|
السياسة العامة للأمن الوطني العراقي بعد عام 2005
كوثر الياسري
باحثة سياسية
(Kawthar Hassan Al_yasiri)
الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 15:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المحور الأول الإطار المفاهيمي للسياسة العامة والامن الوطني أولا: السياسة العامة تعد السياسية العامة واحدة من الحقول التي أظهرت تطبيقات علمية واسعة في حقل العلوم السياسية، وهي تقع في أطار تخصصات علم السياسية، وتمتد منها لتغطي تخصصات مختلفة، فهي يمكن ان تتداخل مع علم الاجتماع السياسي، ويمكن ان تدخل مع حقل الامن الوطني، وكذلك الاقتصاد. المهم ان كل مهام الحكومة تتطلب سياسات عامة، حتى تكون قادرة على أداء عملها. ان صنع السياسة العامة في المرحلة المحورية في العملية السياسية التي تتخذها الحكومة بقصد الوصول الى اتفاق على تعريف المشكلة والتعرف على بدائل حلها، واسس المفاضلة بينهما، تمهيدا لاختيار البديل الذي يقترح اقراره في شكل سياسة عامة ملزمة تنطوي على حل مقبول للمشكلة. وهي بكل الأحوال تشكل عملية معقدة تتسم بتنوع مكوناتها التي يكون لكل منها اسهامها المختلف، وهي تركز على الفعل الرئيس الموضوع بالبرنامج الحكومي، بمعنى الربط بين السياسات العامة والبرنامج الحكومي هو ربط وعلاقة لا يمكن فصلها . ومن خلال ما تقدم يمكن تعريف السياسة العامة على انها الأنشطة التي تقوم بها الحكومة بأسلوب مخطط، بقصد تحقيق غايات البرنامج الحكومي. ثانيا: الامن الوطني لقد أصاب الامن الوطني تغيرات جمة في عالم السياسة والامن والعسكرية، بحكم ما طرأ من ظروف سياسية وتطورات تكنولوجية، ومن وعي انساني. ومنذ انتهاء الحرب الباردة تحديدا انفتح العالم امام معنى واسع للأمن الوطني، حتى صرنا في مواجهة او التعامل مع تيارين، وهما: التيار الأول: الذي يتضمن توسيعا لمعنى الامن الوطني باتجاهات افقية ليتضمن المفهوم أفكارا عن التهديدات القائمة والكامنة، سواء كان متضمنا لقضايا سياسية ام اقتصادية، ام اجتماعية، ام بيئية، فضلا عن القضايا العسكرية. التيار الثاني: أشار هذا الاتجاه الى التعمق بمعنى الامن الوطني باتجاه راسي او عمودي، ليتضمن توسيعا لكل مصادر التهديد التي يتعرض لها الافراد والمجتمع والمؤسسات والدولة. لذا يعرف الامن الوطني على انه توفير الحماية للمواطنين، والأفراد المتواجدين على أراضي الدولة، ويعرف أيضاً، بأنه استخدام الوسائل الأمنية للمحافظة على سير الحياة اليومية بشكل صحيح، وبعيداً عن وقوع أية أزمات تؤدي إلى التسبب بضرر، لمكونات المجتمع البشرية والمادية. والجدير بالذكر ان للأمن الوطني مجموعة من الأساسيات التي يقوم عليها وهي: 1. الاستعداد الدائم للتهديدات التي قد تواجه الدولة، سواءً من مصادر داخلية، أو خارجية. 2. الحرص على تطبيق كافة الاستراتيجيات الأمنية. 3. توفير كافة الوسائل التي تساهم في مواجهة الاعتداءات العسكرية على أراضي الدولة. 4. المحافظة على بناء الجيش، والقوة العسكرية، والأمنية حتى تكون قادرة على توفير الحماية اللازمة للأفراد، والمؤسسات.
