أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر الزعق - السماوات المفتوحة:قتل الغزالة , انتهاك السيادة وقبض الريح















المزيد.....

السماوات المفتوحة:قتل الغزالة , انتهاك السيادة وقبض الريح


ماهر الزعق

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 20:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السماوات المفتوحة
قتل الغزالة,انتهاك السيادة وقبض الريح

صرّح وزير النقل أنّ الحكومة التونسية جاهزة لإبرام اتفاقية السماوات المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي و أنّ الطرف الأوروبي سيُمضي الاتفاقية حالما يتجاوز أزمة البريكسيت( خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي ).
قد يُفهم من هذا التصريح أنّ تونس حريصة كل الحرص على تفعيل هذه الاتفاقية وأنها ستستفيد منها أيّما استفادة وأنّ الجانب الأوروبي الغارق في أزماته والمُتخبّط في خلافاته هو المُتسبب في هذا التعثّر وهذا التأخير,ولكن لماذا كلّ هذا الحرص و ما هي فوائد وعواقب هذه الاتفاقية وقبل هذا وذاك ماذا تعني هذه الاتفاقية ؟
تُتيح اتفاقية السماوات المفتوحة (open skay ) لشركات طيران الدول الموقّعة عليها,بالنشاط في كافّة مطارات هذه الدول وتسيير الرحلات بكل حريّة لتنقل المسافرين إلى أي وِجهة تشاء وبأي سعر تُريد وتحوّل مداخيلها بالعملة الصعبة دون عائق ولا تضييق,كما يُحجّر على الدول الموقّعة,تقديم الدعم المُباشر أو غير المُباشر للشركات الوطنية وفي حال إقدامها على ذلك تتعرّض لإجراءات صارمة و تُسلّط عليها عقوبات قاسية.
هذه الاتفاقية تُمكّن شركات طيران الدول الأوروبية,من التمتّع بالحرية الخامسة,بما يعني حريّة نقل البضائع والبريد والمسافرين من وإلى أي دولة انطلاقا من مطارات تونس,مثلا تمنح الحرية الخامسة لطائرة أوروبية قادمة من روما إمكانية نقل المسافرين من تونس إلى دُبي ومن دُبي إلى تونس ثم العودة إلى روما .المُسافرون من تونس إلى دبي ومن دبي إلى تونس هم مُسافرو الحريّة الخامسة.
اتفاقية السماوات المفتوحة ستُعوّض الاتفاقيات الثنائية بين البلدان,فالملاحة الجوية مضبوطة بجملة من الترتيبات و الحريات وعددها ثمانية ولكلّ دولة الحقّ في منح بعضها وحجب البعض الآخر حسب الاتفاق الثنائي,وتُعتبر الحرية الخامسة من أبرز هذه الحريات ومنحها لأي طرف يُنهي شرط على غاية من الأهمية ألا وهو شرط انطلاق الرحلة من البلد الأصلي للناقلة
ستُمكّن هذه الاتفاقية شركات الطيران الأكثر قوّة من الاستحواذ على خطوط جديدة و زيادة حجم حصصها في السوق وستنتزع الشركات المُنخفضة التكلفة( low cost ) حصص السوق المحلية من الناقلة الوطنية وبقية الشركات التونسية,ستُسدّد هذه الاتفاقية ضربة قاسية لوكالات الأسفار المحلية المُتخصّصة في اقتطاع التذاكر,لأنّ شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة تتعامل مباشرة مع المسافر,فالحجز يتمّ في % 90 منه عبر الأنترنيت وفي % 10 منه عبر مراكز النداء .
لن تقدر تونس الجوية وهي مُقلّمة الأظفار وتعاني من مشاكل هيكلية وصعوبات مادية و تقنية,لن تقدر على منافسة شركات تفوقها قدرة ومتانة,بل إنّ هذه الاتفاقية ستُفاقم من سوء أوضاعها وستؤدي بها إلى خسارة جزء كبير من حرفائها وستتجه نحو إفلاس مُحقق ومن ثم إلى خوصصة مُذلّة,أمّا بقية الشركات المحلية فمصيرها الاختفاء إمّا بالاندماج أو بالإفلاس .
