الحلقه التاسعة عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال الطاغيه للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 07:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

كانت جدتي كالاخريات يرعبها دوي الانفجارات الهائل ويشل تفكيرها فتقوم بتصرفات طفولية فتختبئ تحت الاسره او خلف دولاب الملابس الضخم في حجرة نومها بعد ان تلف جسدها بالاغطية السميكه ظنا منها بانها ستنجو بذلك من الموت المحتم او على اسؤا احتمال سوف لن ينكشف الرجال على جسدهاالطاهر عندما تستشهد وكان جدي يضرب يدا بيد ويقول بصوت ساخر يشوبه الحزن : لقد جنت المسكينه. . بعد ان احست جدتي بان الموت قد اصبح قاب قوسين منها وان الشظايا احذت تتساقط على البيوت وان الدماء الزكيه اخذت تغسل شوارع المدينة الطاهره قررت جدتي الفرار فالهزيمة تعتبر غنيمة عندما لا تتكافا قوة الخصمان فطلبت من جدي ان يمسك بيدها لتلتحق بجيش الفارين ومعظمهم من النساء والاطفال والشيوخ ولكن جدي رفض باصرار ان يستجيب لطلبها رغم دموعها وتوسلاتها وظل متمسكا برايه وبسريره ايضا فاضطرت جدتي الى النجاة بروحها العزيزه . اخذت همجية القصف العراقي تزداد وحشية وهمجية لم يشهد لها التاريخ .ان صدام قد تفوق على جميع الطغاة الذين كانو قمة في مزابل التاريخ بجرائمه ووحشيته لان هتلر النازي قد اعتبر بان شعبه فوق مستوي الشعوب اما صدام فقد قام بالتفنن في قتل وارهاب ابناء شعبه فالعالم والجاهل معاكانا وقودا يؤجج بهما نار حقده. . لكون جدتي طاعنة في السن ولكونها بدينة ايضا تاخرت في اللحاق بالاخرين ولكنها مع هذا لم تياس فاخذت تردد الشهادة بدون انقطاع لانها كانت تتوقع الموت في كل ثانيه تمر فالقصف المستمر لم يترك لها بالتفكير بغير ذلك . احست جدتي بالعطش الشديد واخذ لسانها يتدلى واشتد لهاثها واخذت دقات قلبها تتسارع بشدة والام ووخزات كثيرة انتابت القلب الحنون وهي تصارع الموت ولا تعلم في اي اتجاه تكمن النجاة . اقتربت منها عربة يقودها حوذي كان يبدوا عليه الذعر الشديد فاخذ يضرب حماره الخائف المسكين كي يسرع ولكنه اشفق حين راى جدتي وتوقف قليلا ثم مد يده الكريمة وساعدها على الصعود مناديا اياها بارق واسمى كلمة في الوجود :تفضلي ياماه . لم تستطع كل كلمات الشكر ان تعبر عن شعور جدتي عند سماعها هذه الكلمه العظيمه وهذا الموقف الانساني فانهارت دموعهاالسخية من عينيها الحزينتين كما يتدفق الماء الساخن من ينابيع المياه المعدنيه . اخذ الشاب يهون عليها بصوت يحمل كل معاني الشهامة والنخوه وهو يحاول جاهدا ان لا تلاحظ الدموع الحاره المنهمرة من عينيه الحزينتين . ما ان جلست جدتي في عربة الحوذي حتى انفجرت الدماء من انفها بغزارة نتيجة لارتفاع ضغط الدم . اصيبت جدتي بالرعب وهي تحاول ايقاف النزيف المتدفق وعندما لم تنجح في ايقافه عن طريق الضغط على الانف او عن طريق رفع الراس اخذت تحاول تهدئة نفسها وذلك بان اغمضت عينيها مسترجعة ذكريات الماضي النقي الجميل متخيلة بان رحلتها هذه ما هي الا احدى سفراتهاالتي كانت تقوم فها مرحلة الشباب عندما كانت تجتمع وجاراتها لزيارة العتبات المقدسه القريبة نوعا ما ولكون الطريق غير معبدة ومتعبة كن يفضلن تاجير عربة من نفس النوع الذي تستقله الان فيبرقعن وجوههن بالعباءة جيدا كي لا يعرفن وكن يطلقن ضحكات مكتومة عند التوءات الشارع او عند حدوث المطبات القويه نتيجة الحفر العميقة التي تملا الشارع. استفاقت جدتي من شرودها الذي لم يستمر سوى ثوان على صوت الحوذي وهو يبشرها بوصولهم الى مضيف احد رؤساء العشائر العراقيه الكريمه .

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات