أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دهام محمد العزاوي - المواطنة واثرها في السلوك الوظيفي للقطاع العام















المزيد.....


المواطنة واثرها في السلوك الوظيفي للقطاع العام


دهام محمد العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6012 - 2018 / 10 / 3 - 01:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة
في جلسة مشتركة جمعتي قبل سنوات باحد اساتذة الجامعة في العراق ، وبعد تبادل لاطراف الحديث وصعودنا الى السيارة الخاصة لي وبعد ان شربنا انواع من المشروبات الغازية قام بفتح نافذة السيارة والقاءها في الشارع مباشرة ، ماكان مني الا ان قمت بتأنيبه وتذكيره بان هذا العمل لايمت الى القانون والعرف والاخلاق ، فرد علي بغضب وقال : لاتوجد دولة . هذه الحادثة بقيت في بالي سنوات طويلة وبالرغم من تكرار مشاهدها يوميا عشرات المرات من قبل مواطنين عاديين لايأبهون لرمي النفايات في اي مكان يجدونه سواءا في الشارع العام او امام بيوت الناس او في الاسواق العامة ، الا ان سبب بقاء تلك الحادثة انها صدرت من استاذ جامعي يعد قدوة للاجيال ومربي للمئات من الطلاب على مدى عقود كما انه بالتالي موظف كبير يتقاضى مرتبا عاليا من الدولة التي يفترض انه عاش فيها وشرب ماءها وتاثر بقيمها وعاداتها الجميلة وانغرست في نفسه معاني الحب والايثار والولاء للارض التي ينتمي اليها .
ربما تطرح هذه الحادثة وغيرها مجموعة من الاسئلة عن مدى نظرتنا للوظيفة ولدور الموظف في دائرته ولحجم التاثير الذي تتركه الدائرة في السلوك الوظيفي للموظف . فهل هي مكان للابداع وتحسين المهارات وبناء الشخصية الاعتبارية للموظف في مجتمعه ام هي مكان لاجل الارتزاق والريع دون اي احساس بالمسؤولية بدور الوظيفة والموظف في تنمية المجتمع واعلاء قيمه المشتركة في التعاون والتناصر والولاء للوطن ؟ فكم من الموظفين اليوم ينظرون الى الايفاد الى خارج العراق على انه مشاركة لتنمية المهارات والقدرات واعلاء سمعة الوطن والتنافس مع ابناء الدول الاخرى ؟ وكم منهم ينظرون على انه استفادة مادية ومعنوية كسفر وايفاد ومتعة ومشاهدة بلاد اخرى وماهو الاثر الذي تتركه الظروف الايجابية التي تحيط بالموظف ( ممارسة الاختصاص ، المرتب الجيد ، الاستقرار في العلاقة مع الزملاء والمدراء ) ، على سلوكه وماهو دورها في تنمية مشاعر المواطنة وحب الوطن والتضحية في سبيله ؟ وماهو الاثر الذي تتركة الظروف السلبية التي يعيشها الموظف في بيئته الاجتماعية من ابعاد وتهميش وحرمان للحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية على سلوكه الوظيفي ومنظومته القيمية المتعلقة بالهوية الوطنية وبسلوك المواطنة ؟ فكم من الموظفين منعوا من تسلم مناصب بسبب ظروف سياسية معينة مماولد لديهم شعورا بالاحباط والقلق من مستقبلهم الوظيفي وهو ما انعكس في مشاعرهم السلبية تجاه الوطن والمواطنة !! وكم موظف هجر ووهدد وترك وظيفته والان هو مشرد وبلامأوى او يعيش في الغربة منفيا وبعيدا عن وطنه واهله !!
وماهو الاثر الذي تركته سياسات الاحتلال الامريكي على مفهوم الهوية الوطنية والانتماء الوطني من حيث التشظي والتفكيك لمنظومة الولاء والانتماء الوطني حيث بات الكثير من العراقيين يدينون بالولاء لهوياتهم الفرعية بدلا من الهوية الوطنية الجامعة . وقد ترتب على هذا الامر ان الرؤية الامريكية المادية للهوية والانتماء هي التي فرضت نفسها في البيئة العراقية والتي تمثلت في ان الانتماء والولاء للوطن يتحدد في ضوء استفادتك المادية منه وهذا الفهم المادي للهوية بات ينظر الى البلد باعتباره شركة مساهمة فبقدر حصتك فيه يكون انتماؤك اليه . وقد اربك هذا الفهم الجديد للمواطنة المشاعر الوطنية لدى الكثير من العراقيين فمابين الحنين الى المعنى الروحي والوجداني للمواطنة كونها ترتبط بالارض وذكريات الاباء والاجداد والذاكرة الجمعية للمجتمع ومابين الرؤية الانتهازية التي ترى في الانتماء وعاءا لايمتلئء بمشاعر الرضا والحب الاّ بمقدار حصول الفرد على نصيبه من الثروة والجاه والنفوذ . ان تغلغل هذه المشاعر حصل بسبب تشظي مفهوم السلطة وارتكانها الى المحاصصة الحزبية وانشغال القائمين على السلطة بمنافعهم الشخصية والحزبية مماكرس في عقول المواطنين فهما جديدا للعمل السياسي انعكس في مشاعر سلبية حيال الدولة والسلطة والوطن ، وفي ظل غياب كبير لدور الطبقة الوسطى بسبب هجرة الكفاءات وتهجيرها وانعزال الكثير منها اخذ هذا الفهم الشاذ لمفهوم السلطة والوطن يتغلغل في نفوس المواطنين الذين اخذوا ينظرون الى السلطة باعتبارها غنيمة وليس تكليفا عاما لخدمة الشعب والمجتمع ، ولاشك ان هذا يحتاج لسنوات طويلة من التنشئة الاجتماعية والسياسية التي تاخذ بنظر الاعتبار اعادة وعي المواطن بدور السلطة في خدمة المجتمع وحمايته وتنميته .
اولا : تعريف المواطنة :
ان المواطنة هي حقوق وواجبات المواطن في بلده من حق الحرية والعيش والتنقل والتملك والانتخاب والنشاط المدني والعمل والحماية الاجتماعية وحق التملك والتعليم والزواج والسفر ... الخ ، مقابل ان يقوم بواجبات الالتزام بالقانون والولاء للوطن والتعاون في خدمته والمساهمة في الدفاع عنه ضد اي اعتداء خارجي او نوازع انفصالية تهدد وحدته وتماسك شعبه . وأعطى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو من خلال مقولته الشهيرة : الإرادة العامة مفهوما أوسع للمواطنة يرتكز على تدبير شؤون المجتمع من لدن أشخاص مدنيين فاعلين ، يشكلون أساس مشروعية ممارسة السلطة ، في حين حددت دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنها علاقة بين فرد ودولة ، يحددها قانون الدولة ودستورها ، وما تشمله تلك العلاقة من واجبات وحقوق في ذات الدولة وتخول للمواطن على وجه العموم حقوقا سياسية مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة وحقوقا اقتصادية واجتماعية ، وجاء في موسوعة الكتاب الدولي أن المواطنة (Citizenship) هي عضوية كاملة في دولة ، أو في بعض وحدات الحكم ، وتخول للمواطنين بعض الحقوق كالتصويت وتولي المناصب العامة ، وعليهم واجبات كدفع الضرائب والدفاع عن بلدهم ) ( 1 )
ثانيا : شروط المواطنة ومقوماتها :
ولعل اهم الشروط والمقومات الواجب توفرها لتحقيق المعنى الكامل لمفهوم المواطنة هي الاتي :
1- العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص :
يعد مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة من اكثر المبادىء أهمية من الناحية العملية في المجال الوظيفي كونه يعد السور الاول لضمان تمتع جميع المواطنين بحقهم في الحصول على الوظائف العامة على قدم المساواة وفقاً لمعايير الجدارة وتكافؤ الفرص ، الى جانب ذلك فأن تمتع الموظف ، بوصفه مواطناً كسواه من المواطنين ، في حريته في التعبير عن الرأي ينبغي ان لا يشكل سبباً لمنعه من نيل حقه في التوظف او الحصول على حقوقه اثناء حياته الوظيفية لذلك يتعين ان يكون هنالك توازن حقيقي بين الحق في تولي الوظائف العامة وحرية التعبير عن الرأي من خلال ايجاد ضمانات قانونية تكفل تطبيقاً سليماً وواقعياً للمساواة في تولي الوظائف العامة بعيدأ عن التمييز على أساس المحاصصة الطائفية او الحزبية او الدينية . وقد اكدت جميع التشريعات الدولية والدساتير في مختلف دول العالم ومنها العراق على مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة إذ نصت على ان الوظائف العامة حق للمواطنين على اساس الكفاءة ودون محاباة او وساطة ودون تمييز بسبب الجنس او الدين او المعتقد او الانتماء .( 2 )
ان اضعاف او الغاء مبدأ المساواة في الحصول على الوظيفة وممارسة سياسات الابعاد والتهميش لجماعة معينة على اساس ديني او طائفي او عرقي هي احد موجبات عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلد وهي احد شروط الغاء مفهوم المواطنة وتعطي المبرر لممارسة كل اشكال الاحتجاج السلمي لاستعادة الحقوق . وتشكل الديمقراطية الحقيقية ووجود نظام سياسي قوي وقضاء عادل اهم مقومات تطبيق المساواة والتي تتيح للمواطنين الحصول عل حقوقهم وفقا للقواعد القانونية والدستورية وهي احد مفاتيح الاستقرار السياسي في البلد .