المحور الثاني واقع الامن الوطني العراقي بعد عام 2003 قبل عام 2003 لم تكن لدى العراق مشكلة امنية تتعلق بوجود الجماعات الإرهابية، اذ كان النظام السابق يمتلك منظومة امنية ومعلوماتية قوية جدا، لها القدرة على استشعار الذبذبات غير المتوافقة مع نهجه في الحكم واجهاضها في الحال وبشتى الوسائل، التي يأتي العنف في مقدمتها. ولكن، كانت لدى العراقيين مشكلة سياسية تتمثل في وجود نظام سياسي متسلط، تسبب بكثير من المعاناة للبلاد وللمجتمع، واستطاع خلال مدة وجوده ان يبني منظومة متكاملة للسيطرة عل مقدرات البلاد، والتصرف عبر تلك المنظومة بطريقة شمولية. لذا فأن الامن الوطني كان متحققا فقط من الناحية المادية والعسكرية. اما بعد عام 2003 فقد اختلف الامر جذريا، اذ حلت المؤسسات السياسية والأمنية بالكامل بأمر من الإدارة الامريكية، وشكلت على أثرها مؤسسات امنية وسياسية واجتماعية واقتصادية جديدة، وهو الامر الذي ولد واقع جديدا. ان الامن الوطني العراقي بعد عام 2003، يتميز بالنقاط الاتية: 1. من الناحية الأمنية، أي الاستقرار الأمني او حالة اللاعنف، يعد الامن الوطني من هذه الناحية مفقودا بمعلات مرتفعة. ان مما يلاحظ على الامن في العراق انه يسير بدالة تكاد تكون سلبية منذ عام 2003 ولغاية اليوم، وهو مما يظهر بالمؤشرات الاتية: أ. حجم الأموال والموارد والقدرات البشرية التي خصصت للمحافظة على الامن في العراق، فيلاحظ مثلا ان ما انفق على الامن والدفاع في العراق في الموازنة العامة بلغ نحو 21% عام 2005 من ميزانية بلغت نحو 26 مليار دولا، ثم ارتفع ليصل الى نحو 31% عام 2015 من اصل ميزانية بلغت نحو 105 مليار دولار، وهو انفاق مرتفع جدا قياسا الى المتوسط العالمي الذي لا يتجاوز ال 6% للدفاع ونحو 4% للداخلية من الانفاق في الموازنة العامة، اما بالنسبة للقدرات البشرية التي تعمل بشكل رسمي في الأجهزة والتشكيلات الأمنية والدفاع فأنها ارتفعت الى 300الف انسان عان 2005 لتصل الى مستوى 1.4 مليون عام 2015 أي انها ارتفعت بمعدل 75% خلال عشرة أعوام فقط. ب. حجم اعمال العنف وحجم الاختراق الذي أصاب الدولة والمجتمع، هو حجم مرتفع جدا فأعمال العنف بدلالة اعمال القتل واعمال التفجير يلاحظ انها ترتفع ففي عام 2005 كان معدل القتل الشهري نحو 700 شخص كمتوسط في كل شهر وارتفع نهاية عام 2015 ليصل نحو 1100 شخص كمتوسط. ت. ارتفع حجم ونوع الإرهاب في العراق خلال المدة بين 2005 و2015 وخرجت في عام 2014 مساحات واسعة من ارض العراق من سيطرة الحكومة الاتحادية، وهذا الامر انتهى الى اظهار مسألة في غاية الأهمية وهي ان الحلول ليست في توسيع حجم وتمويل الأجهزة الأمنية انما الحلول هي سياسية في الغالب ثم حلول امنية. ث. احتكار الدولة للأمن، اذ اشرت الاحداث في العراق ان الأجهزة الأمنية والدفاعية كانت ضعيفة رغم ما أنفق عليها، وماجهزت به. ج. تقييم المؤسسات الدولية لتحقيق الامن في العراق، ووضع العراق الأمني جعل أكثر من مؤسسة دولية تنتهي الى تصنيف العراق في مراتب متأخرة في مدى تحقق الاستقرار السياسي والحكومي والأمني. 2. ومن الناحية السياسية، يعد الامن الوطني غير مستقر بسبب المحاصصة والتوافقية التي تمثل العلامة الفارقة في العمل السياسي، إضافة الى معدلات الفساد الذي تغلغل الى أجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية. كما ان الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 كانت تتميز بالفساد وغياب القانون وعدم المساواة في المواطنة وكذلك غياب اصلاح وتقوية الأجهزة الأمنية، وكذلك عدم إمكانية اضعاف الكيانات غير الرسمية القائمة على العنف. 3. اما من الناحية الاجتماعية، يعاني الامن الوطني من مشكلات خطرة، اذ ان العراق وكما هو معروف يضم بداخله تعددية اثنية وثقافية متعايشة منذ الاف السنين، الا انه بدا بعد عام 2003 وكأنه يحتوي على شعوب مختلفة وضعت في بلد واحد، اذ دبت الخلافات والفتن وانتشر الكره والحقد بين أبناء الشعب الواحد واصبح العراق منقسمين على انفسهم الى قوميات واديان ومذاهب لا يتمنى الكثير منها للأخر الخير والاستقرار، ومن اشكال الاختلافات التي دبت المجتمع العراقي بعد عام 2003 ، هي الاختلافات المذهبية والاختلافات القومية والاختلافات المناطقية. 