توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية
(Tawfiktemimy)
الحوار المتمدن-العدد: 1487 - 2006 / 3 / 12 - 07:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صار استذكاري للمعلم طقسا من طقوسي السنوية..لا يمكن ان يمر دون الانحناء للذي علمنا ابجدية الكلمات ونور الوعي وموجهنا الاول في احتدام الخيارات وضبابية الصورة.
ارتايت ان لااتجاوز هذا الطقس هذا العام رغم الاجواء المتوترة التي تعصف بالبلاد ورغم مخاوف الجميع وهواجسهم من حصول لحريق طائفي قد يدمر البلاد ويقوض اركانها ويشفي غليل اعدائها والشامتين بالتجربة الديمقراطية الجديدة .
فكان لزاما علي ان اربط ما جرى من وقائع ماساوية بالطقس السنوي للاحتفال بذكرى المعلم.
اروع الذكريات التي تركها ذلك المعلم تلك الصباحات الجميلة التي يفتتحها بتراتيل محبة الوطن ونشيد ((موطني ...موطني)) دون ان نعرف لهذا الوطن حدودا طائفية او قومية سيتفاوض عليها الساسة فيما بعد وتتحول كلمات هذا النشيد الى مزاريب من الدماءالممتزجة لهذا الشعب.
معلمنا ذاك لم يكن سنيا ولا شيعيا بل عراقيا صميميا ولهذا نتخيله الان مخلوقا اسطوريا غادر الواقع المهشم منذ ان بدا استلاب هذا المعلم والشروع باذلاله ونزع مهابته المعروفة تاركا حسرة في ذاكرة الاباء الذين كانوا تلاميذ ذلك المعلم.
معلمنا ترك هيبته وقامته الفارعة وبصمات طباشيره على سبورات ذاكرتنا ومضى في غياب النسيان وذاكرة الحروب وزمن الامتهان الذي افتتحته الفاشية بذل المعلم وادلجته وثلم كبريائه .
وذروة ماساة هذا المعلم بدات حينما قايض رسالته وسنوات مجده بمهن مختلفة لاتليق بهذه الرسالة النبيلةوعند ذاك تلاشت اسطورة المعلم العراقي الذي اسس الاحزاب الوطنية وقاد المظاهرات حتى اصبح مفخرة للاجيا ل العراقية بحق والتي تهجت ابجديات الوعي بطباشير هذا المعلم قبل هجائية الحروف الاولى.
والان غابت الدكتاتورية وزالت معها الاسباب المهينة ولكن لم يعد معلمنا ذو الهيبة والاناقة والصرامة لم يعد ذالك الشجاع الذي لم ترهبه او تكبله فرق العسس والامن السرية فعلمنا مبكرا ان نور الوعي والثقافة اهم بكثير من الابجدية وان مستقبل الوطن اهم من زخرف الوظيفة والمنصب المنتظر. لم يعد ذلك المعلم الذي نقب في اعماق ارواحنا على اسرار العشق فاشعلها وبفضله ادركنا الفارق بين خارطة الوطن المستباح وبين صورة الطاغية المشوهة لكراريسنا. في هذه الذكرى الجليلة اقف انحناء للمعلمين للذين غادروا مدارسنا مرغمين لوازرة الري او للمنافي اوالسجون اوالمقابر كي يحافظوا على بهاء صورة المعلم ومكانته الاسطوريةفي ذاكرتنا نحن تلاميذه الصغار الذي لن ننساه ماحيينا.
#توفيق_التميمي (هاشتاغ)
Tawfiktemimy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