|
عن حفيد حسن البنا طارق رمضان المتهم بالاغتصاب .. ولمَاذا كان صرحا من خيال فهوى..؟ ( 1- 2)
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 6071 - 2018 / 12 / 2 - 03:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقال لكاتب إسلامي يتبرأ من سلوك الحفيد ويتهمه بازدواج المعايير و الشخصية
وقبلها على شبكة الجزيرة القطرية نشر مقالا آخر معاكس يستميت في الدفاع عنه
،،،،،،،،،،
تنويه : نظرا لطول المقال فضلنا نشره على جزءين
أثنا تصفحي لبعض المواقع الإلكترونية صادفت مقالا للكاتب الإسلامي محمد مختار الشنقيطي ( أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان) منشورا على شبكة الجزيرة القطرية على الرابط : http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/11/27
كان المقال معنونا : أوراق الربيع العربي(41): " طارق رمضان كان صرحا من خيال فهوى".. وتاريخه 27 نوفمبر الجاري.
•ولأني تابعت منذ حوالى العام تطورات قضايا طارق رمضان التي تنظرها المحاكم الفرنسية ؛ والمتهم فيها باغتصاب عدد من السيدات الأوربيات.
•ولأن إقامة علاقة خاصة معهن بالتراضي حتي لو كان متزوجا لا تضعه تحت طائلة القانون الفرنسي ؛ كمالا تدفعني للحديث عنها باعتبارها خيارا خاصا له لا يعنى سواه ولا شأن لأحد به .
•ونظرا لأنه حفيد المرحوم حسن البنا ( مؤسس ومرشد جماعة الإخوان المسلمين) فهو ابن بنته ، وأبوه المرحوم سعيد رمضان أحد قادة الجماعة التي أوكلت له مع المرحوم مصطفى مشهور ( أحد مرشدي الجماعة السابقين ) مهمة تأسيس فرعها في أوربا؛ وتحديدا ( انطلاقا من ألمانيا )؛ في أعقاب هروبه أو هجرته ضمن الآلاف من أعضائها من مصر بسبب الصدام الذي تفجر مع نظام عبد الناصر في خمسينات القرن الماضي . هذا وقد تناولتْ عشرات الكتب والمراجع صلات الجماعة الوثيقة بكثير من أجهزة المخابرات الغربية [ في انجلترا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وغيرها ] ؛ خصوصا في الفترة التي ناصبت فيها بعض تلك الدول العداء الصريح للنظام الحاكم في مصر.
•ولأنني سليل عائلة ينضوي العديد من أفرادها في عضوية الجماعة ويتعاطف منها عدة مئات معها ، ومن بين أبنائها كان المرحوم إبراهيم الطيب صقر رئيسا للجهاز السرى المسلح بمنطقة القاهرة ( التنظيم الخاص) بها؛ وحوكم وأعدم في هذا السياق ضمن من أعدموا في خمسينات القرن الماضي.
•وحيث أن المقال المشار إليه ( ... كان صرحا من خيال...)عن طارق رمضان قد تعرض لنقطة مفصلية هي : التمييز والفصل بين فحوي الأفكار وسلوك الأشخاص الداعين لتلك الأفكار .. أو بمعني أدق التمييز والفصل بين دلالة الدين .. وبين دلالة سلوك دعاته . حيث استدعي الكاتب قولا مأثورا لعلي بن أبي طالب مستشهدا علي ذلك التمييز الذي يقصده [ اعرف الرجال بالحق .. ولا تعرف الحق بالرجال] وهو ما يعنى أن الحق هو المعيار .. وإليه بنسب الرجال ويجري تقييمهم؛ وذلك ما نعده مربط الفرس في مقال الكاتب.. بل وجوهر حركة جماعة الإخوان منذ نشأتها.
هذا ويطرح مقال الكاتب قضيتين وثيقتي الصلة ببعضهما :
الأولى : تقييمه للداعية الإخواني طارق رمضان في مسارين أحدهما يتعلق بتاريخه " الدعوى " وآخر يتعرض لتاريخه الشخصي.
والثانية: الفصل بين تاريخه الشخصي وبين ارتباطه بالدعوة لجماعة الإخوان.
وهذا ما سنحاول التعرض له بإيجاز في السطور القادمة.
وفى البداية وتعريفا بالدكتور طارق سعيد رمضان نورد الآتي:
1- هو سويسري من أصل مصري ، ولد في 26 أغسطس 1962 ، أبوه سعيد رمضان وأمه وفاء حسن البنا التي لجأت في 1958 إلى سويسرا مع زوجها. وأقاموا في جنيف ؛ وشقيقه الأصغر هاني سعيد رمضان رئيس مركز جنيف الإسلامي، ويتحدث طارق العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.
2-يعمل أستاذا للدراسات الإسلامية المعاصرة بجامعة أوكسفورد البريطانية ؛ وأستاذا زائرا لدى كل من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في قطر، وجامعة مونديابوليس في المغرب، وجامعة ماليزيا برليس في ماليزيا. ومدير مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق ومقره الدوحة؛ وعضو في الفريق الاستشاري لوزارة الخارجية البريطانية بشأن حرية الدين والمعتقد، ومنذ سنوات يعمل على دور الإسلام في الغرب وفي العالم ؛ وله عديد من المؤلفات منها كتاب (الإسلام .. الإصلاح الجذري.. الأخلاق والتحرير).
3-كما أنه عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
ماذا يقول د. الشنقيطي في مقاله المؤرخ 27 / 11 /2018 عن طارق رمضان ..؟
•[ تابعتُ قضية طارق رمضان بدقة في الإعلام الفرنسي منذ تفجُّرها قبل عام، ونشرتُ مقالا ضمن هذه المدونات في الأيام الأولى للقضية، جعلتُ عنوانه: "الخيانة الثقافية ومحنة الدكتور طارق رمضان" يوم 31 أكتوبر2017، ودافعتُ فيه بقوة عنه ، متجاهلاً الخلاف بيني وبينه ]. ملاحظة : المقال الآخر بعنوان مدونات الربيع العربي (24 ) " الخيانة الثقافية ومحنة الدكتور طارق رمضان" على الرابط: http://blogs.aljazeera.net/blogs/2017/10/31
وفيه يوضح وزنه العلمي ودوره الإسلامي الدعوي قائلا: " فلا عجب أن دفعتْ هذه الخلفيات الإسلامية لطارق رمضان ملايين المسلمين إلى التعاطف معه: فهو سليل أسرة إسلامية عريقة في العمل الإسلامي وحمْل رسالة الإسلام، كما أنه كان صوت الإسلام والمدافع عنه أمام خصوم حاقدين في أوقات قلَّ فيها الظهير والنصير." ]
•ثم ينتقل بعدها إلى تقييم سلوكه الشخصي وممارساته الأخلاقية قائلا : [" كشْفُ القضاء البلجيكي منذ شهور عن صفقة قانونية تمَّتْ عام 2015، دفَع بموجبها الدكتور طارق رمضان سبعة وعشرين ألف يورو لامرأة معروفة، مقابل حذف ما نشرتْه على الإنترنت عن علاقة غير شرعية بينهما. وهي قضية كانت موثَّقة في المحاكم البلجيكية قبل ظهور أي اتهام ضد طارق رمضان في المحاكم الفرنسية والسويسرية والأميركية.]
(ملاحظة من الكاتب : قيمة المبلغ بالجنيه المصري = 540000 جنيه أي يتجاوز النصف مليون). •وبعد خروجه من السجن - على ذمة القضايا المرفوعة ضده - يقول الشنقيطي : [ " لم يطعن طارق في المقتطفات المنشورة من محاضر اعترافاته في الصحف الفرنسية. " ] بما يعني إقراره بصحتها.
•ثم يستطرد الشنقيطي موصفا سلوكه مع النساء اللاتي اتهمنه باغتصابهن موضحا : [ " وتدل علاقة طارق بهؤلاء النسوة الثلاث تحديدا على أن مشكلته ليست استدراجا في ظروف استغفال، بل هي مسارٌ ثابت عن سابق عمد وإصرار " ].
•ويضيف : [ " تبيَّن من علاقات طارق غير الشرعية مع عدد وافر من النسوة، واستمرار العلاقة ببعضهن أعواما عدة، أن مشكلته ليست من نمط الاستدراج الظرفي والإغواء العابر.. وإنما هي حالة إدمان مزمنة ".]
• هذا وبعد أن رفضت المحكمة الإفراج عنه على ذمة القضية 4 مرات اضطر للتراجع عن كل أقواله التي أنكر فيها صلته بالنساء الثلاثة واعترف بعلاقاته بهن .. وأرفق ذلك بأنها كانت علاقات بالتراضي وليست اغتصابا كما يدعين وفى الالتماس الخامس تم الإفراج عنه إفراجا مشروطا (بإثبات تواجده في مقر إقامته مرة كل أسبوع لحين نظر القضية ودفع كفالة 50000 يورو وتسليم جواز سفره للسلطات الفرنسية ) ، وهنا كتب الشنقيطى مقاله الذي نعرض بعض مقتطفاته الجوهرية في هذه السطور.
•ويستأنف الشنقيطي حديثه في المقال قائلا: [ " فعبَّر صديقي محمد بن جمّاعة – التونسي الكندي- بدقة: "كنتُ أقبلُ لو كان الموضوع متعلقا بنزوة، أو علاقة غير شرعية لمرة أو مرتين، فالضعف الإنساني قد يجد بعض التفهُّم والأسف. أما الوضع الراهن فهو يبدو إدماناً ممتدًّا على فترة ربما أكثر من 20 سنة. لا يمكن تفسير هذا إلا بأن طارق له انفصام في الشخصية، وازدواجية خطاب، وهذا الأمر دمَّره تماما."].
•ويستكمل الشنقيطي :
[ "المؤسف أن طارقا لا يزال يمثِّل دور الضحية، ويستثير في المسلمين عاطفة التناصر والتعاضُد، ويصوِّر الأمر كله على أنه مجرد مؤامرة وحرب على دين الإسلام، وكان الأوْلى به الصدقُ مع الله، ومع نفسه، ومع الناس، والكف عن استغفال المسلمين واستغلالهم في معركة خاسرة، أشعلتْـها نارُ الشهوات في نفسه "].
•وباقتراب المقال من نهايته يقول الكاتب : [ " من الدروس العظيمة المستخلصة من كل هذا ألا نجسِّد الإسلام في شخص، مهما بَدَا من ملامح الصلاح في علانيته. فالإسلام فوق الجميع، وهو يعلو ولا يُعلى عليه. وصدَق الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ قال: "اعْرِف الرجال بالحق، ولا تَعْرف الحق بالرجال." ].
•ثم يختتم الشنقيطي حديثه الذي شغل سبع صفحات بالعبارة التالية :[ " ليس من شك في وجود حروب على الإسلام ومؤامرات ضده. لكنَّ أعظمَ حرب على الإسلام، وأخطرَ مؤامرة ضده، هي أن يحْمل رايتَها من ينشرون الفضيلة وهم غارقون في الرذيلة " ].
