|
كذبات نيسان..بنسخ عراقية
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 10:58
المحور:
كتابات ساخرة
تتعدد الروايات في اصل (كذبة نيسان)..فا لرواية العربية،وفقا للصديق الدكتور هاني الحديثي،ترى ان مصدرها يعود الى سقوط الأندلس حين فر المسلمون الى أعالي الجبال مختبئين بها من جيوش الإسبان فتم إيصال كذبة لهم ان السفن المغربية ترسو على شواطىء البحر لنقلهم، وصدّق هؤلاء فنزلوا الى السواحل وهناك كانت الجيوش بانتظارهم لتوقع اكبر مجزرة بالتاريخ بحقهم يوم واحد نيسان..وشاعت هكذا وصرنا نمارسها عن دون قصد. فيما يرى باحثون اجانب انها تعود إلى القرون الوسطى حين كان شهر نيسان (أبريل )في تلك الفترة وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول فيطلق سراحهم في أول الشهر ويصلّي العقلاء من أجلهم،فنشأ عيد باسمهم (عيد جميع المجانين) أسوة بالعيد المشهور باسم عيد جميع القديسين.
غير ان اكثر الروايات شيوعا ترى ان (الكذبة) بدأت في فرنسا بعد تبني التقويم المعدّل الذي وضعه شارل التاسع (1564) بوصفها اول دولة تعمل بهذا التقويم حيث كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في 21 آذار وينتهي في الاول من ابريل- نيسان،وعندما تحول عيد رأس السنة الى الأول من كانون الثاني ظل بعض الناس يحتفلون به في الاول من نيسان كالعادة. ويرى باحثون آخرون ان (كذبة نيسان) تقليد اوربي قائم على المزاح باطلاق الشائعات او الاكاذيب،لأن فصل الربيع يبدأ في نيسان ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح..فاستلطفوها وصارت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأوربية..وصار الكذب فيها مباحا في هذا اليوم لدى شعوبها باستثناء الشعبين الاسباني لكونه يوما مقدسا دينيا،والألماني لأنه يوافق يوم ميلاد الزعيم الألماني (بسمارك). وفي بريطانيا،وشعبها من اشهر شعوب العالم كذبا في اول نيسان،حمل البريد عام (1860) إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تحمل دعوة إلى مشاهدة الحفلة السنوية "لغسل الأسود البيض" في برج لندن فسارع جمهور غفير من السذج إلى برج لندن لمشاهدة الحفلة المزعومة.
أما في العراق..فكذبة،بل كذبات نيسان مختلفة تماما. ففي 2016 كانت كذبة نيسان تكشف عن حاجات ودوافع سيكولوجية تعبر عن شخصية الفرد العراقي..بعضها مقالب طريفة لاسيما بين أصدقاء شباب (ينصبون) على احدهم،غالبا ما تكون عاطفية كأن يقلّد احدهم صوت فتاة تبدي له اعجابها به وولعها فيه..فيصدّق،ويطلب منها اللقاء،فيأتي الى المكان الذي فيه من حاكوا له المقلب!.وتوزعت اغلب (كذبات نيسان) العراقية حينذاك بين مقالب تحمل اخبارا مفزعة (شدّ حيلك اخي..ترى الوالد انطاك عمره،او:أخوك..دعمته سيارة وأخذوه للمستشفى،او:اسرع يمعود...ترى صار حريق بمنطقتكم...)،وأخرى سياسية تحمل ايضا خبر موت من يكرهون،او مفارقات لا تحصل مهما يكون!.
في العام (2018) ذكرت ( الرشيد نيوز) ان أبرز ما تداوله العراقيون في واحد نيسان: (خبر زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى طهران،عقب تظاهرات شهدتها بغداد ضد زيارة ابن سلمان إلى العاصمة،فيما كتب الأستاذ في علم النفس قاسم حسين صالح، في هذا اليوم أن محطة CNN العالمية نشرت خبراً عاجلاً ينص على إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا للسفارة الأميركية في بغداد برفع الكتل الكونكريتية المحيطة بالمنطقة الخضراء)..تحولت هذه الكذبة في عام 2019 الى حقيقة غير مكتملة!.
وما لا ينتبه له كثيرون أن نيسان كذب على العراقيين كثيرا بدءا من عام 2003(مستثنين ميلاد الرئيس القائد في 28 نيسان)، فحين تم تشكيل مجلس الحكم،ظن العراقيون ان هؤلاء السياسيين سيعملون لخدمة العراق،وانكشفت الكذبة بعد سنة في كتاب بريمر (عام في العراق) بقوله ان الشيعة جاءوا يطالبون بحقوقهم وكذا فعل السنّة والكورد،ولم يطالب احد بحقوق العراقيين. ومن كذبات نيسان في نسختها العراقية أن قادة اغلبية الاحزاب في العراق يصفون احزابهم بانها سياسية فيما هي تنظيمات دينية مذهبية واثنية لا تمتلك برامج وطنية بقدر ما تهمها مصالحها لدرجة ان المحاصصة عندنا كسرت الرقم القياسي في عدد الوزارات بين بلدان العالم قياسا بعدد السكان ليتقاسموا فيما بينهم ثروة البلد عبر حكومات ما شهد العراق في تاريخه افسد وأفشل منها.
