عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5926 - 2018 / 7 / 7 - 14:02
المحور:
الادب والفن
أفضلُ شيءٍ يحدثُ لك
أستيقِظُ صباحاً
وأقولُ لنفسي
إنّ هذا هو افضلُ شيءٍ يحدثُ لك..
أنْ تستيقظَ صباحاً مرّةً أخرى
ولا شيء آخر.
بعدَ ذلكَ .. تبدأُ الأشياءُ السَيّئَةُ بالحدوثِ :
لا أحَدَ في العائلة يقولُ .. صباحُ الخير.
امرأةُ يُفْتَرَضُ أنّها زوجتك .. لا تُعِدُّ لكَ الشاي.
فتاةُ يُفْتَرَضُ أنّها ابنتك ، تتعَثّرُ بكَ ، كأنّكَ فردةُ حذاءٍ منزوعةٍ يومَ أمس ، لأنّ مُهَنّدَ "أبو الخَطّ" ، يَدُقُّ "الهورنَ" في بابِ البيت.
شابٌّ شاردِ الذهن ، يُفْتَرَضُ أنّهُ ابنك ، "يركبُ" السيّارةَ ، وينساكَ في الكَراج ، واقِفاً بكامل قيافتكَ الرسميّة ، كأنّكَ شحّاذٌ انيق.
شاحنةُ الأزبالِ تقفُ عند مدخلِ الحديقةِ ، كغُرابِ ضخمٍ ، وعاملُ النظافةِ يصيحُ بكَ : نحنُ لا نراكَ كثيراً هذهِ الأيّام .. أيّها العَمّ !.
نعم يا صاحبي .
أنتَ لا تراني كثيراً هذه الأيّام .. رغمً أنّني أشبهُ كثيراً الآن ، كومَةَ "زِبْلٍ" عتيقة .. تتحرَكُ بضَجَرٍ .. خارجَ "الحاويّة".
في الطريقِ الى موقع العمل ، تُحاوِلُ انْ تَغُضَّ الطَرْفَ عن التراجيديا العجيبة ، التي تجري فصولها في الشارع العام.
تدخلُ الى قاعةِ الدَرْسِ ، فيُبَحْلِقُ في وجهِكَ طُلاّبٌ ليسوا دائماً في كامل قواهم العقليّة.
تبتَسِمُ أنتَ أيضاً في وجوهِهم ببلاهةٍ ، كأنّكَ ديناصورٌ تائه ، دَخَلَ خِلْسَةً الى "الصَفّ".
تُلْقي محاضرتكَ الكابوسيّة وانتَ تضحكُ على نفسِكَ ، لأنّ طُلاّبَكَ غادَروا القاعة بعد دقائقَ من دخولكَ اليها ، و وصَلوا الى "بلوتو" .. بينما أنتَ ما تزالُ في "الدورة" ، مُقابلَ تقاطُع "أبو طيّارة" ، تتحدّثُ لهم عن شروط التوازن العام ، في سوق المنافسةِ التامّة.
جون مينارد كينز ، كان مُحِقّاً حين قالَ : "كُلُنا موتى في الأجل الطويل" أيّها السادة.
نعم يا جون . هذا صحيح.
ولكن في الأجل القصير ، نحنُ موتى أيضاً ، يا عمّي جون.
أنا أحياناً افتقدُكَ وأنت تكتبُ عن النقصِ في "الطلبِ الفَعّالِ" .. خارجَ "الشاحنة".
و "في الحقيقةِ والواقع" ، كما يُرَدِّدُ دائما السيّد "جاسم أبو المُوَلّدَة" .. فإنّ هذا ليسَ عالَمَنا يا عمّي جون .
لذا فأنا اقتَرِحُ عليكَ أنْ ندخلَ "الحاويةً" معاً ، أنا وأنت .
وأن نترُكَ عاملَ النظافةِ يرمينا بنفورٍ داخلَ شاحناتِ الأزبالِ التي تملآُ الأفُق ،
بدلاً من أنْ تهرسنا كُلّ يومٍ شاحناتُ الهموم هذه ..
و ينتهي الأمر.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