ولأننا لا ينبغي أن نأخذ حديث الكاتب - أي كاتب – عن موضوع واحد من مقال واحد؛ لذا فإن تتبّعَ مقاله السابق على نفس موقع الجزيرة القطرية بتاريخ 31 /10 / 2017 أي منذ عام تقريبا إبان وجود طارق رمضان قيد الاحتجاز ورهن التحقيقات سيفصح لنا عن المنطق والروح اللذين تناول بهما الكاتب الموضوع في المقالين.
ونعرض فيما يلى مقتطفات نصية من مقال الشنقيطي الأول بتاريخ 31 أكتوبر 2017 : الرابط : http://blogs.aljazeera.net/blogs/2017/10/31
1-[ " تعرَّض طارق رمضان هذه الأيام لحملة تشويه شنيعة في فرنسا، تصل إلى محاولة الاغتيال المعنوي. حيث رفعت ضده الكاتبة الفرنسية من أصل جزائري-تونسي "هندة عياري" دعوى بالاغتصاب، بتشجيع ودعم من اللوبي الصهيوني في فرنسا، وترويجٍ من كبريات الصحف الفرنسية وصحف النظام الانقلابي في مصر، ثم من قناة "العربية" . ]
2-[ " وقد نشرت هندة من قبل رواية ركيكة باللغة الفرنسية ادَّعت فيها أن شخصا خياليا اسمه "الزبير" اغتصبها في فندق. ثم عادت في الأيام الماضية لتزعم أن ذلك لم يكن سوى الدكتور طارق رمضان! وأن عملية الاغتصاب حدثت منذ خمس سنين، أمضتها صامتة عن الموضوع. " ]
3-[ " أن هندة عياري بدأت حياتها "سلفية متشددة" كما تقول، وكانت ترتدي النقاب، ثم تحولت فجأة ناشطة علمانية، تعادي كل ما له صلة بالإسلام، وتحرِّض المسؤولين الفرنسيين عليه. وهذا التحول المثير والمريب يدل على عدم النزاهة الفكرية، وعلى هشاشة المواقف الأخلاقية. " ]
4-[ " إن حملة هندة عياري - ومن ورائها اللوبي الصهيوني الفرنسي والأوربي- جاءت في توقيت بعيد عن الصدفة. فنحن نعيش هذا العام الذكرى الخمسين لهزيمة 1967، والذكرى المائة لوعد بلفور." ].
5-[ " سينفضح كذب هندة عياري.. ويستطيع الدكتور طارق رمضان أن يكسب قضية التشهير التي رفعها ضد هندة عياري بسهولة، إذا تعامل معه القضاء الفرنسي بنزاهة غير مشوبة بالتحيزات الدينية والسياسية. فكل من يعرف الدكتور طارق رمضان من قريب أو من بعيد يدرك أن اتهامها له بالاغتصاب مجرد إفكٍ محضٍ، وسعي إلى الاغتيال المعنوي. " ] .
ويتضح من مقتطفات المقالين أنهما فيما يتعلق بطارق رمضان على طرفي نقيض فأحدهما لا ينحاز لصفه مدافعا عنه فحسب ؛ بل يتخذ موقف المتعصب له دون شك ، ولا يكدح الذهن في البحث عما تثيره تلك الدعاوى القضائية التي رُفعت في أوقات متقاربة بتهم واحدة وضد شخص واحد. أما بقية المقالين ومقتطفاتهما فتتطابق في اتخاذ موقف الدفاع عن النشاط الإسلامي بوضعه الحالي.
1-ولأن النشاط الإسلامي ليس شيئا واحدا ولا يتخذ مسارا واحدا؛ فهناك النشاط الدعوى بتنويعاته المختلفة ؛ وهناك أيضا النشاط السياسي بتفاوتاته المتعددة.. وهنا نقف لنقول: لا حَجْر على أي دعاة من أي دين أن يمارسوا شعائر دينهم ونشاطهم الدعوى في أماكن وأوقات العبادة التي تعارف عليها المجتمع الذي يضمها وبما لا يعوق تنظيم المجتمع أو أنشطته الاجتماعية والاقتصادية المعروفة.
أما عن النشاط السياسي فهناك قواعد معروفة لممارسة النشاط السياسي في كثير من المجتمعات تنأي به بعيدا عن خلطه بالممارسات الدينية حرصا على وحدة المجتمع ودرءا للصراعات الطائفية والعصبوية والقومية، ولنا في تجربة الهند مثال نموذجي إيجابي رغم كون هذا البلد يضم مئات القوميات واللغات وعديدا من الطوائف إلخ ومثال آخر معاكس لدولة إسرائيل التي تأسست استنادا لدين واحد وعزلت بقية سكان الأرض التي اغتصبتها وهمشتهم ومارست العنف والاستبداد والتهجير والقهر ضدهم.. بل وحرمتهم من ممارسة شعائر أديانهم أو عرقلتها.
ومثال ثالث لتنظيمات مسلحة ترفع راية الإسلام كالقاعدة وداعش والإخوان المسلمين وغيرها ممن يعيثون فسادا في منطقة الشرق الأوسط وطال شرها عددا من الدول الغربية خصوصا في أوربا. وإذا كانت تلك مجرد تنظيمات لا وطن لبعضها ويستوطن بعضها بلادا أخرى أو يمتد إليها.. فإن عددا من الدول الكبرى ذات التاريخ الاستعماري القديم والحديث والدولِ البترولية تقف وراء تأسيسها وتسليحها وتمويلها واستخدامها .. ومن ثم لا يمكن الموافقة على خلط الدين بالسياسة أو بمعنى أدق ممارسة السياسة على أسس دينية وليست مدنية اجتماعية.
