أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل














المزيد.....

اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 17:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل


مائدةٌ مستديرة للنقاش حول "الأديان والأخلاق"، جمعت مجموعة من رجالات الدين من عقائدَ وأديانٍٍ ومذاهبَ شتّى. وكان من بين المناقشين عالمٌ في اللاهوت المسيحيّ من أمريكا اللاتينية، وحكيم التبت "تنزين جياتسو"، القائد الروحي الأعلى الحالي لبوذية التبت المُلقّب بـ "دلاي لاما".
بعد انتهاء النقاش، وجّه رجلُ الدين المسيحي سؤالا للدلاي لاما:
- "يا سماحة الدلاي لاما، ما أفضلُ الأديان، من وجه نظرك؟"
وكان بالطبع يظنُّ أنه سيقول: "بوذية التِّبت" هي الأفضل. أو على الأقل "الديانات الشرقية" التي تسبقُ المسيحية بقرون بعيدة. لكن "دلاي لاما" ابتسم، ثم قال بهدوء:
- "العقيدةُ الأفضلُ هي تلك التي تجعلك شخصًا أفضل. وتجعلك أقرب إلى صورة الله على الأرض”
ألحّ رجلُ الدين المسيحي في السؤال، قائلا:
- "وما هي تلك العقيدة التي تجعل الإنسانَ شخصًا أفضل؟"
فأجاب دلاي لاما:
- "هي العقيدةُ التي تجعلك: أكثرَ رحمةً، أكثرَ إدراكًا، أكثر حساسيةً، أقلّ تحيّزًا، أقلّ عنصريةً، أكثرَ حبًّا، أنظفَ لسانًا، أكثر إنسانيةً، أكثر مسؤوليةً، وذا أخلاق. الدينُ الذي يجعلك كل ما سبق، هو الدينُ الأفضل.
صمتَ رجلُ الدين مأخوذًا بالإجابة الحكيمة، التي لا يُمكن مجادلتها. لكن "دلاي لاما" أكمل قائلا:
- "لستُ مهتمًّا يا صديقي بعقيدتك أو دينك أو مذهبك. أو إذا ما كنتَ متديّنًا أم لا. الذي يعنيني حقًّا هو سلوكك أمام نفسك، ثم أمام نظرائك، ثمّ أمام أسرتك، ثمّ أمام مجتمعك، ثم أمام العالم. لأن جُماع كل ما سبق سيشكّل كيانك وصورتك أمام الله. تذكّر أن الكونَ هو صدى أفعالنا وصدى أفكارنا. وأن قانونَ الفعل وردّ الفعل لا يخصُّ، وحسب، عالم الفيزياء. بل هو أيضًا قانونٌ يحكم علاقاتنا الإنسانية. إذا ما امتثلتُ للخير سأحصدُ الخيرَ، وإذا ما امتثلتُ للشرّ لن أحصد إلا الشرَّ. علّمنا أجدادُنا الحقيقة الصافية التي تقول: سوف تجني دائمًا ما تتمناه للآخرين. فالسعادةُ ليست رهن القدَر والقسمة والنصيب، بل هي اختيارٌ وقرار.” ثم ختم كلامه قائلا:
"انتبه جيدًّا لأفكارك، لأنها سوف تتحول إلى "كلمات”. وانتبه إلى كلماتك، لأنها سوف تتحول إلى "أفعال”. وانتبه إلى أفعالك لأنها سوف تتحول إلى "عادات”. وانتبه إلى عاداتك لأنها سوف تكوّن "شخصيتك"، وانتبه جيدًّا إلى شخصيتك لأنها سوف تصنع "قدرك"، وقدرُك سوف يصنع "حياتك كلّها."
ما يريد قوله دلاي لاما بكل بساطة هو أن الدين "وسيلة"، وليس"غاية”. الغايةُ العليا هي "الصلاح". والدينُ هو أحد السبل للوصول إلى الصلاح. لهذا فإن الرُّسل كانوا يختمون دعاءهم بعبار:ة "اللهم الحقنا بالصالحين." كقول سيدنا إبراهيم عليه السلام: "رَبِّ هَبْ لِي حُكمًا والحقني بِالصَّالِحِين" الشعراء 83.
فإن قضى الإنسانُ عمرَه كلَّه في مسجد أو كنيسة أو هيكل أو معبد، يُصلّي ويصوم ويتعبّد، ولم يصنع منه كلُّ ذلك إنسانًا صالحًا رحيمًا متحضرًا عفَّ اللسان، فما جدوى ركوعه وسجوده وجوعه وعطشه، واللهُ تعالى غنيٌّ عن صلاتنا وذكرنا وقرابيننا؟! إنما خلقنا اللهُ لكي نصنع نموذجًا متحضرًا للكائن المسؤول الذي يختار الخير وهو قادرٌ على الشر. ويختار الرحمة وهو قادرٌ على القسوة. ويختارُ العدل بدلا من الظلم. لهذا كلّفنا الله وجعلنا ورثة الأرض القادرين على الاختيار والقرار: “وهديناه النجدين"، والنجْدُ هو الطريق: أي منح اللهُ الإنسانَ طريقَ الخير وطريقَ الشر، ليختار بينهما.
أذكر حوارًا طيبًا دار منذ سنوات بيني وبين د. عبلة الكحلاوي. كنتُ أشكو إليها ما يجري في مصر من مشاحنات طائفية مُخزية وأسألها السبيل. وبعد حوار طويل أنهتْ العلاّمةُ الجميلةُ الكلام بقولها: "يا ابنتي، نحن البشرَ جميعنا، مسلمين ومسيحيين ويهودًا، سوف ندخلُ الجنةَ بأعمالنا. فقط بأعمالنا."
ذاك هو الدرسُ، الذي نحتاجُ أن نتعلّمه: العقيدةُ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربّه، أما الشأنُ العام فهو التعامل الطيب بين الناس. الإنسانُ النظيف القلب العادلُ المتحضر، هو السفيرُ الأجمل لعقيدته.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة
- -المنيا- مهانةُ مصرَ … والسبب -قُبلة يهوذا-!
- عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل
- عيد ميلاد البابا تواضروس
- خالد جلال يرفع مرآة ميدوزا في وجوهنا
- هل تذكرون الدكتور محمود عزب؟
- الفنون والسجون
- صناديقُ عمّ محفوظ
- جيشُنا العظيم أحبطَ حرقَ مصر
- صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل