أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عيد العاطي الكحلاوي - حيرة مفكر !















المزيد.....

حيرة مفكر !


عيد العاطي الكحلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5861 - 2018 / 5 / 1 - 22:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك أن أسلوب الدكتور مصطفى محمود جاذب بمعنى الكلمة لدرجة كبيرة، ذاك الأسلوب الذي يسر الكبار والصغار وهذا أمر وأسلوب غريب لا نجده عند أي كاتب ، ومن أهم ومن افضل الكتب التي قدمها مصطفى محمود هذا الكتاب 《 رحلتي من الشك إلى الإيمان 》 وهو الشيء نفسه الذي أثار انتباهي واهتمامي وقادني إلى تقديم مراجعة وتلخيص له.
وقبل الخوض في محتوى هذا الكتاب سأترك لكم نبذة عن مؤلفه مصطفى محمود. فهذا الأخير توفي مسلما زاهدا عابدا نادما على عمره الذي ضاع وسط الشكوك . هو الدكتور مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ الطبيب والفيلسوف والأديب المصري المعروف، ولد عام 1921 وتخرج من كلية الطب عام 1953 وتخصص في الأمراض الصدرية، تفرغ للكتابة الأدبية والفلسفية عام 1960، وتزوج مرتين وله ابنة اسمها أمل وابن اسمه أدهم.
ألف الكثير من الكتب وصلت ل 89 مؤلفا، جمع فيها بين القصة والرواية والمسرحية، منها 《ألعاب السيرك السياسي، والإسلام في خندق، وعظماء الدنيا والآخرة، والمؤامرة الكبرى وعلى حافة الانتحار، وعصر القرود و الإنسان 》 والكثير من الكتابات الأخرى.
وتوفي الدكتور مصطفى محمود في عام 2009 عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاما، بعد رحلة طويلة من العلاج، وشيعت جنازته من مسجده بمنطقة المهندسين، وأبناؤه كانوا في غاية الإحباط لأنه لم يحضر الجنازة أي من المسؤولين أو المشاهير وقتها.
وخلال قراءتي لهذا الكتاب للدكتور مصطفى محمود 《رحلتي من الشك إلى الإيمان 》 قد افتتنت بأسلوبه وأسئلته التي طرحها وهو في سن 13 في مطالع المراهقة .حينما بدأ يتساءل : إذا كان الله قد خلق الدنيا ﻷنه لا بد لكل مخلوق من خالق ولابد لكل صنعة من صانع ولا بد لكل موجود من واجد.. صدقنا وآمنا ..فلتقولوا لي إذن من خلق الله .. أم أنه جاء بذاته .. فإذا كان جاء بذاته وصح في تصوركم أن يتم هذا الأمر .. فلماذا لا يصح في تصوركم أيضا أن الدنيا جاءت بذاتها بلا خالق وينتهي الإشكال ؟
ومن خلال هذه الإشكالات التي تمس عمق الفلسفة الوجودية حق الخوض في محتوى هذا الكتاب ،ويتكون هذا الكتاب من سبعة أقسام كل قسم يتحدث عن معضلة مر بها الدكتور مصطفى محمود في حياته، وتلك الأقسام تحمل اسم “الله عز وجل، الجسد، الروح، العدل الأزلي، لماذا العذاب، ماذا قالت لي الخلوة، التوازن العظيم، المسيح الدجال”.
وفي هذا الكتاب يقدم لنا الكاتب رحلته الطويلة من انتقاله إلى الشك أو عدم اليقين في الذات الإلهية إلى وصوله للاعتراف بوحدة الله عز وجل.
وفي أول فصل من فصول هذا الكتاب وهو فصل " الله عز وجل .
وكعادة الكتاب الغربيين كان الدكتور مصطفى محمود يعيش تقريبا في مكتبة البلدية بطنطا ليقرأ كتابات فرويد وداروين وأرسطو، فقد عانى الدكتور مصطفى محمود كثيرا من شكوكه في الذات الإلهية وسأل ذلك السؤال السخيف بالنسبة للكثيرين “من خلق الله؟”.
وبالطبع كان يقابل مصطفى محمود ذلك الطفل في صغره الكثير من اللعنات ممن حوله لأنه يسأل تلك الأسئلة المستفزة والمحسومة من كل من يكبرونه سنا، وكعادته حاول الدكتور مصطفى محمود باعتباره قارئا للكتابات الغربية كما قلنا أن يحسم تلك القضية بالعلم، وأن يصل إلى الحقيقة من خلال الفيزياء والكيمياء والطب.
وانتهى الدكتور مصطفى محمود من تلك القضية بحل يرضيه هو إلى حد ما، حيث توصل إلى أن العلم بكل تأكيد لم يتناقض مع الدين ولا الشرع أبدا، ولكن المشكلة تأتي من أولئك أنصاف المتعلمين والذين لا يتوغلون في العلم لكي يصلوا إلى لبه، ويحتاج أيضا إلى عقل ليس مزهوا بنفسه.