2-لكن السيد الشنقيطي خلط بين النشاط الدعوي و النشاط السياسي لطارق رمضان ، ولا أعرف إن كان ذلك عن قصد أو دون قصد. ولقد تضمن مقال آخر بعنوان ( لماذا العداء للدكتور طارق رمضان فى فرنسا..؟) كتبه " حمدي جارا" في 29 أكتوبر 2017 على مدونته بشبكة الجزيرة القطرية - دفاعا عن طارق رمضان- على الرابط: http://blogs.aljazeera.net/blogs/2017/10/29
قال فيه نصا: (طبعا، هذه المرأة التونسية "هند العياري" التي فجّرت الأزمة الحالية. وهذا ليس مستغربا لأن الغرب هيأوا لمواجهته في أكثر من مرة شخصيات مسلمة لضرب توجه الرجل وحضوره الفاعل واتهامه بثنائية الخطاب بمعنى أن لديه خطاب إعلامي منفتح في الإعلام بينما في المساجد سلفي متشدد يؤيد رجم المرأة ولا يحب اليهود ).ولا أعتقد أن الشنقيطي لا يعرف الفرق بين كليهما ( الدعوي والسياسي) كما أتشكك في أنه يجهل التهمة التي ذكر السيد / حمدي جارا أنها موجهة في فرنسا لطارق رمضان وهى ثنائية الخطاب (بمعنى أن لديه خطاب إعلامي منفتح في الإعلام بينما في المساجد سلفي متشدد).. وهو ما يفيد أن طارق يتخذ من نشاطه الدعوي والأكاديمي ستارا يخفي وراءه نشاطه السياسي، كما أتشكك كذلك في أن الشنقيطي – باعتباره أستاذا لعلم الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان- يجهل ما تزخر به كتب التراث الإسلامي عن ( مبدأ التقية ) الذي يعني إخفاء الوجه الحقيقي وإظهار وجه آخر للتمويه إذا ما كانت هناك عوائق تحول دون ذلك كقوانين المجتمع الذي يجري فيه النشاط السياسي أو موازين القوي السياسية في المجتمع.
لقد أيد صديق الشنقيطي تلك الازدواجية عندما قال:
[ " عبَّر صديقي محمد بن جماعة – التونسي الكندي- بدقة: "كنتُ أقبلُ لو كان الموضوع متعلقا بنزوة، أو علاقة غير شرعية لمرة أو مرتين، فالضعف الإنساني قد يجد بعض التفهُّم والأسف. أما الوضع الراهن فهو يبدو إدماناً ممتدًّا على فترة ربما أكثر من 20 سنة. ولا يمكن تفسير هذا إلا بأن طارق لديه انفصام في الشخصية، وازدواجية خطاب، وهذا الأمر دمَّره تماما." ].
3-من جانب آخر لا أتصور أن الشنقيطي لا يعرف دور طارق رمضان كأحد قادة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين أو يجهل دور والده المرحوم سعيد رمضان في هذا الأمر وربما في أدوار أخرى .. لأن طارق أحد الواجهات اللامعة لهذا التنظيم الدولي في أوربا.. وربما في العالم.
4-ويكفي ما سبق أن ذكره في مقاله ( كان صرحا من خيال..) في 27 نوفمبر الجاري ونصه : (هزَّتْ قضية طارق رمضان عند تفجُّرها أولَ مرة الأوساطَ الثقافية الإسلامية، خصوصا في بلاد الغرب، وتعاطف ملايين المسلمين عبر العالم مع طارق. والسبب في ذلك يرجع إلى أمرين اثنين، أولهما: تاريخ الرجل وتاريخ أسرته، فهو نجل الشيخ سعيد رمضان أحد رواد العمل الإسلامي في أوروبا، ومؤسس المركز الإسلامي في جنيف، وهو حفيد الإمام حسن البنا، مؤسس (جماعة الإخوان المسلمين) ، كبرى حركات الإصلاح الإسلامي المعاصر، وأعمقها جذورا، وأوسعها امتدادا في العالم الإسلامي.) ويضيف (فهو سليل أسرة إسلامية عريقة في العمل الإسلامي وحمْل رسالة الإسلام، كما أنه كان صوت الإسلام والمدافع عنه أمام خصوم حاقدين في أوقات قلَّ فيها الظهير والنصير).