4. اما من الناحية الثقافية، فأن الأعوام التي تلت عام 2003 شهدت تغيرات في ثقافة الفرد العراقي والمجتمع على العموم، وظهرت سمات جديدة تشكل خطرا على مستقبل العراق كشعب واحد، ومن تلك السمات، ثقافة الاختلاف اذ أصبح الحديث عن الأمور الطائفية والقومية امرا معتادا في كل مكان تقريبا من العراق، في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، في البيت والمدرسة والشارع. إضافة الى ثقافة اللامبالاة والاغتراب أي ان أملاك الدولة وبناها التحتية وممتلكاتها الأخرى، أشياء غير مهمة ولا تعني للمواطن ، وهي حالة خطرة كونها ستجعل الدولة لوحدها امام التحديات والاعتداءات الخارجية من غير ان تجد من يساندها من المواطنين. 5. ومن الناحية الاقتصادية، فأن الامن الوطني لم يجد اقتصادا قويا يدعمه عبر تهيئة بيئة اقتصادية تستوعب التوتر الاجتماعي، او تساعد على بناء قدرات عسكرية، بمعنى ان هناك خللا في الامن الوطني بجانبه الاقتصادي بعد عام 2003، وكان قد اتسم ببعض السمات منها: الاقتصاد الريعي، اذ استمر العراق يعتمد اعتمادا شبه كلي على تصدير النفط كونه يمثل نحو 95% من تجارة العراق وإيراداته السنوية، ونحو 70% من الدخل القومي، دون ان ينجح في خلق مصدر ثاني. ومن السمات الأخرى، تفشي البطالة وان اول مخرجات البطالة هي الفقر، والسمة الاخرى الضغط النفسي الذي يتعرض له العاطل عن العمل والذي يدفعه الى القيام بردود أفعال ليست متفقة مع تطلعات النظام السياسي في حفظ الامن والاستقرار. إضافة لذلك كان اقتصاد العراق بعد عام 2003 يتسم بأهمال الزراعة والصناعة وضعف الاستثمار، كل ذلك حرم الاقتصاد العراقي من مصادر مهمة للدخل ومن فرص احتواء معدلات البطالة كان من الممكن ان تسهم في حل الكثير من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها.
المحور الثالث معوقات الامن الوطني في العراق ان هناك معوقات متعددة تقف بوجه إرساء الامن الوطني العراقي بعد عام 2003، وهذه المعوقات يمكن توضيحها بالشكل الاتي: أولا: البيئة الداخلية والامن القومي الوطني في العراق عانى العراق ولا زال يعاني منذ عام 2003 من مشكلات كثيرة: 1. سياسية تتمثل ظاهرة عدم الاستقرار السياسي، وبناء النظام على قاعدة المحاصصة والتوافقية الامر الذي إثر في أدائه السياسي بشكل سلبي، وقلل من ثقة المواطن العراقي به، وقلل من ثقة النظام بنفسه، والامر بات يشكل خطرا على الامن الوطني العراقي، نظرا لما لذلك من ابعاد على مجمل الأوضاع في العراق. 2. امنية لا يمكن للدولة ان تقوم بأي نشاط ما لم يكن هناك هامش من الامن وحالة من اللاعنف تسود البلاد، وعندما ينتفي هذا الامر فأن البلاد تصاب بالشلل تقريبا، لان اعمال العنف تهدد حياة المواطنين بصورة مباشرة، وفي هذه الحالة لا يمكن الحديث عن وجود امن وطني. 3. اجتماعية الدولة والمجتمع والمؤسسات، او النظام هما العناصر الثلاثة المهمة التي يكمل بعضها البعض، ويجب ان يكون هناك تنسيق وسلاسة في العمل والغاية الأساسية هي التقدم والازدهار، ولكن عندما تصاب الدولة والمؤسسات بالخلل، فأن المجتمع قد يوقف دعمه لها ويبحث عن جهات أخرى يلتف حولها، وقد تكون هذه الجهات هي فرعيات مقابل الدولة، وعليه ستصاب علاقة المجتمع بالدولة بالتشويش الامر الذي يربك مسيرتها نحو التقدم، لان المواطن بات غير منسجم معها، وهذا الذي تعاني منه الدولة العراقية بعد عام 2003 على الصعيد الاجتماعي. 4_ الاقتصادية عجزت الدولة عن استثمار العائدات النفطية بشكل سليم وترك ثروات العراق عرضة للسرقة والفساد والعبث بصرفها ولم يلتمس المواطن أي جهد تنموي من إنفاق ال 1000 مليا دولار من إيرادات العراق للمدة 2003_2017 وهذه الحالة أدت الى تنامي الفقر والبطالة والحقد على النخبة الحاكمة التي هي في نظر أكثر المواطنين نخبة مفسدة ماديا او هي فشلت في مكافحة الفساد المالي والإداري، ما أدى الى سخط المواطنين وترجمت بمظاهر تنادي بالإصلاح ومحاسبة المفسدين.
