روني علي
الحوار المتمدن-العدد: 6236 - 2019 / 5 / 21 - 21:00
المحور:
الادب والفن
الرجل الذي انتحر ولم يكتب وصيته على حائط القبر
كان يقرأ في سيرة غيفارا بجيوب فارغة
حاول أن يسطر للثورية بوجه
لا يخشاه الأطفال في حدائق اللعب
انتحر ولم يكمل ملحمة هوميروس
انكسرت مجاديف أشواقه قبل أن يصل إلى الضفة بأمتار معدودة
إليه بمداد من شهد لسانك
ليكتب على صدره لائحة تهمته
لم يزل يسمع رنين الحياة
لم يزل يراقب خروج العصافير من أسرابها
انتحر واقفا .. والجثة معلقة في الهواء
لم يسقط بعد
وقد لن يسقط
ذاك الرجل ..
دفنوه ليلة الأمس عند أقدامه .. بين الأحياء
لم يحضر مراسم الجنازة سوى صوته
وصرخة أطلقها بأعلى ما في قلبه
لم يسمعها سوى حفار القبور
الهواء كان محملا بغبار النفاق
هل سمعتي صوته .. حبيبتي ..؟؟
كان ينادي بغصة اجتازت حنجرته .. أحبك
قفزت من الحلم
هربت إلى طاسة الرعب
ساومت على خيال أبعدني عن الأحزان
ومن بعيد
كان صدى الأخبار يتحدث عن آخر انتصارات السلطان
في وأد زنادقة الحب من خطبة صلاة التراويح
الرجل أسقط في كفه .. مات ولم يعد
هلموا إلى حلقات الرقص
أليس من طبع الكوردي أن يرقص من جراحه !!.
لا يقص أحدكم عنه من سير العظماء
لا يسرد أحدكم أنه كان على طاولته ليلة انتحاره
لا يتباهى أحدكم أنه كان صندوق أسراره
فكلنا يكذب .. وأنا منكم
في الجريدة .. الخبر يقول
انتحرا رجل في منزل مهجور
كان بالقرب منه زجاجة سم فارغة
في يده المعصوبة قصاصة صفراء ..
كتب عليها بخط قلبه
سأنتحر إدانة لكم
أنتم الذين ترسمون الشمس على وجوه أطفالكم
وتغتالون الحب بسيوف
أنتم أغمادها
١٩/٥/٢٠١٩
#روني_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