تونس ليست مهيأة وليست بحاجة لفتح أجواءها لأنها أصلا مفتوحة بشكل كبير,فالطيران التونسي لا يُؤمِّن سوى % 35 من نقل المسافرين والنسبة الباقية أي % 65 موضوعة على ذمّة الشركات الأجنبية كما أن شركات الطيران التونسية لم تتوصّل فعليّا إلى ملأ أكثر من % 70 من المقاعد,هذا من ناحية و من ناحية أخرى فإن مطار توزر ومطار طبرقة يعملان منذ سنوات بنظام السماوات المفتوحة دون أيّ مردودية تُذكر لا على السياحة ولا على عدد المسافرين,كما أن الهاروني وزير النقل السابق في حكومة الترويكا,كان قد أمضى في أكتوبر 2012 اتفاقية بين الحكومة التونسية وحكومة قطر تسمح للقطريّة باستغلال جميع الوجهات انطلاقا من تونس. (الحرية الخامسة )
تونس ليست بحاجة إلى الدخول في منافسة غير متكافئة مع عمالقة الطيران,بل هي في حاجة إلى تأهيل وتطوير تونس الجوية والتي هي على ملك الدولة بنسبة % 75 ,وذلك عبر تجديد الأسطول وتعزيزه و تحديث المطارات و إرساء الحوكمة الرشيدة ومُقاومة الفساد الذي ينخر مفاصل الشركة..
تونس في حاجة إلى تأهيل و تطوير قطاع السياحة,و إن كان من المُتوقّع أن ترفع هذه الاتفاقية من عدد السُيّاح إلا أنهم سُيّاح التعريفة المنخفضة.المطلوب هو تجاوز الموسمية السياحية( أغلب النزل شبه فارغة خارج فترة الذروة) وتطوير المواصلات و تنويع المنتوج السياحي وتحسين الخدمات واجتثاث الإرهاب والفكاك من سطوة وكالات الأسفار العالمية ... البلد هي ما يجلب السائح وليس الطائرة .
ألا نتّعظ !؟ ماذا حصل للمغرب بعد فتح مطاراتها؟.صحيح ارتفع عدد المسافرين(أغلبهم من المغاربة المُقيمين في أوروبا)ولكن العديد من شركات الطيران الخاصّة أفلست والملكية للطيران خسرت % 50 من حصّتها في السوق,فتكبّدت خسائر ضخمة وسرّحت % 25 من أجراءها وباعت عدد من طائراتها وأغلقت بعض وكالاتها بالخارج ..
ستشمل هذه الاتفاقية جميع دول الاتحاد الأوروبي وباقي الدول المُوقّعة عليها,سيؤدي هذا إلى طرد أكثر من 1200 موظف بتونس الجوية,جميع نقابات الشركة تعارض هذه الاتفاقية,استثناء مطار تونس قرطاج الدولي من الاتفاقية لمدّة خمس سنوات يثير التساؤل والريبة أكثر من الاطمئنان والثقة ! , لماذا مطار قرطاج وليس مطار المنستير مثلا ؟!
رغم التجارب السابقة المُخيّبة والعواقب الوخيمة المتوقّعة ورغم ما نحن عليه من وهن,فإن الحكومة تكابر وتعاند وتصمّم على إلقاء الغزالة إلى التهلكة ببرود مزيّف وتآمر مُعلن. في مُقابل ماذا ؟
في مُقابل البقاء في السلطة وتأمين مصالح حفنة من السماسرة المحليين,ولا شيء غير ذلك .
المسألة ليست اقتصادية واجتماعية فحسب,بل هي بالدرجة الأولى مسألة سيادة وطنية.هذه الاتفاقية هي أحد سمات توحّش العولمة وهي إحدى حلاقات سلسلة من التشريعات والإجراءات التي تسنّها الأغلبية النيابية وتنفذها الحكومات المتعاقبة مثل قانون الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وقانون استقلالية البنك المركزي واتفاقية الأليكا ..,ترمي جميعها إلى تعميق تبعية البلاد ونهب مُقدّراتها واحتجاز تطوّرها و وأد كل أمل لشعبها في التنمية والتقدّم.
من يُريد الإقلاع ,من يُريد قبض التراب ملء الكفّ,لا يفرّط في أجوائه ولا في أيّ شبر من الأرض.



#ماهر_الزعق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأليكا : اتفاقية الاستعباد وقطع الأرزاق
- الأليكا: اتفاقية الاستعباد وقطع الأرزاق
- منظومة الدعم ,أي إصلاح نريد ؟
- مجلس نواب الشعب والحصاد المر


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر الزعق - السماوات المفتوحة:قتل الغزالة , انتهاك السيادة وقبض الريح