النظام الرأسمالي في مأزق


حافظ عليوي
2006 / 3 / 27 - 12:34     

كان عام 1997 علامة خطر كبيرة كشفت التناقضات و الأمراض التي يعاني منها النظام الرأسمالي العالمي . انهيار البورصة في تايلاند في تموز (يوليو) 1997 كان المحطة الأولى , واستمرت تفاعلاته لأكثر من عام . ومن هناك انتشرت الأزمة لتصيب كافة الأسواق النامية في كوريا و ماليزيا واندونيسيا في شرق آسيا , والبرازيل في أمريكا اللاتينية , ووصلت ذروتها بانهيار البورصة الروسية في آب ( أغسطس ) 1998 .
وقد أدّت الانهيارات المتلاحقة إلى أزمات سياسية عميقة . ففي اندونيسيا سقط نظام سوهارتو اثر هبة جماهيرية لم تشهدها البلاد خلال 30 عاما من حكمة . وفي روسيا تزعزع نظام يلتسن, فلجأ لإقالة أكثر من رئيس وزراء خلال فترة قصيرة جدا , في محاولة لإنقاذ نظامه المهدد بالزوال , خاصة بعد أن بينت الأزمة عمق الفساد فيه . وبدأت مشاعر العداء لأمريكا تنمو في صفوف الشعب الروسي بعد أن نكثت أمريكا بوعودها تقديم المساعدات المالية لا عادة بناء الاقتصاد الروسي .
احد الأسباب الرئيسية التي أدت لهبوط قيمة العملات النقدية في تلك المواقع , وتدمير اقتصادها ، هو المضاربة بالعملات ونقلها بين أسواق المال في أنحاء مختلفة من العالم ، بهدف تحقيق الأرباح للشركات المصرفية المضاربة .
وقد تغير دور العملات من وسيلة لتسهيل تبادل البضائع إلى سلع يتم تداولها , وذلك منذ إن فقد الدولار قيمته الثابتة نتيجة إلغاء ارتباطه با لذهب . وأدت المتاجرة الحرة بالعملات إلى تركيز الأموال بأيدي تجار البورصة , مما جرد الحكومات من إمكانية التحكم بتوجيه الاقتصاد لمصلحة المجتمع ككل .
وتنعكس الفوضى الاقتصادية في التفاوت بين الاستثملر في الانتاج الحقيقي والاستثمار في المضاربة . ففي حين يصل مجمل الاستثمار والتجارة في الانتاج الحقيقي الى 6.7 تريليون دولار سنويا , وتصل المبالغ المتداولة في " المضاربة المثمرة " الى 20 تريليون دولار سنويا , فان اسواق المال تشير الى ان مجمل الاموال المستثمرة في المضاربة يصل الى 400 تريليون دولار سنويا . ومن هذا يتضح ان الفارق الذي يبلع 380 تريليون دولار , ليس له اساس انتاجي واقعي , وهو نتاج عملية المضاربة نفسها. (Luttwak, p.256)
ان هذا الرقم الهائل (380تريليون) يعادل12 اضعاف الرقم الذي يحققه الاقتصاد الحقيقي المثمر. و يعني هذا ان اسبوعين من التداول في اسواق المال سنويا , يكفيان لتغطية حاجات الاستثمار والتجارة العالمية , اما ال50اسبوعا الباقية من السنة , فتستغل للمضاربة بهدف الربح , وليس بهدف الانتاج .
وقد يتساءل المرء لماذا لا يُستثمر هذا المبلغ الضخم في خلق اماكن عمل لملايين البشر الذين يفتقرون لمصدر الرزق ؟ الجواب بسيط , فالارباح التي تحققها المضاربة تفوق تلك التي يحققها الاستثمار في بناء المصانع , خاصة انه لم يعد في السوق الرأسمالية مكان لمصانع اضافية يمكن ان
تنافس المصانع القائمة. ويعتبر هذا الوضع من اشد التناقضات الكامنة في النظام الرأسمالي, فمن جهة تتعطش الامم الفقيرة لرأس المال اللازم للتصنيع , بينما تتعطش الشركات الكبرى لمزيد من الارباح , دون ادنى اكتراث للصالح العام .
