|
الحصان الفلسطيني بقي وحيداً
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5765 - 2018 / 1 / 22 - 21:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحصان الفلسطيني بقي وحيداً تميم منصور رغم التحيز المفضوح الذي تمارسه سلطة الرئيس الأمريكي ترامب ، ضد كرامة ومصير ومقدسات وحق الشعب الفلسطيني بالوجود ، رغم ذلك فأن غالبية أطراف الجسد العربي لا تزال مشلولة ، لم نسمع حتى الآن ردة فعل بمستوى الجريمة التي ارتكبها ترامب بحق الشعب الفلسطيني ، من أي اعلام عربي – أو مسلم – أو أوروبي – أو آسيوي – أو أفريقي ، نعم هناك معارضة وانتقاد باردين ، صامتين ،فقط اعلام محور المقاومة ، المتمثل في ايران وسوريا وحزب الله ، وبعض دول أمريكا اللاتينية وجنوب افريقيا ، عبروا عن رفضهم القاطع للخطوة التي ارتكبها الرئيس الأمريكي ترامب . أما الاعلام العربي الرسمي ، خاصة الاعلام المصري ، واعلام دول المغرب العربي والعراقي والسعودي والأردني ، ، فإن مواقف الأنظمة التي تمثل هذا الاعلام لم تتغير ، بقي متخاذلاً ، منافقاً ، مزدوجاً ، داعماً ومناصراً للسياسة الامريكية ، مرة باسم الدين ، وأخرى تعبيراً عن خيانة هذه الأنظمة ، لم نستمع الى تصريح زعيم عربي واحد حتى الآن ، فيه ادانة واضحة وصريحة للخطوة التي قام بها هذا الارعن الذي رضع من حليب الصهيونية حتى الثمالة . نعم ربما كانت هناك معارضة ، لكنها معارضة لينة بيضاء حريرية ، ليست مباشرة ، عبر عنها سياسياً هامشياً هنا وهناك من باب رفع العتب ، التواطؤ والمهادنة لم تقتصر على غالبية قادة الأنظمة العربية ، بل تعدتها لتصل الى السواد الأعظم من الشعوب العربية ، التي تعاملت ولا تزال تتعامل مع السياسة الامريكية ، وقرارها الأخير بشأن القدس دون اكتراث . لم تدق أبواب أية سفارة أمريكية ، في أي قطر عربي ، لم يتم جمع حشد حول المؤسسات الامريكية في الأقطار العربية ، لم يتأخر تصدير برميل واحد من النفط للصناعات الامريكية ، أو الأوروبية ، لم تتزحزح الأموال السعودية والخليجية المركونة بدور الأموال الامريكية من مكانها ، كل شيء على حاله العكس هو الصحيح ، فإن العلاقات الامريكية مع غالبية الأقطار العربية أفضل مما هي عليه في أي وقت كان ، مناورات عسكرية مشتركة ، زيادة عدد المستشارين الامريكان في كافة الأقطار العربية ، أسواق الأسلحة الامريكية مزدهرة . السبب ان أمريكا وكل المراقبين في العالم يعرفون ان الأولوية لدى غالبية الشعوب العربية اليوم هي " الأنا الخاصة " توفير هاتف نقال ، أو استصدار تأشيرة للهجرة الى الدول التي تدعم إسرائيل ، الكل يعرف أن ميزة هذه الأمة هي النسيان السريع ، كما وصفهم ثعلب أمريكا " هنري كسنجر " يعرفون بأن غالبية الشعوب العربية مدجنة ، لا تغضب حتى لو استغضبت ، شعوب من الصعب أن تقول لا ،شعورها وحماسها الثوري قابع في افريز غياب اليقظة والخوف والرعب من السجون ، والحرمان والبطالة والفقر والجهل ، وأن ذوبان هذا الجليد الذي يمنع تفجير الغضب وانطلاق " اللا " ، بحاجة الى حرارة خاصة ، لم توفرها دماء ضحايا أي عدوان إسرائيلي على غزة ، أو أي قطر عربي ، أو على الاستمرار بالتنكيل بالشعب الفلسطيني ، ومصادرة كرامته ، والاعتداء على مقدساته . هذه الحرارة فقدت لهيبها منذ هبة ما عرف بالربيع العربي ، حرارة الكرامة والكبرياء التي شاهدناها في أسابيع الربيع العربي المذكور تحولت بسرعة الى جليد ، لا نعرف متى يذوب ، لأنها لم تشتعل ضد أمريكا ومصالحها في المنطقة ، ولا ضد الاحتلال !! اشتعلت ضد الفساد وأنظمة استبدلت بأنظمة أكثر طوعاً لأمريكا . اجتر الارعن ترامب ما قام حلفاءه في الماضي الانجليز ، عندما قدموا فلسطين كاملة هدية مجانية للحركة الصهيونية ، حتى ترتاح أوروبا من أوبئة الصهيونية ، قدموها دون تردد ، ودون مراعاة مصير شعبها ، لم يحكموها في يوم من الأيام ، هذا ما فعله ترامب ، اعتبر نفسه مالكاً