وأنا أعترض تماما على أغلب ما قيل في هذا الفصل، فالعلم وحده قاصر على إدراك وجود الله عز وجل لأنه علم بشري ناقص وليس لأنه نصف علم، والعقل لا يكفي قصد الوصول إلى الحقيقة ولمعرفة أن الله هو الأحد الصمد، فالأمر يحتاج للتسليم ولأدلة أمام الله عز وجل أكثر منه إعمال عقل. إلا أن مصطفى محمود لا مفر له من الأسئلة الوجودية ، إذ ينتقل من فصل " الله عز وجل " إلى فصل آخر وهو " الجسد "
والحقيقة أن الدكتور مصطفى محمود في هذا الفصل لم يقدم جديدا ولم يحسم قضيته ولم يقنعنا، فقط قدم تساؤلات من قبيل، “ما العلاقة بين الروح والجسد، ما العلاقة بين العقل والمخ، ما العلاقة بين الذاكرة والتحصيل واستظهار العلوم.
وللأسف أيضا بحث عن حل لمشكلاته وتساؤلاته هذه في الديانة البوذية، هو للأسف شغل نفسه بقضايا اختلقها مثل الفلاسفة، وتحدث عن الدوافع وعن الغرائز وكيف للإنسان أن يلقبه البعض أنه حيوان عاقل، بالرغم من أنه قد يترك فراشه الوثير ويذهب للجهاد مثلا تاركا الجنس والغريزة.
وأعتقد أن الدكتور مصطفى محمود في ذلك الكتاب نقل إلينا فقط فكره المشتت وحيرته في تلك الفترة، وتحدث عن الذات والنفس وتعريف كل منهما، حتى انتهى من ذلك الفصل ليصل لثلاثة أسئلة بخصوص الجسد والروح والعقل والنفس والذات، ولم يجب عنها. وانتقل مباشرة إلى فصل الروح .
ويعرض مصطفى محمود في هذا الفصل آراء المسفسطين والمحللين والرياضيين بما يخص موضوع الروح، والبعض يقول أن الروح هي الفطرة والبعض يقول أنها البداهة والبعض يقول أنها صوتك الداخلي، والبعض يقول أنها أرقى من كل ذلك.
والدكتور مصطفى محمود يرى أن الروح هي معرفة جاءت إلينا قبل شهادة الميلاد، والحقيقة أيضا أن الدكتور مصطفى محمود في تلك الفترة لم يستطع مغادرة ماديته في قياس وبحث الأمور، ويكفيه قول الله 《ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 》.
وبعد هذا الفصل انتقل إلى العدل الأزلي.
وانتهى الدكتور مصطفى محمود إلى نهاية منطقية كان بالأحرى به ألا يجهد نفسه لكي يصل إليها، انتهى إلى أن الله عز وجل خلق جميع المخلوقات وركب فيها مسؤولية فطرية نحو الحلال والحرام، فالقطة التي تسرق قطعة سمك تعلم أنها سارقة.
والحقيقة أن الدكتور مصطفى محمود يحسب له في نهاية الكتاب أنه وصل لفكرة وهي أنك إذا أردت أن تعبد الله عز وجل حق العبادة فلتعرف أسماءه وصفاته، وإليكم تلك السلسلة الماتعة لمن يريد أن يعرف أسماء وصفات الله عز وجل.
والدكتور مصطفى محمود يرى أن الروح هي معرفة جاءت إلينا قبل شهادة الميلاد. ثم انتقل مصطفى محمود من هذا الفصل إلى فصل آخر في هذا الكتاب وهو فصل بعنوان : 《لماذا العذاب ؟》
وبدأ الدكتور مصطفى محمود عن عذاب الله عز وجل لعباده، وأن بعض المتحذلقين يقولون كيف أن الله يعذبنا وفي نفس الوقت البعض الآخر يقول أن الله محبة، ثم يحاول أن يقنعهم أن عذاب الله عز وجل لنا هو من المحبة فأنت حينما يكون لديك ابن تحبه فقد تعاقبه لأنك تحبه.
والحقيقة أن هذا الكلام غير منضبط لأن الله عز وجل ليس محبة ولكنه هو من خلق المحبة ذاتها، فكيف نلقب الخالق بشيء خلقه، أما بخصوص العذاب فهناك الكثير من الفرص للتوبة والله عز وجل كما أن عقابه شديد فهو تواب رحيم غفور، للأسف هي نفس رحلة الحيرة والشتات في هذا الفصل.
