ابراهيم حمي
الحوار المتمدن-العدد: 6022 - 2018 / 10 / 13 - 14:53
المحور:
المجتمع المدني
ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻚ عن ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ : ﻗﻞ ﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﺠﺘﺎﺡ كل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻬﻴﻤﻦ عليها الاستبداد بكل أشكاله ، السياسي.. العقائدي ..
الاستبداد هو الأصل ، وهو الجوهر لكل أنواع وأشكال الفساد ، من ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﻭﺍﻹﺧﺘﻼﺱ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭﺍﻹﺑﺘﺰﺍﺯ، الذي ﻗﺪ يمارسه أناس استحوذوا على السلطة أو لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بها ، على مواقع مختلفة من دواليب الدولة وأصبحوا بشكل أو بآخر طرفاً أو جزءا لا يتجزأ من منظومة الفساد حتى ولو كانوا على بعد من السلطة التنفيذية.
لأن كل مستبد هو بالضرورة فاسد، وحامي للفساد كما يقول عبدالرحمان الكواكبي حين قال بأن الاستبداد منبع وأصل كل فساد.
فالاستبداد هو من يوفر ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ وغيرها لحماية كل جرائم الفساد التي تظهر أحيانا للعموم على أنها جرائم فردية ومنعزلة عن السلطة ، والحقيقة هي عكس ذلك بحيث هي مرتبطة ارتباط وثيق بدواليب الاستبداد السلطوي ، ﻭحين تشاهد من يدعو للكشف ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ بمعزل عن محاربة الاستبداد الذي هو الجوهر وأصل الفساد ، فتلك الشذارت المدعية ليست دليلاً ﻋﻠﻰ محاربة ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ، بقدر ماهي سوى ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ الفاسدة ﻭﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ على ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ .
وكل من يصرخ بشكل فردي أو جماعي في الشارع العام مدعياً محاربته للفساد بشكل منعزل عن محاربة أصله الذي هو الاستبداد ، ليس إلا خدوما بوعي أو بغير وعي للاستبداد الذي يتقوى بديمقراطية الواجهة.
ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻟﻴﺲ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺃﻧﻈﻤﺔ استبدادية ﺩﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ.
وهو نتيجة طبعية للاستبداد بالسلطة التنفيذية والتشريعية .. والقضائية.. والدينية.
وعلامة تجبر للاستبداد هو الفساد المستشري في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية وغيرهما.
في ظل الاستبداد تغيب المحاسبة والشفافية وتنتشر الرشوة والمحسوبية ليس فقط داخل أجهزة الدولة التنفيدية فحسب وإنما داخل المؤسسات الأخرى التي تدعي الاستقلالية عن اجهزة الدولة فتعم العلاقات الفاسدة داخل الإطارات كالاحزاب والنقابات و ما اصبح يسمى بالمجتمع المدني مع بعض الاستثناءات النادرة طبعاً .. وتبقى الشعارات المرفوعة التي تدعي محاربة الفساد مشكوك في أمرها مادامت لا شجاعة لها لمجابهة الاستبداد الذي هو أصل المشكلة وليس الفساد الذي لا يعتبر إلا فرعا له وكل من يساهم في هدم الإطارات السياسية التي تطرح مشروعا مجتماعيا للوقوف في وجه الاستبداد لا يتعدى كونه ضمن خادم الاستبداد بحسن نية أو بسوئها على حد سواء لانه يخادع الجماهير بديمقراطية الواجهة التي تخدم بدورها الاستبداد وتقويه.
#ابراهيم_حمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