أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - لماذا الأعتزال؟ ح2















المزيد.....

لماذا الأعتزال؟ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5817 - 2018 / 3 / 16 - 03:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعتزلة كفكر جاء ضمن سياقه الطبيعي مع تطور الصراع السياسي الذي منشأه فكري بين السلطة الحاكمة التي ترى أنها في محل خلافة شرعية قائمة على تأويل النص وتدبره بقراءه محافظة، وبين من يؤمن بأن الخلافة حتى تكون مشروعة وشرعية يجب أن تبنى على قواعد القصد من النص على حقيقته وليس تأويلا قابلا للنقض والمخالفة، إذا حركة المعتزلة وخاصة في تأريخ المسلمين ليست حدثا طارئا جاء نتيجة لتوسع المدارك العقلية بتأثير الفلسفات الوافدة والتي هجنت أو طوعت لتتلائم مع واقع فكري مناقض، نعم الفلسفة منحت المعتزلة أدوات للصراع ولكنها ليست السبب المحوري في نشأتها، فلقد كانت المعارضة الإسلامية موجودة بالفعل وبالواقع منذ خلافة أبي بكر الصديق وأستمرت في تطورها مع أشتداد القطبية بين المدرستين المحافظة المكية التي تمسكت بظاهرية النص والأعتماد على المقول دون حق المناقشة، وبين مدرسة المدينة القائمة على تعقل النصوص والبحث عما فيها من دلالات عقلية فالنص عندها حامل أفكر وليس فكرة بحد ذاتها.
هنا يمكننا فهم دور السياسة في تمزيق وحدة المجتمع الدينية وبالتالية الفكرية وما ينتج عن هذا التناقض بين المدارس الفكرية من أختلافات طبيعية عمقتها السلطة السياسية وسخرتها لتكون أداة صراع بدل أن تكون أداة ترقي وتكامل، فالموقف الفكري الذي أختطه المعتزلة في كتاباتهم وأفكارهم كانت محاولة أولى للفصل بين السياسة الدنيوية وبين الدين والفكر الديني من خلال موقفها من عدم الأعتماد الكلي على منظومة ضخمه من الأحاديث الموضوعه والمكذوبه وعدم أعتدادهم بما نتج من خلالها من أفكار ورؤى في الغالب كانت أدوات صراع للأطراف السياسية المتصارعة، إن مبدأ تعقل النصوص وفهما من قصديات النص وما تحمله من أفكار أخلاقية وعقلانية سيحصن الفكر الديني من الولوج في عالم الصراعات وترك السلطة الدنيوية تدبر أمرها بموجب قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشجيع الشورى والمشاركة العامة في السلطة وصنع القرار بأعتبار أن أمرهم تدبير دنيوي خالص وليس خططا موضوعة من قبل وملزمة الأتباع.
من هنا حصل التصادم بين مشروع أهل النقل والظاهرية في النص والتي تحاول جاهدة أن تناصر السلطة وتتقرب منها، وبين رجالات المعتزلة وفكرهم العقلاني المبني على الحرية وتحرير الإرادة من سطوة المؤسسة الدينية الظلية التي نمت وترعرت في حضن السلطان، هذا التصادم لم يكن حدث عابر ولا هو مفصلي تماما بل هو جزء من صراع أكبر ثنيوي الأتجاه وديني المظهر، صراع مكة القديمة النتجذره في سطوتها والمدينة الناشئة على تعدد الأديان والتسامح ولعيش المشترك، مكة التي مثلها معاوية بن أبي سفيان ومنهجه السياسي وعلي بن أبي طالب ممثل المدينة ومنهجه المتصالح والمتسامح بعقلانية وفكر عميق وفلسفي صوفي الملامح والسلوك، فلا غرابة أن ينحاز المعتزلة للثاني دون الأول في حين أن الأشاعرة وأهل النقل كانوا في الصف الأول ومن أشد الموالين لسياسة المدرسة المحافظة، إنه فرع مهم من فروع وأشكال وطبقات الصراعي بي مدنية المدينة وتعنت مكة وقريشيتها التي عادت بقوة لترث دولة ونظام ومنظومة فكرية متكاملة دون أن تساهم هي في صنعها أو أنتاجها.
مع تبدل النظم السياسي وبعد أن فقد شعار قريشية الدولة وسلطانها بفعل حكم الدولة الإسلامية من أقوام غير عربية وتحرج فقهاء السلطة من تبرير ولائها للسلطة القادمة، ظهر مفهوم أهل السنة والجماعة لتمثل تراث المدرسة الأشعريه بكل ما فيها من خصائص وملامح وبدلت عناوينها تبعا لتبدل الظرف، فصار الأمر بمولاة السلطة حتى لو كانت جائرة فاجرة أمر مسلم به للحفاظ على المجتمع، في حين أنزوت المدرسة المعتزلية بقوة الضربات التي وجهت لها ولرموزها، ليتحول الصراع والتنافس بين الشيعة الذين هم في جزء غالب منهم ذو ميول معتزلية مدعومة من قوى متنافسه على السلطة أو خصما لها، حتى وصل الحال إلى تكفير متبادل بين المدرستين والمنهجين قائم على أساس الولاء للسلطة وليس على أساس الأنتماء للدين، هذا التحول لم يكن مفاجأ ولا تدريجيا ولا مقطوع الصلة تأريخيا مع الصراع الأول صراع المدينة والشام ولاحقا صراع الكوفة (العراق) والشام.
إن بقاء الحال على ما هو عليه وزيادة الأستقطاب الفكري والسياسي وتوسع الهوة التي لا يمكن ردمها اليوم بين طوائف المسلمين ومذاهبهم وصراعاتهم المدفوعة من قوى خارجية وداخلية، يتحتم علينا كأفراد مجتمع لنا رؤية خاصة في هذا الصراع ولكوننا لسنا حياديين تماما في موضوع تشظي وتهافت الفكر الإسلامي عموما وتأثير ذلك على أصل فكرة الدين، كان لا بد لنا من موقف تأريخي حاسم أما ننخرط بقوة في هذا الصراع ونزيد نيرانه ليلتهم المزيد منا كضحايا بالمجان، أو نقف موقف الناقد المتعقل في رؤيته لهذا الصراع وأسبابه وعلاته كي لا نتحول إلى شهود زور وحطب لجحيم الأختلاف والفرقة، فكان لنا أن ندرك وقبل هذا الوقت إن مصدر الخلاف والأختلاف تأريخي له جذوره السياسية والعنصرية وما علينا إلا أن نتجاوز هاتين المشكلتين ونرجع في منهجننا ودليلنا إلى القواعد المؤسسة الجامعة للكلمة والحريصة على مصلحة الإنسان ووجوده.
بالخلاصة النهائية أننا نجد اليوم المفتاح الأساسي في عملية أطفاء الحرائق في المجتمع الإسلامي تدور حول فكرة واحدة مفادها دع الماضي وما تركه من مفاعيل وأثار ولنعود جميعا للعقل ونحكم به ونحتكم له، فهو المخاطب دينيا وهو المسؤول الأول والأخير في تحديد ثواب وعقاب الإنسان، وبالتالي فالمهمة الأولى لنا أن نجدد لهذا الفكر العقلاني وندعو له وترك من لا يرغب ولا يريد مصرا على أنتمائته الطائفية والمذهبية في حاله ليلاقي نتائج قراره، أما من يستجيب ويعود للمنابع الأولى لأسس الإيمان والدين فسيكون في حل من أنتمائته الفئوية ويعود مسلما حنيفا على ملة إبراهيم الخليل، دون أن يخسر شيئا سوى عوامل الضعف والهوان التي عاشها الفرد المسلم طوال قرون عديدة، في صراعات ونزاعات لا تنتهي بالدم فقط حتى وصل الأمر لتكفير الضحايا ولعنهم في الدنيا وكأن الدين لا يتم ولا يشيد إلا بلعن الناس ورجمهم باسم الله.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الأعتزال؟ ح1
- بين التدين والإيمان العقل الإنساني واجب الأتباع مطلقا
- المثقف العربي بين مطرقة الواقع وحلم الفكر
- جدران في عرض الهواء
- الواقع العراقي بين ثقافة العشيرة وسطوة المرجعية الدينية
- أمي السيدة القديمة
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح5
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح4
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح3
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1
- العنب والناطور
- رجال الدين بين الوظيفة الإنسانية وظاهرة الأستبداد الديني
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح3
- تنهدات موجعة
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح2
- المثقف أمام تحديات الواقع والمسؤولية الفكرية
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح1
- نضحك ويضحكون والكل يضحك علينا....
- أنا وهو......


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - لماذا الأعتزال؟ ح2