أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-














المزيد.....

-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 26 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


9- الفنان اسماعيل كلوب


لوحة الفنان التشكيلي الفلسطيني "إسماعيل كلوب" ‏‎التي لفتت النظر في معرض مهرجان فلسطين الدولي بغزة ، يمكن ان نطلق عليها " تغريبة فلسطينية " دون ان نتجاوز موضوعها .
مما يلفت الانتباه في اللوحة تعابير الحزن تنطق بها ملامح الشخوص ، والثياب تعود لزمن قديم، وتتسم بالبساطة والعمق كأنها تستدعى الذاكرة الشعبية .
اما الخلفية فتستمدّ أجواءها من الحياة بالديار الفلسطينية ، البساتين والكروم .
أيضا هناك الألوان المتناغمة التي تمتلئ بها اللوحة، من البنفسجي المتدرج والازرق ، ثم هذا التباين الظاهر بين الشخوص المليئة بالانكسارات ، وبين الخلفية التي تظهر البيئة بما تحويه من ثراء .
يظهر ذلك الثراء بشكل جلى فى عناقيد العنب بألوانها المتناغمة مع البناء التشكيلي العام للوحة.
في هذه اللوحة، ينقل الفنان إحساسا ببداية التغريبة . إذ نرى امرأة برفقة ولديها ، وهم يستعدون للرحيل عن الديار تاركين مفاتيح الدار معلقة على فروع عريشة العنب . كرمز لترك الدور بكل ما تحويه و الارض و الاملاك ...
وجوه الشخوص واضحه في اللوحة ، وملامحهم تتحدث ببلاغة عن حزنهم وعمق مأساتهم . وضعية الجميع متناغمة مع الوضع المأساوي، وتمنحنا احساس بعمق الفجيعة على فراق الديار .
الام تضع راحة يدها على راس احد الابناء الذى يميل ليستقر على صدرها بحزن يعمقه وضعية الرأس المحني إلى أسفل . بينما راحة يدها الاخرى على كتف ابنها الاخر الذى تبدوا ملامحة اكثر قوة وهو يرفع يده ليلمس يد الام ، بينما تبدو عيناه محدقتين فى حزن اخية الاصغر . عيونه تنطق بالتوعد لأجل المقاومة والتحدي و الام فملامح حزنها تمتزج مع الصمود والصبر العميق.
ان ذلك التلامس بشكل متلاحم بدون انفصال بين الاجساد الثلاثة ، تظهر ثلاثتهم متوحّدون فى الالم ، وفى التضامن الإنساني امام مصير مجهول .
اسماعيل كلوب فى لوحته تلك فنان يرسم صورة حقيقية عن الوجع ، وصورة اخرى عن الانسان الفلسطيني المرتبط بتاريخه وتراثه .
واول التراث واكثره عمقا الذى يظهر فى اللوحة هو رمز المفاتيح المعلقة على عريشة العنب ، وهو رمز مأخوذ من المفاتيح الكبيرة للمنازل التي نجدها في أثار الكنعانيين وهى ترجع الى اكثر من الف سنة قبل الميلاد ، ان ذلك الاستقرار الطويل يعنى هؤلاء المتجذرين فى ارض فلسطين من الازمنة القديمة قد انتزعوا من تلك الجذور ، انتزعوا من الديار القديمة بأحواشها المتسعة وعرائش العنب والمليئة بالحنين ، فهي ترتبط بمباهج الحرية والتسلية ولقاء الأحبة والأقارب واستعاده أيام الصبا , كما ترتبط ايضا بحياة الأجداد ، حياة بتفاصيلها وأمجادها باقية في الضمير الشعبي ، تتمدد في الأحاديث والأمثال والحكايات والسير والأشعار ، التي تقال حول منجد النار في المساء حيث يجتمع الشمل
فى اجمل مظاهر الدفء الإنساني .
ثاني رموز التراث المهمة فى اللوحة هو عناقيد العنب ، ويذكر ان الفلسطينيين اهتموا اهتماماً كبيراً بزراعة العنب منذ عهد الكنعانيين، ولازالت اثار معاصر النبيذ الحجرية القديمة موجوده فى انحاء فلسطين . العنب بذلك اصبح رمزاً في تراث الشعب الفلسطيني . وفى حاضره لايزال يتغنى به .. كما فعل الشاعر الراحل ناهض منير الريس عندما ابدع كلماته :
" الشهد في عنب الخليل .. وعيون ماء سلسبيل
هي إرث جيل بعد جيل .. وكفاح تاريخ طويل
جنان جنان .. بعمر الزمان
وما للدخيل بها من مكان
***
سلم على وديانها .. والطير في أفنانها
والكرم في بستانها .. والنار في صوانها
ديار الكرام .. وأهل الزمام
لها من قلوب بنيها السلام
***
وللقصيدة بقية نكتفى منها بما يفيد موضوعنا لكن من الواضح ان الشاعر ابدع هذه الكلمات بدقات قلبه .
و الفنان اسماعيل كلوب رسم ايضا بقلبه ومشاعره، لوحة لا تحكي فقط عن مصير عائلة دفعت للتشريد ، بل أيضا عن مصير ملايين الفلسطينيين الذين هجروا من قراهم وبلدانهم ... ملايين اقتلعوا من الجذور .
لقد استطاع أن ينفذ إلى روح اهل بلده يترجم البؤس والتشرد والقهر الانساني والمعاناة . حقا انه التزام ، لكنه التزام لا يعنى الجمود ، وكثير من الفنانين الفلسطينيين يعيشون المعادلة الصعبة : التزامهم تجاه فنهم والوضع الاجتماعي الذى يعيشونه الناتج عن الوضع الاكثر قسوة : احتلال الوطن . ومع ذلك لم يحدثهم احد عن جمال اشجار الزيتون واعواد اللوز الخضراء ، لم يحدثهم احد عن سحر أغاني الحصاد اوعن كيفية حب بلدهم .. لقد حددوا موقفهم واستغرقوا فى فنهم بصمت ، فابدعوا وتميزوا وبرز بعضهم فى مقدمة الفنانين العرب .



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثامن-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االخامس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسادس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثالث-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االرابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأول
- تخريفات مفلس للخروج من الخرابة
- تأملات بشرى في الاحوال البشرية !!
- سيناء وضحايا الأكاذيب الكبرى
- مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)
- قراءة في مجموعة - لم يكن حلما -
- اسكت، حتى ياتى يوم ذبحك
- غزة ، مشاهد من الحياة
- في الانتصار المدوي للمقاومة
- غزة ، والحكايات
- إسرائيل, السحره والنساء
- مهرجان الوحشية
- الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -
- قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-