هل أن تيار الشيوعية العمالية في أزمة ؟ مساهمة في الحوار (2)
سعد محمد حسن
2018 / 5 / 30 - 20:24
هل أن" تيار" الشيوعية العمالية في أزمة...؟.
مساهمة في الحوار (2)
في البدء أحيي الصديق العزيز رزكَار عقراوي ( رغم أنني لم ألتق به شخصيا ) وذلك لحرصه الشديد على تماسك الحزب الشيوعي العمالي العراقي , هذا الحرص الذي ينم حقيقة عن مدى شعوره بالمسئولية اتجاه الحركة اليسارية في العراق محاولة منه لتعزيز دورها في الحياة السياسية والاجتماعية ومواجهة الصعوبات والتحديات التي تواجهها و بروح الحوار بعيدا عن سياسة الإقصاء والتخوين وغيرها التي أ اتصفت بها بعض قيادات الحزب الشيوعي العمالي العراقي ( أنظر رسالة استقالة مؤيد أحمد ونخبة من قيادات الحزب ) , كما أحيي كذلك الرفيق عبد الله صالح (وأن كنت لا أعرفه شخصيا ولم ألتق به أيضا ) لشجاعته الواضحة ولروحه النقدية التي أظهرها في تعقيبه على ما نشره الصديق رزكَار عقراوي , كما أن الشكر موصول ا للرفيقة نادية جابري المقيمة في لندن والتي أبدت ملاحظتها على ما مقالي المعنون ( رؤية من خارج التنظيم .... حول ظاهرة الاستقالات في الحزب الشيوعي العمالي العراقي / مساهمة في الحوار والمنشور على موقع الحوار المتمدن ليوم الاثنين 28 أيار 2018) على الرغم من أنها لم تبدي أي من ملاحظاتها النقدية على العديد من النقاط التي أثرتها سوى ملاحظة واحدة تعقيبا على ما نشرته والتي اقتبستها أصلا من تعقيب الرفيق عواد أحمد على مقالة الصديق رزكار هقراوي التي تتعلق بالامتيازات الممنوحة لأعضاء الحزب , ( الرواتب السفرات والدورات ) , كما والشكر موصول أيضا للرفيق جيفارا ماركس على ما أبداه من تقييم لمقالتي أعلاه
سأتوقف هنا عند مفهوم التيار الذي يصف الصديق رزكَار عقراوي به لشيوعية العمالية كونها تمثل تيارا محدد المعالم .
لا شك من أن مفهوم التيار ببعده الفكري يعد تعبيرا عن حركات فكرية تنتهجها مجموعة من الناشطين أو الجماعات المتبنية لفكرة ما لغرض تغيير النظام القائم بأبعاده المتعددة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو فكرية إلخ و استبدال ذلك بنظام أخر يتمثل برؤية مختلفة عن سابقه تماما في معالجته لتلك الأبعاد . ولهذا ومن المنطقي جدا أن يتحول التيار إلى قوة سياسية وفكرية منتظمة وفق أسس تنظيمية سليمة تتيح لأعضائها والمنتمين لها من الحوار وتبادل الآراء بحرية و الاختلاف , دون أي ضغوطات قسرية وبيرقراطية مما تتيح أجواء الانفتاح والحرية و احترام الرأي الأخر من تعزيز مساهمة الجميع في صياغة واتخاذ القرارات , على أن هذه الأسس التنظيمية عادة ما تنسجم وامتلاك الحزب لرؤية نظرية قابلة للحياة متجددة في مفاهيمها وفقا لمتطلبات الواقع وحركته الموضوعية والحيلولة دون أن تصبح تلك الرؤية عائقا أمام أتساع تأثير الحزب في الحياة العامة على أن يرافق ذلك برنامج عام يتماشي مع تحديد الأهداف الإستراتيجية للحزب وسبل الوصول لتحقيقها وما هي تكتيكاته لأسس معالجته للواقع الاجتماعي في حركته الملموسة وحل تناقضاته الراهنة وتحديد الأهداف التكتيكية ومنها أشكال التحالفات وغيرها .
فهل كان تيار الشيوعية العمالية يتماشى مع ما أشرت أليه حقا ؟
يذكر الرفيق عبد الله صالح في مداخلته تعقيبا على نداء الصديق رزكَار عقراوي إلى الرفيقات والرفاق قادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي, قائلا بالنص ( المتتابع للأحداث التي واكبت عمر الحزب منذ تأسيسه ولحد الآن يدرك بأن انجازه لمهامه التي وجد من أجلها لم يصل إلى المستوى المطلوب فحسب , بل أقل من كل التوقعات و الآمال التي بنيت عليه, لا على الصعيد الداخلي للحزب ولا على صعيد المجتمع وهذا ما يعترف به الجميع دون استثناء ) . انتهى الاقتباس.
