة العربية ، لما يحتويه من حقائق تكشف ما لم تتناوله الكتابات الأخرى عن مأساة الحرب العدوانية الشرسة والبربرية على العراق. ومن هنا استطيع القول أن الخراب الذي عم البلاد ، وأنهار الدم ودموع اليتامى والأرامل والثكالى هو المِداد الذي سيُكتب به تأريخ الجرائم التي أُرتكبت بحق العراق والعراقيين ، وفي الوقت ذاته ان الدم والدموع سيشتعل بآهات وحسرات المظلومين ، لتحترق به عروش الظلمة والطواغيت ، وكل قوى الشر في العالم التي تضطهد الأنسان وتسحقه من أجل اطماعها التوسعية ، وستشرق شمس الحرية لتبدد الظلام الذي صنعه اللصوص والقتلة .
الدكتور ابراهيم الخزعلي 26/06/2019
#ابراهيم_الخزعلي (هاشتاغ)
Ibrahim_Al_khazaly#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة - سلام انته
-
قصيدة - يا علي
-
قصيدة شعبيه - الجرح قصته طويلة
-
شعر شعبي - القلم
-
قصة قصيرة جدا - المخاض
-
قصة قصيرة جدا- دندنة
-
قصة قصيرة جدا - الكلمات المحترقة
-
قصيدة - صور...
-
قصيدة - صورٌ على جدران الزّمَن
-
قصيدة - نُبُوءةُ الفَجْرِ الجديد
-
ق.ق.ج - باقة ورود
-
الرابع عشر من تموز نبراس الثائرين
-
قصيدة - مَفْقودٌ يَبْحَثُ مَفْقود
-
قصيدة - الفارِسُ المَغْدور
-
قصيدة- سِدْرَةُ الوجع
-
قصيدة- سورة الجرح الأكبر
-
ترنيمة حب عند بوابة العام الجديد
-
قصيدة- تَرْنيمة حُبٍّ عندَ بَوّابةِ العامِ الجديد
-
قصيدة - إنشودة النّصر
-
قصيدة - نشيج
المزيد.....
-
الحوثيون يعلنون استهداف 3 مدمرات أمريكية في البحر الأحمر بـ2
...
-
رئيس وزراء باكستان للعالم: ما يجري في غزة -إبادة منهجية للشع
...
-
أسبوع البيئة: حلول السوق المبتكرة لمواجهة تغير المناخ
-
وزير الصحة اللبناني: مبان استهدفتها إسرائيل في الضاحية الجنو
...
-
محافظة نينوى شمال العراق تحتضن معرض الكتاب الدولي تحت شعار -
...
-
هولندا ترسل طائرات إف-16 التي أخرجتها من الخدمة إلى أوكرانيا
...
-
مسؤول دفاعي أمريكي يزعم غرق غواصة هجومية نووية صينية جديدة ف
...
-
الفصل الواحد والسبعون - علي عسكر
-
نتنياهو يطلب الانتظار لمعرفة ما إذا كانت عملية اغتيال نصر ال
...
-
ضربات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ووسائل إعلام تقو
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|