|
البلادة/ ASimpathy
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6027 - 2018 / 10 / 18 - 04:04
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
وديع العبيدي تبليد البشر/ ASimpathy people (يا ليل جيّم هوه.. أهل الهوه مْجَيمين!)- مظفر النواب (1) تعريف المصطلح.. تبليد تصريف من (بلادة)، والفعل المجرد منها (بلد- يبلد- بلدا وبلادة)، -بضم اللام او كسرها-، ويرد أيضا في صيغة المزيد (تبلّد- تبلدا)، وعند البعض (استبلد)= تمثل البلادة وتكلفها. والبلادة: طبع وأصل، وقد تكون (تطبعا). أقرب معنى لها: (حمق- حماقة). وأوفر دلالاتها اجتماعيا قول عيسى بن هشام: [الذنب للأيام لا لي- فاعتب على صرف الليالي/ بالحمق أدركت المنى- ورفلت في حلل الجمال] ، وعيسى بن هشام فكرا واغترابا وسلوكا، أكثر حضورا اليوم، وكأن زمنه يستعيد نفس موضعه. البلادة في المعجم: صفة مشبهة تدل على الطبيعة والثبوت، وهي [ضعف الذكاء وثقل الفهم وخمول الحركة] في الطبيعة الفردية، وهي [الاستكانة والتذلل وقبول الضيم] في المنظور الاجتماعي/ المجتمعي. البلادة عكس (الفهم) ومقلوب (الذكاء)، ومن معانيها (ادعاء البلادة) وتقمصها، لمسايرة الزمان والتقاط المعيشة، وهو المعنى المقصود في مقامات الهمذاني ومقامات بلادنا اليوم. اما العلاقة الاشتقاقية للفظ/ مبنى مفردة (بلادة/ بلدة/ بلد) بالبيئة والمكان، فله مجاله من البحث. واقع الحال ان القرن الحادي والعشرين الأمريكي، هو فرع منشق من القرن العاشر البغدادي*، وقراصنة واشنطن وثقافة البوب، هم تلاميذ بلداء غير نجباء للبروفسور الدكتور عيسى بن هشام، كبير فلاسفة عصره ومهندسي فكره، الذي نجح رغم ضآلة عمر سيده، فيما اخفق فيه أبو حيان التوحيدي [923- 1023م] رغم فائض سنيه. وقصر عنه أخوان الصفا وخلان الوفا/(القرن العاشر الميلادي/ الثالث الهجري) جميعا. ولعلّ من اسباب خيبتنا العصرية، عنايتنا بأخوان الصفا وليالى التوحيدي، واستخفافنا، بل قل عدم ادراكنا واستيعابنا فلسفة بديع الزمان الهمذاني وفذلكة تلميذه عيسى بن هشام ، وفهلوة ابي الفتح السكندري، الذين أسسوا لثقافة وديانة براغماتية طفيلية تسبق زمنها بعشرة قرون. ولماذا نضطرب ونصطرع، والمفاتيح بين أيدينا، والمسالك مبسوطة للسالكين، وقد ركبها الراكبون، ونكبها الناكبون، فلا هزؤ ولا شماتة، والله يرزق من يشاء بغير حساب. اختلفت فلسفة الهمذاني/(بوست مودرنزم)، عن الفارابي المعلم [874- 950م] ترجمان بلاتون، وتعليم ابن سينا [980- 1037م] معاصره، ترجمان أرسطو. وذلك بقلبه قواعد المنطق والأخلاق والعروش على رؤوس أهلها، وتركهم يسيرون بالمقلوب، ويغرقون في الضحك والسخريا. وهم لا يعرفون انهم انما من أنفسهم يسخرون، ومن امتساخهم بيد زمانهم يهربون، ولسان حالهم لا يقول: [نلوم زماننا والعيب فينا- وما لزماننا عيب سوانا/ ونهجو زماننا من غير ذنب- ولو نطق الزمان لنا هجانا/ وليس الذئب يأكل لخم ذئب- ويأكل بعضنا بعضا عيانا]/(الامام الشافعي). الموضوع الرئيس للمقامات، ليس الترف الأدبي ولا تلطيف ليالي الامراء والموسرين، وانما التصدي للفساد الذي ينمو وينهش المجتمع من داخله، في ضوء تجاهل الحكام وحواشيهم، واستغراقهم في أطماعهم وملذاتهم، أمس كما اليوم. فالسلطة في النظام العربسلامي مجانية: وراثة عائلية أو تزكية دينية أو وكالة أجنبية. فهي حكومة نخبة ودولة نخبة، لا مكان للرعية فيها سوى مكانة العبيد من حراثة الأرض وادارة الحروب وارضاء اولي الامر. بغداد القرن العاشر، كانت حاضرة سياسية اقتصادية، يسيل لها لعاب الطامعين، وذلك هو بداية انحطاطها واهمالها لذاتها، وتنافس البويهيين والسلاجقة على ثرواتها وزعامتها، حتى نزلت عليهم عصا المغول الفانية وقلبت الموائد على الصيارفة. وهو ما تصدى لتفصيله الدكتور عبد العزيز الدوري [1919- 2010م] في مؤلفه القيم (تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري)/ (1948م)، وهو من الدراسات الرائدة والنادرة في مجالها حتى اليوم، فضلا عن اكادميتها ومنظورها الوطني. التاريخ الاقتصادي القديم لمجتمعاتنا، نادرا ما يحضر أو يخطر في ذاكرة العصر، وفي ذلك خدمة لاختصاص الغرب بالتجارة والتفوق الاقتصادي والصناعي، بينما يصار للمبالغة في التصنيف العسكري والديني لتاريخنا القديم. فالاشوريون كانوا علاظا عتاة لا هم لهم غير التوسع العسكري ونشر المجازر وتشريد السكان عن مقاطعاتهم. حتى طالت أصابع المغرضين، ورسخ لدى الأهلين ان الامبراطورية الاشورية التي سادت شرق المتوسط حتى الهند، ومن أواسط الاناضول حتى مصر، لم تشهد حياة ثقافية أدبية ولا حركة اقتصادية وصناعية وملاحية. ولذلك اتفق الاشرار على تدمير اثارها واهمال الواحها وعثرياتها في خزائن برمنغهام وغيرها من متاحف المخطوطات، بعيدة عن الترجمة والتعريف، من قبل العراقيين ومن بينهم الاشوريين، حتى المستشرقين الذي تسابقوا وتنافسوا في ترجمة ما يمكنهم من امتهان العرب والاسلام، واعادة ترويج المصنفات الجنسية وأدب الغرائز. مات بهنام ابو الصوف [1931- 2012م] اخر حراس متحف التاريخ العراقي/(Iraqilogy) والساهرين على صيانتها وترجمتها وتقديمها لبني بلدهم مجانا. وما زالت في أروقة المتحف وخزائنه مئات الالواح تنتظر الترميم والترجمة، وبحسبه. ان كل مستكشفات ما بعد (1989م) لم تترجم، فضلا عن كثير من سابقاتها. وهذا يطرح قضية محورية شائكة، حول تركيز العرب على التاريخ الاسلامي والمبالغة في الدوران حوله، مقابل اهمال مقصود لتاريخ العراق قبل الاسلامي، بمختلف مراحله، البابلي والاشوري والاكدي والسومري، مجاملة للعبرانيين والفرس ونفاقا للمستشرقين. وقد نشرت في العدد الثالث عشر الخاص من مجلة ضفاف/(ابريل 2003م) تقريرا مترجما عن الحياة الاقتصادية وسجلات المحاسبة اليومية في بابل، ومستوى الانتاج الاجمالي والزراعي، الذي يشكل مادة الصادرات الرئيسة في عراق ما قبل الميلاد. بقية باقية من تاريخ العراق الاقتصادي القديم ابتعثت في العهد الاسلامي وتخذت منحرفا رأسماليا مع نشوء طبقة حكم وطبقة أشراف حجازية، تتسلط على ريع الأعمال والاراضي ولا تعمل بيدها. فكان من نتائج ذلك، اغتناء طبقة ارستقراطية من الدخلاء على البلاد، وطبقة انتاجية محدودة الدخل والحقوق، اخذة في الاتساع والتردي. اتساع الهوة بين الارستقراطيا الطفيلية السياسية والدينية/(أمس كما اليوم)، وبين طبقة المنتجين من فلاحين وحرفيين من قاع المجتمع والأهلين، ما هيأ الظروف لظهور حركات فكرية اشتراكية وحركات تمرد وعصيان وثورات شعبية مستمرة، حفرت مقدمات تقويض الحكم العباسي. بغداد العصر الذهبي هي ذهب ليالي البلاط وازدهار أسواق النخاسة والرقيق الملون، وبغداد (الكدية) والشحاذة ومرتزقة الكلام وغير ذلك مما يجعل مصطلح علي الوردي/[1913- 1995م] (وعاظ سلاطين)/(1954م) تزويقا وتحسينا للصورة الخارجية. والصحيح وصفهم بالمرتزقة والشحاذة والانتهازية الوظيفية والثقافية/(أمس كما اليوم). قد يقول احدهم، ما للنظام الرأسمالي البديع، انه يشجع المنافسة الحرة، التي تحسم ارتفاع الاذكياء والأصلح اقتصاديا، ومن تنقصه الخبرة والوسيلة، يهبط لقاع المجتمع. وهذا منطق مقبول لو كان يستند إلى أرضية نظيفة ومجردة. انما مشكلة الرأسمالية في الشرق والغرب، القديمة والمعاصرة، لا تقوم على الذكاء والصلاحية،وانما على الحيلة والقرصنة والاستغلال. ولا أعتقد بوجود رأسمالي واحد، امتلك ثروته بشرف ونزاهة ومن تعب يديه. هاته حالة مستحيلة. والتاجر الشريف مصيره الافلاس والمديونية. اما الناجحون والمرتفعون دوما، فهم اللصوص والمتلاعبون والمستغلون. ولذلك اقترنت الرأسمالية بالظلم والجريمة والوحشية، التي تعيش اليوم أبهى عصورها. وفي وقت سابق ظهرت (الفهلوة) العصرية في مسرحية (مدرسة المشاغبين)/ (1973م) التي تجسدت حصريا في شخصية عادل امام الفنية، قبل ان تتحول إلى ظاهرة اجتماعية وفنية وسياسية عامة، في الحيا ة المصرية والعربية، وتعتبر افلام (أفوكاتو)/(1984م)، و(ارهاب وكباب)/ (1993م)، (الارهابي)/(1994م) أفضل نماذجها. والفهلوة باختصار شديد تعني التعويل على الحيلة/(كذب ونصب وغدر وسرقة) كمبدأ من اجل المعيشة وبلوغ المطامح. هذا المبدأ الصالح للأفراد والجماعات والاحزاب والدول بنفس السياق، يبلغ الذروة، ليس في التطبيقات اللبنانية والعراقية، انما في شخصية (ترامب) الهزلية عندما يعتمد الابتزاز والتهديد، لانتزاع مليارات مجانية من البلدان، ليحسن بها صورته السياسية المالية، مقابل اخفاقه الذريع في كل جوانب ادارته وبرامجه الانتخابية البهلوية. وكأن الدول لا تحتاج اموالا لتحسين صورتها. مثال عادي للفلهوة والبلطجة وسثوط نقطة الحياء الانساني والسياسي. الفهلوة، الشحاذة، الفساد العام، تطبيع الجريمة، الكسب والسلوك غير المشروع، هي السبل الوحيدة لادراك اسباب المعيشة واستحقاق الحقوق، ليس لانحطاط قيم الناس، وانما لتحولها الى مبادئ الادارة الحكومية ونهب المواطنين في الداخل، ونهب العالم في السياسة الخارجية، وأبطالها هم شركات التجارة والبنوك عبر الانترنت، فضلا عن كل البلدان الغربية اليوم، وكثير من ملحقاتها عبر البحار. ــــــــــــــــــــــــــــ • عيسى بن هشام: شخصية الراوي في مقامات الهمذاني. • ابو الفتح السكندري: بطل المقامات، شخص فهلوي يتقمص أدوارا وشخصيات اجتماعية بما يناسب الحالة والبلدة، لغرض الارتزاق واالكسب وبلوغ الأرب. • بديع الزمان الهمذاني [969- 1007م] لغوي محنك وأديب فيلسوف ومثقف اجتماعي، تناول أدواء عصره ومظاهر مجتمعه بأساليب وأداوت فنية، حتى اختلط مضمارها الفني في مضمونها الاجتماعي، وبز معاصريه في فن المقامات القصصي الشعبي، وهو دالة عليه عبر الزمن، بل رمزها الأكبر. كتب اربعمائة مقامة، لم يوثق منها غير (52) مقامة. تنقل في بلدات متعددة من بغداد وهمذان حتى بلاد الهند. وفي كل بلدة ولغة كان دالة الدوال. لم يعش الهمذاني من الحياة اكثر من (37) عاما، أبدع فيها ما لم يبدع مخضرم، وقال عن نفسه [فإني وإن كنت في مقتبل السنّ والعمر، قد حلبت شطري الدهر، وركبت البر والبحر، ولقيت وفدي الخير والشرّ، وصافحت يدي النفع والضر!]. عاصر البديع ممالك بني العباس والبويهية والغزنوية والزيارية والصفارية، وله بينهم مقام ومقامة. ولا نفهم البديع الهمذاني مالم نقف موقفه من احتقار بلدته (همذان)/ شرقي دجلة، شأن جيمس جويس في احتقار دبلن، بقوله [همذان لي بلد أقول بفضله- لكنه من أقبح البلدان/ صبيانه في القبح مثل شيوخه- وشيوخه في الحمق كالصبيان]. عاصر الهمذاني الفارابي والتوحيدي والبيروني وابن سينا والشافعي والغزالي والثعالبي؛ ومن الكتاب: ابن العميد وابن عباد والصابئ ابا اسحق، والخوارزمي والعتبي والجرجاني وابا هلال العسكري وابن نباته الخطيب والحسن التنوخي، وغيرهم كثير. وفي خضم كل أولئك، انماز على الجميع، وترك بصمته في لوح الاجتماع البشري. وانظر ما أقربنا اليوم من تاريخ وفاة البديع/(1007م) بعقد على الألفية/(2018م)، ليتطابق طرفا الزمن. وفي القرآن/(21: 104): [يوم نطوي السماء كطيّ السجل للكتب!]. • القرن العاشر الميلادي هو القرن الثالث الهجري الاسلامي؛ يقابله القرن الحادي والعشرين الميلادي، وهو القرن الثالث الأمريكي الرأسمالي/(وثيقة الاستقلال في الرابع من يوليو 1776م). • اخوان الصفا وخلان الوفا [القرن العاشر الميلادي/ القرن الثالث الهجري]، ويدعون أيضا: الرحماء، الأبرار، الأطهار، الفضلاء، الكرام، شهود الحق، وهاته درجات متراتبة في عرفهم. يعتقدون بالتطهر من خلال المعرفة، وبوحدة الوجود والأصل السماوي للوجود على مذهب بلاتون والفارابي. وفي عقيدتهم تكون الوجود من اربعة مراتب: [الله- العقل- النفس- المادة]. اتسموا بالسرية في نشاطهم، والصفة الجماعية لمعرفتهم دون معرفة أشخاص المؤلفين والمجد الفردي، وهم بذلك أدنى لطائفة الفيثاغوريين الأغارقة/(القرن الخامس ق. م.) الذي نقلوا علومهم وطقوسهم عن الهند القديمة. ثمة خيوط كثيرة تجمعهم مع (المعتزلة)/(بين القرنين الثامن والعاشر الميلادي)، ولهم أثر في مبادئ (الاسماعيلية) الباطنية. ويذكر ان رسالة الدكتوراه المعنونة (اخوان الصفا- فلسفتهم وغايتهم) في جامعة الازهر المصرية، هي باسم فؤاد معصوم (مواليد كويسنجق/ شمال العراق 1938م)، رئيس دولة العراق [2014- 2018م]. • محمد بن ادريس الغزاوي الشافعي [767- 820م] أديب وكاتب وعالم دين من الطبقة الأولى. جمع بين مالكية الحجاز وحنفية العراق وذلك في تاليفه (الرسالة) التي ضمنها وضعه لأصول علم اصول الفقه، وله ديوان شعر حافل بحكمة الشرق وروح الوجود. • عبد العزيز الدوري [1919- 2010م] مواليد قضاء الدور/ صلاح الدين شمالي بغداد. حصل على البكالوريوس والدكتوراه في التاريخ الاسلامي من انجلتره/(1942م). قام بالتدريس في دار المعليمن العالية قبل انشاء كليات وجامعة بغداد، عمل عميدا للاداب ثم رئيسا للجامعة. من قيادات المجتمع العلمي العراقي والمجتمع الثقافي العراقي، ترأس جمعية الكتاب والمؤلفين العراقيين في دوراتها الأولى في الستينيات. (1978م) غادر العراق الى بيروت واستقر في جامعة عمان الاردنية استاذا ومشرفا للدراسات العليا حتى وفاته. من أبرز مساهماته الفكرية: تاريخ العراق الاقتصادي/(1948)، مقدمة في تاريخ صدر الاسلام/(1949م). • بهنام ابو الصوف [1931- 2012م] مواليد الموصل، حاصل على الدكتوراه من كمبردج/ انجلتره/(1966م)، تخصص تاريخ قديم واثريات. عمل باحثا في المتحف العراقي ومديرا له، تصدى لقوات الاحتلال ومنعها من دخول المتحف أو تسليمهم المفاتيح. يستحق أن يكون شهيد الاثار العراقية!. (2) القيامة الان..! ما أشسع المسافة بين القرن العشرين والقرن التالي له. قناعاتنا الشعبية كانت تعتبر الألفينية موعدا لانقلاب العالم/(القيامة). وأنا شخصيا سهرت ليلة الحادي والثلاثين من عام (1999م) حتى الصباح، تركت الكمبيوتر مفتوحا، وعيناي تراقبان السماء من النافذة، عسى أن أكون شاهدا على وقوع القيامة. في أول يوم بعد الألفينية، قلت (القيامة) أو توقيتها (خرافة)!. ثم تذكرت ان التقويم الغريغوري ليس دقيقا، وانتظرت ثلاثة عشر يوما زيادة، ثم انتهى يناير وابتدأ فبراير يجرّ حمولته، وكانت تلك أصعب أيام العراق بين اجراءات الحصار الغادر والتجاوزات العسكرية انجلوميركية التي دخلت مرحلة الوحشية والهمجية الجوية منذ (1998م) واستمرت حتى الاحتلال في أتم رقاعته. الاشكالية المحورية لتفكيري خلالئذ، كانت نمو الشر في العالم واتساع (سلطان ابليس)، وتراجع القيم الأخلاقية والمواقف الانسانية في بلادنا والعالم. في العام (2003م) نشرت مجموعة شعرية كبيرة بعنوان (منفيون من جنة الشيطان)، والدلالة الظاهرة للعنوان واضحة. لكنني واصلت اكمال نصوص المجموعة لاصدار جزء ثاني أو طبعة مزيدة منه. في (2018م) قررت تعديل العنوان ليكون (منفيون في جنة الشيطان). والتعديل يشمل (حرف جر) فقط، لكنه تغيير جوهري. في عام (1991م) غادرت بلدي وأنا اعاني اشكالية فكرية أخلاقية، ازاء ممارسات النظام غير المنطقية والعديمة الانسجام كليا. بعد ربع قرن من المهجر، والتنقل في أكثر من بلد، وجدت انني لم اجد وطنا بديلا، وأن (كل شوارع هذه الخليقة لا تساوي دربونة في العراق، وكل سطوح الخليقة ليست تعادل ساعة من ليالي سطوح العراق!). كان المفترض لمثلي، وانا أجيد الالمانية والانجليزية ومبادئ اللاتينية وأكتب بغير لغة أوربية، أن أكون منسجما مع الحياة الغربية، لكنني كنت أزيد اغترابا واضطرابا مع الأيام. لينتهي قراري بالعودة، واعتبار الوطن هو الأول والأخير في حياة المرء، وكلّ ما عداه هو المنفى والجحيم. واصبح هذا هو مشروعي الفكري الأخير. الفكرة الثانية التي تبلورت هي ان (القيامة اخلاقية وليست فيزياوية). الفكرة التقليدية هي أن (العالم ينقلب) والاجرام تذوب، وغيره مما يرد وصفه في الاصحاحات العشرة الأخيرة من سفر رؤيا يوحنا/(100م). (القيامة) كما هي في [القرن الواحد والعشرين والبوست مودرن ونمذجة الوحشية الأميركية] وترويجها ببرنمج شامل ممثل باملاءات صندوق النقد والبنك الدولي لهدم المرتكزات المادية من جهة، وشبكة النت لترويج الفساد والجريمة، وتفتيت القيم الاخلاقية والانسانية!.. ان ما وصف بنهاية التاريخ وما بعد التاريخ والعولمة وما بعد الحداثة، انما هو بتعبير أشد وضوحا، هو عالم (ما بعد القيامة!). فما يحدث اليوم من قيام أمة على أمة، وانهيار دولة وشعوب وأنظمة، وسيادة الشر والجريمة، واغتراب الخير والضمير، ليس غير فصول من رحلة الجحيم والقيامة. القيامة روحية اخلاقية وليست مادية فيزياوية. رجال في صور وطبائع نساء، ونساء يفخرن بالاسترجال ومخالفة طباعهن وخصائصهن، وحركة انقلاب وتمرد وانعكاس ودمار في كل شيء وعلى كل صعيد. الدين يروج قيم اللبرالية، والكنائس تحتفل بمثليي الجنس وأبناء العوائل المتمردة، الدين غطاء لعيوب النظام الرأسمالي، وتعزية للفاشست الدمويين من اعداء البشر وتجار الدماء، بوش يصلي ويتلكم مع ربه الطاغوت. توني بلير يشتري صك غفران من بابا روما ويتعمد مرة ثانية، علما أن العماد الكنس لا يتكرر. السمة الانجيلية صارت لعبة انتخابية لترشيح زعماء سيئي الخلق والضمير لادارة الولايات المتحدة الاميركية، وكاريكاتورات هزلية لتشويه التاريخ وتدمير العالم. اين كانت مكانة الدين وصورة رجل الدين وقدسية القيم الدينية، من انحطاطها جميعا على يد الاجيال الجديدة من خريجي المعاهد الدينية الرأسمالية الفارغة من القيم الروحية والاخلاقية، وإذا ذكرت، كانت رياء وفهلوة. ان اي انحطاط يحمل بذرته في داخله. وكما حدث للدين حدث في سوح الثقافة والاكاديما، مع ظهور اعلام زائف واجيال صنعتية تعلقوا بمصطلحات وألقاب، ولم يعدموا المحسوبية والشللية مع ازدهار الفساد، أما في مجال التجارة، فظهر خريجو مدارس التجارة والمتعلمون في الغرب، ليزيحوا الجيل العصامي لقديم المحافظ، ويحتكر التجارة العصرية من لا يفهم في التجارة ولا يتحلى بالاخلاق. أليس النشاط التجاري سلوكا مجتمعيا يحترم النظام الاجتماعي وقيمه، أم يتجاوزها ويسخرها لأطماع مراهقته، وبشكل صارات معه تجارة المال والمخدرات، شرطا لازما لتنمية المال، والوجه الثاني لتجارة غير وطنية. فماذا يتبقى لوظائف الدولة والسلوك الحكومي بعدها!. بعض هاته الأفكار وردت في فصل (في رثاء الشرّ!)/(موقع جماليا الثقافي/ 26 اوغست 2016م)، وهي محور كتاابات المرحلة الأخيرة التي يمتزج فيها البعدان المادي والروحي، والفلسفي والواقعي. وهي مرحلة انتقالية عسيرة التشكل والعبور، لكنها تتتضخم يوما بيوم، وتفتح فاها لابتلاع المزيد والمزيد من بشرية اليوم وسحق المتبقي من قيم انسانية وسماوية، ولم تكن البشرية بهذا الحراك والهيجان، ولكنها، خلافا لمنطق القرون الماضية، حركة وهيجان في الاتجاه المعاكس، المنحط والخطأ. ان بشرية اليوم – مضروبة على نافوخها- تفتخر بالشرّ والانحراف والخزي، بغير شعور أو وعي، أو احساس بالمسؤولية الاخلاقية والفكرية والتاريخية. ولاحظ ان الذي يقودون عربات الشر والانحطاط، هم الاكاديميون والمتثاقفون وقادة السياسة والاقتصاد والاخلاق والدين. هؤلاء المفترض بهم تصويب المسار الاجتماعي والتاريخي لبلدانهم. لهذا نجد اليوم ان الحكومات السابقة التي لم يكن فيها لقب دكتور أو شهادة جامعية، كان أداؤها أفضل وأرقى من حكومات اليوم المزدحمة بدرجات الدكتوراه، فيما أداؤها دون الصفر، وسلوكها شهادة أدانة ضدهم. قادة الدين، قادة المجتمع، القادة من كل صنف ومستوى، يمارسون عكس أدوارهم، ورغم انتفاخهم الادبي والاكاديمي، فهم دمى مفضوحة تحركها أصابع أجنبية، وكل ما تقوم به هو التسقيط، تسقيط المجتمع وتسقيط أنفسهم. الوطنية، القومية، الشرف الوطني، تجريم الخيانة والعمالة والسمسرة على حساب الوطن والانتماء، اصبحت بالاتجاه المعكوس. فالسياسة لا وطنية ومناقضة للروح القومية، وفي مقدمة شروط الترشيح للمنصب الاستعداد الكامل لممارسة التجسس والسمسرة والعمالة حتى الخيانة التامة. اين الشعوب والشوارع التي كانت تغلي خلال ساعات احتجاجا على قرار جائر أو زيارة شخص امبريالي للبلاد أو تجديد توقيع اتفاقيات جائرة عام (1936م)/(مثلا) في العراق وسوريا ومصر. وهل معقول ان المجتمعات العربية تتوسل الاحتلالات الأجنبية، ووجوه القوم يستقبلون جنرالات اميركان وجواسيس في بيوتهم، وهل معقوللللل.... أم مجرد تاريخ فكشن.. حكام عرب واسلامويون، يتسابقون ويتناطحون لارضاء زعيمة الامبريالية والمغالات في تطبيق املاءات البنك الدولي العنصري والعدائي، ولو جاع ثلثا الشعب، وضاع ثلثا الوطن وهدرت كل الموارد البشرية والمادية لارضاء مشروع الاحتلال وصفقة الحكم. كيف سقط القانون والدين والحرم الجامعي وابن الشارع وأبناء الأصول خلال خمس دقائق، ليتحولوا من قوميين وماركسيين إلى اسلامويين منحرفين، ومن الاسلاموية إلى الاميركانوية الامبريالية. يقول لورنس انه يتعجب كيف يمارس البدوي القتل ثم يشمر عن ساعديه ويقوم يصلي على بعد خطوتين من موضع الجريمة. ونحن لا نتعجب كيف يتصدر البلاد شخص/ أشخاص يتفاخرون بعلاقتهم وخدمتهم للعدو الذي عاقب بلدانهم بحصار جائر طويل هو الأول في التاريخ، وتسببت طائراته بقتل السكان وتدمير الزراعة والمرتكزات المادية والمدنية للعراق. أي شعب أو مجتمع يقبل بأمثال هؤلاء حكاما له، كيف يصبغ اصبعه لانتخاب أعداء الوطن والخونة المعروفين رؤوسا للبلاد، ثم ينتظر الخير منهم. ولا يتورع اولئك الخونة في الحديث عن الوطنية والخيانة والارهاب، ونسبة انفسهم لسومر وبابل، ونحن لا نعرف أن السوامرة والبابليين كانوا خونة وعملاء وسماسرة أرض وبشر وقيم. (3) الحكمة القديمة.. في رواية (سيدات القمر) للكاتبة العمانية جوخه الحارثي/(مواليد 1978م)، يرفض الأب التاجر الموسر تلبية رغبة ابنه بالسفر الى العراق لاكمال الدراسة، وصورة الردّ: (تذهب الى العراق وتفسد!). فما وجه الصلة بين (التعليم، الفساد)؟.. نحن المتعلمين والعلمانيين لا نرى وجها للعلاقة بين الثقافة والفساد، فكيف تكون (الدراسة) مطية للفساد؟.. هنا تدخل سلطة التأويل والتقويل، ولكن ما يلزمنا هنا هو القرائن العملية والواقعية، والتي سبق المرور ببعض وجوهها هنا. كعلمانيين وحداثيين، كنا مؤمنين ايمانا دوغمائيا بفضيلة الحداثة والعلم على التقاليد والقناعات الموروثة. وقد اعتقدنا ان مجرد تحرير المجتمع من سلطة التقليد والغيبيات، فأننا سنتحول الى مجتمع متمدن متقدم يضاهي البلدان المتقدمة. وفي نهاية السبعينيات صارت رؤية عباءة المرأة في عاصمة عربية شمالية، أمرا نادرا. قطع المجتمع شوطا حاسما نحو المدينة العصرية. كنا متفائلين جدا. فكانت النتيجة حربا غبية. والحرب سحبت المجتمع نحو الخلف. الحرب رفعت معيار الغريزة والبداوة على معيار العقل والمدنية. خلال النصف الأول من الحرب، قطعت بغداد شوطا كبيرا في طريق ترييفها. ليست العباءات السود، وانما العقال والكوفية والمظاهر القروية واصلت احتلال المدن. الازياء الريفية اقترنت بسيادة القيم والتقاليد والعقلية الريفية القبلية والبدوية على حساب المجتمع والقيم المدينية والبرجوازية التقليدية. الحرب تعتمد على الطبقات الفقيرة والدنيوية في المجتمع، ومنها سكان القرى والأرياف والبدو. الحرب ساوت بين سكان الأطراف وسكان المراكز. تساهلت ادارة الحرب مع قضايا العمران والتوطن. وبسرعة مدهشة نمت أشرطة وأحياء شعبية وريفية في الجانب الشرقي من بغداد. وهكذا احيطت بغداد بحزام ريفي من الشمال الشرقي/(الكرخ) ومن الجنوب الغربي/(الرصافة). المجتمع البغدادي الأصلي صار غريبا وضعيفا، وسط بحر ريفي تختلط فيه حسابات الريف والبداوة. وساعدت مجانية النظام التعليمي في اتاحة الفرصة للجيل الثاني والثالث من أصول ريفية لبحمل درجات اكادمية، وشهادات عليا أيضا، بفضل مرونتها وحماسها في تقمص الفضاء المديني الاغراءات الحزبية. وكان صدام حسين [1937/ 1979- 2003/ 2006م] قد قاد ثورة شعبية/(1977م) داخل كادر الحزب، بتهميش الاصول المدينية القديمة، وترقية فئات كبيرة فلاحية وعمالية للكادر المتقدم، لتغيير النظام الحزبي من الولاء للعقيدة، إلى الولاء للقائد. فتهميش المدينة وأهلها كان قرارا رسميا فوقيا، سرعان ما مهّد، للانتقال بالسلطة من الحكومة الوطنية، إلى الحكومة العائلية، ذات الاصول القروية والريفية. عندما افتتحت (الأسواق المركزية)/(بغداد 1981م)، رافقتها ظواهر ومظاهر اجتماعية وتجارية مشينة. كانت الصحف تتداولها من باب الكاريكاتير، لكنها كانت تقرض المجتمع من الداخل. ومع الوقت تحولت الظواهر الاجتماعية الفاسدة الى ظواهر عامة يعجز المجتمع والدولة عن السيطرة عليها. وسوف تكون هاته نواة الطبقة التجارية الرثة التي شهدت ازدهارا ونمو سريعا خلال الثمانينيات وما بعدها. انها طبقة تجارية ميكافيللية لا أخلاقية. مادتها الرئيسة من الفئات الهجينة والدخيلة على المجتمع البغدادي. مركز بغداد التجاري/(بين شارعي الجمعورية والرشيد)، شهد استحالات متعددة، من العثمانيين واليهود، الى تجار المدن المسلمين والكرد، انتهاء بريفية بغداد. وهذا يعني ان النمو والازدهار التجاري والمادي، كان مصحوبا بتراجع قيمي وأخلاقي. ويمكن ان هاته الحالة الغرائبية تكررت في غير بلد عربي، مدعوما بتغيرات السياسة الدولية والاملاءات الأجنبية في السياسة والاقتصاد. ما حدث في العراق من تخلخل سوسيواقتصادي، هو شيء نسبي عند مقارنته بما تم في قاهرة المعز، من انقلاب عشوائي ميلبودرامي كما تجسد جانبا منه (عمارة يعقوبيان)/(2002م) لعلاء الأسواني/(مواليد 1957م). فالاقتصاد المصري أكبر حجما وعراقة وتقدما، والمجتمع المصري يزيد على ثلاثة أضعاف المجتمع العراقي. لكن هذا أيضا يبين شدة وضوح العيوب والانحرافات في الحالة العراقية. لقد حرصت أنظمة حكم كثيرة على عدم السماح بحصول انقلابات ضدّها، لكنها لم تستطع منع حصول انقلابات اجتماعية طبقية. وعندما يتغير النظام الطبقي في مجتمع، تتغير قواعد المجتمع السياسي، وهذا يعني عمليا انقلابا سياسيا في البلاد. وقد يمكن للنظام الحاكم استعادة السلطة وافشال قوة الانقلاب السياسي أو العسكري، لكنه من الاستحالة ان يعيد الانقلاب الاجتماعي الى سابق عهده. ويمكن التمثيل لذلك نسبيا في حالات اتساع المد الديني الجماهيري في مجتمعات ايران/(1978م) ومصر وتونس/(2010م)، التي فرضت جماهيريا تغيير هرم النظام لصالح الخيار الديني. سقوط الشاه لم يكن حركة عسكرية انما حركة شعبية وتغيير جذري في طبيعة السكان وتوجهاتهم. نظام حسني مبارك هو الوحيد الذي نجح في مراوغة حركة الشارع وخطابه الديني، في نوع من تقاسم السلطة، الحكومة تملك الدولة، والجماعات الاسلامية تملك الشارع والمجتمع، والشاطر يغلب. لكن الذي خلع مبارك هو اجيال الشباب المتنامية والمتأزمة خلال ثلاثة عقود من حكم جامد متخلف رجعي، نزع عن الشخصية المصرية كرامتها. لذلك كانت انتفاضة مصر شبابية، وفي الانتفاضة يتردد شعار ذو دلالة [ارفع راسك!.. انت مصري!]. الثلاثون مليونا في الانتفاضة، كانوا من الشباب والناشئة المصرية، وليس من الجماعات الاسلامية، ولا النخبة المثقفة، أو أبناء الاجيال المسنة التي تلاءمت مع نظام الحظب الواحد. ولذلك كان من مقدمات حكم السيسي قلع اسنان/ انياب الجماعات الدينية، وقد نجح في ذلك بشكل فريد، ووضع مصر وشعبه على مسار مختلف، له هالة وبريق من الخارج أو الظاهر، بينما تتردى ظروف المعيشة وتتسع مساحات الفساد وكل مظاهر الرداءة. لكن السيسي في ظل الفراغ السياسي الاقليمي والخراب المجتمعي والثقافي واستغراق المنطقة في الازمات من كل نوع وجانب، جعل نفسه النظام الاكثر استقرارا، والحالة النموذجية التي يتمنى العرب، حكاما ومجتمعات، الاقتداء بها. السيسي فهم قواعد اللعبة. هو بالتأكيد عسكري ناجح، اداري ناجح. اما الان، وبعد اجتيازه ولايته أولى، فهو سياسي من وزن رصين. لقد حمى حدود مصر في وجه وحوش الغابة الدولية، وهذا اعجاز وانجاز فريد لم يسبق اليه. انه يتبع نظام الاولويات، وأية أولوية أكثر من الاستقلالية السياسية، حتى لو كانت اعلامية. لنتذكر صورة مصر مبارك امام الادارة الاميركية، لا يكاد يمر يوم دون تداخل اميركي في داخلية مصر، وعشرات ألوف بل كثير من قطاعات المجتمع ونخبه الاكادمية والدينية تنتقل بين مصر وأميركا على حزام أمريكي ناقل. حركة معلومات وأموال ومؤسسات تجارة لا وطنية، وما يدعى منظمات مدنية ومراكز ابحاث ونشر ستراتيجية، خارجة عن تحكم نظام مبارك. كل ما كان يستطيعه النظام هو اتقان الجباية والاستغراق في مستويات الفساد. وبعد توزع السلطة بين الاسلاميين في الشارع، والحكومة في الدولة الامنية، ظهر طابور حيتان رأسمالية لا وطنية، تحتكر الاقتصاد والتجارة المصرية، وتربطها بالغرب عبر الاتلانتك. الدولة المصرية صارت مجرد هيكل كارتون، ينتظر سقوطه بأي لحظة، وقد سقط، بخسائر أقل، بفضل العسكر: طنطاوي/[1935/ فبراير 2011- يوليو 2012م/ ؟] والسيسي [1954/يوليو 2013م]!. مصر السيسي، اقرب كثيرا، نسبيا، لمصر عبد الناصر[1918/ يوليو 1953- سبتمبر 1970م]. مصر عبد الناصر، كانت الوحيدة الشامخة والمميزة اقليميا ودوليا في العالم العربي. من المفارقة التاريخية، بعد نصف قرن من العهد الناصري، ان ينجح السيسي في تجاوز الهوة التي حفرها انفتاح السادات [1918/ 1970- اكتوبر 1981م] وميوعة مبارك [1928/ 1981- فبراير 2011م/ ؟]