فهو يدل على الخلط بين النشاط الدعوي والنشاط السياسي فيما تمثله جماعة الإخوان التي كان نشاطها السياسي ضد الحركة الوطنية المصرية منذ ثلاثينات القرن الماضي ومتحالفا مع القصر والمحتل البريطاني ضد جموع الشعب . كذلك نسجت صلات سرية مع السفارة الأمريكية للحصول على الأموال ومواجهة الحركة الوطنية ، علاوة على انحيازها العملي للقوى المعادية للفقراء من كبار الرأسماليين والإقطاعيين ومتعاونة معها ؛ ففي عصر إسماعيل صدقي- أسوأ رئيس وزراء عرفته مصر- أطلقت تعبيرين مشهورين راجا في صفوف الجماهير وصارا سُبّة ونقيصة في وجه الجماعة يتم معايرتها بهما .. هما ( الله مع الملك ) و (كان إسماعيل صديقا نبيا )، واعترضت علي قانون الإصلاح الزراعي الذى صدر عام 1952 واستهدف إعادة توزيع الثروة في الريف .. وطالبت برفع الحد الأقصى لملكية الأرض الزراعية من 200 فدان - كما ينص القانون - إلى 500 فدان ، كما طالبت بتوزيع الأرض المصادرة من الإقطاع على الفلاحين الأثرياء ورفضت توزيعها على المعدمين منهم، وتحالفت مع الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك في إصدار قانون الإيجارات الزراعية الذي صدر عام 1992 ورفعَ إيجارات الأراضي الزراعية إلى عنان السماء وطرد مئات الألوف من الفلاحين خارجها ، كما رفضت المشاركة في ثورة 25 يناير 2011 ولم تنضم لها إلا بعد أن بدت بشائر الانتصار على الحاكم قاب قوسين أو أدني ..إلخ هذا علاوة علي لجوئها الدائم للعنف والقتل مع كل من يخالفها الرأي فاغتالت في أربعينات القرن الماضي ( المستشار أحمد الخازندار ، ورئيسي الوزراء أحمد ماهر وفهمي النقراشي، وحكمدار شرطة القاهرة بالرصاص، وعدد من الطلاب الوطنيين وأعضاء الأحزاب الأخري كالوفد في كل من القاهرة والمنصورة وشبين الكوم وكوم النور وبورسعيد والإسكندرية وغيرها ) مستخدمة تنظيمها السري المسلح المعروف بالتنظيم الخاص ، ولم ينج من القتل حتى (بعض أعضائها مثل السيد فايز بطرد ملغوم ) ..إلخ وفى تونس لاتزال المعركة دائرة منذ الثورة حتي اليوم بين هيئة النهضة التونسية ( إخوان تونس) والشعب التونسي وبعض قادته الوطنيين الذين جرى اغتيال بعضهم مؤخرا مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي .. وهكذا.
وأعتقد أن الشنقيطي لا ينسي كيف تم تأسيس القاعدة بإشراف ودعم جماعة الإخوان وبمشاركة الولايات المتحدة والسعودية . وكان ممن شاركوا في ذلك من أبنائها الذين تربوا علي يدها سيد إمام الشريف وأيمن الظواهري وعبد الله عزام ؛ وتبوأ الظواهري منصب نائب أميرها بن لادن ، وكذا جماعة التكفير والهجرة في مصر التي تولى إمارتها شكري مصطفي التلميذ النجيب لمنظر الجماعة سيد قطب.
ومن المؤكد أن الشنقيطي يدرك جيدا أن النشاط السياسي وبالتالي العمل المسلح لهذه التنظيمات لابد أن يسبقه النشاط الدعوى ويتلازم معه فهو الذى يبرر ويفسر ويمهد لجملة الأنشطة التي تمارسها، فهم معا – الدعوي ، والسياسي والمسلح- كالشارط والمشروط في قاموس الإسلاميين.
من هنا كان تأصيل الشنقيطي لسلالة طارق رمضان عبر أبيه سعيد رمضان وجده حسن البنا مؤكدا أن دوره الدعوي والأكاديمي هو في خدمة النشاط السياسي والمسلح لجماعة الإخوان ، خصوصا وهو واحد من قادة تنظيمها الدولي وأحد نجومها اللامعة.
ولكى يتحري الشنقيطي جيدا دلالات عباراته بشأن أسرة طارق رمضان نعرض المقتطفات التالية لمقال استقصائي موثق أصدرته جريدة الوفد في 13/8/2013 بعنوان " وثائق البيت الأبيض تكشف أسرار العلاقة مع الإخوان" علي الرابط التالي:
أخبار- وتقارير/527638-وثائق-البيت-الأبيض-تكشف-أسرار-العلاقة-مع-الإخوان https://alwafd.news
•{في مكتبة أيزنهاور في بلدة أبيلين بولاية كنساس يستوقف النظر ما احتوته من وثائق كان من بينها ما جاء في وثيقة THE APPOINTMERNT BOOK والمكونة من 1400 صفحة مقسمة إلى أجزاء حسب السنوات وفيها شرح تفصيلي لبداية العلاقة بين أمريكا والإخوان، وكيف أسس الإخوان ترتيبات عمل منظمة مع أجهزة المخابرات الأمريكية بدأت مع دعوة سعيد رمضان زوج ابنة المرشد حسن البنا، لحضور مؤتمر في أمريكا عام 1953. ومن يومها أخذت هذه العلاقة تتطور وتتسع.
•عدد من الكتاب الأمريكيين اهتموا بالبحث في خفايا هذه العلاقة ، كان منهم أيان جونسون وهو من أبرز المراسلين لكبريات الصحف الأمريكية والذى أجرى ثلاثين مقابلة مع شخصيات على علم بهذا الموضوع.
•ومنهم أيضا روبرت دريفوس الذى اهتم بتقصي الحقائق واوردها في كتابه «كيف ساعدت أمريكا على إطلاق العنان للمتشددين الإسلاميين؟!». واستطاع من خلال هذا التحقيق الكشف عن كثير من خفايا تاريخ الشرق الأوسط منذ بداية الاحتلال البريطاني للمنطقة، وحتى وقت حرب العراق عام 2003. وضمن ما ورد في هذا التحقيق الاستقصائي الموثق البدايات الأولى لعلاقة الإخوان بالإنجليز، حين قدمت شركة قناة السويس للمرشد حسن البنا تمويلا مقداره 500 جنيه، لإنشاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ( ملاحظة من الكاتب : تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 )
•كشفت الوثائق السرية لوكالة المخابرات المركزية التي أفرج عنها حديثا وصف محللي الوكالة لسعيد رمضان بأنه شخص جامد الحس وفاشي النزعة وأن كل اهتمام جماعته مركز على التمكين من السلطة.