في كتابه " المجتمع المفتوح في خطر – أزمة الرأسمالية العالمية " حذر جورج سوروس من انهيار النظام الرأسمالي العالمي بسبب التنقل الحر للرساميل , دون ان تكون للمجتمع الدولي امكانية التدخل لمنع الكوارث . ويذكرنا سوروس :" ان النظام الرأسمالي العالمي الذي تشكل في القرن ال19 لم تعد موجودة اليوم؟ ".
من الجدير بالذكر ان من يطرح هذا السؤال الاستنكاري هو ملياردير جمع ثروته من المضاربة بالعملات . انه بحكم مصالحه يعرف تماما ان مصير ملايين البشر ليس له أي دور في لعبة المضاربة . لذا فهو عندما يستثمر امواله لا يعنيه وضع العملة المحلية في تايلاند او ماليزيا او البرازيل ، وكل دورها بالنسبة له ان ترتفع اسعارها وتنخفض لتلائم توقعاته ، لا ان تخدم مصلحة شعوبها .
وقد أثبتت ازمة البورصات التي حلت بالبلاد الشرق آسيوية وسبّبت اغلاف منشآت اقتصادية كبيرة وأفقدت العمال ودائعهم البنكية ، ان مصير شعوب هذه البلدان اصبح هامشيا امام لعبة التداول بالعملات التي يقاس نجاحها بحجم الارباح التي تدخل جعبة المستثمرين .
بعد انهيار اسواق المال في الدول النامية عادات الرساميل الى بورصة وول ستريت الأمريكية , وكانت قد تركتها سابقا في عام 1987 الى اسواق شرق اسيا بسبب انهيار سوق الاسهم الامريكية . وكما احدث اقتحام الرساميل الاجنبية لاسواق المال الآسيوية تضاخما في قيمة الاسهم اسفر عن انهيارها , فان عودة الرساميل الى نيويورك رفعت اسهم البورصة المحلية بشكل غير معقول , الى درجة ان اسعار الاسهم تفوق احيانا عشرة اضعاف قيمتها الحقيقية ,وذلك بسبب دخول كميات هائلة من الاموال الى البورصة , الامر الذي يزيد الطلب على الاسهم ويرفع بالتالي اسعارها .
الحقيقية ان الرساميل التي هربت في الماضي من نيويورك الى شرق اسيا , ادت الى نمو سريع , ولكن غير مبرمج , للبنية التحتية الصناعية في البلدان الشرق آسيوية النامية . وراحت هذه الدول تنافس الدول الصناعية الكبرى المعروفة بمجموعة الدول الصناعية السبع (g7), في مختلف مجالات الانتاج من السيارات وحتى البتروكيماويات . وادى هذا الى اغراق الاسواق با لبضائع الشرق اسيوية الرخيصة ,الامر الذي هدد ارباح الشركات المتعددة الجنسيات . وكان عجز السوق عن اتيعاب المنتجات الجديدة من جهة ,والتطوير غير المبرمج لاقتصاد الدول ذات الانظمة الفاسدة ,من العوامل الاساسية لهجرة الرساميل وعودتها الى نيويورك.


تقوّض " الحلم الامريكي "

وام تختر الرساميل العودة تحديدا الى نيويورك من باب المصا دفة.فقد تحولت الولايات المتحدة في العقد الى جنة بالنسبة لشركات والمستثمرين , وقدوة يحتذي بها العالم كله ,وبضمنه اسرائيل .ففي القتصاد الامريكي يتمتع راْس المال با لحرية الكاملة ,خاصة بعد الغاء الكثير من قوانين العمل والضوابظ التي قيدت نشاط الشركات حفاظا عل المصلحة العامة وحقوق العمال . وقلصت الدولة نسبة الضرائب المفروضة على الشركات ,الامر الذي ادى الى انخفاض الخدمات التي وفرتها الدولة لمواطنيها,في الصحة , التاْمين الوطني , الاسكان والتعليم وغيرها .