2- المشاركة في الحياة العامة : وهي مجموع الأنشطة التي يمارسها المواطن فرديّا أو جماعيّا. يحقّق المواطن من خلال أنشطته المصلحة العامّة ويساهم في سَنّ القوانين التي تضمن احترام حقوق الإنسان والمواطن وتتجلّى المشاركة في الحياة العامّة من خلال طرق واشكال متعدّدة كالنشاطات الثقافية ( المشاركة في مسابقات الرسم ، المسرح ، الرياضة ) ، الاجتماعية ( المشاركة في الحملات التطوعية لرعاية الايتام ومساعدة النازحين والمهجرين والايتام وتنظيم حركة المرور في الاماكن المزدحمة وغيرها ) والسياسية كالمشاركة في الدفاع عن البلد ضد الاعتداءات الخارجية والمشاركة في الانتخابات والانضمام الى الاحزاب السياسية ذات الصبغة الوطنية وضمان الوصول الى المناصب العليا والمشاركة في صنع القرار السياسي والاداري .
ومن قيم المشاركة في الحياة العامة هي التحلي بالتسامح والمرونة في الحوار والاستماع الى الاخرين وعدم التمسك بالرأي الشخصي والسعي الى توطيد العلاقات بين الافراد ونشر المحبة والتعاون بينهم ومساعدتهم وقت الازمات . ( 3 )
والمشاركة في الحياة العامة تبرز بشكل جلي في فضاءات الحرية والديمقراطية التي تتيح للافراد رجالا ونساءا حرية التعبير عن الراي والابداع والتطوير ، في حين تكون اجواء الاستبداد وقمع الحريات العامة كما هو سائد في الكثير من الانظمة العربية والاسلامية عوامل مساعدة لنمو الخوف عند المواطن والشعور برغبة الابتعاد عن الحياة العامة والانعزال ومن ثم الهجرة عن البلد الى مواطن يشعر فيها بالامن والاستقرار .


3- الولاء للوطن : الولاء للوطن هو شعور فطري ينتاب اي مواطن ويدفعه لخدمة وطنه ومجتمعه ، والعمل على تنميته والرفع من شأنه ، وحماية مقوماته الدينية واللغوية والثقافية والحضارية، والشعور بالمسؤولية عن المشاركة في تحقيق النفع العام ، والالتزام باحترام حقوق وحريات الآخرين ، واحترام القوانين التي تنظم علاقات المواطنين فيما بينهم، وعلاقاتهم بمؤسسات الدولة والمجتمع، والمساهمة في حماية جمالية ونظافة المدينة أو القرية التي يقيم بها، وحماية البيئة فيها، والمشاركة في النفقات الجماعية، وكذلك الاستعداد للتضحية من أجل حماية استقلال الوطن ، والذود عن حياضه، وضمان وحدته الترابية، والارتكاز في ذلك على مبدأ عام يُفترض أن يربط بين مختلف فئات المواطنين وهو اعتبار المصالح العليا للوطن فوق كل اعتبار، وأسمى من كل المصالح الذاتية الخاصة والأغراض الفئوية الضيقة . ومن المهم الاشارة الى ان الشعور بالولاء للوطن هو شعور يجمع كل مواطني الدولة سواء المقيمين في داخلها او خارجها فالولاء هو صفة لصيقة بالمواطن وان تغيرت ظروفه .

