النهضة على طريقة الديكتاتور بن علي في السيطرة على الماكينة
بشير الحامدي
2019 / 1 / 30 - 23:18
النهضة على طريقة الديكتاتور بن علي في السيطرة على الماكينة
ـــــــــــــ
لا يمكن أن "تنجح" النهضة تقريبا في كل شيء وتفشل مع البيروقراطية النقابية .
هذا ما يبدو على الأقل إلى حدّ الآن وما مساندة مجلس الوزراء لوزيرالتربية ضد نضالات أساتذة التعليم الثانوي وتأكيده في بيانه على "ضرورة تطبيق القانون في شأن مختلف الأعمال الغير المنجزة والتجاوزات المسجلة وعلى ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإرجاع الأمور إلى نصابها الطبيعي في أسرع الآجال وإنجاح السنة الدراسية وإجراء الإمتحانات" إلا خطوة متقدمة في هذا الإتجاه.
النهضة ومذ 2014 تخلت نهائيا عن فكرة السيطرة على الاتحاد عبر بعث هيكل نقابي مواز تابع لها أو عبر مهاجمته بشكل مكشوف أوعبرإقصاء البيروقراطية من لعب اي دور سياسي وهي تعمل منذ ذلك الوقت على إختراقه من الداخل بتركيع قيادته لسياساتها وهي في ذلك على نهج بن علي حين فرض على قيادة الاتحاد وقتها تغيير استراتيجياتها من نقابة مطلبية إلى نقابة مساهمة وقد كلف وقتها المسمّى محمد الطرابلسي الوزير الآن في حكومة الشاهد باقناع قيادة الاتحاد بذلك والدفاع عن التوجه الجديد داخل الاتحاد وقد نشر وقتها الطرابلسي سلسلة من المقالات في جريدة الشعب حول أطروحة النقابة المساهمة كما نجح أيضا في دفع قسم التكوين النقابي لتبني هذه الأطروحة وتنظيم برنامج تكويني لهياكل الاتحاد من النقابة الأساسية إلى الجامعات لتوضيح هذا التوجه الجديد والعمل به.
القيادة الحالية الاتحاد لا تبدو بعيدة عن القبول باختراق النهضة غير المعلن وهو نتيجة منطقية لمسار التفريط والتسليم والارتباط الذي خيرته منذ دخولها في حكومة الغنوشي الأولى ومنذ تحولها إلى راعية الحوار بين أطراف الحكم.
قيادة الاتحاد لم تول لإمكانية تغير الأوضاع وموازين القوى بين أطراف الحكم اهتماما لقد تصورت أن دورها الذي أوكل لها ورضيت به سيجعلها شريكا دائما في السياسات وتؤمن لنفسها بذلك موقع الشريك الحكومي الدائم غيرالمباشر ولكن ها أن الأوضاع تتغير لتجد نفسها في وضعية الظهر إلى الحائط بين قاعدة ساءت أوضاعها ولم يعد لها قدرة على مزيد تحمل أوضاع البؤس والتفقير وحكومة رافضة لأي تنازل أو منح ما كانت مستعدة دائما لمنحه.
في العموم لا أعتقد أن البيروقراطية النقابية يمكن أن تتنصل من ارتباطاتها ومن بحثها الدائم عن موقع الشريك وتتجه يسارا (يعني تقلب لطاولة على الجميع وتعلن بالفصيح أنها تدعم حركة التعليم الثانوي وتباشر في الحين تعبئة كل القطاعات لخوض إضراب عام وتعلن دعمها اللامشروط لكل نضالات الحركة الجماهيرية) بل ستركن ككل مرّة إلى نهج الحوارات والوساطات والتنازلات والوفاقات لتنتهي أخيرا للرضوخ لسياسات الحكومة أي لسياسات حزب النهضة. ولكن برغم كل ذلك فالأوضاع بصفة عامة سواء في المجتمع ككل أو داحل الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة اهتزاز ثقة قطاع واسع من قاعدة هذه المنظمة في قيادتها ستمثل أرضية مهمة لم نشهدها منذ 2011 لتجذير الفعل النقابي والنضالات الجماهيرية عموما لكن ذلك سيبقى مرهونا بقدرة طيف من النقابيين داحل الاتحاد على طرح مسألة السيادة على القرار القطاعي وتغيير استراتيجيات الفعل النقابي والحسم في السياسة البروقراطية للقيادة وبقدرة الحركة الجماهيرية وتحديدا في المحليات والجهات على طرح مسألة السيادة على القرار والسيادة على الثروات ووسائل الإنتاج والتخطيط ووو والتحرك على قاعدتهما.
لا أعتقد أن هناك أفقا آخر اليوم لمواجهة استراتيجيات اللإنتقال الديمقراطي في هذا الطورالذي تخطط فيه قواه للعبور للعام 2019 بإبقاء الأوضاع على ماهي عليه ولتجاوز حالة العجز التي عليها الحركة الجماهيرية وللانخراط في النضال من أجل إسقاط هذه السياسات ولفيف العصابة التي فرضتها(نهضة نداء تونس وظلالهما) غير هذا الأفق
ـــــــــــــ
بشير الحامدي
30 جانفي 2019