وجاء هذا التحول في السبعينات نتيجة ثورة اجتماعية حقيقية قضت على ما يسمى ب" الحلم الامريكي " وكان اساس هذا الحلم التعاون الوثيق بين جهات ثلاث هي الدولة والشركات والنقابات العمالية , والذي أثمر عن ارتفاع مستمر المعيشة , حتى ان 80%من الشعب الامريكي اعتبروا انفسهم من الطبقة الوسطى.وكان سر هذا الازدهار تفوق الاقتصلد الامريكي على العالم بعد الحرب العالمية الثانية التي اتت على اقتصاد اليابان واوروبا وتحديدا المانيا . وقد انتقضت فترة التفوق الامريكي في مطلع السبعينات , عندما بدات المنتجات اليابانية الارقى نوعا والارخص ثمنا تغزوا الاسواق العالميه و الامريكيه . يشار الى ان الطبقات الوسطى تشكل اركان النظام الديمقراطي الغربي , ذلك انها تخاف التمرد على النطام وتميل بطبيعتها للمحافظه . , وليست الطبقات الوسطى وليدة طبيعية للنظام الراسمالي الذي يميل بشكل طبيغي لسحق الطبقات الوسطى والابقاء على طبقتين أساسيتين , هما الاقلية البرجوازية والأغلبية العالمية , وقد أسهب ماركس وانجلس في شرح هذا الامر . ان وجود الطبقات الوسطى يمنع المواجة الحتكية بين الطبقتين المتنا قضتين, ويحفظ بذلك السقرار النظام الراسمالي ,ويتستر على طابع الدولة القمعي ويكسبها طابعا زائفا من التسامح والديمقراطية . ولدرء خطر الانسحاق عن الطبقه الوسطى , توجب في تلك الفترة ابتكار طريقة بديلة تلجم قوانين السوق وتحد من حرية راس المال . وكان هذا دور دولة الرفاه التي كان عليخا ضمان الحد الادنى من الحاجات للموطنين , وخلق نوع من الوفاق الاجتماعيبين الشركات والنقابا ت اساسه القبولبالنظام الرسمالي وبحق اليبرجوازية في جني الارباح .
بدأ التراجع في برنامج الوثاق الاجتماعي في الولايات المتحدة في عهد الرئيس ريغان , حيث رفضت البرجوازية مواصلة تمويل دولة الرفاه , وتراجعت عن التزاماتها تجاه النقابات بسبب علاء اليد العاملة الامريكية مما عرقل امكانية منافسة الشركات اليابانية التي تعتمد على الايدي العاملة الرخيصة . وكانت النتيجة ان دفعت الطبقة العاملة الامريكية ثمن تعاونها مع البرجوازية , فتدنى مستوى معيشتها مقارنة بعمال اوروبا واليابان , هذا في حين زادت الشركات الامريكية ارباحها .
وتشير كافة المعطيات الى تفكك الوفاق الاجتماعي في الولايات المتحدة . فحتى الحرب العالمية الثانية كانت الشركات تدفع 35%من الضرائب لخزينة الولايات المتحدة , اما اليوم فتدفع 12% فقط بالمقابل تصل ضريبة الدخل التي يدفعها العمال قاطبة الى 50%من الخزينة , أي ما يعادل اربعة اضعاف ما تدفعه الشركات . من هذا يتضح ان العمال يغطون برامج الرفاه الاجتماعية الخاصة بهم بانفسهم (Luttwak,pp.230-240)
وما يشير الى تراجع النقابات هو الاجور التي لم يطرأ عليها في العقدين الاخرين . فبينما كان العامل الامريكي يتلقى اعلى الاجور عام 1984 , وصل اجره اليوم الى المرتبة الثانية في العالم . ويبلغ الحد الادنى للاجور في امريكا 5,15 دولار للساعة , اما في المانيا فيصل الى 12,37دولارا للساعة .
ويشير هذا الفرق الى وجود حتاة من سوق العمل المرن في امريكيا ,وهو النوع الذي يسمح الشركات بفصل العمال دون قيود او رقابة ويتيح لها استغلال العمال غير المنضمين.وقد قضي في العقدين الاخيرين على 40مليون مكان عمل في الولايات المتحدة ,المر الذي ساهم في كسر النقابات,وارغم العمال على قبول العمل باجور متدنية جدا ودون حقوق نقابية .