ثانيا: البيئة الإقليمية والامن الوطني العراق لم تكن جميع دول الجوار راضية عن التغيير الذي حدث في العراق عام 2003، وهي في الوقت نفسه غير راضية عن التطورات الديمقراطية التي تنتظرها، فهذا النظام الذي أسس في العراق هو نظام يقوم على خلق نظام عنصري تحت مظلة المحاصصة والفئوية، وسيطرة هوية من الهويات العراقية على زمام الأمور بما معناه بانه قد يتقاطع مع النظام السياسي الذي يوجد في احدى الدول الإقليمية وتختلف مع النظام مذهبيا، ويميل الى غيرها. ومن جهة أخرى فأن نجاح الديمقراطية في هذا البلد سيجعل من احتمالية انتقالها الى الدول المجاورة امرا واردا، ولهذا فهي لم تقف ولن تقف مكتوفة الايدي بل فعلت كل ما من شأنه ان يوقف العجلة الديمقراطية في العراق وبشتى الوسائل ولعل تشجيع ظاهرة العنف هي من أبرز تلك الوسائل.
ثالثا: البيئة الدولية والامن الوطني العراقي تفتقر الولايات المتحدة الى التجربة الكافية للتعامل مع الملف العراقي، فهي غير واضحة الأهداف، ومر مشروعها الديمقراطي هذا البلد بهفوات كبيرة كان من بينها هو سوء ادارتها للأوضاع الداخلية في العراق عبر تشكيل نظام سياسي هش، واخطاء على الصعيد الإقليمي المحيط به، خاصة فيما يتعلق باستعداء دول الجوار ضد العراق بسبب إعلانها عن النية بتكرار تجربة الاحتلال واسقاط الأنظمة في جميع دول المنطقة، وعلى الصعيد الدولي فشلت الولايات المتحدة الامريكية أيضا في ان تخلق مجتمعا دوليا داعما للمشروع الديمقراطي في العراق، وجعلت سياستها القائمة على تهميش الدول المنافسة لها، ان تقوم تلك الدول بالوقوف ضد المشروع الديمقراطي في العراق.