، لاعادة هيبة خارجية لريادة مصر، وعلى قدر محافظته على خطه ونهجه، سوف يحقق نجاحات على الصعيد الداخلي، الحكومي والمجتمعي. الصورة المعكوسة للحالة المصرية دائما، نجدها في العراق، والصورة الوسطية نجدها في سوريا والأردن، والصورة الندّية لمصر، نجدها دائما في السعودية والخليج. أما الشمال الأفريقي، فهو يراقب مصر بصمت ويتعلم منها الكثير، لاحظ الخط الجزائري والمغربي، واقتراب الخط التونسي لنسخ المثال السيسي والمصري. الحصانة والرداءة، الارادة الوطنية والبلادة متقابلان رياضيان لا يلتقيان ولا يتوافقان ابدا. ولا قيمة.. لا قيمة اطلاقا، لأية شعارات وبرامج وطيارات لبرالية، دمقراطية، اصلاحدينية ولا دينية، من غير اجتماع عناصر السيادة والارادة والحصانة والاستقلالية الوطنية والثقافية!. ومن يجادل في هذا المبدأ.. دعه يجادل وينقسم سبعمائة وعشرين مذهبا، فوق مذاهب الكلام والخواء الحالية. وليقل الناصح: (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم! )- (القرآن 13: 11) (4) البلادة الهمذانية تختلف عن البلادة الأمريكية في عالم الشعور وعلم النفس السلوكي. في ابحاثه يركز ارنو غروين [1923- 2015م] على تجارب الطفولة السلبية وانعكاسها العدواني على سلوك الشخصية. ويكاد يعتبر معه، ان كل ظواهر العنف اللفظي والمادي تتعلق بتجارب ماضوية سيئة. ورغم ان الام عموما تفتخر بتربيتها لأطفالها، وتزعم انها كانت أكثر حبا وتضحية لأطفالها، لكن الابحاث النفسية ترى غير ذلك. وأرنو غروين هو الأول والوحيد من بين المحللين النفسيين، يشخص حالات اطفال الاستبداد الأموي. ان الام المغرورة والفخورة بنفسها، لا تكتفي باضطهاد طفلها مبدئيا، وانما تجعله يشفق عليها رغم أنه يعاني من قسوتها ولؤمها. أنا شخصيا رأيت نساء اوربيات يصرخن في وجوه أطفالهن بسؤال مخابراني مكرر: هل تحبني؟.. هل أنا جيدة معك!.. هل أسأت اليك؟.. والطفل يبكي بشدة ورعدة!. الام الأوربية وغير الاوربية عموما، عندما تفقد رجلها لأي سبب، فأنها تسقط صورة الرجل ومشاعرها على طفلها. على الطفل ابن السنغل مام أن يمثل شخصيتين مع أمه، شخصية الطفل، وشخصية الرجل العاشق، وحسب مزاجها وظروفها وحركة مشاعرها. هذا الطفل، الضحية المزدوجة، لفقد أبيه وقسوة أمه أو تشوهها النفسي والعاطفي، لا يستطيع المكالبة بأبيه أو ابداء اية مشاعر عطف وحنين تجاهه، في حضور امه، وسوف يعيش ارهابا داخليا مزدوجا حتى يكبر ويستقل بنفسه، أو يهرب من البيت في سن المراهقة. هذا الاضطهاد الاموي، الاستبداد والقهر العاطفي، يحفر في أعماقه تشوهات ومعاناة فوق طاقته، تضطره لتحويلها الى قسم اللاوعي/(العقل الباطن). لماذا يقبل الطفل بحالة قسرية ظالمة في مجتمع مدني يحظر المسالك العدوانية، ويوفر ضمانات قانونية كبيرة للطفل. يقول غروين، ان الطفل يعرف أن امه تسيء معاملته، ويعرف أنه بتعذب. ولكنه أكثر منه، يعرف أنها (أمه). وفي عوائل السنغل، هي الكائن الوحيد الذي يعرفه أكثر من غيره في الوجود. وهو لا يريد أن يفقدها ويحرم من وجودها. ولكي ينسجم فكره مع موقفه ويبرد ضميره، يقوم بترويض نفسه. يقنع الطفل الضحية نفسه ان أمه تحبه أكثر من كل شيء، ورغم كل شيء. وهذا يجعله يتوخى اعذارا وتبريرات لسلوكها معه، يقوم الطفل بتجاهل وتناسي لحظات القسوة، مقابل تضخيم نفسي وفكري للحظات الجميلة بينهما، مثل اعياد الميلاد الشخصية واعياد رأس السنة والمناسبات. أكثر منه، يعمد بعض الاطفال، لاقناع انفسهم، ان الام سوف تتغير عندما يكبر قليلا، أو تتغير مع الزمن، أو تجاوز أزمة عائلية. هذا الموقف يجعل الطفل يتعرض لضغط نفسي وعقلي يفوق احتماله. ولكن لابد منه للمحافظة على علاقته بمحيطه. هاته الحال تتكرر في اطار علاقات قهرية لا يشترط ان يكون الطرف الثاني هو الام أو الاب. فقد يكون الشريك أو رب العمل أو المعلم في المدرسة، وهذا لا يوصف بالنفاق القهري، وانما العلاقات القهرية شبه العبودية المنحرفة عن نسقها الطبيعي. ويبقى مدى السلامة مرهونا بعصب مشدود، خشية طروء عامل خارجي. ان أي كلمة أو صورة عفوية، يمكن ان تحفز/ تهيج مكامن الذكرى النائمة، وتكرار ذلك خلال أوقات متقاربة ينهك احتمالية الفرد، ويدفعه لسلوك/(رد فعل) غير متزن، يفوق في حجمه، الطارئ الذي قد يكون تافها، دون أن يفهم المقابل سبب الهيجان وأين كان الخطأ. المشكلة، يقول غروين، ان الطفل مهما حذق في التبرير وترويض نفسه وخداعها، فأن تقدم الوقت يقوده للاحباط والفشل. ظاهرة العنف في المجتمع الرأسمالي واردة وسائدة جدا. والمدارس غالبا تتجاهل مظاهر العنف العادية بين الاطفال ما لم تصل للضرر المادي والجسدي. ثمة حالات انتحار بين الأطفال، أو ايذاء نفس أو ايذاء الغير، أو تدمير ممتلكات عامة ومظاهر تمرد، وهناك أيضا هروب الأطفال من ذويهم والاختفاء كليا. نسبة المفقودين في تزايد. نخطئ تماما عندما نلغي تفاعل وعي الاطفال مع السياسات العامة واتجاه التغيرات، سيما السيئة كما هو الساري راهنيا. ومثل أي كائن حيوي يشعر بالقلق على ذاته ومحيطه، ومن الضرورة هنا الحصول على دفء اجتماعي وطمأنينة نفسية، وعدم تركه فريسة قلقه وتيارات الأخبار الوحشية التي تدلقها وسائل اعلام العولمة، بشكل مبرمج لتدمير عصويات الأعصاب وأجهزة الحماية والحصانة الطبيعية داخل الجسم. ومن امثال تلك الصور التدميرية سلسلة أفلام اما يدعى جزافا وايتذالا بالخيال العلمي والذي صار سمة رئيسة للالعاب وبرامج الاطفال الأمريكية، لانتاج أجيال مهشمة مهزومة داخليا، ولا تعرف في حياتها شيئا غير الخراب والموت والخوف. هاته الافلام تتداولها كل البلدان ووسائل الاعلام ومنها التلفزة والنت، في خطوة خنيعة واسهام محلي في تدمير قطاعاتى اجتماعية، بينما كان بناء الانسان وبلورة شخصيته الفكرية والاجتماعية والأدبية من صلب الانظمة الدستورية الوطنية، التي تعرضت للرفض والنسف من قبل مجتمعاتها، لتسلم نفسها للحظيرة الاميركية ومن غير ندم. زيادة في معدل الجرائم، سيادة مظاهر الفساد وأدواته في كل مكان. موت الجمال والحرية والنظافة. الخروج للشارع ومواجهة الناس تعني الجحيم والقرف. مع تدمير المرتكزات انقلبت الانساق والعادات وصار الناس يتفاخرون بالشر ومظاهر الابتذال، قولا وسلوكا. يقول المزمور: عندما يحكم الاراذل، ينتشر الأشرار في كل مكان. هذا هو الانقلاب المجتمعي ومخالفة كل شيء طبيعي. لكي تضمن الرأسمالية ديمومة مصالحها ومكاسبها لابد لها من تدمير الكيان المجتمعي الطبيعي، واشاعة الفوضى و التخلخل المعيشي. ولكي تضمن الدولة الشريرة الفاشلة استمرارها في الحكم، فلابد أن تستخدم كل وسيلة لدفع المجتمع الى نفق الخراب والفوضى. ومن الغريب والسذاجة مطالبة الناس بالاصلاح والقانون والخدمات الاجتماعية، من صنائع أميركا العولمية. بينما تتحمل السياسات الأميركية ووكلاءها في البلدان مسؤولية كل الاوضاع الشائنة عقب السبعينيات. الفساد الاداري والانفتاح الاقتصادي وعلكة الدمقراطية والتطرف الديني والازمات الوهمية وتطور معدلات الاقتراض من الغرب والبنك الدولي، وازدياد الحركة بين العرب وأميركا، وصولا لحالة الغزو الشامل الذي تقطف مجتمعاتنا ثماره الفاسدة، وكل ذلك في اعقاب ارتفاع اسعار النفط السبعيني لآول مرة تاريخيا، والنصر المحدود الذي تفوق فيه العرب على (اسرائبل) الدلوعة الدولية، الزجاج الجارح الذي لا يجوز جرحه. من الخطأ عمليا، عدم اعتبار أعراض الهزيمة الوطنية والقومية والدينية والثقافية عند الانسان العربي. من الطبيعي ان كل انسان يرغب أن يكون جيدا، ناجحا، ومتفوقا. ورغم ان العرب عموما يتلقون المهانة كأمر طبيعي من الانظمة الكولونيالة الصنع وممارساتها الأمنية الوحشية والمهينة، فليس كل العرب سواء في اعلان تلك الممارسات والتعبير عن معاناتهم وتعرضهم للاضطها، فالمصري نادر ما يشكو حكومته للخارج، وقريبا منهم كان السوريون. البعض يمتدح