وقضت هذه العملية على شرائح واسعة من الطبقة الوسطى ، وعاد التناقض بين الطبقتين الرئيسيتين للظهور مجددا . وفي مقابل ال 20 % من السكان الامريكيين الذين يتمتعون بامتيازات " القرية العالمية " ، يعيش 26 مليون امريكي من المواد الغذائية التي توفرها المؤسسات الخيرية . كما اصبح الفرق بين راتب مدير شركة امريكية وراتب العامل الامريكي ، خياليا . اذ قد يحصل المدير على اجر يفوق معدل ما يحصل عليه العامل ب 209 اضعاف ، في حين ان الفجوة في اليابان لا تتعدى التسعة اضعاف . وبينما يتلقى مدير شركة يابانية كبيرة مليون ونصف دولار في السنة يتراوح اجر نظيره الامريكي بين 40 – 100 مليون دولار . (luttwak, pp. 203-204 )
ان سياسة فصل العمال وتقليص النفقات لاتزيد نسبة الارباح فحسب ، بل تؤثر في ارتفاع اسعار الاسهم . وبما ان جزءا كبيرا من مكوّنات رواتب المدراء عبارة عن اسهم ، فان سياسة الفصل تصبح امرا مجديا ، اذ ان تقليص الايدي العاملة يزيد رواتب المدراء بنسبة 13 % . ( Luttwak,pp.230-240 ) العولمة اذن ، ليست مجرد ثورة معلوماتية ، بل هي ثورة في العلاقات بين الدولة وارباب العمل والعمال لتحقيق اكبر نسبة من الارباح للشركات ، مما يفقد الدولة ابعادها الاجتماعية ومسؤوليتها عن ضمان رفاهية مواطنيها . وهذا هو جوهر الاقتصاد الحديث .

ضغوط امريكية لتغيير الاقتصاد الياباني

مع توحيد الاسواق العالمية راحت الولايات المتحدة تمارس ضغوطها على المانيا واليابان حتى تتماشيا مع طريقتها الاقتصادية .
اليابان التي كسرت تفوّق الامريكان وقوّضت حلمهم الاجتماعي في السبعينات ، اصبحت بعد عودة الاقتصاد الامريكي لموقع الصدارة في مطلع التسعينات ، مهدّدةً بتقوض حلمها المؤسس على مبدأ " العمل للجميع " و " صفر البطالة " ، بعد ان دخلت اطول ازمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية .
تنتهج اليابان سياسة جمركية صارمة تمنع استيراد المنتجات الامريكية ، وتضمن بذلك بيع منتجاتها في سوقها المحلية بأسعار باهظة جدا قد تصل الى درجات غير معقولة ، وذلك لتغطي نفقات التصدير من جهة وتمكن الشركات من تشغيل عمال بوظائف جزئية لتوفير اماكن عمل للجميع ، دون ان يقلص هذا ارباحها .
ان الوفاق الاجتماعي الذي يسود اليابان يفسح امام الحكومة مجالا كبيرا لسن قوانين مختلفة للدفاع عن الصناعة المحلية . ويتميز الوفاق اليابان بالروابط الوثيقة بين البنوك والشركات والعمال ، الامر الذي يضمن استقرار ورفاهية المجتمع . من هنا فان تأقلم اليابان مع نظام العولمة ، بما في ذلك إلغاء الجمارك أمام المنتجات الأجنبية ، سيكون معناه تمزيق نسيجها الاجتماعي ، الامر الذي سيسبب فوضى وارتباكات في المجتمع الياباني قد تصل إلى حد الانقلابات السياسية .
ان الاقتصاد الياباني الذي كان مؤسسا على التصدير العنيف وحماية السوق المحلية من الاستيراد , لم يعد مناسبا لظروف العولمة .ونهج التسامح الذي اتبعته أمريكا تجاه السياسة الاقتصادية اليابانية في فترة الحرب الباردة بسبب المكانة الإستراتيجية الهامة التي كانت لليابان في احتواء الصين الشعبية , تغير اليوم بعد ألازمه الاقتصادية التي دخلتها اليابان نظرا لبنيتها الاقتصادية الخاصة , وازداد الضغط عليها لتتلاءم مع حاجات الاقتصاد الجديد .
