أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سمير أمين - تكريس استقلالية سياسة روسيا فى الساحة الدولية














المزيد.....

تكريس استقلالية سياسة روسيا فى الساحة الدولية


سمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5806 - 2018 / 3 / 5 - 10:21
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    



فى مواجهة مشروع عسكرة العولمة وبسط السيطرة الأمريكية العسكرية على الكوكب، ليس هناك بديل لتكريس مبادئ احترام السيادة الوطنية فى المجالات الدولية.

وبعد هذا العرض لما يبدو لى مكونات البديل بالنسبة إلى روسيا علينا أن ننظر فيما إذا كان يتواجد فى الكيان المجتمعى الروسى قوى تدرك مغزى التحدى وتدفع خياراتها السياسية فى سبيل انجاز الأهداف المحددة.

كانت الحكومة التى رأسها بريماكوف لمدة قصيرة خلال التسعينيات قد شرعت فى سبيل الإصلاح. ولكن الأوليجاركية استطاعت أن تتخلص من بريماكوف. ثم بعد مضى سنوات ظهرت مرة أخرى إشارات تدل على أن بعض أقسام من الطبقة السياسية الحاكمة (ولا بد من التمييز بين هذه الطبقة المسئولة عن إدارة السياسة وبين الطبقة الحاكمة فى المجال الاقتصادي، بالرغم من التحالف الذى يربطهما مع بعض) أصبحت تدرك مدى الكارثة. ويبدو أن بوتين ينتمى إلى هذه المجموعة. فتوجهت قيادة بوتين توجهاً جديداً فى ثلاثة مجالات هي:

أولاً: السياسة الخارجية. فقد أخذ بوتين درساً من موافقته السابقة على تدخل الإمبريالية فى ليبيا (بامتناعه عن استخدام حق الفيتو ضد هذا التدخل فى مجلس الأمن). والتالى معروف وواضح. وأدرك أن الإمبريالية لم تزل تمثل الخطر الرئيسى على صعيد عالمي. فلم يكرر الخطأ عندما انفجرت أزمة سوريا. هكذا عادت روسيا تحتل مكانة دولة عظمى فى الساحة الدولية.

ثانياً: فى مجال إعادة بناء تحالف مع الجمهوريات السوفيتية سابقاً، قاوم بوتين مشروعات الإمبريالية فى الاستيلاء على هذه الجمهوريات، لا سيما فى جورجيا وأوكرانيا.

ثالثاً: فى مجال إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية الروسية. شن بوتين معارك ضد بعض عناصر الأوليجاركية - وليس ضد الأوليجاركية بجمعها بصفتها طبقة حاكمة اقتصادياً.

والأسئلة التى تطرح نفسها الآن هي: هل ينوى بوتين فعلاً قلب ميزان القوة وإعادة بناء نوع من رأسمالية دولة مستقلة؟ هل لديه استراتيجية لتحقيق هذا الهدف؟ ما هى القوى الاجتماعية داخل روسيا التى يمكن أن يعتمد عليها فى مشروعه؟ من هم الأعداء الحقيقيون والحلفاء المحتملون فى الساحة الدولية؟

أقول بهذا الصدد إن نجاح مشروع إعادة بناء رأسمالية دولة مستقلة يفترض كسب مساندة «الشعب» بالمعنى الواسع للكلمة. الأمر الذى يتطلب بدوره إجراء إصلاحات تتيح المشاركة للأغلبية الكبرى من الطبقات الشعبية فى فوائد التنمية الاقتصادية، فلن يقتنع الشعب بمساندة «مشروع وطنى بحت» يتجاهل مشاكله تجاهلاً شاملاً.

وتأتى بعد ذلك إشكالية التحالفات الخارجية التى يمكن من خلالها دفع مشروع التنمية الوطنية المستقلة.

سادت - ولا تزال تسود - أوهام خطيرة بهذا الصدد. فيعلق البعض آمالاً على الاتحاد الأوروبي. وما زال العديد مقتنعين بجدية كلام أوروبا عن نفسها: أن المشروع الأوروبى يسعى إلى نشر الرفاهية والديمقراطية وضمان السلام، فيتجاهلون الواقع: اصطفاف أوروبا وراء مشروع بسط الولايات المتحدة سيطرتها العسكرية على الكوكب. ولقد قامت خيارات أوروبا الشرقية على أساس هذه التخيلات.

ثانياً: إن روسيا غنية بالثروات الطبيعية التى تحتاج أوروبا إليها ــ لا سيما البترول والغاز- وتمثل أرضية للتفاهم فى صالح الطرفين. لقد تناسى هذا الخطاب البسيط لدرجة السذاجة أن «أوروبا» تشكيلة اجتماعية تقودها طبقات اجتماعية حاكمة. تمثل مصالح رأسمال الاحتكارات الإمبريالية. وفيما يتعلق بالبترول والغاز بالتحديد فقد طورت أوروبا فى الحقيقة استراتيجيات تسعى إلى الاستغناء عن استيرادها من روسيا. ومنها مشروعات تحويل أنابيب آسيا الوسطى والقوقاز دون مرورها عبر روسيا.

فطالما لم يتحقق جمع هذه الشروط ستظل تحركات بوتين معارضة ولكن هشة. ويدرك الغرب ضعف مبادرات بوتين فلا يقلق منها. ويقول بهذا الصدد «الخبراء» الأوروبيون فى شئون روسيا إن تحركات بوتين لن تضع مصالح أوروبا فى خطر. فيظل اقتصاد روسيا فى حالة خراب وتنميته مهددة. وتميل الطبقة السائدة- الأوليجاركية- إلى الاعتراف بالأمر الواقع- أى اختلال ميزان القوى فى صالح أوروبا وفى غير صالحها- فتحترم ما يقتضيه حتى تضمن استمرار سيطرتها على الحكم وإثرائها. خلاصة القول إن روسيا لن تخرج عن آفاق الدولة الكومبرادورية التابعة.

الكرة الآن فى يدى بوتين: هل هو قادر أن يدرك ذلك؟ هل هو عازم على أن يتخلص من تحكم الأوليجاركية فى شئون روسيا؟ هل هو مستعد أن يدفع ثمن انقلاب الميزان لصالحه من خلال سياسة اقتصادية واجتماعية تنقض السياسة التى استمر يسير فى سبيلها إلى الآن؟

تمثل دول «الجنوب» ولا سيما الدول الصاعدة التى تسعى هى الأخرى إلى إقامة نظم رأسمالية دولة مستقلة، بديلاً بعد تبخر الأوهام حول أوروبا. وسوف يقوى تكريس تحالفها فى السياسة الدولية وفى مواجهة عسكرة العولمة موقف روسيا فى الساحة. وتتواجد أيضاً مجالات للتعاون الاقتصادى يمكن استغلال فرصه. وهناك إشارات تدل على صعود الوعى بهذه الإمكانيات ظهرت فى سياسة روسيا والصين بالأخص فلا بد من تعميق الفكر والعمل فى سبيل إنجاز وعودها اللامعة.



#سمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خروج روسيا من النفق
- الثورة من الشمال إلى الجنوب – 3 –
- الثورة من الشمال إلى الجنوب – 2
- الاختراعات والعلاقات الاجتماعية
- غياب روسيا (مؤقتاً) فى الساحة الدولية
- سمات الرأسمالية فى روسيا بعد السوفيتية
- الرأسمالية شاخت والحركات الاجتماعية قد تأتي بتقدميين أو فاشي ...
- بعد سقوط النظام السوفيتى: حاضر ومستقبل روسيا(2-2)
- الولايات المتحدة تفقد هيمنتها على العالم
- بعد سقوط النظام السوفيتى: حاضر ومستقبل روسيا (1-2)
- الاختراعات الحاسمة وأنماط العولمة
- الاختراعات والعلاقات الاجتماعية «2»
- الاختراعات والعلاقات الاجتماعية (1 2)
- الثورة من الشمال إلى الجنوب (1)
- رؤية فى قضايا المرأة
- نقد مقولة نهاية التاريخ
- ماذا عن «العالم الأول»؟ (22) أوروبا الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول» ؟(1 2) أوروبا‭ ‬الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 3
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 2


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سمير أمين - تكريس استقلالية سياسة روسيا فى الساحة الدولية