حول المليشيات النقابية والإسلاميين المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل
بشير الحامدي
2017 / 9 / 27 - 19:59
حول المليشيات النقابية والإسلاميين المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حادثة الاعتداء على المعلمة فائزة السويسي ومنعها من العمل بتعلة أنها ملحدة وأنها خطر على الناشئة من قبل مجموعة من المواطنين في عملية مدبرة ومخطط لها وما كشفت عنه من مواقف لبعض النقابيين الأعضاء في الهياكل القيادية القطاعية أو في المكتب التنفيذي الجهوي لاتحاد صفاقس أثار مسألتين للأسف لم تحظيا بما يجب من النقاش من قبل النقابيين وهما مسألة المليشيات النقابية والموقف من الإسلاميين المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل.
عبر كل تاريخه كانت لقيادات الاتحاد المركزية و الجهوية و القطاعية مليشيات وأذرع سواء للوشاية وتقديم التقارير الشفوية والمكتوبة في المعارضين النقابيين أو لمضايقتهم وردعهم أو للتواصل بشكل غير رسمي باسم بعض المتنفذين مع دوائر أخرى سياسية و "أمنية " مركزية أو جهوية متعددة ومليشيات الحبيب عاشور واسماعيل السحباني وعبد السلام جراد وحسين العباسي وعمارة العباسي في قفصة و محمد شعبان في صفاقس وممارساتهم معروفة ولا أحد من معارضي هؤلاء أو من المطلعين على تاريخ الاتحاد والوضع النقابي عموما يمكن أن ينكرها.
ظاهرة المليشيات ظاهرة ورثتها قيادات الاتحاد البيروقراطية عن حزب الدستور وعن التجمع الدستوري الديمقراطي بعده وهي مازالت متواصلة إلى اليوم فللمكتب التنفيذي الحالي ميلشياته ولكل مكتب نقابة قطاعية ميلشياته و لا يخلو فرع جهوي أو محلي من ميليشيات نقابية يقف وراءها نقابيون تنشط بما تفتضيه مصالح هؤلاء النقابيين الخاصة وبما يعزز بقاءهم في مواقعهم داخل النقابة .
ظاهرة الميليشيات ومجموعات الضغط داخل الاتحاد ستبقى وستتعزز بوصفها ظاهرة مرتبطة بغياب الديمقراطية والسيادة على القرار من قبل منتسبي الاتحاد كاتحاد أو كقطاعات وبتحول العمل النقابي في هذه المنظمة إلى عمل تتحكم فيه في الأخير الولاءات السياسية والانتماءات الجهوية وحتى القبلية. وستبقى هذه الأذرع فاعلة في الوضع النقابي مادامت الشريحة البيروقراطية الفاسدة مركزيا وجهويا وقطاعيا متحكمة في كل مجالات التدبير داخل هذه المنظمة ومادامت قوانين الاتحاد [ نظامه الداخلي وقانونه الأساسي ] على حالهما.
المليشيات النقابية منتوج القيادات البيروقراطية وحركة نقابية نشأت مرتبطة ولا ديمقراطية من يومها الأول قبل أكثر من 70 عاما ولا يمكن إزاحة هذه الميليشيات وتنظيف الساحة النقابية منها دون إزاحة وتنظيف الساحة من أعرافها وحماتها: الفاسدون البيروقراطيون.
أما مسألة الموقف من الإسلاميين المنتمين للاتحاد فإني أرى أن الهيئات التنفيذية الحالية ليست بقادرة على الخوض فيها علنا أو تحقيقها عدى بعض الكلام الذي نسمعه هنا وهناك والمتعلق بضرورة منع وصول الإسلاميين لهياكل الاتحاد.
فالإسلاميون ولئن مثلوا أقلية في انتخابات المؤتمر العام الفارط و كذلك أقليات في مؤتمرات الاتحادات الجهوية ومؤتمرات القطاعات فإن لهم تمثيلية تطورت على ما كانت عليه في مستوى النقابات الأساسية في كثير من القطاعات وهو مؤشر على أن استراتيجية منع الوصول هذه بدأت تصطدم بالفشل.
خطاب "ضرورة منع وصول الإسلاميين إلى هياكل الاتحاد" خطاب سيبقى خطابا أجوف بلا مصداقية بما أنه لن يترافق مع عملية تصحيحية شاملة للعمل النقابي داخل هذه المنظمة عملية تجعل بالفعل من هذه المنظمة منظمة عصية عن هيمنة حركة النهضة لكن كل المؤشرات تدل على أن ذلك سيبقى مجرد أمنية جميلة بالنظر إلى السياسات والتوجهات القائمة الآن فالقيادة البيروقراطية للاتحاد يبدو أنها لا تتقاسم كثيرا انشغالات جزء من الهياكل النقابية القطاعية والجهوية التي يؤرقها تواجد الإسلاميين في بعض الهياكل النقابية وإمكانية تعزيز هذا التواجد في المستقبل فهذه القيادة التي لا ترى الحركة النقابية سوى حركة مساهمة مع الدولة والأعراف الرأسماليين ستتخلى عن سياسة "منع الإسلاميين من التواجد في هياكل الاتحاد" حين يصير ذلك واقعا مفروضا وهو وضع لاشك خططت له النهضة وتقدمت فيه شوطا مع تبينها استحالة بعث تنظيمها النقابي الخاص بها.
منظمة نقابية تختصر كل عفن الدولة البيروقراطية وأحزابها وجمعياتها البيروقراطية وتغديها ستعجز دون شك عن صد عمليات اقتحامها من الداخل من قبل العنكبوت والجراد والجرذان وللأسف هذا ما لن يهتم به التشكيل البيروقراطي من النقابة الأساسية إلى المكتب البيروقراطي المركزي في كل القطاعات المهيمن الآن والذي يؤسس لكل هذا الخراب الذي لن يدفع ثمنه سوى الشغيلة.
ــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
27 سبتمبر 2017