|
الأونروا، -صفقة القرن- وتصفية الحق الفلسطيني.
كريم اعا
الحوار المتمدن-العدد: 5773 - 2018 / 1 / 31 - 21:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع اشتداد الهجوم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، برزت للعيان قضية الأونروا مع إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية تجميد دعم بقيمة 65 مليون دولار مما تقدمه بلاده لهذه الوكالة. ولفهم بعض مما يجري من الضروري الرجوع قليلا للوراء لمعرفة بعض المعطيات التاريخية حول الأونروا وكيف أصبحت تقض مضجع جميع الأطراف المعادية للنضال الفلسطيني. ففي أعقاب "النكبة" التي تلت القرار 181، الذي شرعن احتلال فلسطين من طرف الصهيونية، أسست الأمم المتحدة منظمة تسمى "هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين" في نوفمبر 1948 "لتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين وتنسيق الخدمات التي تقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى". وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302، تأسست في 8 ديسمبر 1949 "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" والمعروفة اختصارا بالأونروا، لتعمل كوكالة مخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات لغاية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. تم آخر تجديد لمهامها في يونيو 2017، ويوجد مقرها الرئيسي في فيينا وعمان. بدأت الأونروا عملياتها في فاتح ماي 1950، وتسلمت سجلات اللاجئين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتمثل تفويضها الأولي في " استمرار المساعدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، بغية تلافي أحوال المجاعة والبؤس بينهم ودعم السلام والاستقرار"(الفقرة الخامسة من القرار 302). ولنا أن نتصور حرج الدول الكبرى التي لازالت شعوبها مصدومة من الحرب الامبريالية الثانية وما خلفته من دمار ولاجئين ذاقوا المرارة والحرمان بشتى صوره، حرجها وهي ترى 700 ألف فلسطيني مطرودين من ديارهم وهائمين على وجوههم في البراري والفيافي. تقتصر خدمة الوكالة على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مناطق عملياتها وأبنائهم فقط. وتعتبر لاجئا من كانت فلسطين مكان إقامته الفعلية في الفترة الواقعة بين يونيو 1946 ومايو 1948، وفقد كل ممتلكاته و أمواله ومنزله بسبب الصراع العربي الصهيوني عام 1948. وهو ما أثار ولا يزال العديد من الانتقادات حول ضيق هذا التعريف وعدم أخذه لتطور مجريات القضية الفلسطينية. إن القرار 302 يتحدث في فقرته السابعة عن مهام الوكالة، والمتمثلة في "التعاون مع الحكومات المحلية في مجال الإغاثة المباشرة ومجال التشغيل"، إلى جانب "التشاور مع الحكومات المهتمة في الشرق الأدنى بشأن التدابير التي تتخذها هذه الحكومات تمهيدا للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية للإغاثة ولمشاريع الأعمال غير متوفرة". ومما يثير الانتباه، أن الأمم المتحدة لم تحدد بدقة مهام هذه الوكالة وصلاحياتها على غرار مفوضيتها لشؤون اللاجئين، ولم تخصصها بصلاحية تقديم الحماية الدولية للاجئين، بل حصرت مهمتها بداية في تقديم المساعدة للاجئين فقط. كما جعلت الأموال المدفوعة لتمويل أنشطة الأونروا طوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وغير الأعضاء.