حكومات مصر وسوريا، لانها لا تضطهد مواطنيها مثل بلدان أخرى. وكان عراقيون من فئات مختلفة يعيشون في سوريا منذ الثمانينيات، ولا يسمحون باتهام الحكم السوري بالاضطهاد والممارسات القمعية والدموية، ومثله يقال عن مصر الناعمة المنفتحة. واقع الحال ان الدولة الأمنية في سوريا أكثر ضراوة مما في العراق، والحكم العسكري الجلف في مصر أكثر عنجهية مما في أي بلد عربي آخر. مصر هي البلد الوحيد التي اعتمدت مبدأ (لكل شخص ملف أمني يدينه!). لابد أن يكون كل شخص متهما في مصر حتى تثبت عليه التهمة، أو يجري تجنيده ليكون وكيلا للامن، وهذا واجب وطني أمني في النظرية المصرية!. مدى ملاءمة هذا المبدأ، مع اتفاقية الانفتاح والتعاون الشامل مع اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. ان دولة الخيانة القومية هنا هي التي تنظر للقومية والوطنية والاسلام، وتمارس كل نفوذها للتوسع والهيمنة كل عناوين سياسية وادارية عربية والاسلامية وعالمية. لاحظ ان صعود المصريين في المنظمات الدولية كان بعد توقيه السادات، في الامم المتحدة، ومنظمة الطاقة الدولية والاونسكو ومنشأة ناسا وفي برامج الهجرة والعمل والاقامة. برامج تراكم المهانة والمعاناة والهزيمة النفسية/(هزيمة الارداة) التي يعيشها الفرد ازاء اخطبوط الدين/ منظومة الاخلاق الاجتماعية/ الحكومة والتسلط الأبوي والاقطاعي، من المستحيل أن تنتج فردا طبيعيا سليما في مكوناته وقواه العقلية والنفسية والبدنية. ورغم غرور الشخصية والنخبة العربية المتطرف، فلا يوجد في تاريخ العرب فلاسفة دولة ومجتمع، لا يوجد منظرون سياسيون ومؤسسون لأنظة سياسية واجتماعية، لا يوجد لدينا فلاسفة ومنظرون اقتصاديون وتربويون، ولا يريدهم أحد أن يوجدوا. تاريخيا وراهنيا، ثمة برنامج تشويه وتشكيك في أنفسنا وقدراتنا الذاتية والقومية.. هناك تفريغ وتزوير لكل ما هو جيد في حياتنا ونسبته لجهات معادية للعرب تاريخيا وراهنيا. ومن المؤسف، أو المشين، أن اغلبية جيل الحداثة والعلمانية، اتبعوا بوصلة مقلوبة، وسخروا قدراتهم لبخس أوطانهم ومجتمعاتهم، وتوسلوا الأجنبي والمشوه. لذلك تبدو الخريطة العربية اشكالية معقدة، وذلك بفضل الوعي المقلوب أو المشوه للفرد العربي، في قمة الهرم أو قاعدته. وفي النتيجة تجد اكل يعانون من النقص والاضطهاد، من بعضهم البعض. (ويأكل بعضنا بعضا عيانا) .. ان الشخصية الشيزوفرينية ازاء مؤسسة الحكم والدين العليا، تتحول إلى شخصية (سادية) على المستوى الافقي داخل المجتمع والطابقة والطائفة. الشخص المسحوق والعدمي على المستوى العمودي، يتحول إلى شخص مغرور وذات متضخمة ازاء الأفراد أمثاله في المجتمع. بسابقة مصرية وتوراتية، تجد العبد الخادم في القصر، يتحول إلى سيد مستبد على أخوته خارج القصر. هاته الازدواجية النفسية المركبة أكثر هولا واشكالية من ازدواجية اجتماعية. كل تلك التراكمات والممارسات والمشاعر ، جمعا أو قصرا، تتحول إلى مكانزمات عدائية وأورام محتقنة داخل الذات/ اللاوعي، وتنتظر ايما فرصة، شخصية أو عامة، للانفجار واتدمير. والقول العربي مفاده: (علي وعلى أعدائي!). المهانة والاستبداد المتصل يدمر اليات الخير داخل الشخصية، لمجموعة الاسباب، فلا ينبري الفرد لانشء مشاريع مجتمعية ستراتيجية، مهما كانت بسيطة، وانما يفضل تبذير امكاناته في غير سياقها وخارج مكانها، للثأر من المجتمع الاستبدادي والمهين، وفي حالات تضعضع سلطة الدولة، يقوم الأفراد بممارسات تدميرية من حرق واتلاف وقتل كل ما له صلة بالدولة والمجتمع. ومن أمثلة تلك التسلكات الانتقامية خلال انتفاضة التسعينيات العراقية، قيام أقراد باتلاف الحدائق العامة وتحويلها الى مركز للنفايات، وقام بضعة شباب، يقطع شجرة وحيدة في ساحة خالية، لمجرد كون الشجرة كائنا طبيعيا، يمكن أن يضفي جمالية على الوضع. ما هي المؤسسات والانشطة الخيرية والنافعة التي حصلهاعليها العراق من الحراك غير الحكومي خلال العقود الفائتة. المجتمع قد لا يتكلم، ولكنه يحز في نفسه. بعض المواقع العراقية تذيع بتفصيل ونبرة جهورية ان الشيخ أو السيد الفلاني بنى مدرسة عامة. كيف يمكن اعتبار ظواهر شخصية محدودة من هذا القبيل أمام ثقافة الخراب والتدمير التي تتناوب البلد والمجتمع، في مسلسل تاريخي للانتقام من الدولة. وفكرة الانتقام من الدولة والسلطة سلوك غير مدني ولكن جذوره تاريخية وتحتاج دراسات اجتماعية جادة وجريئة، لم تتسع لها تقاليد التقية والباطنية الموروثة. وبقدر البدائية التي تسم الحراك السيوسيوسياسي، هي معقدة ومركبة في نفس الوقت. وفي غياب الجرأة على المواجهة واعتماد الصدق والصراحة، تستمر اترجيكوميديا العراقية، وكل طرف ينتظر انهيار الثاني لتفرغ الساحة، بينما تتعقد الحالة ويستشري الرياء مع الزمن. مشكلة العراق وربما عرب المشرق عموما، ان الطارئ أصبح عاديا سائدا، والثابت الالسائد أصبح طارئا وغريبا!. ظاهرة العنف، التدمير، القسوة، الكراه واللؤم، اعمالة حد الخيانة الكبرى، كلها ردود أفعال ونتائج، للنظام الاجتماعي والتربوي المشوه والعدائي القائم على الخوف والكراهة، والذي تروجه الأم والمؤسسة الدينية: [دللول يالولد با ابني دللول- عدوك عليل وساكن الجول!]. في ضوء هاته التنويمة القتالية التربصية الشائكة، تتشكل مجسات وعي وذاكرة طفل العراق، على مدى التاريخ!.. امتياز يسجل للأم/(العراقية)!. (5) البلادة على نوعين، طبيعية واصطناعية، موروثة ومتكلفة!. البليد الطبيعي عالة على الوجود، والبليد الاصطناعي عائل على الوجود. في الأوقات السيئة، الأشياء السيئة تصبح مثالا. وما يعنينا هنا لمناسبة العولمة هو البلادة الصناعية. التخريج الرأسمالي المشوه لطروحات دارون [1809/ 1859- 1882م] الوراثية كان اعتماد الاصطفاء الصناعي/ الانتقائي على حساب الاصطفاء الطبيعي لمالثوس [1766/ 1798- 1834م]. والتي تبلورت لاحقا لتلعب دورا محوريا في المدرسة الأمريكية لعلم النفس السلوكي والمدرسة السلوكية لعلم الاجتماع الأمريكي. علم الاجتماع الرأسمالي، لا يتجاهل الظاهرة الطبيعية للسكان، لكنه لا يعتبر بها، لأنه يعمد ويعمل مع سبق الأصرار لاعادة صياغة/ انتاج السلوك المجتمعي وفق رؤيته الممثلة بالهدف الرأسمالي، معتبرا الفرد ككيان طبيعي خام. رب العمل يحتاج عمالا بمواصفات معينة، تحقق له افضل وأعلى معدلات الانتاج. وظيفة الباحث الاجتماعي وضع مخطط اجتماعي يناسب أغراض رب العمل. الدولة الرأسمالية أو العسكرية أو القومية، تتطلب نوعيات معينة من السكان، وعلى قسم الابحاث الاجتماعية وضع الخرائط والتصميمات التي تناسب أغراض الدولة أو المؤسسة، وباتباع أفضل التصاميم وأوجزها زمنيا وأقلها تكلفة، لتحقيق أفضل النتائج وأضمنها. الالية التي يعتمدها علم الاجتماع السلوكي هي الدراسة والتأهيل المهني التي تفرضه كثير من المؤسسات للعمال المضطفين للعمل لديها. وقد يسبق ذلك اختبار ذهني سلوكي، يقيس أمرين، القدرات الذهنية وسرعة البديهة لدى الشخص، مبلغ الطاعة والخضوع لما يريده رب العمل رغما عن نفسه وعن المنطق العلمي والاجتماعي. ولأجل ذلك يضع لك سؤالا يتحدد جوابه في عدة خيارات معروضة، ليس بينها واحد صحيح. على ذكائك يتحدد اعتامد خيار رب العمل. فهذا ما يريده النظام، الطاعة وسرعة التلقي والاستجابة، ويضاف لها السرية وعدم افشاء ما يجري في الداخل. مبدأ التعليم والتأهيل لاستلام وظيفة أو عضوية جمعية أو جيش أو مجتمع، صارت عادية في عصرنا. هذا ما يجري توثيقه بمستند عقد يصادق عليه طرفان، لقبول الاملاءات والشروط التي وضعها الطرف الأقوى من المتعاقدين، الدولة/ الجهة المشرفة والضامنة للعقد، والتي تستلم ريع الصفقة. الحصول على الاقامة او الجنسية يعتمد على درجة الخضوع لشروط واملاءات المانح، وبشكل يجعل المتقدم خاسرا وخاضعا قبل كل شيء. الحصول على قرض او منحة أو مساعدة أو مشورة، يتم بموجب عقد يضمن خضوعك لاملاءات وشروط المانح. ما يقال عن عقد متوازن، صفقة متعادلة الطرفين، كذب قانوني وهراء مدلس. في جدول اعتراضه على معاهدة (1936م) يؤكد احمد صادق سعد [1218- 1988م] على تفنيد ديباجة المعاهدة القائلة بأن حكومتي انجلتره ومصر توقعان بملء ارادتهما على اتفاقية تعاون مشترك يضمن حقوق الطرفين وفق مبدأ التكافؤ.. كيف يتعادل طرف امبراطوري قوي، مع طرف تابع مهزوم ينتظر مساعدات استهلاكية وأمنية.. لكنها ديباجة هوائية ورياء دبلوماسي مقنن. هل الدبلوماسية تقوم على الحق والعدالة، أم الرياء والتفوق. العدل والقانون وعد الاستغلال من الشروط الاصلية لصلاحية كل عقد قانونا. هل عقد البيع والشراء في سوق العقارات يستند للحق والصدق والعدل وعدم الاستغلال. كيف يربح الوسيط والدولة والبائع وعلى حساب من. اليست عمولة الوسيط استغلالا. الا يستعمل التاجر الكذب لترويج بضاعته، وفي حماية القانون. هل العقد صالح قانونيا. أم ان القانون لا يحمي (المغفلين). القانون الانجليزي يعتمد اساليب الخداع والنصب لتنشيط سوق التجارة، لكنه لا يقدم حوافز لاصحاب العقارات او بائعي جهودهم وممتلكاتهم. الحوافز تذهب لمكاتب العقار والتجارة والوساطة، وهؤلاء لهم حماية وسطوة قانونية من هرم الدولة. البائع يجب أن يخسر ويخرج مكسورا وحتى مهانا مخدوعا. والتوقيع هو الحاسم. في كل شركات الهواتف الخلوية، تعتمد مستندات البيع واملائها بيانات شخصية وبنكية مترفة، يجري استخدامها ضد الشخص المستهلك، ولصالح المؤسسة وسلسلة الشركات الداخلة في البيع. التلفون والانترنت والكمبيوتر اليوم ادوات استهلاكية عادية لا يخلو منها بيت، وهي ليست افضل من البندورة والسرير وقطع الثياب. لكنه في بعض المواد الاستهلاكية، مطلوب منك تقديم بيانات شخصية غير ضرورية، ويشكل فرضها مخالفة لميثاق حقوق الانسان. وبالمناسبة، فكل منتجات وعروض النظام الاميركي والعولمي تتجاهل تماما المواثيق الدولية للحقوق والحرية والفردية جملة وتفصيلا، وبموجب العقد تتنازل عن حقوقك الفردية وأسرارك الشخصية لصالح الاخطبوط الاثيري. فالمستهلك المعاصر ليس بليدا. لكن نظام الاتجار الأمريكي يعمل على تبليده لغرض افتراسه تجاريا، وبعد ذلك يحصل الحاصل. ولماذا تفترض مدة عقد التفون لمدة عام أو عامين قهرا وبموجب العقد. أليس لي حق تبديل الشركة خلال المدة. لا أنا لست حرا. يقول لك البائع ، من حقك ان تشتري جهاز أو خطا مختلفا، لكن عليك اكمال دفع فواتير العقد الأول حتى النهاية. ثمة حل لصالحك، تعال للتفاوض ونحن نقدم لك عرضا- باطنا- لتحقيق رغبتك دون أن تذهب إلى شركة أخرى وتخسر مستحقات العقد لمدة عامين. سوف تضطر غالبا لقبول العرض الأخير خاسرا مخذولا، وسوف تزاد فواتير العقد الجديد ولمدة عامين، ويستمر ابتزاز المسنهلكين باقراص التلفون وخطوط النت الاثيرية وجملة التجارة الالكترونية التي تزيد ارباحها بمعدل ألفين في المائة نسبة لتفاهة تكاليفها. هذا ما جعل الولايات المتحدة تتفرعن وتتغول أكثر، وتمتد أصابعها أكثر من اللازم في جيوب الناس وبطونهم وضمائرهم، أما المنظمات الدولية وشركات حقوق البشر فهي لحراسة الغولان والامبريالية التي أوجدتها اساسا لهذا الغرض. (6) (البراغماتية)/(pragmatism) مصطلح صاغه فرانسس بيكون [1561- 1626م]، لكنه لم يخترع معناها الذي كان معروفا من قبل. وممن عرفه اليه الفرنسيون بشخص ديكارت [1596- 1650م] وروسو [1712- 1778م]، ومن قبلهم تعارفه الاغريق بشخص أرسطو [384- 322 ق. م.] الذي يعتبر أول من نظر له وقعده مدرسيا. ولكن اعادة اكتشافه عصريا واعتماده عمليا، كان من قبل النظام الكولونيالي الانجليزي، لاختزال المعرفة في جزئها العملي الخاضع لحاجات النظام الكلولونيالي: دولة التاج والاقتصاد السياسي. ولابد من ظروف موضوعية وراء ظهور أي فكرة أو ظاهرة، سيما عندما يقتضي تغيير منظومة فكرية أو حركة اختزال كقرار حتمي. أما الخوف على عدد خلايا المخ من الاستهلاك أو حماية وقت الفرد من التبذير والهدر، فالفرد نفسه صاحب القرار والبت في هاته الحال، وليس شخص أو مؤسسة تتحمل اتهامها بمصادر الحريات وقمع الفكر. تطرق ارسطو لامور كثيرة، ولعله من أوائل تلاميذ الفلاسفة الذي تمردوا على معلميهم بعد سنوات من التعلم على أيديهم. عند ملاحظة افلاطون [427- 347 ق. م.] بسقراط [469- 399 ق. م.]، نجد نظرة الحبّ والتبجيل. اما ارسطو وهو من اصول مقدونية وليس من أهل أثينا، فقد كان احد طلبة افلاطون في الاكاديما سنوات طويلة، وله الحق في الاختلاف عن معلمه، والانشقاق على الاكاديما والاستقلال بنفسه وانشاء مدرسية (ليسيه) يشرف فيها على تعليم تلاميذه. نجده يقلد استاذه، ثم ينشق عليه، وكأنه يريد منافسته وتحديه، وذلك باعتماد مبدأ المخالفة والاختلاف. نعرف ايضا أن الفلسفة لم تنزل من السماء إلى الأرض، كما يصفها المؤرخون، وانما انشقت على نفسها بين اتباع افلاطون واتباع ارسطو، كان ذلك ايذانا بترجع مكانتها وعدم ظهور فلاسفة كبار، فضلا عن انتقال مرحزها من أثينا الى الاسكندرية شمالي مصر. لكن ذلك لا يبرر طبعا ميول ارسطو لاختزال المعارف أولا، والاقتصار في التعليم على قطاعات معرفية محددة وبمستويات محدودة. لعل هذا يفيد شيئا في طريقة تعليمه للاسكندر المقدوني [356- 323 ق. م.] واقتصاره على الوجيز والمفيد من مقتضيات الحكم والسياسة والحرب. ولذلك لم يصبح الاسكندر فيلسوفا بتعلمه على يد ارسطو، لكن ارسطو صار فيلسوفا بتتلمذه على يد افلاطون. لقد جعل ارسطو نفسه خاتمة الفلاسفة الموسوعيين، وأول الفلاسفة البراغماتيين، وربما أول العلمانيين، لفصله (الأخلاق العملية)/(السياسة) عن الميتافيزيك الافلاطوني. كما فصل الفلك عن الميث، والميث عن البيولوجيا، وبذلك كان المؤسس الأول لتراتبية العلوم الفلسفية التي اشتغل عليها بيكون [1561- 1626م] وكومت [1798- 1857م] وسبنسر [1820- 1903م] وصولا لجون ديوي [1859- 1952م]. موت فلسفة الانتيكا على يد ارسطو في القرن الثالث قبل الميلاد، يوازي موت فلسفة النيونتيكا على يد البراغماتية الانجلوميركية في القرن السابع عشر الأوربي. الوجه الآخر للبراغماتية الارسطية والانجليزية والأميركية ينعكس في مرآة التعليم والخطاب الكهنوتي الذي يقتصر على العملي والمسموح في التعليم الديني، وحرمان المجتمع الديني من المعرفة الموسوعية وتفاصيل الفكر الديني. فهل نقل ارسطو عن التعليم الكهنوتي، أم الكهنة نقلوا عن ارسطو. ان الديانات عموما تميل الى ارسطو وتنقل عنه، يتهم اتباع افلاطون بالهرطقة. من هذا المنظور تتقابل البراغماتية الانجليزية مع الكهنوت الانجلكاني، والبراغماتية الاميركية مع الخطاب الأصولي الديني. فمن هو المسؤول بعد ذلك عن موت الفلسفة الأثينية والحديثة في المجال الانجليزي والأمريكي. وقد تردد بيكون نفسه فيما إذا كان يمكن اعتبار البراغماتية فلسفة، لكنه لم يكن في مبدأية سرن كركجورد [1813- 1855م] في رفض وصف (الوجودية) بالفلسفة. واقع الحال ان استخدام الانجليز والاميركان لمصطلح الفلسفة في