المحور الرابع آليات تعزيز الامن الوطني العراقي تتبع الدول في سبيل تعزيز امنها الوطني اليات واستراتيجيات متعددة، تختلف من دولة الى أخرى، تبعا لحجم مشاريعها السياسية داخليا ودوليا، وتبعا لحجم مواردها، وللعوامل والكوابح التي تقف بوجهها. والعراق بعد عام 2003 هو الاخر مطالب باتخاذ جملة من الاليات من اجل تعزيز امنه الوطني، وهذه الاليات من الأفضل ان تكون شاملة ومتعددة لكي تكون متوائمة وحجم التنوع في العراق اجتماعيا وسياسيا، وحجم تاريخ العراق، وحجم موارده، وحجم العوامل التي تقف بوجهه، وعلى العموم تتوزع هذه الاليات الى :السياسية والقانونية، والثقافية والاجتماعية، وكذلك الأمنية والاقتصادية، ويمكننا تناول هذه الأوليات عبر التقسيمات الاتية: أولا: الاليات الدستورية والسياسية والأمنية. ثانيا: الاليات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. أولا: الاليات الدستورية والسياسية والأمنية يمكننا ان نتناول الاليات الدستورية والسياسية والأمنية التي من الممكن ان تتبع في سبيل تعزيز الامن الوطني في العراق:
1. الاليات الدستورية من الضروري ان تتم عملية مراجعة النظام الدستوري في العراق والعمل على إصلاحه عبر جملة من الخطوات التي ستصيب في النهاية في صالح تعزيز الامن الوطني العراقي، وجعل القوى السياسية امام خيارين، فهي اما ان تطبق الدستور بحذافيره ومنها الفيدرالية ومجلس الاتحاد، والذي سيسهم في تحسين أداء السلطة التشريعية عبر مجلس الاتحاد وسيزيد من ثقة المواطن بها ويذهب للانتخاب، وسيستطيع كل إقليم ان يدبر امره عبر الفيدرالية. اذ ان الفيدرالية تعد من الحلول الناجحة لبعض المشكلات التي تعاني منها دول العالم وخاصة تلك التي تخرج من حروب وفتن طائفية ومذهبية كونها تقلل من الأعباء الملقاة على كاهل الدولة التي هي بالأساس دولة تعاني من الظروف المحيطة بها، وهي غير قادرة على بسط نفوذها على كل إقليمها، كما انها تسمح لسكان كل منطقة بأن يدبروا أمور مناطقهم وفق احتياجاتهم التي هم اعرف بها، وترك هوية الدولة وسيادتها لسلطة اتحادية متفق عليها. اما مجلس الاتحاد فأن علاقة المجلس بالأمن الوطني هو ان هذا المجلس سوف يزيد من قوة الأداء السياسي لأعضاء البرلمان وسوف يكون بمثابة المراقب لهم، كونه يتألف من أعضاء كبار في السن لهم تجربة طويلة في العمل، وهم في الغالب لا يحتاجون الى المحاصصة او الاتفاقات السياسية وذلك لكبر سنهم ولكونهم يمثلون اقاليمهم، وليس مذاهبهم او قومياتهم كما ان هدف المجلس سيكون بقاء العراق موحدا، أي انه سيكون صمام امان لوضع سياسات عامة شاملة، ليس فيها قدرا من العنصرية، واذا ما امتلك وسيلة التحقيق والرقابة على الأداء الحكومي فأنه سيضمن استقرارا سياسيا كبيرا جدا في العراق. 2. الاليات السياسية أسهمت المؤسسة السياسية في زرع افة عدم الاستقرار بكل أنواعه في العراق: السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، هذه الظواهر السلبية قد اثرت على مجمل الأوضاع في العراق ومنها الامن الوطني. ومن اجل تقليل الانعكاسات السلبية للظاهرة السياسية على الامن الوطني، فلا بد من اتباع جملة من الاليات ومنها الاتي: أ- الغاء المحاصصة: يتفق اغلب الساسة في العراق حتى أولئك المستفيدين من ظاهرة المحاصصة وامتيازاتها على انها هي الأساس في الكثير من المشكلات التي تعاني منها البلاد وتؤثر سلبا في الامن الوطني، وعليه، فمن الضروري ان يتم التراجع عن هذه القاعدة لصالح الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على أساس من يحصل على نسبة معينة من أصوات الناخبين يحق له ان يمثلهم ويقودهم لفترة معينة من الزمن. اما الكيفية التي ستعكس عبرها عملية التخلي عن المحاصصة إيجابيا على الامن الوطني العراقي، وذلك من خلال التقليل من حجم تأثير القوى السياسية على الرأي العام العراقي، والتقليل من تأثير البيئة الخارجية المتمثلة بالبيئة الإقليمية والدولية على الامن الوطني العراقي، حيث