عباس عباس
الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 10:06
المحور:
الادب والفن
أحبَ كوردي في سن الشيخوخة أن يتذكر حدث هام قام به في حياته فيه شئ من الفخر ليردده أمام أحفاده وحفيداته المجتمعين من حوله وهو على فراش السقم!..
مر بذكريات سنين طفولته وتجول هنا وهناك بين أزقة قريته، فلم يتذكر سوى عادة مسح المنخار المسال خناً بين فينة وأخرى بكم معطفه العتيق، وكانت هي العادة المسببة في إنطوائه على نفسه بين أقرانه، بعد أن أصبح لقبه بينهم بصاحب المنخار الوسخ!…
تجاوز تلك المرحلة من الذكريات وإنتقل لعهد الولدنة، وتذكر ما يدفعه للإبتسامة، إلا ان الذي مر بخاطره وكانت سبباً لإبتسامته، خصوصية ما تذكره والإحراج إن باح به، لذلك إكتفى بتلك الإبتسامة لينتقل إلى عهد الشباب وحيوته!..
وهنا تذكر الكثير الذي يمكنه البوح به بدون إحراج، كمشاكسته لفتاته الأولى، إبنة الجار الجاهل الظالم حسب تعبيره، حين كان يستغل تعلقه بإبنته بأن يسخِّره في كل عملٍ صعب قذر، كتعليفه للماشية وتنظيف الحظيرة من روثها، بل حتى إرساله بمهمات خارج القرية، كل ذلك مقابل أن يكون قريباً من فتاته لعله ينال منها نظرة حانية عابرة!..
ترك العجوز ذكريات مراهقته الأولى ليغوص بين ذكرياتٍ إعتبرها منعطفاً حقيقياً لمسيرة حياته، طالما تيقن من بين وقائعها الكثير من المواقف التي تمكنه بأن يفتخر بها أمام أحفاده، وهي على الأغلب متعلقة بنشاطه السياسي القومي ضمن الحزب الذي أمضى العمر في خدمة أهدافه!..
تذكر أول لقاء مع ناشطٍ من قريته، وتذكر أول إجتماع له مع الأعضاء كنصير، وثان إجتماع كعضو منتمي، وكذلك اليمين المعظم الذي ردده أمام المسؤول الحزبي على أن يبقى المخلص الوفي لحزبه ولزعيمه المؤسس!..
إلا أن الذي منعه من الحديث عن كل ماتذكره كناشط حزبي ضمن هذا الحزب، هو أن الحزب مايزال يراوح مكانه منذ نصف قرن ولم يقدم أو يحقق أدنى هدف من أهدافه بحيث تمكنه من الإفتخار به أمام أحفاده!..
غصت ذكرى إنتمائه للحزب في الحلق لتقطع أنفاسه حين إستنتج المفارقة الغريبة، حيث تأكد أنه لافرق بين زعامة حزبه الذي خدمه بإخلاص وتفاني من أجل تحقيق أهدافه القومية لمدة نصف قرن، وبين والد حبيبته الأولى الجاهل الظالم، طالما أن الطرفان قاما على أستغلال حبه بطريقة بشعة!..
الغصة كانت قوية…قوية لدرجة جعلته يغمض عيناه ..إلى الأبد!..
#عباس_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