أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - وقفة تأمّل ...














المزيد.....

وقفة تأمّل ...


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 15:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


توحي النقاشات الصاخبة التي يواكبها أغلب التونسيين باختيارهم أو رغما عنهم، بخروجهم من حالة ألفوها منذ سنوات،


وأهمّ ما يميّزها في نظرهم، «الاستقرار والصمت والركود» إلى سنوات سمتها «الفوضى والغليان والهيجان»... فأيام التونسيين صارت تعجّ بالوقائع والأحداث إلى حدّ يجوز فيه الحديث عن «الوفرة والتخمة». ولكنّ المتأمّل في تفاعل التونسيين مع ما يجري ينتبه إلى اندماج البعض في هذا المسار المتقلّب وسعيهم إلى مسايرة حركات المدّ والجزر في مقابل تذمّر أغلبهم وسخطهم ورفضهم لما اعتبروه سلسلة من «الانتكاسات والنكوص والردة»، وأمارة دالة على التخلّف والرجعيّة .... ولذلك تتجاور مشاعر الإحباط والحنين إلى الماضي مع مشاعر الخوف من الآتي.

تميط التجاوزات والانزياحات والخروقات اللثام عن مجموعة من الاستنتاجات أوّلها: ضعف إيمان أغلب التونسيين بسلطة القانون وعلويته، وعسر تجذّر ثقافة احترام القوانين والالتزام بتنفيذها . وإن كان الشائع اتهام الأميّين من عامّة الشعب بخرق القانون فإنّ مسارا انطلق مع «بن عليّ» واستمرّ إلى اليوم أثبت أنّ الفئات التي لا تمتثل لسلطة القانون ليست الفئات الفقيرة أو المنحرفة أو ذات المستوى التعليمي المحدود بل هي أيضا الفئات المتعلّمة والمنتمية إلى مواطن صنع القرار. ولعلّ المضحكات المبكيات أنّ بعض نواب الشعب والمشرّعين للقوانين يتدخلّون من أجل تحقيق بعض الخدمات بالرغم من إدراكهم بأنّها تخالف القوانين، وأنّ بعض الساهرين على تطبيق القانون يصبحون أوّل المنتهكين له، هذا بالإضافة إلى تنطّع عدد من مالكي وسائل الإعلام وتصريحهم علنا بأنّهم لا يعيرون انتباها للأوامر ولا القرارات .فلا غرابة أن يتصدر منتهكو القانون كالمتزوجين عرفيّا المشهد... وهو أمر يدعونا إلى مساءلة الحكومة ومن هم في مواقع صنع القرار، والعمل على إيلاء الثقافة القانونية أهميّة في برامجنا التربوية والتعليمية وفي أنشطة منظمات المجتمع المدني وفي الإعلام والثقافة وغيرها.

ويكمن الاستنتاج الثاني في التغيير الطارئ على علاقة التونسيين بالفضاء العام. فبعد أن كانت الشوارع تمثل في نظرهم، فضاء للعبور صارت في نظر المحتجّين والمنحرفين والمؤمنين بتطبيق الشريعة والأمر بالمعروف وغيرهم فضاء لممارسة العنف. كان يفترض أن يكون الفضاء العام فضاء للنقاش حول الشأن العام والتفاوض حول القضايا التي تهم التونسيين ولكنّه بات في نظر عدد من الراغبين في السلطة، ورقة ترفع لتهديد الخصوم. فكم من مرّة هدّد قياديون في النهضة بالنزول إلى الشارع والاحتكام للشارع وتصفية الخلافات في الشارع... وكم من مرّة أشار معارضو المساواة في الإرث إلى النزول إلى الشارع ... وليس تحويل الشارع إلى أداة لفضّ النزاعات سوى امتثال لقوانين الغاب.

ويتمثّل الاستنتاج الثالث في تعامل أغلب الأحزاب مع الانتخابات لا باعتبارها ممارسة تجسّد الحقوق السياسية للمواطنين وتعكس رغبتهم في التغيير بل باعتبارها معركة شرسة من أجل تحقيق الغلبة ونيل السلطة وممارسة الهيمنة وتحصيل الغنيمة . وهكذا يتحوّل التدرّب على الممارسات الديمقراطية إلى مناسبة لقنص المرشحين، وحثّهم على «الترحال» من حزب إلى آخر. فقد بلغتنا أخبار التجمّعيين الذين صاروا مع النداء ندائيين وها هم اليوم على قائمات النهضة وليس التلاعب بما يمثله البعض من رمزية إلاّ علامة على تحوّل فئة من التونسيين إلى أدوات بيد بعض الأحزاب ، وهم إذ يقبلون بذلك التوظيف يخالون أنّهم سيستفيدون وسيصطفون وراء أوّل حزب في البلاد، وهذا يعني أنّ عقلية الاصطفاف وراء الحزب الأوحد ظلّت راسخة في الأذهان، وأنّ الانتماء إلى الحزب الأقوى ضمانة لتحقيق المصالح والشهرة والتموقع. وهكذا جاز القول أنّنا لا نعيش مرحلة التحوّل الديمقراطي ونشأة الديمقراطية بل مرحلة «الصندوق-ديمقراطية» فما سيفرزه الصندوق ليس الأفضل بل هو محصّلة الكيد والمكر والخداع والحيلة...
وقفة التأملّ تفضح عجز الأحزاب عن ابتكار المبادرات وانتاج الأفكار المثمرة والبرامج البناءة .فمتى تبرأ الأحزاب من هذه الأدواء وتنتقل من طور الطفولة المبكرة أو المراهقة إلى طور الاكتهال؟

وقفة التأمّل تثبت عسر التحوّل إلى نظام ديمقراطي وعسر تبنّي ممارسات تؤسس التشاركية الفعلية ...ولعلّ المخجل أنّ البعض يتظاهر بأنّه يمارس الديمقراطية فيلعب دورا على الركح ويخال أنّه ماهر في التضليل والإيهام ... ولكن هيهات تطوّر وعي المشاهدين فصاروا يغادرون المسرح قبل انتهاء العرض.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في محاسن التجربة السجنية وفضائلها .
- تحولات فى صلب النهضة
- تحويل وجهة الاحتجاجات السلمية
- الإرهاب فى بعده المغاربى
- الجمعة الأسود
- أزمة إدارة الشأن الدينى
- فى علاقة الدين بالقانون
- احذروا غضب المواطنات
- فى الدعوة إلى المراجعات
- هندسة الفضاءات
- التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب
- عين تشهد وعين تنكر
- تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل
- داعشيات
- حرب المواقع بين «رجال الدين»
- كسر أقفال المعرفة الدينية
- فى تمثّل دور رئيس الدولة
- تونس على محكّ الاختبار
- هل يمكن تشريك حزب النهضة فى الحكم؟
- هل «تمكن» حكومة «الصيد» النساء؟


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - وقفة تأمّل ...