انه إذا ما تم الغاء المحاصصة فأن الدول المجاورة والدول الأخرى للعراق سوف لن تجد لها حجة التدخل في الشؤون العراقية الداخلية وسوف تحرم القوى السياسية التي كانت تستدخل الخارج من اجل البقاء في السلطة مما يفسح المجال لصعود قوى وطنية جديدة. ب- اضعاف العنصرية او الفئوية وتعزيز البرامج السياسية لدى القوى السياسية: ان ظهور قوى سياسية جديدة تعتمد على البرامج السياسية يعد حالة ضرورية تصب في صالح الامن الوطني العراقي، لأنه يعني طرح برامج سياسية جديدة ليس لها علاقة بالمذاهب او القومية من جانب، ويعني ترسيخ قواعد الديمقراطية الحقيقة التي تستند الى نتائج الانتخابات بدلا من الركون الى الديمقراطية التوافقية او الاتفاقات الجانبية بين المكون السياسي وذاك من جانب اخر. ت- تعزيز التداول السلمي للسلطة: اذ ان المحافظة على الانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وعدم التمسك بها سيساعد في تعزيز الامن الوطني العراقي. ث- التنشئة الاجتماعية السياسية: تعد التنشئة الاجتماعية احدى الوسائل والاليات التي تتبعها الكثير من دول العالم في سبيل تعزيز امنها الوطني، فأن العراق بعد عام 2003، بات بأمس الحاجة الى رسم سياسة عامة تكون بعيدة المدى من اجل تنشئة الأجيال القادمة على الوطنية والمواطنة الصالحة والحرص على العراق ومستقبلة. 3. الاليات الأمنية ومن السياسات التي يجب ان تتبع في المجال الأمني من اجل ان ترسي الامن في البلاد، هو توفير البيئة الملائمة لتعزيز الامن الوطني العراقي وتهيئة مستلزمات حفظ الامن الوطني، وهذا لا يتم الا عبر الاتي: 1. العودة الى حكم القانون والدستور، وتطبيقه على الجميع، بشكل عادل، والاهم تصحيح مسار القضاء ليكون أكثر مهنية وابعاده عن السياسة. 2. بناء جهاز أمنى مهني، وابعاده عن التحزبات، ورفع معدل التنوع الحقيقي في التشكيلات الأمنية. 3. وضع الأسس والسياسات والتسلح المناسب للجهاز الأمني، والمؤسسة العسكرية، تتناسب واحتياجات العراق كدولة، وليس مع احتياجات الحكومة لاستمرارها او توسيع مدى سيطرتها على العراقيين. 4. انهاء المظاهر المسلحة، مهما كانت عناوينها، ولأي سبب كان، وحصر القوة والسلاح واعمال العنف المشروع بيد الدولة فقط. 5. الاتجاه نحو تحقيق الامن بمفهومة الاجتماعي، أي ان يكون طلب الامن وتحقيقه بيد المجتمع. وهذا الامر لا يتاح مالم يشعر المواطن مهما كان انتماؤه، ان الدولة هي التي تقف بوجه الاخرين الذين يعتدون على حقوقه او وجوده. فيتجه الى دعم المؤسسات العسكرية والأمنية بوجه اخلال يصيب الامن الوطني. 6. الاتجاه الى بناء دولة مدنية. فضلا عما تقدم من الممكن اللجوء الى اليات دولية وإقليمية أيضا تتعلق بالجانب الأمني وتصب في صالح تعزيز الامن الوطني العراقي، كما يأتي: • اليات على الصعيد الإقليمي لابد لصانع السياسة العامة، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني، من ان يدرك ان العراق لا يمكنه ان يحل مشكلاته الأمنية بعيدا عن البيئة الإقليمية المحيطة به، ان اشتراك الدول الإقليمية في حل المشكلات الأمنية التي يعاني منها العراق، لن يتم بدون مقابل، وعلى هذا الأساس لا بد وان يفهم الساسة العراقيون ماذا تريد الدول الإقليمية المحيطة بهم من العراق، وإذا فهموا ماذا تريد تلك الدول فسيتمكنون من الوصول الى اتفاقات امنية وعسكرية، تكون بداية لتعاون حقيقي وفعال بين هذه الدول والعراق. ومن الأمور المهمة التي من الممكن ان تقدمها الدول الإقليمية لمساعدة العراق على حل مشكلاته الأمنية، الاتي: 1. غلق الحدود، بحيث تمنع عبور الجماعات الإرهابية الى العراق. 2. تجفيف منابع التمويل التي تغذي عبرها العمليات الإرهابية. 3. التعاون المعلوماتي والاستخباري الخاص بالكشف عن الجماعات الإرهابية. 4. منع الأشخاص المحرضين على الفتن في العراق من الدخول الى أراضيها. 5. منع وسائل الاعلام المعادية للعراق من ان تبث من أراضيها المجاورة للعراق. 