مع هذا يشار إلى أن الضغط يبقى محدودا جدا نظرا لحيازة اليابان أموالا طائلة . ففي عام 1995 سدت اليابان 60% من العجزفي ميزانية كل من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك مجتمعة . كما أنها تمتلك 250ملياردولار من أوراق المال التابعة للحكومه الأمريكية . وإذا توقفت اليابان عن تغطية العجز الأمريكي , فسيصبح على الحكومة الأمريكية إعلان إفلاسها.(Luttwak,pp.140-130)

الطريقة الاقتصادية الاوروبية الخاصة

ان الطريقة الاقتصادية في البلدان الاوروبية , وعلى رأسها المانيا , ومختلفة عن الطريقة الامريكية واليابانية . فالدول الاوروبية تعاني ازمة بطالة تشمل 18 مليون عاطل عن العمل . وترتكز طريقتها على توفير مخصصات البطالة للعاطلين عن العمل , ومنح العمال اجورا اعلى من تلك التي يحصل عليها العمال الامريكان (معدل الاجور في المانيا مثلا 30 دولارا للساعة , وفي الولايات المتحدة 20 دولارا للساعة ).(Luttwak,pp203-204)
واذا ارادت اوروبا منافسة امريكا , فعليها ان تغير اولا نهجها الاقتصادي , وتلجأ الى اسواق الاسهم العالمية لتمويل شركاتها , وتستغني عن الاقطراض التقليدي من البنوك المحلية الذي تتبعه حاليا تحسبنا لتدحل الرساميل الاجنبية في سياستها الاقتصادية . كما سيكون عليها ان تعمل على تغيير قوانين العمل بشكل يمكّن شركات الطاقة البشرية من الدخول بدل النقابات . والاهم من ذلك , سيكون عليها خفض الضرائب المفروضة على الشركات , والغاء مشاريع الضمان الاجتماعي التي تضمن الاستقرار وتمنع الاضرابات والثروات .
وتدرك الحكومات الاوروبية تماما ان العودة للنظام الرأسمالي المطلق سيُدخل القارة الى فوضى جديدة . وفي المانيا التي تعتبر اقوى الدول الأوروبية اقتصادا , أدى الاندماج بين شركاتها والشركات الامريكية الى بداية تغيير في نظامها الاجتماعي والاقتصادي – ولكن مع هذا فالدول الاوروبية لم تحسم بعد خيارها : هل تسلم زمام الامور للراسماليين وتحسن بذلك ظروف المنافسة مع الامريكان , او تترك الوضع على حالة الركود وتواصل تمويل مشاريع الرفاة لمنع الفوضي , الامر الذي سيضعف صمودها امام استحقاقات العولمة التي تدير دفتها امريكيا .
اتفاقية "ماستريخ " التي ابتكرت "اليورو" ليكون العملة الموحدة لاروبا ابتداء من العام 2002 , جاءت لتوحد السوق الاوروبية وتمكنها من منافسة الاقتصاد الامريكي – ان الشروط التي فرضتها المانيا على الاتحاد الاوروبي , واهمها عدم تجاوز عجز ميزانية الدول المشاركة فيها نسبة ال3% من الناتج المحلي الاجمالي , تشير الى بوادر تأقلم أوروبا مع النمط الامريكي. وبذلك تكون الارادة الامريكية قد طغت على قرار المواطنين الاوروبيين الذين استبدلو الحكومات المحافظة بحكومات تتزعمها احزاب اشتراكية ديمقراطية علة امل تحسين مستواهم .
لقد ادخلت العمولة عمالقة الاقتصاد الثلاثة , امريكا والمانيا واليابان , الى عملية تغيير اقتصادي واجتماعي وسياسي خطيرة الابعاد. ان حالة الستقرار السياسي في طريقها للزوال والنظام الرأسمالي يتآكل يوما بعد يوم , ويبشر بذلك احتداد التناقضات بين العمال واصحاب الشركات , والاشتباك بين الطرق الاقتصادية والسياسية المختلفة التي تتبعها الاقطاب الثلاثة.