|
حوار مع صديق روسي حول العراق
فالح الحمراني
الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 12:32
المحور:
مقابلات و حوارات
صديقي الروسي الذي تربطني به علاقة تمتد لاكثر من عقدين يحمل مشاعر ودية للعراق، ولكونه استاذ تاريخ وشخص واسع المعارف فانه مطلع بشكل جيد على التقلبات والمنعطفات فيه، والعراق موضوعنا الدائم، نحمله في قلوبنا ورؤوسنا، نبحث ونرسم النموذج الافضل لنظامه السياسي ، ونتطلع لمستقبله.ولكن كل على طريقته. بوريس من منطلق الدولة وانا من زاوية حرية وكرامة الانسان، المواطن اولا.موقفان من حركة التاريخ. في ان يكون حركة نحو الافضل، لايخضع لنزوات القادة والزعماء وانما لحرية الانسانية وكرامته، وكل ما تقوم الدولةان تخدم المواطن ان توفر فرص متكافئة للجميع ودون استثتاء للحياةالافضل، وان تساعد الاضعف، ان توفر الحد الادنى لكل مواطن، والمجال لكل من يريد ان يحصل على الاكثر بجهوده الشخصية. وكان بوريس معي على النقيض في الموقف حول العراق. بوريس وانطلاقا من ثقافته الروسية التقليدية ينظر للوضع، من وجهة نظر منفعته وفائدته للدولة، مدى صيانته لوحدتها وسيادتها وتامين حياة مستقرة لسكانها ووضع الية مستديمة للتطوير والتقدم. اثناء ذلك لايعنيه بكثير ان يكون الحاكم مستبد او انفرادي، ولاقضايا التضييق على حرية الكلمة والضمير والانتخابات النزيه، والفرد في نهاية المطاف لايعدو غير " برغي" في ماكنة الدولة، وعليه ان يضع نفسه في خدمتها. من هذا الموقف تجاهل بوريس كافة البراهين والمعطيات والوقائع التي اتيت بها له ليشد ازر موقفي من نظام صدام حسين الدكتاتوري في العراق على مدى ثلاث قرون. الدولة اولا ايها العراقيون. ولم يسمع لي ان الانظمة الشمولية والدكتاتورية التي تحتكر القرار وتعزل المجتمع عن المشاركة في السلطة عن طريق ممثليه والمشاركة في القرار هي التي تزرع الفايروس الخطر الذي سوف ينخر بكيان الدولة وتدميرها. وهذا ما قام به النظام الصداميوالستاليني في روسيا، الذي اسس بسياسته الرعناء التمزق الطائفي والقومي في العراق واحدث الانشقاق في الدولة السوفياتية.بوريس يقول دع التاريخ يمضي ويتحول دول دون هزات ومنعطقات حادة، دع كل مرحلة تنتهي بهدوء ويؤمن بان التطور يجب ان يكون تدريجي. ويحذر من المقاومة، ويذكرني بان ثورة اكتوبر ومن ثم انتفاضة خروشوف على موروث ستالين و" بدعة" غورباتشوف أي البيريسترويكا هيئت لان يقوم يلتسين " بحماقته" بتفكيك الدولة العظمى التي كان اسمها الاميراطورية الروسية ومن ثم الاتحاد السوفياتي. وبوريس لايتواتى عن مدح ستالين، ويبرر كل ممارسته اللاانسانية، لتحويله روسيا لدولة عظمى، دولة صناعية نووية وقوية، حولها لقطب اخر بعدما كانت منهكة ضعيفة. ويغمض صديقي عينية عن الثمن عن التضحيات الجسيمة خاصة بالارواح. ويردد الدولة اولا. قبل ايام جاءني بوريس منفعلا دون حتى ان يشعرني مسبقا كالعادة بزيارته، وبادرني قبل ان ياخذ كاس الشاي الذي قدمته له،" لقد اثبت التاريخ صحة افكاري ومواقفي بشان العراق، وارجو ان توافقتي على ذلك" فسالته ما المسالة. لقد فهت ان زيادة اعمال العنف في العراق وسقوط الضحايا الابرياء وتردي الاوضاع قد تركت تاثيرها عليه. وباغتني بحجته التي يتصور انها دامغة " لقد قلت لك منذ اكثر من عشر سنوات ان الاطاحة بنظام صدام لايصب في صالح العراق ويلقيه بطاحونة العنف ويعرضه الاتقسام. يضع الدولة على حافة الهاوية.انظر ما يجري هناك. نظرت لصديقي الروسي بعطف، وقلت له انني لااتفق معه، حقا ان الوضع في العراق محزن ومؤلم ويسبب نزف الدم في القلب ، وانه يتعرض لكارثة، ولكنني ارفض طرح السؤال على شاكلة أي الوضعين افضل. العراق في ظل النظام الدماتوري كان ايضا في محنةـ لاتقل ماساوية وفضاعة عما يدور الان، ولكنه يختلف الان نوعيا انه بلد اخر و قرات عليه ما كتب لي مؤخرا احد الاصدقاء العاملين في المجال الاعلامي بالعراق "ان هذا الجو الملىء بالحرية للصحافة ومؤسسات المجتمع المدني والدستور والانتخابات وحرية المراة وغيرها الكثير، وهذه الحرية الشخصية ومؤشرات مستقبل جميل جدا للعراق الا يستحق هذا الضريبة التي يجب دفعها يمختلف الاشكال بل التمسك بها وعدم الاستسلام للدعه والراحة فاشعر انها طبيعية جدا امام هذا المستقبل الذي ينتظرنا .. وهذه حقيقة فانها حرية كبيرة جدا .. لكن مع اطلالة الموت، عكس النظام السابق فقد كان امانا ولكنه امان الساذجين وراحة ولكنها راحة الاغبياء فقد كنت واصدقاء نبيع في الشوارع كل شىء، الا انفسنا وولائنا وثقافتنا .. لم اكتب انا شخصيا لمدة ربع قرن ولا كلمة .. ولم افكر في ذلك ..". لاذ بوريس بالصمت. لست هل ان صديقي قد فهمني لاول مرة منذ عدة عقود. ولكنني ادركت اننا كنا دائما نمثل موقفين ورؤيتين للتاريخ. وليس بوسعي ان احكم على ايهما الافضل. لكني مازلت على قناعتي.ان الديمقراطية واشاعة الحريات العامة وتوفير الاجواء لكل مكونات المجتمع العراقي لتجسيم ارادتها، افضل الطرق لصيانة العراق كدولة.
#فالح_الحمراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معوقات الديمقراطية في العراق
-
موت ميلوسيفتش كقضية حضارية
-
طبول الحرب تقرع في ساحة الاتحاد السوفياتي السابق
-
المسلمة والهروب من الحرية
-
دعوة حماس والسياسة الخارجية الروسية الجديدة
-
العراق على مفترق الطرق
-
حول- انتحار موسكو- لدعوتها حماس
-
بين اجتثاث البعث وادانة الانظمة الشيوعية
-
الملف النووي الايراني ورهانات الدبلوماسية الروسية
-
هل سيتحسر العرب على شارون؟
-
رحلة تابينبة لجيكور السياب
-
العرب ومجابهة التحدي النووي
-
ليلة انهيار الاتحاد السوفياتي
-
التمرين الكبير نحو الديمقراطية في العراق
-
نجاد وابعاد تصريحاته في القمة الاسلامية
-
تناقضات محاكمة صدام
-
في مفهوم العراق الجديد
-
في مفهوم -العراق الجديد-
-
قراءة في موقف روسيا من سوريا وايران
-
مَن المستهدف بعد الاردن؟
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|