(الفقرة 13 من القرار 302). غير أنه، وابتداء من 02 دجنبر 1950 أضافت الجمعية العامة للوكالة مهمة جديدة تتمثل في "إعادة إدماج اللاجئين في مناطق اللجوء من خلال مشروعات اقتصادية" (القرار رقم 393). لتستتبعه بالقرار 513 في 26 يناير 1952 والذي يتحدث في فقرته الثانية عن "برنامج إعادة دمج اللاجئين إما بإعادتهم إلى ديارهم أو توطينهم". كما يدعو في فقرته الرابعة الأونروا لبحث "تدابير تولي الحكومات (المضيفة للاجئين) مشاريع إعادة الدمج في أقرب وقت ممكن"، و"تحويل إدارة الإغاثة أيضا إلى تلك الحكومات في أقرب وقت ممكن". كما دعت في الفقرة السادسة من ذات القرار إلى "تخفيض نفقات الإغاثة بنسبة ملائمة لنفقات إعادة الدمج". يتــم تمويــل عمليــات الأونــروا مــن خــلال مســاهمات طوعيــة مــن المانحيــن، باســتثناء 178 وظيفــة دوليــة تمولهــا الجمعيــة العامــة مــن خـلال الميزانيـة الاعتياديـة للأمم المتحـدة. وتنظم مؤتمرا سنويا للدول المانحة والمضيفة للاجئين الفلسطينيين. تتلقـى الوكالـة التمويـل مـن خـلال البوابـات الثـلاث الرئيسـية التاليـة: 1) صنـدوق لميزانيـات البرامج يدعــم العمليــات المحوريــة للوكالــة، بمــا يشــمل التكاليــف الجاريــة المتعلقــة بالطاقــم وغيــر المتعلقــة بالطاقــم (مثــل برامــج التعليــم والصحـة وتحسيـن المخيمـات والإغاثـة والخدمـات الاجتماعيـة والتمويـل الصغيــر، إلــى جانــب النظــم والأطــر المســاندة؛ 2) تمويــل المشــاريع المحـددة المرتبطــة بفتــرة زمنيــة التــي ترمــي إلــى تحسيـن الخدمــات دون زيــادة التكاليــف الجاريــة؛ 3) التمويــل المســتجيب للنــداءات الطارئــة لصالــح التدخلات الإنســانية. (تقرير العمل السنوي 2015 موقع الأونروا). إن الدعم الطوعي يعتبر آلية ضمن أخرى للتأثير في مسارات القضية الفلسطينية وتطوراتها، ويكفي أن نعلم أنه من أصل 60 حكومة قدمت الدعم للأونروا خلال سنة 2013، توجد 11 حكومة عربية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت سنة 2017، 370 مليون دولار لـ"أونروا" التي تشرف على مشروعات تعليم وصحة وبرامج اجتماعية. كما قدمت 260 مليون دولار، في اتفاق ثنائي، تذهب لدعم مشروعات تديرها "الوكالة الأمريكية للتنمية الوطنية "USAID". في المقابل يتلقى الكيان الصهيوني دعما عسكريا من واشنطن يقدر بأكثر من 3 مليارات دولار سنويا. وحتى نتلمس الدور الذي صارت تلعبه هذه الوكالة في المنطقة وفي التأثير على مجريات الصراع ضد الكيان الصهيوني، سنورد بعض إحصائياتها لسنة 2017. فبعد أن كانت تقدم خدماتها ل700 ألف شخص، صار عدد المسجلين لديها: 5869733 لاجئا. وتعمل في 61 مخيما رسميا كما تسميهم (موزعة كما يلي: الأردن: 10، لبنان:12، سوريا: 9، الضفة: 19، القطاع: 8)، و3 مخيمات غير رسمية إضافية في سوريا. تتدخل عبر خمسة برامج تهم: 1.. التعليم: عدد المدارس (ابتدائية، إعدادية، والمدارس الثانوية في لبنان) 702 مؤسسة عدد موظفي التعليم: 21946 عدد التلاميذ: 515260 عدد مراكز التدريب المهني والفني: 7082 كليات العلوم التربوية: 02 2.. الصحة: عدد مرافق الرعاية الصحية الأولية: 142 عدد مرافق الرعاية الصحية الأولية التي تقدم خدمات صحة الأسنان (بما فيها المراكز المتنقلة): 115 عدد موظفي الصحة: 3334 مجموع زيارات المرضى السنوية: 8852252 3.. الإغاثة والخدمات الاجتماعية: عدد حالات برنامج شبكة الأمان الاجتماعي: 255024 عدد موظفي الإغاثة والخدمات الاجتماعية: 905 4.. الإقراض الصغير: عدد القروض في عام 2016: 39161 5..البنية التحتية وتحسين الخدمات: عدد الوظائف التي تم استحداثها للاجئين الفلسطينيين جراء تدخلات البرنامج: 331020 6..الموظفون (بعقود) عدد وظائف الموظفين المحليين: 30799 عدد وظائف الموظفين الدوليين: 178 أصبحت الأونروا التي خلقت لمهمة مؤقتة مؤسسة دائمة وتقوم بتحمل أعباء توفير الحد الأدنى من الحاجيات الأساسية. وفي هذا السياق، لابد من الإشارة لما تقدمه من دعم للمسيطرين على القطاع والضفة والذي بانقطاعه سيظهر عجزهم وعدم قدرتهم على تحمل مسؤولية ساكني المنطقتين. ورغم كل ما تقدمه الوكالة من خدمات، هاهي الأمم المتحدة تخبرنا في تقريرها 2020 أن قطاع غزة سيصبح مكانا غير صالح للحياة بحلول 2020، وأن معظم المخيمات في لبنان غير ملائمة للعيش البشري. ومما تجدر الإشارة إليه، هو أن أمريكا التي تحتل مقدمة المانحين، لم تبارح يوما أعلى هرم هذه الوكالة. فمنذ بداية عملها إلى اليوم، شغل أمريكي منصب المفوض العام للأونروا ست مرات من أصل أربع عشرة مرة، وكلما غابت عن المنصب الأول نجدها تشغل منصب نائب المفوض العام (7 من أصل 14 نائبا). وهو ما يبين حرص أمريكا على التواجد في أعمال الوكالة وتوجهاتها. إن أمريكا، بتهديدها وقف دعمها للوكالة تعمل على تضييق الخناق على الفلسطينيين للقبول بتراجعات وتنازلات جديدة. وهي بذلك أيضا، توجه رسائل للدول التي تحتضن اللاجئين الفلسطينيين بضرورة قبول ما تقترحه من حلول تصفوية لحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة. الكيان الصهيوني ومنذ عقود يعارض هذه العودة ويرفضها، ويعمل على تجريد الفلسطينيين من هذه الصفة وعدم توريثها للأبناء في الشتات، وهو ما دعا إليه رئيس حكومته وشدد عليه، لأن في استمرار الأونروا واعتبار خلف اللاجئين لاجئين بدورهم استدامة لحق العودة وتأبيدا له، وتمسكا من الأمم المتحدة بضرورة إنصاف الفلسطينيين وإرجاع حقوقهم التاريخية. ولنعرف موقف الصهيونية الثابت من حق العودة يكفي أن نورد تصريح ممثل كيانه في مؤتمر باريس سنة 1951، الذي دعت إليه لجنة التوفيق الدولية التي أنشئت بموجب قرار الجمعية رقم 194، والذي شاركت فيه كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان: "إن اعتبارات الأمن الرئيسية والاستقرار السياسي والاقتصادي تجعل عودة اللاجئين العرب أمرا مستحيلا". ربطت الصهيونية منذ استعمارها لفلسطين مشكل اللاجئين بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية وبالصلح النهائي مع الأنظمة العربية وهو ما تسعى لتحقيقه منذ عقود، ويبدو أنها رأت في الأوضاع التي تمر منها المنطقة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية الفرصة المواتية لتكريس احتلالها لفلسطين وتهويدها لمعالمها والتخلص مرة واحدا من شوكة اللاجئين في الشتات عبر توطينهم في بلدان الاستقبال وشطب كل ما يمكن أن يديم قضيتهم وفي مقدمتها وكالة إغاثة وتشغيل الفلسطينيين. لقد بدأت قضية الفلسطينيين برفع مطلب العودة وها هي الصهيونية وراعيتها أمريكا تريد أن تجعلها قضية تقرير مصير لا غير عبر توالي قرارات أممية تراجعية. يبدو أن الشعب الفلسطيني بحاجة لانتفاضات على قياداته الانبطاحية وعلى الصهيونية وحلفائها للإبقاء على حقوقه الشرعية في جدول أعمال التاريخ، وهو ما أكد قدرته عليه ووعيه الكبير به. وواهم من يظن أن صمته يعني استسلامه وتخليه عما بذل لأجله الغالي والنفيس طيلة عقود من تغريبته.
#كريم_اعا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين التاريخ، فلسطين المستقبل.
-
مستجدات مشروع القانون - الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة الت
...
-
في راهنية ثورة أكتوبر.
-
لفائدة من يتم تدمير المدرسة العمومية؟
-
العمل المنزلي والعبودية المقننة.
-
الظلامية الدينية وعرقلة تحديث التعليم بالمغرب.
-
التعليم والعولمة.
-
مصادرة حق الإضراب باسم الديمقراطية البرجوازية.
-
الشغيلة التعليمية وضرب حقها في الشغل القار.
-
بؤس في بؤس
-
الانتهازية وخطر تسميم النضال الجماهيري.
-
لا وفاة لمن أوفى.
-
الوعي الطبقي للعمال وهجوم الرأسمال.
-
النظام التعليمي بالمغرب (6).
-
النظام التعليمي بالمغرب (5).
-
النظام التعليمي بالمغرب (4).
-
الشعب الذي يستحق أن يعبد.
-
التعليم أولوية وطنية أو الكذبة الكبرى.
-
النظام التعليمي بالمغرب (3).
-
النظام التعليمي بالمغرب (2).
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|