6. التوقف عن انشاء أي جماعة مسلحة للعمل في العراق. • اليات على الصعيد الدولي تقع على صانع السياسية العامة في العراق مسؤولية فهم فلسفة السياسة الامريكية، والجلوس طويلا مع الساسة الأمريكيين والتعرف على وجهة نظرهم حول ما يجري من احداث امنية في العراق، والاستناد الى الفهم الحقيقي للسياسة الامريكية تجاه الإرهاب في رسم الخطط والسياسات، خاصة وان للعراق اتفاقية تعهدت من خلالها الولايات المتحدة الامريكية بأن تساعد العراق في حل مشكلاته الأمنية. وحتى الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب ينبغي ان يعمل صانع السياسية الخارجية العراقية على تفعيلها، وجعل الملف الأمني في العراق ملفا دوليا، ويحصل العراق عبر ذلك التفعيل على خبرات دولية في مجال اخماد الملف ورسم السياسات العامة التي تحول دون تطوره او حتى تقلل من مخاطرة. ثانيا: الاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العراق بعد عام 2003 قد دخل في الكثير من المشكلات والأزمات التي ليس لها حدود واضحة، بل ان ابعادها تصل الى كل نواحي الحياة وتفرعاتها المختلفة، ولا يمكن ان تحل تلك المشكلات الا عبر رسم وتنفيذ سياسات عامة وشاملة تقف على كل تفصيلات الحياة ودقائق الأمور. ومن اجل تعزيز الدولة امنها الوطني فمن الممكن ان تتخذ جملة من السياسات الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، التي يمكن ان نتناولها عبر الاتي: 1. الاليات الاقتصادية لابد للدولة ان تتخذ سلسلة من الإجراءات لمعالجة الازمات الاقتصادية العراقية ومن تلك الإجراءات الاتي: أ- القضاء على البطالة: اذ تؤدي مسالة القضاء على البطالة دورا مهما في حل الكثير من المشكلات في البلاد وتعزيز الامن الوطني العراقي، حيث ان الشخص المحتاج الى الأموال لا يمكن ان يفكر بدعم الدولة ولا بإسنادها إذا ما قلنا بانه سيصبح فريسة سهلة للجماعات الإرهابية. وتؤدي معالجة البطالة دورا مهما في حفظ الامن الوطني وذلك من خلال سحب البساط من تحت اقدام الجماعات الإرهابية وتحرمهم من فرصة تجنيد الشباب والمحتاجين في صفوفها وضرب الدولة ومؤسساتها الحيوية. ب- وضع خطط التنمية الشاملة: كيف يمكن للمواطن ان يحرص على الامن الوطني لبلاده إذا لم تقدم له تلك الحماية مردودات إيجابية؟ لذلك يجب ان تهتم الدولة بالأعمار والبناء، أي التنمية العامة الشاملة بحيث يشعر المواطن من ان جهوده واسناده للدولة لم يذهب هدرا. وفي هذا الحالة سيعرف المواطن من ان مشاركته قد جلبت له وللبلاد منفعة كبيرة وان عليه ان يستمر بالعمل بالوتيرة نفسها. اذن، فالاقتصاد والأموال التي تتدفق منه من الممكن ان توظف لدعم مختلف نشاطات الحياة في العراق الامر الذي سيصيب حتما لصالح الامن الوطني، عبر جملة من الوسائل من أهمها القضاء على البطالة، فضلا لما للاقتصاد من أهمية في توفير الأموال لكل الاليات الأخرى التي سبق وان ذكرناها. 2. الاليات الاجتماعية من اجل تعزيز الامن الوطني العراقي من الممكن ان نتبع جملة من السياسات في هذه المجال ومنها الاتي: أ- المصالحة الوطنية: ان الشي المهم في المصالحة الوطنية هو المصارحة، بمعنى ان يجلس جميع ممثلي المجتمع العراقي من رجال دين ومن شيوخ عشائر ورجال فكر وثقافة، وان يصرح كل طرف بما يريد من الاخر وان يحددوا سلبيات كل طرف. بعدها يتم التوصل الى نقاط معينة يلتزم بها الجميع، وان تكون هناك مباركة وحضور لهذه المصارحة من قبل مؤسسات الدولة كافة، ووضع ميثاق شرف وطني يجرم العنصرية. المسألة المهمة أيضا في مجال الاليات المجتمعية هو مسألة المساواة بين المواطنين، حيث تكون الدولة مثل الاب والام المسؤولة عن أبنائها وان لا تنحاز لأحدهم على حساب الاخر. اذ ان الالتزام بالمساواة بين المواطنين في كل شيء في الامن والخدمات والمعاملة سيسهم في خلق مجتمع عراقي متماسك من الممكن ان يرد للدولة الواجبات التي تؤديها عبر المشاركة في مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما سيعكس إيجابيا على الامن الوطني العراقي. ب_ التركيز على المشاهد الوطنية والتسويق لها أي توظيفها من قبل الدولة سياسيا، مثل مشهد انقاذ عثمان الاعظمية لزوار الكاظمية، وكذلك قتال أبناء الحشد الشعبي لتحرير ارض العراق ضمن عمل وطني وليس كانتماء مذهبي. ج_ تبرئة المجتمع العراقي من بعض المظاهر السلبية التي التصقت به، وان النخبة الحاكمة هي من تتحمل العبء الأكبر من تلك المظاهر السلبية. 