ثم وضح لنا الكاتب في فصل آخر وهو :《 ماذا قالت لي الخلوة ؟》
لقد قالت له خلوته أن الجميع كاذبون وأنه هناك الكثير من الناس يتظاهرون بالصدق ولكنهم في الحقيقة غارقون في حيلتهم لكسب الأموال، فذلك الشاب بطل لعبة التنس كيف يخرج لنا وفي يديه سيجارة يدخنها، وكيف يخرج بطل أبطال بطولات العدو لألف متر وفي يديه كأس في أحد الإعلانات التليفزيونية.
هو يقول أن خلوته دلته على الفطرة وعلى أن كل أولئك كاذبون ومضللون وهذا حقيقي جدا وأعتقد أن الدكتور مصطفى محمود لو كان بيننا أو لو كنت معه في تلك المرحلة لأرشدته لكثير من الصادقين والبكائيين والمحبين لله ولكن المشكلة هي أن تبحث عن الشيء في غير موضعه. وحاول مصطفى محمود في الفصل ما قبل الأخير بالضبط في فصل " التوازن العظيم "، باعتباره طبيبا مشهورا ومرموقا وله عيادته التي كان يعالج فيها المرضى بالمجان كان يحاول أن يصل لله عز وجل ويعرفه بالعلم كعادته، هذه المرة ذهب لرحلات طويلة سواء في الأدغال الاستوائية أو في داخل جسد الإنسان.
فالدكتور مصطفى محمود كان مغرما بالتشريح ويسأل كيف أن دم الإنسان متوازن من حيث عناصره بهذه الدقة الغريبة، كيف أن الدم به مواد من صوديوم وبوتاسيوم وكالسيوم وسكر وكوليسترول، وبولينا، وأي اختلاف بتلك النسب يكون معناه المرض.
وضغط الدم ونبض العضلات والقلب متوازن للغاية، وهو يقول في النهاية أن ذلك الاتساق في الطبيعة ليس صدفة أو بشكل غير مرتب ولكنه يدل على خلق الله عز وجل، وهو يقول أن ذلك لكي تريح قلبك لهو غيب ليس لعقل أن يفهمه الآن بقدراته البسيطة.
وفي الفصل الأخير أي فصل " المسيح الدجال " من هذا الكتاب ، كان الكاتب يسرد ويقول أن الأديان تحكي لنا أن هناك رجلا سيأتي في آخر الزمان سيدعي الألوهية سيسير خلفه البشر ويصدقوه، وله قدرات خارقة له عين واحدة يرى بها أقصى الأرض، ويحكي الدكتور مصطفى محمود ويقول أن المسيح الدجال ظهر بالفعل ألا وهو “العلم المادي”.
وهو يوافق الكاتب “ليوبولدافايس” والذي قال أن العلم بشكله الأعور والمادي قاد الكثير للتهلكة فكل شخص يتبنى مذهبا علميا معينا، للأسف يرى فقط أنه الأفضل ويغض الطرف عن العلوم والآراء الأخرى وهذا هو العور
و أيا ما كان فالعلم فعلا للأسف أعور، ويقول الدكتور مصطفى محمود أن العلم فتننا وجعلنا ننسى أن العلم فقط مجرد وسيلة وليس غاية في حد ذاته، فالقطار وسيلة والتليغراف وسيلة والسيارة وسيلة لا ينبغي أن نعبدها ونفتتن بها.
والحقيقة وفي نهاية تلخيصي وجملة الكلام لذلك الكتاب ذو الأسلوب الأدبي الماتع أرى أنه لم يتجاوز كونه محاولة مشتتة لشخص حائر أهلك نفسه بالكثير من الأسئلة، وبفرط حبه للعلم المادي المتمثل في الطب والفيزياء والأحياء والتطور، رأى ان العلم هو فقط القادر على حسم تلك القضايا فأضاع وقته في أمور بديهية.
وهكذا قد وضعت ملخصا لكتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان فقط ﻷنه كتاب رائع وقد يفيد كل باحث متسائل في وجود الله ووحدته .



#عيد_العاطي_الكحلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- محكمة الاستئناف في الجزائر ترفض الإفراج عن الكاتب الفرنسي ال ...
- تونس - ليبيا: وزير الدفاع التونسي يلتقي مدير الاستخبارات الع ...
- إنقاذ فتاة تبلغ 11 عاما قبالة لامبيدوزا بعد قضائها 3 أيام في ...
- المغرب: هل تتجه الرباط نحو إلغاء عقوبة الإعدام؟
- سوريا: ما هي نوايا إسرائيل؟
- بعد سقوط الأسد: تحذيرات من عودة -تونسيين متطرفين- من سوريا
- بشار الأسد يعتذر وابن عمه يعدم؟
- عاجل | مصادر للجزيرة: الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبلباس مدني ...
- إصابة 4 إسرائيليين بإطلاق نار على حافلة جنوب القدس
- البشير للجزيرة: الجلالي لم يلتق بالأسد إلا مرة واحدة خلال رئ ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عيد العاطي الكحلاوي - حيرة مفكر !