أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - المؤتمر الوطني لمواجهة العبث والخراب














المزيد.....

المؤتمر الوطني لمواجهة العبث والخراب


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 10:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أنه في كل يومٍ تتكشف فضيحةٌ، بل فضائحُ، جديدة، فإن المخفي لا يزال أعظم بما لا يُقاس. مزاريب الهدر في كل مكان. حشو الإدارة بجيوش من الأزلام والأنصار ممن لا يفعلون شيئاً سوى قبض «مستحقاتهم» آخر كل شهر. بعض الرواتب والعلاوات خيالية في المؤسسات والمصالح المستقلة. تعويضات بعشرات ومئات الملايين لموظفين في الإدارات والوزارات ممن يعدون بالآلاف، لقاء جهد يُفترض أن يكون في صلب وظيفتهم أساساً. أما ما يستدعي بعض الساعات الإضافية فيمكن احتسابه وتعويضه عبر مكافأة مستحقة فعلاً. تعويضات السفر مدهشة، فإذا أضيفت إليها تكاليف السفر نفسه بالنسبة إلى كبار المسؤولين، تصبح نفقات ملَكية بكل معنى الكلمة (آخر إحدى الرحلات الرسمية صرف لها من احتياطي الموازنة، في 29 آذار الماضي، 750 مليون ليرة لبنانية). يضاف إلى ذلك عشرات أبواب النهب شبه المباشر في مصادرة أو تضييع حقوق الدولة، مقابل رشى في المرافئ والمرافق العامة، ما يضيِّع على الخزينة مئات ملايين الدولارات سنوياً. ويتمتع عدد كبير من كبار الموظفين، في المصالح المستقلة خصوصاً، بامتيازات حقيقية في رواتبهم أو تعدد تعويضاتهم العادية أو التقاعدية. هذا غيض من فيض بعض ما كشفته الأرقام أثناء إعداد الموازنة وخلال الإعداد لبحثها وأثناء عملية البحث. ويزيد من فظاعة هذا المشهد وسورياليته أن التعويضات والمكافآت لا تعطى على أساس الكفاءة والإنتاجية، بل هي تُعمَّم على الجميع لأسباب التوازن الطائفي ومقتضيات المحاصصة وصرف النفوذ. ما معنى أن يتقاضى موظف عمل لمدة خمس سنوات تعويضاً بعد انتهاء ولايته يعادل حوالى مليون وستماية ألف دولار، بعد أن يكون أيضاً قد حصل على راتب يفوق أكثر بمرة ونصف راتب رئيس الجمهورية ولمدة 16 شهراً في السنة، وكذلك بعد أن يكون قد حصل على قروض بتسهيلات تفوق التعويض المذكور بأكثر من مرتين أحياناً لشراء أكثر من منزل: على عدد فصول السنة ربما؟!!
وحيث إن ما جرى ويجري تناوله إنما هو رواتب وتعويضات في القطاع العام بهدف تحميل نتائج الأزمة للفئات الفقيرة والمتوسطة (الذي كانت أكثرية العاملين فيها حتى إقرار «السلسلة»، وبعضها، حتى بعدها، محرومة من الكثير من حقوقها)، فإن فتح الملفات لم يقترب، بشكل فعلي إلى الآن، من مجالات النهب التي تشمل الإقطاعيات والصفقات والتلزيمات والعمولات المخيفة، من نوع مافيات المحروقات والتجهيزات والدواء واستئجار البواخر... وهي لم تشمل كذلك، وبشكل مسؤول وحريص، موضوع الدين، وخدمة الدين التي تقترب، سريعاً، من امتصاص نصف واردات الدولة بعد أن تجاوزت الـ40% في المرحلة الحالية. ويتصل بذلك «الهندسات المالية» التي وزعت المليارات «من قبل من لا يملك لمصلحة من لا يستحق». كل ذلك في عزّ مراحل الأزمة وبما يخدم كبار الدائنين في المصارف خصوصاً ممن راكموا ثروات خيالية من دون أي ضريبة أو تكليف يتناسبان، ولو بنسبة ضئيلة، مع حجم الأرباح الطائلة التي يكدسونها ويضاعفونها: سنة بعد سنة، بل يوماً بعد يوم!
لم تصل، ولن تصل وفق المسار والتوازنات الحاليين، أبحاث مجلس الوزراء وبعده مجلس النواب، إلى هذا النوع من الهدر والنهب. الميل «الطبيعي» هو لتحميل الفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة ثمن الأزمة ومنع أو تأجيل الانهيار. «الحلول» المتداولة هي من هذا النوع ما دام "حاميها هو حراميها". الدليل أيضاً، استمرار العمل وفق نفس النهج القديم، أي المضيّ في المحاصصة والصفقات والإنفاق نفسه. والتعويل كذلك على نفس التوجهات السابقة، أي بمزيد من الدين والقروض بذريعة الحفاظ على الاستقرار النقدي وتفادي الإفلاس وحفظ التوازنات و"الحقوق". منظومة المحاصصة التي تعمَّقت ومعها تعمَّق الهدر والنهب والفساد، ماضية الآن بخطى واسعة نحو فرض إيقاعها وتعميمه على كل ميادين وحقول النشاط السياسي والمالي والاقتصادي والإداري: خلافاً للدستور والقوانين وبالتعارض مع المصلحة الوطنية التي تُملي التحول نحو نظام مواطنة متساوية وإرساء ركائز اقتصاد منتج... ذلك أن الأسباب الحقيقية للأزمة إنما تكمن في الطابع الطائفي التحاصصي للنظام السياسي، وفي النموذج الريعي التبعي للاقتصاد، وفي العلاقات الزبائنية المفروضة على المواطن مقرونة بتغذية العصبيات وذهنية الولاء، وفي الفساد المستشري في كل المستويات...
يُضاف إلى ذلك أن تطورات الوضع في المنطقة، وخصوصاً ضراوة النهج الأميركي في دعم المشروع الصهيوني الأصلي، تغري البعض في بناء رهانات جديدة اعتقاداً منه بحتمية انبثاق توازنات جديدة ستترك آثارها الكبيرة، وفق هؤلاء، على كامل المنطقة وعلى لبنان من ضمن هذا السياق. استغلال فرصة محتملة من هذا النوع، يراود أذهان ويُلهب مخيلات البعض، خصوصاً إذا كان يتحرك خارج الحسابات الوطنية والقومية، وحتى المنطقية.
انكشفت مخاطر منظومة النهب والفساد والهدر كما لم يحصل سابقاً. هي مرشحة لمزيد من التفاقم لأسباب داخلية وخارجية أيضاً. السلطة تصبح أضعف لجهة قدرتها على امتصاص الأزمة والتحكم في ردود الأفعال من قبل المتضررين. المشكلة الآن ذات شقين: المخاطر التي تتهدد البلاد من الناحية الاقتصادية وانعكاس تبعاتها على المديين القريب والبعيد في نطاق أزمة أكبر تهدد المنطقة عموماً. كل ذلك وسط عجز أطراف منظومة المحاصصة، بسبب النهج والتبعية والفئوية، عن اتخاذ الإجراءات الضرورية للسيطرة على تلك الأزمة. والشق الثاني يتمثل في عدم تبلور بديل يوظِّف النقمة العامة على الارتكابات ويضعها في خدمة تبلور بديل سليم للنموذج والممارسات اللذين قادا إلى الكوارث الكبيرة الراهنة والمتوقعة.
هذا الشق هو ما يجب أن يكون مادة حوار في مؤتمر وطني واسع تتداعى إليه قوى سياسية ونقابية واجتماعية وشبابية، حزبية ومستقلة، وذلك من أجل بلورة خيار سياسي واقتصادي بديل، من شأنه أن يشكل دليل عمل لأوسع المتضررين ويوظف احتجاجاتهم وطاقاتهم في نشاط شعبي كبير، سيؤدي، في حال إطلاقه، إلى تغيير التوازنات الحالية التي لن ينجم عنها إلا المزيد من الأزمات والخسائر والخراب!



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلثا عمرنا الاستقلالي: بين الحرب والوصاية والنهب!
- من الاعتراض إلى المعارضة
- ذكريات «الشيوعي الوحيد»!
- تقدّم العامل الاقتصادي الاجتماعي
- تصهين واشنطن وعدوانية تل أبيب
- فلاشات في نهاية العام
- الفشل والعجز في صلب منظومة المحاصصة
- الحزب الشيوعي التأسيس وإعادة التأسيس
- وطن قيد الدرس
- واشنطن: من الحرب بالواسطة إلى الحرب المباشرة؟
- مساهمة في نقاش نتائج «الشيوعي اللبناني» الانتخابية
- صراع على السلطة لا على السياسات والتوازنات فقط
- معركتا الفساد
- «الهجمة الأميركية» الراهنة
- الصراع على الشرق الأوسط
- المصالح لا المبادئ!
- «تيارا» السلطة وتيار المعارضة
- فرصة مراجعة للتحرر من الشوائب
- التأخّر، فالفشل السعوديان
- الاستفتاء الكردي بين شبهتي «المؤامرة» و«الخيانة»


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - المؤتمر الوطني لمواجهة العبث والخراب