ومن كذبات نيسان العراقية تأكيد النائب علي العلاق في مداخلته بجلسة البرلمان (الاثنين 28 آذار 2016) بأن" السيد العبادي مستعد ان يعلن غدا حكومة تكنوقراط مستقله ان وافقت الكتل السياسية"،وعلقنا في حينه بان تشكيل كابينة جديدة مطعمة بتكنوقراط..ممكن..لكن ان يقال ان المحاصصة انتهت في العراق بأمان..فتلك اقوى كذبات الأول من نيسان لذاك العام وما تبعه!
ومن كذبات نيسان في العام (2018) رفع شعار (الأغلبية السياسية للقضاء على المحاصصة والطائفية) فيما اثبتت الأحداث بانه لا يمكن لزعيم طائفي ان يكون ديمقراطيا لأنه يؤمن ان طائفته فوق الجميع وان مرجعيته لها تعلو على مرجعيته للناس والوطن. أما كذبات نيسان بنسختها للعام (2019) فألطفها أن السيد عادل عبد المهدي المكلف برئاسة الوزراء دعا الكفاءات العراقية الى الترشيح الألكتروني لأختيار وزراء لكابينته يتمتعون بالنزاهة والكفاءة،فتقدم الألآف من داخل العراق وخارجه ولم يتم اختيار احدا منهم!. واعلن فيما بعد عن تشكيل مجلس لمكافحة الفساد مؤكدا ان لا احد سيفلت من الحساب (لا حيتان ولا زوري!)، تبعه بعد شهر اعلانه الفضائي أن لا احد يتقدم بدعوى على فاسد،لأن الشاهد سيتحول الى متهم! ولمناسبة صدور قانون يمنح الجنسية العراقية للأجانب،فان مواطنا سنغافوريا دخل باسم (أبو مهدي) ومنح الجنسية العراقية فقاد مظاهرة بساحة التحرير عبرت جسر الجمهورية نحو المنطقة الخضراء تبين فيما بعد أنه رئيس سنغافورة الذي نقل المواطن في بلده من حال لا يجد فيه ماءا صالحا للشرب الى ان يتقدم على الياباني في مستوى دخله! بقضائه على حيتان الفساد..وان العراقيين حملوه على اكتافهم وهم يهزجون:(فوت بيها وعالزلم خليها)..وكانت اجمل كذبات نيسان 2019. على ان اوجع هذه الكذبات في نسختها العراقية يوم هزج العراقيون بساحة الفردوس معتبرين التاسع من نيسان 2003، يوم ( التحرير ) تبين لهم بعدها انه كان بداية لست عشرة سنة من الفواجع والتدمير، قابلة للتمديد في مستقبل ليس لهم فيه ناقة ولا بعير!. واحد نيسان 2019
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية العراقية وخطاب الكراهية- تحليل سيكوبولتك
-
نوروز ما أجملك..كورديا وعربيا
-
ياني ..في البرلمان العراقي!
-
دولة العراق..بيد من الآن؟
-
تجمع عقول يدعو للتظاهر وكشف الجناة
-
يونس بحري..صديق هتلر الذي مات معدما!
-
بعد خلق الازمات ..سيكولوجيا التغافل عن محاسبة الفاسدين
-
زيد الحلي ينتصر للعقل العراقي..
-
تحليل سيكوبولتك لأغرب ظاهرة سياسية في تاريخ العراق
-
مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول في ميسان - كلمة الأفتتاح
-
38 سنة وأمنيات العراقيين..هي ىهي!(توثيق للتاريخ والأجيال)
-
ميسان تحتضن مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول - تقرير
-
السجناء العراقيون..في منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية
-
الثقافة والمثقف في عراق الأزمات- لمناسبة يوم المثقف العراقي
-
توصيات ندوة تجمع عقول الخاصة بالبرلمان العراقي
-
التطرف في الدين يغتال التطرف في الجمال- تحليل سيكولوجي
-
حيدر العبادي وعادل عبد المهدي - تقويم أداء وتحليل شخصية
-
الشخصية العراقية..من أين اتتها بشاعة القتل والتمثيل بالخصوم؟
...
-
البرلمان العراقي..مفسدة للقيم الوطنية والأخلاقية- دراسة استط
...
-
(حسين الحكومة) و..حسين الناس
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|