4- التربية على المواطنة : تظهر أهمية التربية على المواطنة وحقوق إلانسان باعتبارها مجال من المجالات الاساسية التي تضطلع بمهمة ترسيخ القيم المستديمة الخاصة بحقوق اإلنسان والمتسمة بالانسجام والديمومة في وعي وسلوك الافراد والجماعات والمؤسسات. وتلعب عدة مؤسسات في المجتمع دورا مؤثرا في تنشئة الاجيال على المواطن في مقدمتها الاسرة والمدرسة والجامعة والجيش والوظيفة العامة والمجتمع والمؤسسات الدينية من خلال العقائد والسلوكيات وكذلك وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني . (4 )
ولعل من أبرز الظواهر التي تؤثر في تراجع الدول العربية هو نقص اساليب التربية على المواطنة ، وما يترتب عن ذلك من ضعف الإحساس بالمسؤوليات والالتزامات تجاه الوطن ، وإذا كان من الممكن تبرير اقتران هذه الظاهرة السلبية بأشخاص لم يلجوا المدرسة، أو انقطعوا عنها في مستويات متدنية ، فإنه من الغريب أن تقترن بأشخاص يُفترض أنهم من النخبة، بالنظر لمستوياتهم التعليمية، ومواقعهم المهنية والاجتماعية،
فهناك اشخاص كثر في مجتمعنا يرددون كلمة المواطنة ، ولكنهم لا يترجمون في سلوكهم اليومي ما تفرضه المواطنة من واجبات والتزامات، وهو سلوك اناني من اشخاص تسيطر عليهم الأنانية الذاتية فيعيشون لأنفسهم فقط ، ويعتبرون أن الوطن يجب أن يوفر لهم ما يحتاجون إليه من خدمات عامة متنوعة دون أن يساهموا بأي عمل لصالح هذا الوطن، ومثال اولئك الذين يتهربون من دفع الضرائب ، أو يتعمدون الغش في نشاطهم المهني ، كتسريب اسئلة امتحانات البكلوريا وفسح المجال لغش الطلبة او يفشون اسرار دوائرهم وكذلك الذين يستغلون مواقع النفوذ للارتشاء وممارسة المحسوبية والزبونية، وتشجيع الوصولية، ونهب المال العام، أو استغلال الممتلكات العامة لمصلحتهم الخاصة، أو يهربون الأموال إلى خارج البلاد وغيرها من المظاهر التي تخل بمفهوم المواطنة . وعليه فان التربية على المواطنة، فضلا عما تتطلبه من توجيه سليم، وقدوة صالحة، داخل الأسرة والمجتمع، فانها تتوقف على دور الحكومة في تفعيل دورالمدرسة وتوحيد مناهج التعليم ، وضمان تكافؤ فرص التعليم والمساواة بين جميع أبناء الوطن الواحد، وتعظيم الجرعات التعليمية التي يتلقاها الطلاب بقيم المواطنة والهوية الوطنية والديموقراطية وحقوق الإنسان وحق الاختلاف ، وتنمية الإحساس بالمسؤولية الوطنية ، وحب العمل الجماعي، وقبول الاختلاف، والتعايش مع الآخر، وتغذية الطلبة بقيم التسامح، ونبذ العنف والإقصاء، والاعتدال وعدم التطرف، وأخذ المعرفة على أساس النسبية، وتعويد الطلاب على المناقشة والتحليل، واستعمال الفكر، والاحتكام إلى العقل في الاستنتاج، والتمرس بالتعبير عن الرأي، في إطار الحوار المنتج، وتحفيزهم على الابتكار والمبادرة الشخصية، وتؤهلهم لولوج عالم المعرفة من أوسع أبوابها، والانفتاح على القيم الإنسانية الكونية ولاشك ان هذا الامر لايمكن ان يتم من خلال المناهج فحسب وانما من خلال تطوير قدرات المعلمين والاساتذة الجامعيين في هذا الجانب وتحسين بيئة التعليم من خلال مدارس تتوافر على احدث اساليب ومناهج التعليم المتوافقة مع التطورات العالمية .
