أسماء غريب
الحوار المتمدن-العدد: 5922 - 2018 / 7 / 3 - 13:06
المحور:
الادب والفن
موسى،
أيها الطفلُ الأحمرُ المتوهّجُ عشقاً
هل عليّ أن أنسجَ للتأويل تاريخاً جديداً؟!
وبأيّة إبرة سأخيطُ تفاصيله،
قل لي:
أبإبرةِ الإشارة
أم بإبرة الكشفِ عن السّتارة؟!
مضى العمرُ
والعصا البيضاءُ في يدي
وما انتبهتُ إليْها يوماً
ولا أنا هششتُ بها على غنمي
ولا سعيتُ وراء مآربها الأخرى
مضى العُمْرُ
وما عرفتُكَ يوماً
فأنا كما صحبيَ العرفاء
المُحدَثين والقدماء
ماكان ليخطُرَ على بالي
أنّكَ يا موسى
لستَ ذاك الطّفل العبرانيّ
الذي كبر في قصر الفرعون
وفرَقَ البَحْرَ لقومه
وما كنتُ لأعلمَ أبداً
أنَّكَ يا موسى
ما كنتَ سوى قلبِي
وقلبِ كلّ إنسان حيٍّ قبلي وبعدي
وأنّ قصرَ الفرعون بدنِي
ورمسيسَهُ عقْلِي
وهامانَهُ نفسي
والبحرُ، ما البحرُ؟
قل لي أنت يا قلبي:
قل لي إنّه كلّ وهمٍ قضيتُ سنينَهُ
أصغي إلى سحرةِ جسدي
يحدثونَنِي تارة بلغة العِلْم
وتارة بلغةِ المعرفة
وتارات بلغة الكشف
وتارات رابعة بلغة البئر والمرآة
ولغة الحبل والزّئبق
وتارات خامسة
بلسان الغُراب والحيّة والعقرب.
يا حسرة عليّ يا موسى
يا قلبي المتوهّج عشقاً
آلاف من السنين قضينَاها نُوّماً في العسل
نحصي ما تساقطَ من الأجساد المبقورة
والرّقاب المذبوحة في ساحاتِ التأويل والتفسير.
يا حسرتِي عليكُم أيُّها العرفاء
لماذا لمْ تنطقوا
أينَ كُنْتُم
ومن قال إن رمسيس قد غرق؟
ألا تعلمون إنّهُ مازال حيّاً
يبني صروحه في كلّ جسد
ليصلَ إلى الأسباب
وكيف لا وهو يعرفُ القُبّة والهيكل
والصّخرة والمهد
آه يا قلبي يا موسى
أكانَ عليّ كي أفيق
أنْ أراهُم هذا الفجر
في بدني؟
نعم لقد رأيتُهم جميعاً
رمسيس ورع
وآسية والماشطة
ورأيتُ السَّحَرَة والثعابينَ
ورأيتُ ورأيتُ ورأيتُ
وكنتُ كلّما رأيتُ أغمي عليّ
أكانَ لا بدّ من كلّ هذا الإغماء
كي أفيق؟!
آآه يا قلبي
لقد أمسكتُ بالعصا أخيراً
وفرقتُ بها البحرَ
ونجوتُ، نجوتُ يا إلهي
أقول ربّما نجوتُ
فمن منكم يأمنُ مَكْرَ الله
أيّها العرفاء!
#أسماء_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