|
صعود الطبقة الوسطى وهبوطها/الجزء الرابع
مظهر محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 21:00
المحور:
الادارة و الاقتصاد
صعود الطبقة الوسطى وهبوطها/الجزء الرابع مظهر محمد صالح 1-- اعادة التشكيل الاقتصادي والطبقة الوسطى أ-قراءة في الاشكالية الاقتصادية الراهنة لم يستطع العراق ان يشق طريقه بعد العام 2003 فور تبدل نظام الحكم الشمولي فيه وإستبداله بسلطة الائتلاف المؤقت او سلطة الاحتلال قبل ان يجد مخرجاً أيديولوجياً يتلاحم فيه بنيانه الاقتصادي الجديد في حاضنة السوق الدولية وضمان آليات عملها التي تسهل الاندماج في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي . فالعولمة التي ترى في البنية السياسية( الدولة- السوق ) المرتكز و البديل الذي هو لامحال ( للدولة -الامة) هو شرط الضرورة قبل ان يتبلور شكل الدولة القادم للبلاد وووصف بنيانها السياسي.فهناك تضاد إيديولوجي بين إستمرار شكل (الدولة -الامة)في العراق الذي افرغ من مقومات السلطة الشمولية وأقحم بسلطة الائتلاف المؤقت(الاحتلال)وبين التطلع نحو بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة وتوليد سلطة قادرة في الوقت نفسه على حماية تلك الدولة -الامة بتكوينها السياسي والاثني وتمتلك قدرة الاندماج في النظام الاقتصادي الدولي(العولمة) كما نوهنا آنفاً. فالديمقراطية السياسية والاندماج في العولمة اصبحا بأمس الحاجة الى تخطي عقدة( الثالوث المستحيل – trilemma ) في النظام السياسي والاقتصادي الدولي كما يراهاDani Rodrik استاذ الاقتصاد السياسي في جامعة هارفرد .فمن المستحيل ،على اي بلد نامي طرفي في منظومة الاقتصاد العالمي مثل العراق ،ان يتمتع بنظام ديمقراطي اولاً وبنيانه السياسي يقوم على اساس( الدولة- الامة) ثانياً وهو يتطلع في الوقت نفسه الى الاندماج في النظام الاقتصادي الدولي آخراً، وعلى وفق تلك (الثلاثية المستحيلة) التحقيق .إذ ترى العولمة في تكوين البنيان السياسي الديمقراطي ولاسيما في العالم الثالث بمثابة تعبير عن( فيدراليات) صغيرة او جزئية تؤدي وظائفها السياسية داخل مكون (الدولة-السوق) وليس (الدولة-الامة) وحسب متطلبات التلاحم الاقتصادي الدولي العابر لسيادة الامم. وبهذا فقد اصطدم بناء الدولة السياسي ، الذي شيد اساساً على مفهوم (الدولة -الامة)منذ العام 1921 ،بشرط الضرورة الذي يرى في بناء الدولة في منظومة الامم الطرفية المندمجة بالسوق العالمية العابر للسيادة ، هي محظ (فيدراليات) سياسية داخل نظام السوق الدولي بعد ان تأخذ شكلا ديمقراطياً تتوافق فيه الليبرالية السياسية مع الليبرالية الاقتصادية. لقد وجدت سلطة الائتلاف المؤقت مخرج للبلاد من (الثالثوث المستحيل) بأيجاد بنية سياسية توافق مفهوم( الديمقراطية-العولمة )وطرح بديل مناسب يلغي مفهوم (الدولة-الامة )ويحل محله مفهوم(الدولة-المكونات).حيث أضحت الديمقراطية ضمن (الدولة -المكونات) بمثابة العقد الاجتماعي لرسم مستقبل البلاد السياسي-الديمقراطي الذي يقطع الطريق على الدول-الامة كنظام سياسي للدولة الحديثة ويمتلك في الوقت نفسه قدرة التحول نحو الدكتاتورية السياسية والاستئثار بالسلطة السياسية بيسر وسهولة عالية.وهكذا رسمت خريطة الطريق السياسية وتشكل النظام الاقتصادي منذ يوم شكل (مجلس الحكم )في العام 2003على اساس المكونات الطائفية والعرقية بدرجة تتفوق على مكون المواطنة وبما ينسجم والجغرافية الاثنية او المذهبية على الارض. ولما كانت الثروة النفطية هي المورد السيادي الطبيعي الاحادي الغالب الذي تصطف حوله قوة الدولة الاقتصادية المركزية ويمثل بين 45-55% من الناتج المحلي الاجمالي للعراق واكثر من95%من موارد الموازنة الاتحادية ،فلا بد من ان تتحدد بموجبه شكل النظام الاقتصادي ومن ثم مسالك السياسة الاقتصادية في اطار راسمالية الدولة الريعية لقاء الحفاظ على نظام سوق حر يمثل قوه ليبرالية سائبة خارج الدولة وتحيط بالدولة وفق مبداء توازن المصالح دون صناعة شراكة تنموية دافعة لبلوغ اهداف التقدم الاقتصادي عبر الالتحام بين المصالح الراسمالية الاجمالية (الدولة والسوق) . وبهذا إستطاعت ( الدولة-المكونات ) من توصيف إطار نظامها الاقتصادي الجديد كنظام (ريعي- لليبرالي) كبديل عن النظام الاقتصادي (للدولة -الامة) وهو النظام (الريعي-المركزي) اي القائم على المركزية الشديدة لراسمالية الدولة ، الامر الذي ظل يحدد إتجاهات السياسة الاقتصادية ،وتركيب ثوابتها ومتغيراتها واتجاهاتها المالية والنقدية والتجارية والتشغيلية كافة كقوة مستهلكة او تخدم ليبرالية الاستهلاك في ميكانيكيات هشة من أطراف السوق العالمية. ب-اشكالية اعادة بناء الطبقة الوسطى لم تتخلى الدولة الريعية التي تحتضن اليوم نصف قوة العمل العراقي بقرابة 5ملايين موظف مسؤولين بشكل او بآخر عن كونها دولة كبيرة تعمل على اعادة تركيب الطبقة الوسطى واستعادة انفاسها مجددا من خلال التوظيف الريعي . وازاء دولة مكونات وسوق مغتربة داخليا ومرتبطة باسواق العولمة فأن تشوها كبيرا يشوب اعادة بناء الطبقة الوسطى التي امست منقسمة للاسف الشديد انقساما اثنيا او مذهبيا ولايجمعها جامع طالما السوق لا تستطيع ان تولد نسيجا اجتماعيا متكاملا بسبب كونها سوق مستهلكة تعمل بافق ليبرالي ومناطقي ولايوجد لديها التحام يعتد به كقوة فاعلة وانموذج ديناميكي موجب لبناء الطبقة الوسطى التي تقود مستقبل البلاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.راجع/مظهر محمد صالح/الريع النفطي والاستبداد الشرقي:القصل الثالث من كتاب((مدخل في الاقتصاد السياسي للعراق:الدولة الريعية- من المركزية الاقتصادية الى ديمقراطية السوق)).
#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صعود الطبقة الوسطى وهبوطها/الجزء الثالث
-
صعود الطبقة الوسطى وهبوطها/الجزء الثاني
-
صعود الطبقة الوسطى وهبوطها / الجزء الاول
-
الشمول المالي والتنمية المستدامة
-
الركود الأقتصادي في العراق 2014-2016:رؤية تحليلية/الجزء الثا
...
-
الركود الاقتصادي في العراق2014-2016 : رؤية تحليلية/الجزء الا
...
-
انخفضت اسعار النفط (مداخلة الدكتور مظهر محمد صالح)
-
مابعد الامبريالية: الانهيار الاقتصادي القادم...!
-
الاقتصاد في الميزان
-
التاريخ المالي للعراق :الدورة المستندية لعائدات النفط/الجزء
...
-
التاريخ المالي للعراق :الدورة المستندية لعائدات النفط/الجزء
...
-
صنع في العراق ..!
-
العشب الاخضر
-
أسرار التجارة
-
الاعمار الغازية..!
-
الرابحون يستحوذون على السوق كله...!
-
مفارقة ليونتيف..!
-
الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية
-
بين بكين وشنغهاي : قطار يتخلق ويشبه الأكتساح.
-
العراق ومنظمة التجارة العالمية:تقييم الكلفة الفرصية للانضمام
...
المزيد.....
-
المغرب والصين يسعيان لعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة
-
سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
-
أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه
...
-
صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر
...
-
ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
-
عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة
...
-
وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع
...
-
موديز ترفع تصنيف السعودية وتحذر من -خطر-
-
ارتفاع جديد.. بتكوين تقترب من 100 ألف دولار
-
-سيتي بنك- يحصل على رخصة لتأسيس مكتب إقليمي له في السعودية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|