أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد الكحل - كماشة التطرف تطبق على المجتمع المغربي.














المزيد.....

كماشة التطرف تطبق على المجتمع المغربي.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 23:53
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


نشر عدد من أصحاب المخابز على واجهة محلاتهم إعلانات يخبرون فيها المواطنين بقرار امتناعهم عن توفير الحلوى للاحتفال برأس السنة الميلادية . وهذا الموقف له أبعاد خطيرة على الدولة والمجتمع والمواطنين . فهو لا يدخل في حرية التعبير أو حرية المبادرة حتى يمكن التساهل معه أو التغاضي عنه ، بل هو تحريض خطير على الكراهية .ويمكن التنبيه إلى الأبعاد الخطيرة التالية على سبيل التذكير:
1ــ البعد الأول يعكس مدى تغلغل عقائد التحريم والتكفير واختراقها لبنيات المجتمع الدينية والثقافية وذهنيات المواطنين . وهذا نتيجة مباشرة لإستراتيجية أسلمة المجتمع التي تعتمدها التنظيمات الإسلامية منذ نشأتها . نعلم جميعا أن هذه التنظيمات على اختلاف أطيافها ، تعتبر المجتمع "جاهليا" منحرفا عن الدين وخارجا عن تعاليمه وتشريعاته . من هنا ركزت وتركز على تغيير أفكار المواطنين وتصوراتهم ومفهومهم للدين وللآخر وللدولة وللاحتفال بالمناسبات ، خاصة العالمية .ومن مظاهر هذا الاختراق تحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية . لكن أن ينتقل التحريم إلى الامتناع عن صناعة حلوى رأس السنة وتقديمها للمواطنين ، فهذا تطور خطير على مستوى السلوك وخرق القوانين . إذ لم يعد التحريم قناعة شخصية تلزم صاحبها ، بل صار اعتداء على القانون وعلى حقوق وحريات الآخرين وحرمانهم من الخدمات التي تسمح لهم بالحصول على عناصر الاحتفال وشروطه .
أكيد أن التنظيمات الإسلامية تتغلغل وسط الحرفيين والتجار أساسا لما توفره هذه الفئات من عناصر تكوين قوة سياسية ضاربة (خزان انتخابي مهم ، جيش احتياطي تستعرض به قوتها في المظاهرات والمسيرات ..) ومصدر مالي مهم ( التجار يوفرون موارد مالية قارة لدعم وتمويل التنظيمات الإسلامية ) ؛ وقد يتحول التجار ، في مرحلة ما إلى أداة اقتصادية لابتزاز الدولة سياسيا عبر شن سلسلة من الإضرابات خدمة لأجندات سياسية محدد .
2 ــ البعد الثاني يمس خطره هيبة الدولة وسلطة القانون . ذلك أن الامتناع عن تقديم الحلوى للمواطنين بدافع عقدي هو إخلال بالتزامات صاحب المخبزة وبمسئوليته تجاه المواطنين والدولة معا . فالرخصة التي سلمتها له السلطات المحلية لم تسلمها له على أساس عقدي بل طبقا للقانون الجاري به العمل وهو قانون مدني لا يسمح بخرقه . وإذا تسامحت الدولة مع هذه الخروقات القائم على أساس عقدي فإنها تشجع أطرافا أخرى على اعتماد نفس النهج . هكذا سنجد مثلا أصحاب مقاهي يعلنون للعموم أنهم لا يقدمون خدمات للنساء غير المحجبات مثلا ، كما سنجد صيدليات تمتنع عن بيع أنواع من الأدوية المصنوعة من حيوانات محرمة . وستتسع الموجة لتشمل وسائل النقل العمومي بحيث يمتنع سائق التاكسي من تقديم الخدمة لفئة من المواطنات ، وكذلك الشأن بالنسبة لأصحاب المهن والأنشطة المختلفة الأخرى إلى أن تستفحل في المجتمع ظاهرة التمييز في الزبناء والمواطنين على أساس إيديولوجي .
إن الدولة مسئولة عن تطبيق القانون وفرض الالتزام به . ومن أخل بالقانون تتم معاقبته ، وليس أقلها في حالة أصحاب المخابز إياها ، سحب الرخصة .
إننا في مجتمع متشبع بثقافة التسامح عبر تاريخه . ويشهد تجاور المساجد والكنائس في المدن عن قيم التعايش والتسامح بين المغاربة من مختلف الديانات وبينهم وبين الأجانب . وكل تساهل مع هذه الانحرافات القائمة على الكراهية والتطرف سيفتح أبواب الفتن الطائفية والمذهبية على المجتمع المغربي مما سيؤدي إلى تفتيت وحدته وتمزيق نسيجه ، وتلك هي غاية التنظيمات الإسلامية .
3 ــ البعد الثالث لهذا الخطر يتمثل في تحريم مظاهر الاحتفال وإدخال الفرحة إلى البيوت وتأثيرها على نفسية الأفراد ،خاصة الأطفال ، الذين سيتربون في جو أسري يغشوه النكد والكراهية وتهجره الفرحة ومشاعر الابتهاج . فالمواطن الذي يربي أبناءه على الكراهية سيزرع فيهم ميولات العنف سرعان ما تتحول إلى سلوكات عدوانية ضد المجتمع والدولة ، وأقصاها الانخراط في الأنشطة الإرهابية . فكلما اتسعت دائرة التحريم ( تحريم الفنون ، الاحتفالات ، الترفيه ..) كلما أطبق الانغلاق والتعصب على الأفراد والأسر .
لا شك أن إعلان عدد من أصحاب المخابز امتناعهم عن توفير حلوى رأس السنة ليس أمرا عاديا وبسيطا يمكن التغاضي عنه ، بل هو الشجرة التي تخفي مخاطر التطرف التي تنخر المجتمع . فهو مقدمة لمخاطر شتى إن لم تتصد لها الدولة في مهدها ستكون لها تبعات تهدد وجود الدولة نفسها . ولتستحضر الدولة أن المخطط يبدأ من الامتناع عن بيع حلوى رأس السنة إلى تهديد من سيبيعها . وكم سيكفي الدولة من رجال الأمن لتوفير الحراسة للمخابز والحماية لأصحابها . فالذي تسهل عليه التضحية بالأرباح المهمة التي يجنيها من صنع وبيع حلويات رأس السنة يسهل عليه التضحية بأمور أخرى . فحتى القرآن الكريم جعل التضحية/الجهاد بالمال سابق عن الجهاد/التضحية بالنفس . وأصحاب المخابز هؤلاء يعتبرون أنفسهم "مجاهدين" .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابحثوا عن مسئولية الدولة في الجرائم الإرهابية.
- لولا العلمانية لما تمتع المسلمون بجزء من الحقوق الإنسانية.
- الدعوشة تغزو المجتمع وتنخر الدولة.
- خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب -سيد قطب- على شارع بطنجة .
- تونس تؤسس للدولة المدنية في العالم العربي.
- احذروهم فهم يكيدون.
- تثبيت التوقيت الصيفي تأكيد للتبعية وفقدان للسيادة.
- الحكومة المغربية تحتجز الشباب في وطن لم يعد لهم .
- لازال في الإمكان تصحيح ما كان .
- دلالات الاعتداء على طالبة آسفي .
- جذور الإرهاب عقائده .
- أيها الريسوني ! الحداثة تجرّم التحرش والاغتصاب والابتزاز الج ...
- أيها الريسوني :السبي والرق أشد خسة من الدعارة 1/2.
- العنف ضد النساء جريمة تغذيها الإيديولوجيا الأسلاموية .
- من يُنقذ حرية الفكر والتعبير من الاغتيال ؟
- العرائض تفضح المتاجرين بالعقائد .
- لله دركم آل المرابط .
- حوار حول أسباب التحرش الجنسي
- تولي المرأة منصب -عدل- خطوة لتكريس المساواة.
- لنحتفل بالسنة الميلادية ولينعق الناعقون.


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد الكحل - كماشة التطرف تطبق على المجتمع المغربي.