•وبحلول نهاية الخمسينيات كانت وكالة المخابرات المركزية قد القت بكل دعمها وراء رمضان وطبقا لما جاء بالوثائق فقد كان من اليسير أن يطلق عليه في الولايات المتحدة في الخمسينيات والستينيات «عميل أمريكي». وقد أيدته الولايات المتحدة في تنفيذ عملية السيطرة على مسجد في مدينة ميونخ في ألمانيا، وإقصاء المسلمين المحليين من إدارة المسجد وهم الذين قاموا ببنائه عام 1958 والذى تحول بعد ذلك إلى واحد من أهم المراكز التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون في أوروبا، ومأوى لتجمع مجموعات منهم هاجرت من بلادها.
•وابتداءً من الثمانينيات اختار تنظيم الإخوان المرشد السابق مهدى عاكف ليتولى إدارة مركز مسجد ميونخ الذى أسهم في صعود غير مسبوق لتنظيمات الجماعات الإسلامية في أوروبا. وكان محمود أبو حليمة الذى تولى التخطيط لتفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك من الذين كانوا يترددون عام 1993 على مسجد ميونخ.. وفى هذا المسجد الذى صار مركزا لنشاطات سياسية، تم إنتاج عقول مهيأة لممارسة الإرهاب.
•استمرت العلاقة دائرة في عالمها السرى والذى شهد تعاونا في حرب أفغانستان ضد السوفيت، ثم في القتال الذى دار بعدها بسنوات في التسعينيات في البلقان. ثم اتخذت العلاقة منحى جديدا من الصعود في عهد الرئيس جورج بوش ابتداءً من عام 2005 والذى شهد تكثيفا للتنسيق بين أمريكا والإخوان وبدعم من المخابرات المركزية.
•فترة حكم أوباما الذى آلت إليه تركة واسعة ومتشابكة من العلاقات مع الإخوان – العميل الرئيسي لهم في المنطقة – والتي تمثل استثمارا سياسيا واستراتيجيا وماليا وجد أوباما من الصعب عليه الاستغناء عنه. وقد ظهرت مؤشرات تعاطفه مع الجماعة قبيل تنحى مبارك، وأثناء مظاهرات ميدان التحرير، حيث خرج روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الأبيض ليدعو مبارك لإجراء انتخابات يشارك فيها الإخوان المسلمون.
•فاز مرسى بالرئاسة وكشف عنه دبلوماسيون أمريكيون ما قدمه حكم مرسى للولايات المتحدة من تطمينات بمحافظته على المصالح الأمريكية، وعلى المعاهدة مع إسرائيل. وتحدث هؤلاء الدبلوماسيون الأمريكيون عن الزيارات المنتظمة وغير المعلنة لقيادات الإخوان إلى واشنطن بعيدا عن وزارة الخارجية المصرية.
•عزل مرسى عقب ثورة 30 يونيو 2013، ظهر بوضوح انحياز أوباما وإدارته للإخوان والضغوط السافرة التي لم تتوقف لصالحه، وهو ما كان يعكس المأزق الشديد الذى وجد أوباما نفسه فيه، فهو متمسك بوجود الإخوان في الحكم ولا يستطيع في نفس الوقت التفريط في العلاقة مع دولة محورية كمصر.
•إن ملف العلاقة بين أمريكا والإخوان متخم بالأسرار بالإضافة إلى تفاصيل عديدة عن حماس ونشأتها ودورها في إطار التنظيم الدولي للإخوان.
•إن طبيعة العلاقة بين أمريكا والإخوان قد تكون خافية عن الغالبية العظمى من أعضاء الجماعة وشبابها والذين انضموا إليها مدفوعين بإيمانهم بالمعاني النبيلة عن الدعوة الإسلامية، لكن القيادات خاصة في الدائرة الضيقة منها محكومون بحسابات أبعد ما تكون عن فكرة الدعوة ومرتبطة كلية بمقتضيات السياسة وبكل ما يجرى في أبوابها الخلفية من ترتيبات لها أهداف أكبر وأوسع مدى من القدرات السياسية والفكرية لقيادات الجماعة والذين رهنوا مشروعهم السياسي في يد قوة كبرى لها استراتيجيات تعمل لحساب مصالحها في العالم أولا وأخيرا. }
فهل يكتفي الشنقيطي بهذا القسط أم يحتاج تفاصيل أكثر..؟
5-ولأن طارق رمضان شخص يملك عقلا وإرادة فهو من زاوية مسئول عن سلوكه الذي اقترفه ويعرف أنه بكل المعايير مدان ؛ بمعيار الشرعية الإسلامية وبمعيار الحرية والطوعية الغربية وبمعيار القانون المصري والسويسري والفرنسي؛ لكن هناك وجهان آخران للحقيقة :