للقدس ، فبق هذه الحصوة النتنة ، فلوث وشوه التاريخ ، كما شوهه من قبل بلفور ، القاسم المشترك بين الأثنين ، انهما لم يعملا أي حساب للعرب حتى لحلفائهما ، والسبب انهما يعتبران حالهما أسياد العرب . بلفور قدم وعده رغم أن العرب في ذلك الوقت كانوا يحاربون الى جانبه ضد العثمانيين، اليوم يكرر ترامب الصورة نفسها ، قدم لإسرائيل مجاناً وسط عقد الدولة الفلسطينية ، مدينة القدس ، قِبله الفلسطينيين السياسية ، وأولى قِبلات العرب الدينية ، قدمها دون أي اعتبار قيمة لحلفائه العرب ، لأنه يعرف بأنه لامريكا قدسية عندهم ، وكل رئيس لها هو بمثابة الأب الروحي والسياسي لهم ، يعرف بأن هذا العمل يرضيهم ، ولم يخرجوا عن طوعه ، فقواعد أمريكا العسكرية باقية ، ونفطها سيبقى سيالاً ، وسفاراتها في عمان والقاهرة والرياض وتونس وغيرها ، ستبقى تعمل وتحرك أنظمة هذه الدول كما يدفع ذيل السمكة رأسها . لم يتذكر ترامب أصدقاء أمريكا من الفلسطينيين الذين عولوا عليه وعلى سياسة أمريكا منذ أوسلو حتى اليوم ، فقام برمي علاقاتهم بامريكا وراء ظهره ، لأن أمريكا كانت ولا زالت لا تؤمن بالصداقة ، بل تؤمن بالمصالح ، ترامب يعرف بأنه سيترك الفلسطينيين وحدهم بالميدان ، سيبقى الحصان الفلسطيني وحيداً - عذراً من شاعرنا محمود درويش - ، وهذه حقيقة اليوم تقف السلطة الفلسطينية وحدها في الميدان ، حاول محمود عباس وقيادته امتصاص غضب الشعب الفلسطيني بالخطابات النارية والتصريحات الحماسية ، لأنهم يعرفون أنهم تركوا وحدهم في الميدان ، وحصان القضية ترك وحيداً ، والمسؤول عن بقائه وحيداً الفلسطينيون قبل غيرهم ، لأنهم فرطوا بالكثير من الثوابت الأساسية ، اعترفوا بإسرائيل قبل أن تعترف بحقهم بإقامة دولتهم المستقلة ، استبدلوا مقاومة الاحتلال قبل ان تعترف بحقهم بإقامة دولتهم المستقلة ، استبدلوا مقاومة الاحتلال بانقسامهم وصراعهم على بعضهم البعض ، ترامب يعرف وإسرائيل تعرف بأن الغضب الفلسطيني لن يطول ، لأن استقلالية الإرادة والقرار الفلسطيني أصبحت هشة ، فقدت صلابتها . لكن هذا ليس نهاية الطريق ، حتى لو هربت جميع الخيول العربية من الميدان ، فإن الحصان الفلسطيني سوف يخوض المعركة لوحده ، وسوف ينتصر بعد أن تنتقل إرادة واستقلالية القرار من سماعات الهواتف وادراج المكاتب الى الشارع الفلسطيني وازقة المخيمات . مهما رقص الإسرائيليون على انغام زيارة نائب ترامب المدعو " بينس " الذي جاء لإكمال الصفقة التي وقف هو وراءها ، لكن الشعب الفلسطيني سوف ينتصر في النهاية ، كما انتصر الشعب الفيتنامي والانغولي والجزائري والجنوب افريقي ، لأن هذه حتمية التاريخ .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مائة عام على ميلاد جمال عبد الناصر
-
زمن خريف التساقط العربي
-
نتنياهو يرى القشة في العين الايرانية ولا يرى الخشبة في العين
...
-
هنا محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية
-
هنا القدس (2) سيرة حياة بلاد ومثقفين وحياة اجتماعية واعدة
-
الاذاعات العربية في فلسطين زمن الانتداب
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين س
...
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين 1
...
-
بمناسبة مضي مائة عام على صدور وعد بلفور (2) اغتيال الوسيط ال
...
-
بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور
-
صح النوم يديعوت احرنوت
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية (2)
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية
-
اتفاق اوسلو في عيون فلسطينية
-
اسرى الحرية بين فكي ميزانية عباس
-
لمحة من تاريخ أيتام الداخل الفلسطيني
-
صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية
-
من عربة بوعزيزي الى عربة محسن فخري
-
ثقافة الفساد في المجتمع الاسرائيلي
-
حبل من وراء الحدود
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|