وصف منظريهم ينضوي على كثير من التساهل والمجازفة. كل من انجلتره والولايات المتحدة الأميركية، قوتان امبراطوريتان، وما زالتا تمتلكان (مستوطنات)/(colonies) عبر البحار، يتحكمان في شؤونها ومواردها، ويسعيان للتوسع في نفوذهما. هاتان الامبراطوريتان تتفردان عن البلدان الرأسمالية، باستمرار تحكمهما بكل مجالات الحياة العامة والثقافة والاقتصاد والدين والسياسة، داخل بلدانهما وبلاد العالم، مما يتنافى مع الاسس النظرية للنظام الرأسمالي، بينما تفرض سياساتهما الخارجية على دول العالم تحرير الاقتصاد والاعلام والثقافة وتقليص تدخل الدولة في احياة لصالح القطاع الخاص والادارة الأهلية. هل البراغماتية هي وجه آخر للماركسية العلمية؟.. أم هي مصطلح ضبابي تسخره الدولة الرأسمالية لخدمة أغراضها الامبريالية من جهة، وتسوقه للآخرين بمعنى آخر؟. هذا ما تكفل به سلسلة من موظفي الكولونيالية ومثقفي الامبريالية، لترسيم نظام الدولة وفق اسس ومرتكزات فكرية واقتصادية وتكنولوجية وأمنية راسخة خاضعة للسلطات العليا، وبناء نظام عالمي امبريالي مصصم وفق النسق والنموذج الاميركاني. بحيث تشكل مجموعة البلدان التابعة لكل من لندره وواشنطن، الخط الامني والاقتصادي الستراتيجي الثاني. ففي حين تتولى الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة تأمين التبعية العسكرية والأمنية، يتولى الصندوق والبنك الدولي ضمان التبعية الاقتصادية التامة، ويتولى نظام ديوي [1859- 1952م] الخاص باصلاح التعليم والثقافة التربوية ومسخها براغماتيا. وهو المطبق عمليا منذ السبعينيات في المحيط الأوربي والعربسلامي، لترويض الثقافة والفكر واتجاهات التفكير ، وانشاء مجتمعات تلقينية جاهزة لا تعرف غير الامبريالية الرأسمالية قبلة ستراتيجية، ومصدرا معلوماتيا ونموذجا للاقتداء والاحتذاء. البراغماتية والاصلاح الديوي والمعمول بهما جبرا وقهرا في بلاد كثيرة، من بينها البلدان العربسلامية، يحظى بكل التوقير والقداسة في مختلف قطاعات الحياة، بحيث لا ينفذ أي مشروع أو رأي لا يلتزم الاطر والمنهجية البراغماتية والديوية. فهل يتساءل المرء عن جدوى الضجيج الاعلامي حول الخلافات وأزمات وهمية، وحقيقة التخوف من الخطر الفلاني الذي يشكل تهديدا للامن الستراتيجي الغربي، والأمن القومي الأميركي. شخصيا استغربت تماما، في اول تعرفي على الحياة النمساوية، على تقابلية البرامج والاصلاحات المعتمدة في أنظمة التعليم. وكانت المفارقة في تعرفي على شخص وابنه. سألني الأب عن معنى اسمى، وهل له علاقة بـ(وادي السمين) في جنوبي فلسطين؟.. فسألته من أين يعرف ذلك؟.. قال انه تعلمه في المدرسة على زمانه، قبل تغيير المناهج وايجازها في شكل كراسات!. قلت له هذا التغيير في نظم التعليم ومناهج التعليم واختصار الكتب الدسمة في العلوم والتاريخ والجغرافيا الى كراريس وملازم حصل عندنا ايضا، وفي السبعينيات تماما. يوصف برنامج جون ديوي بأنه اصلاحي وتجديدي وتربوي. ولكنه في الحقيقية سطحي مختزل وانتقائي ويعتمد على رؤوس نقاط. وأذكر انني شخصيا كنت اجيب على اسئلة الامتحان بطريقة التخمين والفأل، متبعا في ذلك حكمة شافعية مفادها: في كل أمر اسأل قلبك، فكيفما يأمرك فخالفه!. وقد حصلت غالبا على نتائج جيدا جدا. نعم التعليم الحديث سهل وميسر، ولكنه سطحي وساذج. وهذا هو الفارق بين خريجي المدارس القديمة/(تظام البكلوريا القديم) والنظام الديوي الحديث والوجيز. بحيث ادخلت مادة الدين ولغات اجنبية ضمن مقرر البكالوريا، أو مواد الجامعة، كاللغة العربية والثقافة القومية والرياضة البدنية. وتقييم نجاح الاصلاح التعليمي يظهر في المستوى المتواضع لخريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا، والمنعكس ايضا على مستوى تآليفهم ومستوى تلاميذهم، فضلا عن جهلهم المريع بقواعد اللغة والنحو والاملاء عامة. البراغماتية وانعكاساتها القطاعية ومنها المتعلق بالتعليم والثقافة والاعلام، تنعكس ايضا في موضوع الاخلاق والعلاقات والعاطفة. وعموما، ثمة تسطح وانتهازية في العلاقات والقيم الخلقية، وثمة جمود وجفاف في المدار الاجتماعي، في نظرة الفرد للاخر، ونظرة العائلة للمجتمع، ونظرة الدولة للمجتمع والأفراد. هناك حيث يكاد المرء يفقد انسانيته، ويتحول في نظر السياسات الحكومية الى انسان الي، يجب عليه الخضوع التام للسياسات والبيرقراطيات الادارية وتطبيق النصوص بحذافيرها، بينما لا يكاد مفهوم الحقوق والحريات يحتفظ بشيء من المصداقية والحقيقة. يشكو كثيرون من حالة الغربة والاغتراب والصمت وعدم المبالاة داخل العائلة الواحدة، وبينها وبين الدائرة القرابية. وفيما كان القدماء يحرصون على التزاور والتلاقي والتواصل في السراء والضراء، لا يعتم ابناء اليوم، بتبادل التحية داخل العائلة، أو الحد الادنى من السؤال والاهتمام في حالة المرض أو الحاجة، ولا يكاد أحد يعرف ما يفعله الآخر وهما يعيشان تحت سقف واحد. التجفيف الأخير لمنابع العاطفة والغاء الضمير، استفحل مع الثورة الالكترونية والاثيرية، والتي توصف بثورة اتصالات وتواصل، عكس فعاليتها في الواقع اليومي والمجتمعي. كم من الناس انتبهوا لتغير ملامحهم. البعض يقول ان الوجه مرآة النفس، والعين مرآة القلب!. الوجه الحسن والملامح الباسمة والعيون المشرقة والمرحة، تبعث شعورا من النبساط النفسي والفرح عند الخروج للشارع. رؤية الناس كانت تعني الكثير وترفع المعنويات. اليوم ينتشر العبوس واللامبالاة، تصحر الملامح وفراغ العيون وجفاف المشاعر في الحياة العامة. غرور وفخر بالثياب والنظارات وطريقة الحركة. غابت الانوثة من أشكال النساء، وغابت الطفولة من رؤية الاطفال. ها نحن وصلنا تماما، ما سبق لسارتر قوله: الأخرون هم الجحيم. المجتمع لم يعد اجتماعا، انه مجرد لملوم عشوائي، علاقات براغماتية نفعية انتهازية من غير عمق أو اخلاص. المنزل العائلي مجرد فندق صغير، يفتقد التواصل والاحترام بين أفراده. أما الشبكة الاثيرية وما يسميه الاعلان الاميركي بمواقع التواصل الاجتماعي، فالصحيح انها مواقع التصحر والتطاول الاجتماعي، وانظر لازدهار الشتائم ووالتعليقات غير الأدبية وانتشار الاورام وتفجرها، أما الكذب، فهو ملح العولمة! وأخيرا.. للبلادة العاطفية والجفاف الاجتماعي فوائد، أولها طول العمر، وليس أخرها التحدث مع النفس والأمراض القلبية والعصبية. وفي عقيدة العولمة، كما في عقائد الديانات، كل من يتنكر لها يكون كافرا أو هرطوقا، وتحل عليه لعنة واشنطن والمعبد الرأسمالي. (7) https://www.youtube.com/watch?v=YFdHfrF_cFg https://www.youtube.com/watch?v=kQcH0AXc5hY
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم بلا أخلاق/ AMoral Science
-
عولمة بلا أخلاق/ AMoral Globalization
-
ما قبل الكولونيالية..
-
ما بعد الامبريالية..!
-
من رأسمالية الدولة الى دكتاتورية الرأسمالية..
-
عولمة.. فوضى ونفايات
-
اكذب تضحك لك الدنيا!..
-
عن اليتم والبصرة والشارع الوطني..
-
القرصنة الثقافية وتهجين العقل
-
المكان هو اليوتوبيا
-
كاموك- رواية- (78- 84)- الاخيرة
-
كاموك- رواية- (71- 77)
-
كاموك- رواية- (64- 70)
-
كاموك- رواية- (57- 63)
-
كاموك- رواية- (50- 56)
-
كاموك- رواية- (43- 49)
-
كاموك- رواية- (36- 42)
-
كاموك- رواية- (29- 35)
-
كاموك- رواية- (22- 28)
-
كاموك- رواية- (15 -21)
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|