خالد الكيلاني
الحوار المتمدن-العدد: 6210 - 2019 / 4 / 24 - 12:28
المحور:
الادب والفن
خلال أيام الإستفتاء الثلاث الفائتة شاهدنا عبر اليوتيوب وصلات من الرقص يؤديها بفرحة حقيقة عدد من الناخبين والناخبات أمام وداخل اللجان الإنتخابية ، رقص بلدي ، ورقص صعيدي بالعصا ، ورقص على المزمار ، ورقص على موسيقى أغاني وطنية وعاطفية ، من مجموعات من سيدات وفتيات ورجال ، كانت ترغب في التعبير عن فرحتها بهذه الطريقة .
دعك من إنتقادات حزب النكد وعواجيز الفرح وكارهي الوطن وكارهي أنفسهم … فهؤلاء مصابون - إضافة لما لديهم من أمراض نفسية - بإنفصام حاد يجعلهم ينادون بالحرية ، لكنهم يريدون أن يحرموا الناس من حرية التعبير عن مشاعرهم ، وهذا وحده يثبت كذب كل دعاواهم حول الحرية والديمقراطية !!! .
لكن لماذا الرقص ؟
فالرقص ربما هو الفن التلقائي الوحيد الذي لا يحتاج إلى تدريب ومران وتعليم ، فأنت قد تنتشي وتنتفض من مكانك لترقص بمجرد سماعك للموسيقى ، أو بمجرد رؤيتك لآخرين يرقصون أمامك ، كما أن الرقص فن عالمي لا تعوقه حواجز اللغة ، ولا يحتاج لمترجم ، مثله في ذلك مثل فن الرسم …خلافاً لكل الفنون الأخرى مثل المسرح ، والسينما ، والدراما التليفزيونية والإذاعية ، والشعر ، والرواية ، والقصة القصيرة التي تعتمد كلها على الوعاء اللُغوي للشعوب .
أثبتت تجربة الإستفتاء الأخيرة وقبلها تجارب إنتخابية أعقبت ثورة 30 يونيو ، أن لدى هذا الشعب طاقات مبهرة من الفنون ، لا تجد من يرعاها أو يتبناها ، هذه الفنون كلها كانت في وقت سابق تجد من يرعاها ويصقلها وينميها ، عندما كان لدينا ما يسمى بالثقافة الجماهيرية ، حيث نشر مؤسسها الراحل العظيم سعد الدين وهبة ( ضابط الشرطة ) قصور الثقافة في كل مدينة بمصر ، بل أتذكر وأنا طفل صغير في الثالثة أو الرابعة من عمري تقريباً ، كيف كانت الثقافة الجماهيرية ترسل سيارات السينما المتنقلة التي تعرض روائع السينما العالمية والعربية ، والمكتبات المتنقلة ، للقرى في الدلتا والصعيد ، وقرأنا وسمعنا عن مسرح " الجرن " ، ومسرح الشارع … كما كانت هناك مسارح ، وشاشات عرض في كل المدارس الإعدادية والثانوية .
كل هذا إنتهى الآن وأصبحت قصور الثقافة إسماً على غير مسمى بعد أن تغير إسم الهيئة من الثقافة الجماهيرية إلى هيئة قصور الثقافة ، فلم تعد الثقافة جماهيرية ، بل ولم تعد تقدم ثقافة من الأصل !!! ، واكتظت تلك الدور بالموظفين المتطرفين ( مثل بقية موظفي الحكومة ) الذين يحرمون الفنون والشعر والأدب ، وما أن تدخل أي قصر ثقافة إلا وتجد موظفات منتقبات وموظفين ذوي لحي طويلة … فأي ثقافة يمكن أن يقدمها هؤلاء ؟!!! .
وأصبح الأطفال الصغار من سن الثالثة يذهب بهم أهلهم إلى الزوايا لحفظ القرآن والحديث وسماع دروس المتطرفين ذوي اللحي ، لا إلى قصور الثقافة ، وحلت الميكروفونات محل المكتبات ، والحصير المفروش في الشوارع أمام الزوايا محل شاشات العرض وخشبات المسارح ، فأصبحنا نعاني كل ما نعيش فيه الآن من عنف وإرهاب وتطرف ، وغلظة في القول والعمل ، وقسوة في القلوب .
عاوزين تتخلصوا من الإرهاب … أغلقوا الزوايا والقنوات الفضائية المملوكة لرجال الدين ، وافتحوا قصور الثقافة في كل مكان .
#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