ثالثا : الموظف العراقي واشكالية المواطنة :
ان الموظف العراقي هو بالنتيجة انسان لديه مشاعر واحاسيسي تاثر بمجمل الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السلبية التي مر بها العراق من حروب وحصار اقتصادي واحتلال امريكي وماجره من تفكك وصراعات واعمال تخريب وارهاب وتخريب وتهجير ، وقد انعكست تلك الظروف بلا شك في سلوكه الاجتماعي والوظيفي ، ولم تستطع الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 ، ان تردم التردي او التراجع الذي حصل في منظومة القيم الوطنية ، بل زاد الصراع السياسي على السلطة وحجم المحسوبية وصعود القيم القبلية والاثنية من تراجع مفهوم الولاء الوطني فبات الولاء للعشيرة والطائفة والهويات الفرعية مقدما على الولاء للوطن وقيمه الجامعة ، فتأثرت قيم وسلوكيات الموظف بهذه الاجواء السلبية المحيطة به فانعكس بشكل واضح على اداءه الوظيفي . وعلى حال فاننا يمكن ان نشير هنا الى جملة اسباب ساهمت بشدة في تراجع قيم المواطنة في سلوك الموظف العراقي منها مايأتي :
1- ضعف الوعي السياسي لدى الموظف بمفهوم المواطنة وعدم قدرته على ادراك ان الوظيفة العامة هي اي احد مداخل بناء هويته الوطنية ومنزلته الاجتماعية .
2- ضعف الوعي السياسي لدى الموظف بمفهوم المواطنة وعدم قدرته على ادراك ان الوظيفة العامة هي اي احد مداخل بناء هويته الوطنية ومنزلته الاجتماعية ، حالها حال الجيش والرياضة والفن ، فالوظيفة العامة تخلق شخصية وطنية عامة وهي احد مداخل الصعود الى السلطة على الصعيد الوطني ، حالها حال الضباط الكبار والرياضيين والفنانين ، كما ان التعيينات المركزية بين الموظفين في محافظات مختلفة يخلق شخصية وطنية مندمجة مع الاخر في الماحفظات المختلفة ، فكثير من الاخوة الاكراد تم نقلهم الى محافظات الجنوب واستقروا هناك واندمجو وتوظفوا وكثير من الاخوة في الجنوب والوسط استقروا في المحافظات الشمالية وهكذا
3- ان عدم التفريق بين الدولة والحكومة ظهر في الازمات التي مرت بها الدولة العراقية ، حيث شاهدنا حنقا وغضبا على اداء الحكومات تدفع ثمنه مؤسسات الدولة حرقا ونهبا وتخريبا وفي الاحتجاجات التي حصلت في العراق منذ 2013 والى اليوم شاهدنا ان شعارات المتظاهرين كانت ضد الحكومة وادءها في حين ان غضب الجماهير انعكس في حرق وتفجير دوائر الدولة واتلاف محتوياتها .
4- ان تورط بعض السياسيين واعضاء البرلمان والمجالس المحلية في المحفظات بقضايا فساد ومحسوبية وارتباطات مادون الوطنية وعدم محسبتهم واحالتهم الى القضاء ، قد انعكس في نظرة الموظف الى الوظيفة العامة والى تدني حرمة المال العام واستحلاله واعتبار الوظيفة مصدرا للاثراء والحصول على الامتيازات والوجاهة . وهذا مخالف لمبدء تكافؤ الفرص والعدالة والشفافية والمساءلة والنزاهة والمهنية والحيادية .
5- لايزال الكثير من الموظفين يعملون وفق مفهوم المنصب لاجل الريع ، اي انهم يعملون لاجل الاجر وتحسين الدخل دون اعتبار المنصب وظيفة عامة تعود بالنفع والتطوير على المجتمع ومؤسسات الدولة ، بل بالنفع المعنوي عليه وعلى عائلته .
6- لقد انعكس التشظي في المشهد السياسي والاجتماعي من حيث ضعف مفهوم المواطنة وعلو مفاهيم الطائفة والعشيرة والقومية في سلوك الموظف العراقي ، فبات الكثير من الموظفين عنصريين وعشائريين ويتصرفون بسلوكيات تثير زملائهم ويسعون لاستغلال وظيفتهم لخدمة اغراض أو أهداف أو مصالح حزبية أو فئوية أو جهوية أو شخصية ، فسادت سلوكيات الاحتكار والانانية والغلبة والمحسوبية بدلا من سلوكيات التعاون والابتكار والعدالة وتكافؤ الفرص .
7- ان ضعف تطبيق القانون وتراجع العدالة في تولي المناصب واستنادها الى قيم القرابة والطائفة والاعتبارات الشخصية والحزبية وليس على الكفاءة والمهنية انعكس في مفهوم الولاء والانتماء الوطني للموظف ، حيث تراجعت تلك القيم وساهمت في احباط الكثير من الموظفين الاكفاء وانزواءهم بل وتركهم للوظيفة العامة والهجرة الى الخارج في احيان كثيرة .
8- ان انعدام العدالة في سلم المرتبات التي يتقاضاها الموظف قد لعبت دورا كبيرا في ضعف الدافعية او الحافزية لدى الموظف ، حيث تجد موظفا متميزا ويمتلك خبرة عالية ويعمل في دائرة مرتباتها متواضعة في حين ان موظفا اخر يملك ذات الشهادة والاختصاص ولايمتلك خبرة كبيرة ولكنه يعمل في احدى دوائر الرئاسات الثلاث او البرلمان او مجلس الوزراء او الهيئات المستقلة ويتقاضى راتبا متميزا ، ولاشك ان هذا الموضوع ينتج مشاعر سلبية لدى الموظف ويساهم في تراجع قيمه الدافعة نحو الولاء والتعاون والاخلاص في العمل .
9- ضعف التدريب للموظفين واستناد التعيينات على العلاقات القرابية عبأ الدوائر بموظفين غير منتجين او كفوئين وساهم ضعف القانون وسيادة قيم المحسوبية والعلاقات الخاصة في تسلق الكثير من موظفي الصدفة لمناصب كبيرة وحساسة مما ولد احباطا وتراجعا في قيمة الوظيفة العامة ودورها الوطني .
10- ان تدني قيمة العمل في نظر الموظف وسيادة قيم الواسطة والمحسوبية والرشوة في التعيين وفي الحصول على المناصب الوسطى والعليا قد انعكس في تراجع مستوى الانتاج حيث يبلغ معدل انتاج الموظف العراقي اقل من ساعة في اليوم مقارنة بالدول المتقدمة التي يبلغ فيها معدل الانتاج سبع ساعات في اليوم ، ويضيع الموظف العراقي وقته في الافطار الجماعي بين الموظفين وفي المكالمات الهاتفية وفي الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي التدخين وفي شرب الشاي او القهوة وغيرها من السلوكيات التي باتت تعبر عن ضعف في القيم الوطنية الدافعة نحو العمل والانجاز .

مالعمل ؟

- قيام حكومة وطنية شاملة تمثل جميع العراقيين وتقضي على المحاصصة الحزبية والاثنية في تولي الوظائف العامة وتقطع دابر الفساد وتفعل دور القانون في الرقابة والشفافية وتمنع استغلال الوظيفة للاغراض الحزبية والشخصية .

- الاهتمام بتنشئة الاجيال العراقية الصاعدة على المفاهيم الوطنية والولاء للوطن والاخلاص اليه واعلاء روح العمل الجماعي والتكاتف بين العراقيين

- تفعيل مدونات السلوك الوظيفي التي تمنع استخدام العنصرية والواسطة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة للاغراض الشخصية ومحاسبة الموظفين الذين يروجون للقضايا التي تثير العنصرية وتخل باللحمة الوطنية بين الموظفين .
- زيادة وعي الموظفين بان الوظيفة هي مدخل لبناء الهوية الوطنية بالتلاقي والاندماج والتناصر مع زميله او زميلته في العمل لخدمة المجتمع ، وان الحصول على المرتب هو حق مشروع للموظف لقاء عمله ولكن لايجب ان يكون هو الهدف الاسمى او ان يكون على حساب الابداع والابتكار الذي يخدم ويرفع من مكانة الدائرة او المؤسسة التي يعمل بها .

- تعديل سلم الرواتب ومساواته بين الموظفين من اصحاب الاختصاص الواحد والعمل بنظام الحوافز والمكافأت لتشجيع الموظفين على الابداع والابتكار واستمرار الاحتفال بيوم الموظف المتميز .
- زيادة وعي الموظفين بالمحافظة على ممتلكات الدولة وانها ملك للشعب وان وظيفة الحكومات هي حراسة وحماية وتنظيم التدافع الاجتماعي السلمي بين المواطنين وبما يحقق الاندماج والانسجام والوحدة بينهم .


المصادر :
- غزلان جنان ، المواطنة : مفهومها ومقوماتها ، موقع المشاهد 24 ، تاريخ الدخول 27-9-2018 .25-5-2015 .
- د.تغريد محمد قدوري ، مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة وأثره في حرية الموظف في التعبير عن رأيه ، كلية القانون – جامعة بغداد ، منشور في موقع http://www.iasj.net/iasj في 2017 .
- موسوعة العلم ، مفهوم المشاركة في الحياة العامة ، مقال منشور في موقع موسوعة العلم nadhembelhadjali.blogspot.com بتاريخ 27-9-2015 .
- المجلس الوطني لحقوق الانسان في المغرب ، التربية على المواطنة وحقوق الانسان : فهم مشترك للمباديء والمنهجيات ، المغرب ، 2014 ص ص 7-9 .
- غزلان جنان ، مصدر سبق ذكره .



#دهام_محمد_العزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو استراتيجية وطنية لتطوير المنافذ الحدودية في العراق
- غسيل الاموال ومكافحة الفساد في العراق
- استراتيجية التخفيف من الفقر وعمالة الاطفال
- ترامب وخياراته في العراق
- الانسان العراقي في عالم متغير
- ترشيد العقول قبل ترسيم الحدود
- اولمبياد ريو ووهم التاريخ
- متزوجون بلا احساس
- عن اي عراق تتحدث ياشيخ
- الفرهود هل هو ثقافة عراقية ؟
- فالانتين بنكهة عراقية
- لامن الانسانيفي المناطق المحررة : الاستراتيجية الغائبة
- شمال افريقيا والمستنقع الجديد
- نكبة النازحين : بين غضب السماء وتجاهل الحكومة
- العنف ضد المراة والقيم الموروثة
- العنصرية بين قيم المجتمع والسياسة
- في ذكرى النكبة : اسرائيل التي قهرت ارادتنا
- رجال الطين وتبلد القيم الدينية في المجتمع العراقي
- العدالة الاجتماعية
- الامن الانساني : المفهوم والدلالة


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يعلن فقدان إسرائيلي في الإمارات
- نتنياهو يتهم الكابينيت بالتسريبات الأمنية ويؤكد أنها -خطر شد ...
- زاخاروفا: فرنسا تقضي على أوكرانيا عبر السماح لها بضرب العمق ...
- 2,700 يورو لكل شخص.. إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على ال ...
- تواصل الغارات في لبنان وأوستن يشدد على الالتزام بحل دبلوماسي ...
- زيلينسكي: 321 منشأة من مرافق البنية التحتية للموانئ تضررت من ...
- حرب غزة تجر نتنياهو وغالانت للمحاكمة
- رئيس كولومبيا: سنعتقل نتنياهو وغالانت إذا زارا البلاد
- كيف مزجت رومانيا بين الشرق والغرب في قصورها الملكية؟
- أكسيوس: ترامب فوجئ بوجود أسرى إسرائيليين أحياء


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دهام محمد العزاوي - المواطنة واثرها في السلوك الوظيفي للقطاع العام