3. الاليات الثقافية ان تشجيع المواطنين العاديين والنخبة السياسية أيضا على الإخلاص للوطن بحاجة الى الالية الثقافية، وهذه الالية تتمثل عبر نشر الثقافة السياسية والوطنية وحتى الدينية، والأخلاقية، اذ تكون هناك حملة واسعة تقودها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، من سلطات سياسية وقانونية، وكذلك منظمات المجتمع المدني في العراق، ان الوطن يهم الجميع وان امنه هو امن كل العراقيين وهذه العملية من الممكن ان تكون مشتركة بين الدولة وبين المجتمع المدني، ومن الممكن ان تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني فقط، لأنها في هذه الحالة ستكون عامل ضغط على المؤسسات الحكومية تدفعها الى اتخاذ اللازم. ويجب ان يتم تثقيف المواطن ان المحافظة على الامن الوطني هو واجب على المواطن اتجاه المجتمع استنادا الى جمة من النقاط، ومن أهمها: أ- الحفاظ على النظام الديمقراطي. ب- المحافظة على الامن الوطني واجب اتجاه المجتمع.
الخاتمة ان الامن الوطني العراقي هو تحصيل حاصل او حاصل جمع: الامن من العنف، والامن من السياسي، والامن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، سواء في الوقت الحاضر ام في المستقبل. وبمجرد المرور على هذه الابعاد يمكننا ان نتعرف على حجم الخطر الذي يهدد الامن الوطني للبلاد بعد عام 2003، فالعراق يعاني من مشكلات امنية وسياسية، واقتصادية واجتماعية، بمعنى ان الامن العراقي ليس بحالة جيدة وهو ينذر بالخطر. وهذه الصورة لم تأتي من فراغ، بل ان هناك جملة من المعوقات الداخلية تضافرت مع عوامل أخرى قادمة من وراء الحدود: إقليمية ودولية، أدت الى نتيجة مضرة بالعراق: الشعب والدولة والمستقبل. ان استقرار الامن الوطني العراقي وتعزيزه او على الأقل المحافظة على حدود امن محدودة يتطلب من الدولة ان تتخذ جملة من الاليات تتلاءم مع حجم المعوقات سواء على الصعيد الداخلي ام الخارجي. وإذا لم تفعل ذلك فأن مستقبل العراق كدولة موحدة سوف لن يكون مضمونا.
المصدر __________ 1) ملخص لأبرز ماجاء في كتاب: فراس عبد الكريم البياتي، السياسة العامة للأمن الوطني العراقي بعد عام 2005، مطبعة السيماء_بغداد، ط1، 2017.
#كوثر_الياسري (هاشتاغ)
Kawthar_Hassan_Al_yasiri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة بين البيروقراطية والديمقراطية
-
طروحة الاقتران بين الاستراتيجية والامن والمعرفة
-
طروحة الاقتران بين الدين والدولة والنظام السياسي
-
لماذا يكذب القادة
-
في مفهوم الفساد : أنواعه وأسبابه العامة
-
منظمات المجتمع المدني:المفهوم والمميزات
-
الفواعل من غير الدول في العلاقات الدولية
-
مفهوم العولمة : انواعها - اهدافها
-
البعد الديني في الحرب الأمريكية على العراق عام 2003
-
الولايات المتحدة الأمريكية و العراق : رؤية في أسباب و مسوغات
...
المزيد.....
-
بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني
...
-
سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
-
هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال
...
-
المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ
...
-
اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن
...
-
أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة
...
-
بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة
...
-
-القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية
...
-
للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|