أحدهما : وجه يهرب منه طارق والشنقيطي معا ، يتمثل في أن جرائمه هي في الحقيقة امتداد وراثي لأطراف عديدة منها أسرته التي لقنته كثيرا من التعليمات التي تعلم أنه بحكم مولده ونشأته في مجتمع أوربي سيخرقها إن آجلا أو عاجلا ، ومنها كثرٌ من الأفراد الذين يصادقونه ويعرفون ما يفعل ويتواطأون عليه ولا ينصحونه أو يردعونه بحكم علاقتهم به، و منها الجماعات التي ينضوي تحت لوائها الأكاديمي والعلمي ، ومنها المؤسسات الإسلامية والجماعات السياسية التي يتصل بها أو ينتمي إليها ويمثلها وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمون. ومن ثم فهؤلاء جميعا مشاركون في الجرم ويُسْألون عنه.. وستعود على كل منهم – حسب مساهمته في التأثير علي طارق - نتائجه وتأثيراته. وعليه فلا يعفَي الشنقيطي باعتباره متخصصا وأستاذا ومطلعا وزميل عمل وصديقا لطارق من مشاركته في جرائمه كما لا يبرؤه منها او حتي يخفف عنه وزرها ما كتبه في مقاله بالنص التالي :
[ "يتحمل طارق رمضان وحدَه وِزْر سلوكه غير الأخلاقي، ولا تتحمله أسرته الكريمة، ولا أيُّ جهة سياسية أو أكاديمية تعاملتْ معه بحسْن الظن، ولا أيُّ أفراد أو جماعات دافعوا عنه بناءً على ظاهر حياته العامة "]
أما وجه الحقيقة الثاني : فهو سعيه المحموم لدرء كل خطايا طارق بعيدا عن الإسلام السياسي .. الذى ينعته الشنقيطي بتعبير مجرد هو الإسلام ؛ رغم ما بينهما من فوارق هامة ؛ رغم ما يتضمنه تاريخ جماعة الإخوان من وقائع أخلاقية أشد فظاعة لا يمكن إنكارها . ونسى أن التاريخ الإسلامي الحديث في القرنين الأخيرين زاخر بالدلائل والبراهين علي تفشي الاستبداد والاقتتال والتناحر والعنف والصلات العضوية بالقوى الاستعمارية والمعادية للشعوب علاوة على التخلف والفقر والفساد.
ففي مقارنة بسيطة بين دولتي الهند - متعددة الأديان والقوميات واللغات- وجارتها باكستان المسلمة- محدودة القوميات مقارنة بجارتها- واللتين نالتا استقلالهما في نفس التوقيت (1947) يبدو الفارق واسعا، فبينما شملت الانقلابات العسكرية باكستان لم يحدث في الهند انقلاب عسكري واحد منذ الاستقلال ؛ وبينما المسلمون أقلية في الهند فقد تولي رئاسة الدولة رئيس مسلم بانتخابات نزيهة أكثر من مرة على الرغم من أن النظام البرلماني واحد في كلا البلدين. ناهيك عن الهوة الواسعة في الاستقرار السياسي والتطور الصناعي والزراعي والاجتماعي التي بينهما لصالح الهند.
من جانب آخر ولأن نظام الحكم في البلاد الإسلامية نظام استبدادي شمولي رغم الديكورات التي تسعي لتجميله على استحياء في ( السعودية ، باكستان ، إيران ، أفغانستان ، إيران ، مصر ،اليمن ، ليبيا وغيرها من البلاد العربية) استنادا إلى المناخ الفكري الإسلامي السائد فيها- والتأثيرات القوية لتنظيمات الإسلام -والذى يطبع شعوبها بل وقطاعا محسوسا من مثقفيها.. فلا يمكن مقارنة الوضع فيها بدول أخرى – بنفس المساحة والموارد وتعداد السكان - تتخذ نظام حكم مدنى .
فلو نظر الشنقيطي- ومن قبله طارق رمضان – حوله لوجد أن الشماعة الجاهزة دائما والتي تُرفعُ تبريراً لحالة البلاد الإسلامية المتدهورة ولتجنيب دور الإسلام السياسي تبعة ما آلت إليه أحوالها وأوضاعها.. والتي يسميها ( الحملة علي الإسلام من جانب غير المسلمين) .. هي محض افتراء ووهم لا يتمسك به سواه مع أقرانه الذين يرددون ( عمّا على بطّال) تلك العبارة.
وأقترح عليه أن يعود إلي حصر.. كمْ مِن الحكام والدعاة وقادة التنظيمات والمؤسسات الدعوية والسياسية والمسلحة الإسلامية يرتبطون بوشائج وصلات عضوية بحكام الدول الكبري المعادية للشعوب بل وبأجزة مخابراتها.. مقارنا بالآخرين من غير المسلمين خلال القرن الأخير..؟ وسيجد أن عملية الحصر والمقارنة هذه ليست في صالحه بل تدحض كل ادعاءاته بصورة فاضحة وقاسية.
إن من يتهمهم الشنقيطي بشن حملات علي الإسلام هم من كانوا وراء تأسيس تنظيمات القاعدة وداعش وغيرها ؛ هم من سلحوها وموّلوها وخططوا لها وحددوا مهامها بل وينقلونها تحت حمايتهم من بلد لبلد ومن موقع لموقع داخل البلد الواحد ..وأخيرا يدّعون أنهم يحاربونها . وإلقاء نظرة على الوضع في أفغانستان وليبيا والعراق وسوريا واليمن كفيل برؤية القشة التي في عيونهم بينما يتهمون الآخرين – في تبجح غير مسبوق- بأنها في أعينهم هم.
وبعد أن اعترف طارق رمضان بجرائمه أصبح الشنقيطي - وكل العارفين بطارق- ظهرهم للحائط ، فانقلب الدفاع المستميت عنه إلي هجوم كاسح مشوب بالأسف عليه؛ وبات التنصل منه ومما اقترفه هو المهمة الوحيدة المتبقية لهم.
