أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار














المزيد.....

قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1487 - 2006 / 3 / 12 - 11:33
المحور: الادب والفن
    


صعدت إلى السيارة التي كانت قد توقفت إلى الركن حيث كانت تقف وبيدها قرنفلة حمراء اعتادت أن تقدمها له في كل لقاء لأنها تعلم أنه يحب القرنفل الأحمر , أتعبها الانتظار والنظر المتكرر إلى ساعة الوقت في يدها , ولما استقرت إلى جانبه في السيارة , قدمت له وردته وطبعت على شفتيه القبلة الصغيرة التي تعودا على التحية بها , ثم بادرته بالحديث:
_لقد تأخرت , خشيت ألا تأتي , وتتركني وحيدة على طرقات بعيدة
_وهل صدف أن أخلفت بموعد معك إلا للشديد القوي أبينه لك دائما وتقتنعي به
_يعني , كنت وأنا واقفة في انتظارك أتذكر كل ما حكيت لي زمان حتى يهرب مني الوقت , وصرت أدعو لكي لا يكون قد شغلك عني شيئا من متعلقاتك الكثيرة فيمنعك من المجيء إلي , وتتركني كبنفسجة حزينة أنتظر بهذه القرنفلة التي أخذت تذبل بصمت , فنحن لم نلتقي منذ فترة طويلة , ولأنني أعرفك قلت في نفسي ......
_حقا أنه قد مضى على آخر لقاء بيننا مدة طويلة , ولكن لم تروادني امرأة غيرك , أولا لأنك مفعمة بكل ما أتمنى من امرأة , وثانيا لأنك صديقتي , " أما أنا فلا أخلع صاحبي , عشرته وخبرته فلا أخلع صاحبي" كما قال مظفر النواب , وهذه كبرى سلبياتي , وثالثا لأنك الربيع الذي يغفو رويدا رويدا بجوار الخريف على قطار العمر الذي يحبو متأبطا بالمرارة والأحلام الهاربة, وأخشى أن يكون هذا هو الربيع الأخير الذي يحزم آخر الأحلام والآمال الصغيرة المتبقية , لذا تجديني أخطو الهوينا لأتملاه بتروي لم أعتده أيام الشباب .
تركتها كلماته الأخيرة جذلى إلى قربه والبريق الطفولي يسكن عينيها والنشوة تعم أحاسيسها فانتابتها رعشة عمت كل خلية من جسدها , فاستسلمت لحركة يدها اللا إرادية تلف ذراعه اليمنى التي تمسك مقود السيارة ويتكيء رأسها كتفه , وساد الصمت , كان خلاله يقود سيارته بكل هدوء لا يمارسه عادة عندما يقودها وحيدا , فلقد عرف لدى أصدقائه بأنه مجنون سرعة , والتي أدت لحادث مفزع له أقعده ما يقارب السنة , جعله غير قادر على استعادة لياقته الجسدية السابقة .
كان يبين من نظرته الشاردة أنه يقود السيارة دون وجهة محددة , وأن هناك ذكرى ما تلوك في رأسه , تذكر آخر رسالة كانت قد أرسلتها له بعد أن طال الزمن الفاصل عن آخر لقاء قد ضمهما , كتبت له ضمن ما كتبت:"مرحبا يا دبدوبي القطبي : هل هو النسيان أم التناسي الذي يمنعك عني , وما الذي يجعلني أتحمل هذا ويدفعني لأن أستمر في التعلق بك؟ أهو الوهم الغامض الذي يأسرني تحت غيمة الحلم فيجمل لي وعورة ما يجري بيني وبينك فيضفي عليه ألوانه الزاهية ومشاعره الدافئة بمرافقة أغاني فيروز الجميلة ؟ أليس لهذا الوهم من نهاية؟ أم سأبقى أزخرفه كما أرغب أنا وأحلم أن يكون حقيقة؟هل ستأتي اللحظة فأكتشف أن كل مشاعري مزيفة؟لا جدوى من كل هذا ما دمت أشعر أني الآن أشتاقك وما زلت أحتاج إليك".
قطعت عليه سلسلة ذكرياته ووصلة الصمت التي سادت عندما قالت:
_أتمنى مرة أن تأتي إلي بلا موعد وعلى غفلة مني , لتسمعني كيف أدعو لك ربي دائما أن تكون سعيدا ويعم حياتك الهدوء , ولكي تسمع دقات قلبي عن قرب كيف هي تناديك دائما , حينها لن يطاوعك قلبك على نسياني وإطالة البعاد بيننا , جميل أن يجمعنا الزمان , وما يعود في نسيان , ونعيش معا على طول , و لا توعدني وأبقى أنا ناطرة وحيدة
_أتمنى أنا أيضا هذا, ولكنك كما تعلمين إن النسيان هو إحدى أمراضي وعاداتي
_بس أوعى تروح تنسى بكرة
_ليش شو في بكرة؟
_8 آذار
_وهل يمكن لي أن أنسى يوما صبغ بلونه كل حياتي وحياة الوطن والناس من حولي منذ ولادتي وحتى شيخوختي؟
_ولكنك لست شيخا
_ ولكن 8 آذار قد أشاخني
_كيف هذا أنا لم أفهمك؟
_ حدث ثورة 8 آذار بعد ولادتي بفترة قصيرة , وسنت قانون الطواريء وكل القوانين الاستثنائية لحكم البلاد بنائا على تجاوز النكبة , فوسمت كل حياتي منئذ بالطواريء والإستثناءات , فتعلمت صغيرا تمجيد القائد والحزب القائد بدل الوطن وبدل التركيز على تعليمي والاهتمام بهواياتي وميولي , مما أدى في نكسة حزيران إلى ضياع الوطن كله مقابل بقاء نظام الثورة , وفي شبابي شملني إنجاز من انجازات هذه الثورة المجيدة بأن خلصوني من عبء مرحلة الشباب وطموحاتها بتغييبي الفترة كلها تقريبا خلف القضبان عقابا على نقص في وطنيتي وولاءاتي للثورة , بعدها لم تترك لي الثورة وقتا للولاء لها أو للعداء بسبب مطاردتي للقمة العيش , ثم مؤخرا ضاقت حدود الوطن والثورة بي فطردوني منه لعدم إمكانية تأهيلي وإصلاحي , فتعرفت عليك وها أنت صديقتي , ومازال العمل بهذه القوانين في الوطن حتى يومنا هذا سار .
أجابته مندهشة من هذا السرد التاريخي وهذه المحاضرة السياسية :
_وما دخل السياسة بما أردت أن أذكرك , أم أن نزعتك السياسية تجعلك دائما تخلط الأمور
_لم أفهم ما تقصدين أليس أنت التي تحذريني بأن لا أنسى غدا وأنت التي قلت إنه 8 آذار؟
_نعم ولكن ما دخل 8 آذار بالذي أنت سردت؟
_لا يوجد في ذهني ما يربط حدثا ب 8 آذار إلا ثورة الثامن من آذار المجيدة , ولكن أنت ماذا تقصدين بأن غدا هو 8 آذار
_إنه يوم المرأة العالمي , إنه يومي
_آخ...لقد نسيت هذا لا تؤاخذيني وأرجو أن تقبلي اعتذاري إذا , وكل عام وأنت صديقتي
وقدم لها قرنفلتها الحمراء مازحا , ثم سادت فترة من الصمت حاولت هي خلالها أن تعبث بين الاسطوانات والأشرطة المنتشرة أمامها على تابلو السيارة قرب آلة التسجيل , وجدت إحدى الاسطوانات مكتوب عليها جوليا بطرس , وضعتها في آلة التسجيل وانتظرت ثواني تضمر رغبة في سماع أغنية بعينها لها , صدح صوت جوليا بمطلع الأغنية "أوعى تكون نسيت وتتركني وحيدة ع طرقات بعيدة..........."



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -إن درجة تحرر المرأة هي مقياس التحرر بشكل عام-
- محاولة في الغوص في العلاقة بينها وبينه , الرجل والمرأة
- قصة قصيرة......زمن الذاكرة
- حانت ساعة العمل لمنظري الصهيونية لتحقيق رؤاهم
- إنعتاق
- قصة قصيرة جدا - وتكتمل ألوان قوس قزح
- لماذا يحمل الواحد منا في بنيتنا في داخله ضده
- غدر
- نحن صنعنا من الجلاد إله
- ابن العم رياض الترك..الختيار الشاب
- مشاركة بمناسبة السنة الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- حالة طواريء.......قصة قصيرة
- دعوة تحذير متواضعة لدعاة التغيير الديموقراطي في الوطن العربي
- انتظار - قصة قصيرة جدا
- وتشرق الشمس من جديد
- صمت الحوارية...وحديث العيون
- الديموقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
- قضية العرب الأولى ..قضية فلسطين
- العالم قرية صغيرة
- مصلحة الشعب الفلسطيني


المزيد.....




- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار