أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان














المزيد.....

حقوق الانسان


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5837 - 2018 / 4 / 6 - 21:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبلور مفهوم حقوق الانسان فلسفيا عبر مفهوم الحقوق الطبيعية ، وضمن مدرسة الحق الطبيعي لا الحق الإلهي المجسد للبتريركية الباتريمونيالية ، أي تغليف المجتمع ضمن النظام الابوي .
من النظام السياسي الابوي ، بل هي حقوق سابقة عليه . كما انها حقوق خالدة ، وربما سابقة على نشأة المجتمع نفسه . لذا ما على النظام الابوي والمجتمع المهجن الرعوي الاّ المصادقة على هذه الحقوق وإيجاد آليات لضمان تحقيقها ، انها إذن حقوق غير قابلة للتفويت او السحب اطلاقا .
ان جوهر هذه الحقوق ، الحرية ، المساواة ، والامن ، والصحة ، والسكن للاّئق ، والشغل ، والتعليم ... لخ . ان هذه المقولات الحقوقية الكبرى تؤول في النهاية الى حق رئيسي يتمثل في تميز الانسان ، ويتمثل في كرامته . فكل الحقوق الفرعية تصب في النهاية على شكل جداول نهرية في المجرى الكبير المتمثل في إقرار كرامة الانسان المهدورة في الأنظمة الأبوية .
والكرامة هنا لا تعني مدلولا أخلاقيا محصورا . بل تعني تميز الانسان عن بقية المخلوقات وسموه عليها ، وهي الفكرة التي تتضمنها كل الكتب ( السماوية ) وكل الديانات . كما تعني ان سمة الانسان الأساسية في الحالة الطبيعية هي الحرية . اما المساواة فيقصد بها المدلول الأنثروبولوجي المتمثل في تساوي الناس في درجة انتماءهم الى الإنسانية بغض النظر عن الجنس ، واللون ،والعرق ، والموقع الجغرافي ، او الاجتماعي.
يترتب على هذه النواة الثلاثية : الكرامة الحرية والمساواة ، حق أساسي هو حق الانسان في الأمن ، وفي حماية نفسه، وربما نوعه من أي تهديد لحمايته ومعيشه . وعلى هذه البنية التحتية الثلاثية ، يقوم صرح كامل من الحقوق التي تتناسل باستمرار على شكل أجيال ، لتشكل بناء معماريا جميلا اشبه ما يكون بلوحة الوصايا المُبعدة عن الخطايا .
ان السجل الفلسفي لحقوق الانسان هو بمثابة بناء مثالي مليء بأجمل القيم وأكثرها مثارا للعشق والألوهة . انها قيم الكرامة ، والحرية ، والمساواة ، والامن ، والصحة ،والتعليم ، والشغل ،والتضامن ..لخ التي تشكل اجمل لوحة أخلاقية وقيمية في هذا العالم الأرضي .
اذا كانت هذه هي الحقيقية ، فان السجل العملي يختلف تماما عن السجل النظري . السجل الثاني ينتمي الى عالم المثل الجميلة المأمولة . اما السجل الأول فينتمي الى عالم الاحداث والوقائع المعْلولة .
وسنكتفي للتدليل على هذه القطيعة بين مستويين : مستوى النظر ومستوى الواقع ، مستوى الاخلاق ومستوى السياسة ، بالإشارة الى نوعين من التوظيف او الاستثمار لهذه المثل : الاستثمار الدولي والاستثمار المحلي .
فقد تمثلت تجربة الاستثمار الدولي لمقولة حقوق الانسان في تحويلها من طرف الولايات المتحدة الامريكية الى قوة أيدولوجية ضاربة في وجه الأنظمة الهجينة ، والمستبدة ، والطاغية ،والدكتاتورية لترويضها لخدمة مقاصد أمريكية ، او تخويفها من اجل ابتزاز أموالها وثرواتها المختلفة ( السعودية وأنظمة الخليج ) ، كما استعملتها سابقا ابان الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي المنحل ، وضد الأنظمة التي ارتبطت به سياسيا او أيديولوجيا . لقد صور الغرب نفسه خلال تلك الحقبة ، على انه مجال الحرية ( العالم الحر) والديمقراطية ، اما المعسكر الاشتراكي المنحل فهو مجال الإكراه ، والگولاگ ، والنفي الى سيبيريا ، وتحويل المعارضين الى مصحات الامراض العقلية .... لخ .
في ذاك السياق الدولي المضطرب ، نصّب الغرب ساخاروف وسولجنستين انبياء لذاك العصر الجديد ، مبشرين بسقوط الستار الحديدي وأنظمة الفولاذ المهترئ في شرق الغرب . وتعود كل الأنظمة اليوم بما فيها الأنظمة التسلطية ، والاستبدادية ،والطاغية ،والدكتاتورية لتمْتح ولو زيفاً من وادي حقوق الانسان ، وترفع شعارا ولو كذبا بضرورة حماية هذه الحقوق ، فتؤسس كل منها مجالس لحقوق الانسان ، ووزارات في نفس المادة المفتريٌّ عليها بالألوان الخادعة لحقوق الانسان . ان مبادراتها هذه الخادعة هي التفاف حقيقي على كل هذه الحقوق التي سبقت الأنظمة والشعوب . وهكذا نجد الوضع في الأنظمة الابوية يختلط الحابل بالنابل .
فالقوى السياسية الديمقراطية تبنت هذه الحقوق وسخرتها كأداة للنضال من اجل انتزاع بعض الحقوق ، وذلك لان حركية حقوق الانسان اليوم ، أصبحت احدى آليات نضال المجتمع برمته ، من اجل انتزاع حقوقه وحمايتها ،والدفاع عنها ضد غول وعسف النظام الابوي . لكن عندما يصبح الخصم المطالب بالحقوق هو الوصي عليها ،والراعي لها، فان العملية تأخذ صبغة نوع من التمويه والتدجيل من دون شك .
هنا، فإننا نجد انفسنا امام ادق آليات العمل السياسي ، وهي عملية القلب ، حيث يصبح الجلاد ضحية ، والذئب خروفا ، والمتهم قاضيا فيه الخصم والحكم ، وذلك وفق المثل الشعبي " ضربني وابكى – سبقني واشكا" .
فمثلما استثمرت مُثل الحرية ، والعدالة الاجتماعية ، والاشتراكية ، وغيرها من القيم السامية ، ها هي اليوم حقوق الانسان تتمرغ في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارجية ، وتتعرض لاستثمارات مختلفة ، ولعمليات قلب وتمويه ، مما يبرز ان المُثُل والقيم السامية لا تنفلت من التوظيف والاستثمار السياسي وغيره من التصرفات الدنيئة والمشبوهة ، وذلك بالالتفاف عليها رسميا من اجل تسخيرها أحيانا ضد مدلولها ووظيفتها الاصلية .
فهل نصدق - فيما يخص الالتفاف الداخلي من طرف النظام على الشعار – قول الشاعر :
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه – تصيده الضرغام في من تصيّداً.



