|
الدول العربية وآفة الفساد
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5967 - 2018 / 8 / 18 - 11:38
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
وفقًا لاحصاءات البنك الدولي تقع أغلب الدول العربية ضمن الدول الفقيرة وينتشر في البلدان العربية رغم حصول العديد منها على ايرادات ضخمة من البترول والغاز واستغلال المعادن ومعظم البلدان العربية يتراوح دخل الفرد السنوي فيها من 1000 دولار إلى 1500 دولار في السنة في بلدان كالصومال واليمن والسودان وموريتانيا ويتراوح بين 3000 دولار و4000 دولار في دول أخرى كمصر والأردن وسوريا والعراق والجزائر والمغرب وتونس وقد يصل إلى..... ألف دولار في بعض دول الخليج، بينما يتجاوز دخل الفرد في الدول المتقدمة 50 ألف دولار في السنة. كما زادت معدلات الفقر في البلدان العربية لتتراوح بين 15% و40% وتصل في بعض الاحيان إلى ما يقارب 50% من السكان رغم جهود التنمية والنمو الاقتصادي الذي يتراوح بين 2% و6% ولكن المشكلة بأن هذا النمو لا ينعكس بالايجاب على تحسين دخول المواطنين والسبب الرئيس تفاقم الفساد الذي يأكل عوائد التنمية فيها. كتب د. خليل عليان في مقال «الفساد أهم أسباب الفقر في البلدان العربية» تشهد ظاهرة الفساد البحث والتمحيص كونها أحد أهم اسباب الفقر. ويشمل مفهوم الفساد في الدول العربية اساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة أو الخاصة للصالح العام بهدف خدمة مآرب ومنافع خاصة، والفساد ناتج عن تفسخ منظومة القيم الاجتماعية، وانهيار المنظومة القيمية ولهذا يصبح الفساد سلوكًا اجتماعيًا، يسعى رموزه إلى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فالفساد ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية وتراخيص غير مشروعة أو قبض الرشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة مثلاً، كما يمكن للفساد ان يحدث عن طريق الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الاقارب ضمن منطق المحسوبية والمحاباة، أو سرقة اموال الدولة مباشرة. ويشير عليان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد للعام 2003 وقد اختارت هذه الاتفاقية إلى الحالات التي يترجم فيها الفساد إلى ممارسات فعلية على أرض الواقع وهي الرشوة بجميع وجوهها في القطاعين العام والخاص، والاختلاس بجميع وجوهه والمتاجرة بالنقود، واساءة استغلال الوظيفة، وتبييض الاموال والثراء غير المشروع، وغيرها من اوجه الفساد الأخرى. اصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد العام 2017 ورصدت زيادة الفساد في الدول العربية، وذكرت المنظمة في تحليلها للعلام العربي الصادر ضمن التقرير ان غالبية الدول العربية تراجعت تراجعًا ملحوظًا في تقييم الشفافية بالنقاط، حيث ان 90% من هذه الدول حققت اقل من 50 نقطة على مقياس مدركات الفساد العالمي، وأن 6 من اكثر 10 دول فسادًا في العالم هي من المنطقة العربية! وتعليقًا على ذلك يرى ان حجم الفساد في البلدان العربية قد ازداد في المعاملات اليومية وتشابكت حلقاته وتنامى إلى دوائر كثيرة في الحياة والادارة إلى درجة لم يسبق لها مثيل مما يهدد مستقبل تلك البلدان وهي ظاهرة تدعو إلى القلق. والفساد المستشري في معظم تلك البلدان يهدد برامج التنمية فيها بمخاطر ازداد معدلات الفقر والبطالة والمديونية والافلاس، وأن الفساد يعتبر واحدًا من العقبات امام ممارسة الاعمال التجارية، كما أنه يقلل من فرص جذب الاستثمارات. وفي إيجاز شديد يقول: «الفساد في البلدان العربية يتبعه حتمًا انتشار للفقر لا مثيل له»، ويكشف - ما يوضح عليان - تقرير منظمة الشفافية العالمية أن الشركات الدولية قدمت رُشى في الدول العربية، مارست ضغوطات سياسية ودبلوماسية لتمرير أعمالها، وخدمة مصالحها وتتقاضى أعداد كبيرة جدًا من الموظفين الحكوميين في البلدان العربية رواتب منتظمة من الشركات الأجنبية ومن بين هؤلاء سياسيون. وشمل الفساد في الدول العربية إعادة تدوير المعونات الأجنبية للجيوب الخاصة في العديد من هذه الدول، حيث يقدر أن 30% منها لا تدخل خزينة الدولة، وتذهب إلى جيوب مسؤولين كبار، كما يتضمن الفساد قروض المجاملة التي تمنحها المصارف دون ضمانات جدية وغالبًا لا تسدد، وعمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح، والعمولات والاتاوات التي تحصل بحكم المنصب او الاتجار بالوظيفة العامة ورشوة رجال الصحافة والنيابة والقضاء والأمن لتسهيل مصالح غير مشروعة. من نتائج الفساد في الدول العربية هدر المال العام والخاص، ورفع تكاليف الخدمات، وقدرت الزيادة في هذه التكاليف بما بين 20% و50% فوق التكلفة الاصلية المفترضة. وليس من شك في أن الفساد ينمو ويزداد في المجتمعات التي يسود فيها عدم العدالة في توزيع الدخل والثروة، وعدم تكافؤ فرص العمل، كما يستشري الفساد في الدول العربية التي تمارس مظاهر الدكتاتورية والاستبداد وغياب الممارسات الديمقراطية، ويستشري أيضًا في الدول التي تنحدر فيها الشفافية والإفصاح عن المعلومات وتسود فيها الممارسات البيروقراطية المعقدة التي تشجع الفساد. وإذا كان كما يرى أن الفساد يأكل مكتسبات التنمية فإن هذا يفسر لنا أن مكتسبات التنمية في الدول العربية لا تنعكس إيجابيًا في تحسين مستوى معيشة المواطنين، ويبقى المواطن يعاني من الفقر والبؤس بالرغم من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بسبب الفساد والفاسدين.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبدالله خليفة تحليل عميق لثقافة التسطيح
-
المرأة العربية والتنمية
-
فرح أنطون
-
حرب ترامب التجارية!
-
فيليتسيا لانغر نصيرة الشعب الفلسطيني وداعًا
-
حديث عن ديمقراطية المواطنة وشرعية الحقوق
-
التربية والتعليم في الدول النامية!
-
قانون التقاعد الجديد!
-
الإخوان وسيلة كل الأنظمة لاغتيال المعارضة!
-
التوتر النفسي والانتاجية!
-
أحمد لطفي السيد
-
الانتخابات العراقية من منظور الصحافة
-
كارل ماركس 200 عام
-
عندما تختلط المفاهيم
-
خمسون عامًا على اغتيال مارتن لوثر كينغ
-
الفساد السياسي
-
حديث حول الرأسمالية!
-
الناقد جابر عصفور.. تقويض نزعة العالمية
-
ترامب وعسكرة الفضاء!
-
عن الصحافة الثقافية!
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|