ألا أن ما ذكره الرفيق عبد الله صالح يضعنا حقا في مواجهة السؤال الأتي :
أمن المنطقي أن لا يتم معالجة كل هذا الإخفاق , والوقوف أمام أسبابه النظرية والعملية ؟ و من ثم من يتحمل المسئولية عن ذلك الإخفاق ؟ هل هي القيادة الحالية ؟ أم كل القيادات هي التي تتحمل المسئولية عن ذلك؟ .
وهو ما أشار أليه الرفيق عبد الله صالح بالضبط تماما في كون الإخفاق لم يكن وليد الساعة أو وليد المؤتمر الخامس أو وليد الاجتماع الموسع 33 بل أنه يمتد إلى البدايات الأولى , أي منذ تأسيس الحزب وحتى قبل مؤتمره الأول , حيث يقول الرفيق عبد الله صالح وبالنص ( ترديد عبارة "جعل الحزب حزبا اجتماعيا " واردة ولازالت ترد في معظم بيانات وقرارات الحزب كدليل على عدم انجاز المهمة لحد الآن وهذا العجز هو الواقع , الفشل في انجاز المهمة ينعكس بصورة جلية في مؤتمراته الخمسة المنعقدة لحد الآن والاجتماعات الموسعة للجنة المركزية الثلاثة والثلاثون ). ثم يكمل قوله (محاولة تحري أسباب هذا العجز وهذا الفشل تحمل تفسيرات وتحليلات مختلفة, أما السبب الظاهر للعيان ومنذ اليوم الأول ولحد الآن !! مما يولد شعورا بأن الحزب مشروع سياسي منغلق على نفسه ! يقول منصور حكمت في رسالة إلى ريبوار أحمد بعنوان " الحزب الشيوعي العمالي العراقي قيادة المجتمع والمؤرخة في كانون الأول 1999" أن مفتاح هذه القضية هو أن نتمكن من صياغة قيادة تسير على الخط الصحيح , منسجمة في رؤيتها ومزودة بإستراتيجية واضحة وتظهر بطاقة عالية بوصفها تنشد السلطة في وسط ميدان السياسة وهو ما لم يحدث " ثم يطرح الرفيق عبد الله تصوره لمعالجة ا لأزمة التي تفجرت بعد استقالة أعضاء اللجنة المركزية فيقول ( أن ما أخر هذه الأوضاع التي يمر بها الحزب الآن والمتمثلة باستقالة نخبة من قياداته هو إيمان هذه النخبة بأن التغيير يجب أن يكون من داخل الحزب وليس من خارجه وإصرارهم الدائم على ذلك حرصا منهم على وحدة الحزب وإنجاح مهامه ألا أن ذلك لم يحدث مع شديد الأسف ). انتهى الاقتباس .
لكن لماذا لم يحدث ما كان مرجوا حدوثه على أيدي الذين قدموا استقالتهم وأعلنوا عن سعيهم لتأسيس حزب اجتماعي شيوعي عمالي قوي ومؤثر ( رسالة الاستقالة التي قدمها مؤيد أحمد ) كما كان يأمل الر فيق عبد الله صالح ؟
يبدوا لي أن أحد أوجه الخلل يكمن في التمسك الأصولي لأطروحات الشيوعية العمالية النظرية نفسها وتغييب أي أمكانية لنقد تلك الأطروحات أو تطويرها والتخلي عن بعضها وأن دون ذلك يبقى الحزب يشابه كأي تيار أصولي مغلق على تأويلات فكرية غير قابلة للحياة يذكر الرفيق عبد الله صالح بالقول ما نصه ( من المفيد هنا أن أشير إلى طرح بعنوان ـ تحديات وأفاق ـ قُدم من قبل كورش مدرسي ورحمان حسين زادة في أ[ 1996 ليوضع أمام قيادة الحزب يذكران في مقدمته العبارة التالية: لم يكن تقليدنا يوما أن نطرح المسائل النظرية للتصويت ) انتهى الاقتباس أن خطورة هذه العبارة كونها تشكل حقا العائق أمام أي محاولة لإعادة تقييم وصياغة مفاهيم لشيوعية عمالية منفتحة ومرنة و قادرة على الحياة وأن تساهم بشكل فعال لتعزيز اليسار العراقي وليست مقولات مغلقة لمجموعات هي أقرب للعزلة وعدم التأثير .