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الاجهزة البورصية النقابية في ضرب وحدة العمل النقابي واعا ...
- هل ستندلع الحرب في الصحراء ؟
- الكرْنفالْ -- الجُّوطية
- الطبقة العاملة المغربية والوعي الطبقي / الاجتماعي ( 14 )
- الخطاب التكنوقراطي كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي -- العلاقا ...
- دعوى التنازل عن الجنسية المغربية
- الكذب الذي هو رذيلة اخلاقية يصبح فضيلة سياسية في المغرب
- ( النخبة -- الاحزاب ) في المغرب لا تعيش السياسة ، لكنها تتعي ...
- شهر ابريل القادم دورة قد تكون استثنائية لمجلس الامن حول قضية ...
- الخطاب البتريركي الباتريمونيالي -- خطاب النظام -- ( 12 )
- الديمقراطية مطلب الجماهير ام مطلب النخبة
- الشعار السياسي المرحلي
- الخطاب العنصري / القبلي / الطائفي كعائق لتبلور وبروز فكر طبق ...
- المقاومة وجيش التحرير كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي جماهيري ...
- الوعي الوطني كعائق للوعي الطبقي / الاجتماعي ( 9 )
- الإتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية . اللّهمّ لا شمات ...
- في دولة تجمع مواصفات وصفات البتريركية ، الباتريمونيالية ، ال ...
- سبع سنوات مرت على حركة 20 فبراير
- الركود وراء سراب الاغتناء السريع غير المشروع -- الحركية المج ...
- الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة ...


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان