رجاء عبد القدوس
الحوار المتمدن-العدد: 5797 - 2018 / 2 / 24 - 11:44
المحور:
الادب والفن
مُولآت الخَيْل و الخِلخال
وحيٌ من خيالٍ يُحاكِ العائلة الجزائرية وموّروثها الاجتماعي وعاداتها وسيرتها العقلائية أثناء الثورة على المستعمرين الفرنسْ .. نَسجتُ خيوطهُ على شكل أجزاء كما طبقات السماء في ستة أيامٍ .
الجزء الأول
جدّتي السّمراء
أعزّ جدّاتي وأقربهنّ إلى قلبي غادرت حياتي باكرًا...كانت كلقمةٍ طيّبةٍ اِنتُزعت من فمي قبل أن أشبع...
تمنيّت لو دامت أوقاتي ولحظاتي ومحادثاتي لها طويلاً ، كان لصوتها بحّة دافئة ...ضحكتها هائمة...بشرتها سمراء براقّة كأنّها حبة لؤلؤٍ اِنفرطت من عقدها...أطراف أصابعها طرية كأنها وسادة حريريّة....
رائحة ماتبقّى من شعرها المصبوغ بالحنّاء العربية......
كانت كلّ ما يلزمني حتّى أبقي على قيد السعادة الأزلية....
لن أجد في حياتي من يُحرّضني على الفرح مثلما كانت تفعل جدّتي..
كلّما حزنت تعاودي الأماني راجيّةً :
_ يا ليت رائحة جدّتي تباع في الصّيدليّات....
_ يا ليت صوتها يوصف وسط الرّوشيتّات.....
_ حتّى أتناوله تسعُ مرات.....
_ قبل و وسط و بعد الوجبات......
وان لزم الأمر أخذت جرعةً قبل الممات....
علّني إن رحلتُ.... عثرت على من علّمتني كيف أتقن سردَ الحكايات....
أنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى صيدليّ خارق المواصفات.....
سأنشر أمنيتي هذه مع الإعلانات....
أريده أن يأخذ صوت جدّتي ورائحتها وضحكتها وحكاياتها ...يدكّهم ويعصرهم ويقطّرهم ثمّ يعبّأهم في زجاجات دواء....آخذ رشفة كلّما أصبت بوعكةٍ صحيّة ونفسيّة وروحية وعاطفية.
حبّي لجدتي السّمراء كان يثير الغيرة في نفوس جدّاتي الأخريات...
جدّتي لأمّي وجدّتي لأبي وجدّتي من قبيلة أخرى...قاطعة حبلي السُرّي وكاشفة عورتي و سِرّي.
كيف لك ياجدّتي أن تموتي أثناء قتلك؟!؟!؟!
الخناجر خناجرنا
والكفن من عندنا
وقبرها سنحفره في أرضنا
وسنتّهمها بسفك عرضنا
سنأخذ منها ابنتها
ونبيع فضّتها
ونقصُّ سالِفها
تعالوا نحرق فراشها
قبل أن يلحظ أحد الرّجال غيّابها
ومن ثمّ نزيد فكّ رباطِ خيلها
حتّى يخلو لنا حضن زوجها ..!
( يتبع )
#رجاء_عبد_القدوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