محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 22:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صحيح، أولئك الذين يروضون الأسود والفيلة والقرود، كي يخلقوا بهم الفرجة في عروض السيرك، هم قساة جدا، إنهم يخضعون هذه الحيوانات منذ الصغر لتمرينات قاسية جدا فيها الكثير من الألم والعذاب، وهذا طبعا لا يلاحظه المتفرج، وإلا فلن يسمح بذاك التعذيب، وسيفلس صاحب السيرك!
لكن ما يهمنا أكثر، هو موقف تلك الحيوانات المسكينة، فرغم المعاناة والألم اللذان يعيشونهما، إلا أنهم لن يتخيلوا أبدا الحياة دون هذه المعاناة والألم، لأنهم لم يخبِّروا حياةً مغايرة، لقد فتحوا أعينهم على العذاب، فحتى لو أتيحت لهم فرصة الهروب من المروض، فربما لن يغامروا، لأن الإنعتاق من تلك القيود والتحرر يعني بالنسبة لهم الضياع والعمى والمستقبل الحالك المروع!
نفس الشيء لبعض الشعوب، السعودية مثلا، من أعتى الديكتاتوريات في العالم، قانون الغاب يحكمها، إعدامات وقطع أياد وتكبيل النساء وتحريم الموسيقى والغناء وكل ما هو جميل، شعب يعيش في الظلام وقد ألفه، شعب مثقل بالأغلال فما عاد يستشعرها، والأنكى من ذلك، شعب يلعن الضوء إذا ما اقتحم فجأة ظلمة سردابه، يلعن نسيم الحرية إذا ما فاح خفيفا قرب أنفه!
ماذا حدث بالضبط!
شباب وشابات يرقصن على أنغام موسيقى وطنية احتفالا بعيد وطني! لقد سمحت الدولة فعلا بهذا التجاوز، لكن الشعب لم يألف هذا فاستشاط غضبا، لقد خافوا على الأخلاق من الضياع، ارتاعوا من الحرية واعتبروها ظلالا، وطالبوا بإعادة تفعيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقد طالبوا باستعادة جلادهم بعد أن تم تعطيل عمله! وأطلقوا حملة هاشتاج واسعة تحت إسم #الشعب_يريد_عودة_الهيئة
إنهم شعب مروض فعلا ولا عجب! فربم الأمريكان والأروبيون أيضا يسخرون من تخلفنا وجهلنا كما نسخر من الشعب السعودية، شعبنا أيضا ألف هذه الظروف ويخشى استبدالها بغيرها، المستقبل دائما مروع، والحكام يعجنوننا كما يشاؤون!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