لكن الاحساس بالخزي أمام كثير من المناوئين داهم الشنقيطي بسبب دفاعه السابق عنه وكان من الضروري أن يُنظّر لذلك مدعيا أن حكمنا على المسلمين يكون من ظاهرهم لأن " الله أعلم بالسرائر " ووضع نفسه ضمن جمهور المخدوعين فقال [ " من حق الذين تحمَّسوا للدفاع عن طارق رمضان في السابق - وأنا منهم- أن يرفضوا الاستمرار في حالة الاستغلال والاستغفال التي أوقعهم فيها. فقد قامت الحُجَّة، وبانت الـمَحجَّة. " ] .
6-بعدها صار إبعاد تأثيرات الفضيحة عن مجالات عملهم ونشاطهم - الدعوي والسياسي والصحفي والأكاديمي - هو النداء الأهم الموجه لعامة المسلمين الذين كانوا يتعاطفون مع طارق.. بل وشكّل َ الاستغاثة الأخيرة لهم في هذه الملمة ؛ لذلك قال الشنقيطي في مقاله ( كان صرحا من خيال..) : [ " كل هذا لا يعفي المسلمين من التصدِّي لمن استغلوا قضية طارق لتشويه دين الإسلام في القلوب، والتحامل على الأقليات الإسلامية في الغرب، والطعن في دعاة الإسلام الذين يأمرون الناس بالقسط ، والنيْل من الحركات الإسلامية الساعية إلى إصلاح مجتمعاتها فهم معروفون بعداوتهم للإسلام. وهم مزيج من عتاة العلمانية الفرنسية، والصهاينة الفرنسيين، واليمين الفرنسي المتعصب، والثورة المضادة العربية "].
والمثير للدهشة هو أن يتمادي الشنقيطي في ترديده عبارة ( العداء للإسلام ) شأنه شأن طارق رمضان وكل المتصدرين لنشاط الإسلام السياسي بكل تلاوينه ؛ مع أن غالبية الشعوب الأوربية لا تكنّ كرها للمسلمين والإسلام بل يقتصر الأمر على عدد من السياسيين المتطرفين وبعض الحلقات الدائرة في فلكهم ، ولم يلفت نظره أن المسلمين في أوربا وأمريكا يعيشون في أمان واستقرار واستقلال وبحبوحة عيش وحرية في بناء مساجدهم وممارسة شعائرهم وعباداتهم لم تتوفر لهم في أوطانهم سواء من هاجروا منها طواعية أو هروبا أو لجوءا . كذلك لم يشد انتباهه بعض ما يعرضه الإعلام الغربي عن حماية الشرطة لهم أثناء صلواتهم. وأن هناك من المدن الأوربية ما تزيد فيها نسبة سكانها من المسلمين على من عداهم حتي من المواطنين مثل برمنجهام البريطانية.
أما التغيرات التي اكتنفت الموقف في صفوف الأوربيين في السنوات الأخيرة فمرده إلى النشاط المتزايد للتنظيمات المسلحة الإسلامية والتي طالت عددا من الدول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا وروسيا وغيرها حيث سقط العديد من الضحايا .. أي أنها رد فعل لممارسات الإسلام السياسي.
وإلى لقاء قادم في الجزء الأخير،،
السبت أول ديسمبر 2018 بشير صقر .
#بشير_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن هيبة الدولة والاحتجاج على مد خط الكهرباء بمنشاة الأوقاف (
...
-
متابعة لقصة شركة الكهرباء مع أهالى منشاة الأوقاف بمحافظة الغ
...
-
شركة الكهرباء بالغربية تخاطر بأرواح سكان منشاة الوقف توفيراً
...
-
- لم ( أرى ) في حياتي حقيبة أموال تحرز أهدافا -
-
اغتيال الصحفي السعودي خاشقجي بين وعي ومتابعة الجماهير وفضح أ
...
-
الكتابة السهلة والصعبة .. والتشبث بالقضايا الهامشية
-
فى قصة حظر زراعة الأرز بمصر وتقليص مساحته وحتى لا نكتفى بالن
...
-
مأزق الأمير تركى آل شيخ بين التجاوزات السياسية والخلافات الش
...
-
القصة الأخيرة فى الزراعة
-
القصة الأولى فى الزراعة .. ورقة مقدمة لمؤتمر- 7 سنوات على ثو
...
-
فضائح هيئة الأوقاف المصرية فى تهريب أرض الإصلاح الزراعى بالب
...
-
ملحق ما بعد كتابة الذكريات .. وخاتمة .. من ذكريات الطفولة وا
...
-
الرحيل إلى جرجا .. وحرب أكتوبر1973.. من ذكريات الطفولة والشب
...
-
رحلة الصعيد .. والحركة الطلابية بجامعة أسيوط .. من ذكريات ال
...
-
رحلة إلى كمشيش .. من ذكريات الطفولة والشباب ( ج 4 /6 )
-
العمل السياسى ودعم المقاومة الفلسطينية بالماى وشبين الكوم- م
...
-
من ذكريات الطفولة والشباب – رحلة لقريتى.. الماى (ج 2/6)
-
من ذكريات الطفولة والشباب – أحداث الطفولة ج 1/ 6
-
رسالة إلى من يريد أن يتذكر التاريخ أو يعرفه ..من أهالى قرية
...
-
انجازات جحافل الشرطة فى ارياف البحيرة تغطى اخفاقاتها على طري
...
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|