عبدالكريم العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 5617 - 2017 / 8 / 22 - 21:23
المحور:
الادب والفن
حتى الآن، ما زالت محنة الغياب في أطوارها الأولى، خسارتك التي ظننتُ أنها مضتْ باتجاهِ النسيان تركتْ كلّ أسئلتها في رأسي، فأعراس ذلك النهار ظلت فاجعة بالغة الحزن، تجرَّدت عن سوء الطالع ونزلت عند رغبة الرصاص، ثم بادرت بتحبير نهايتك، كأنَّها قطعت أميالاً قبل أن تقوم بهذا المسح الدموي، وتصنع جرْدةَ حساب لأحلامك، قبل أن يختم الوحش شعاره القبيح: يجب أن تموت!
ترى مَنْ ينسى الآتين من بذور القمر كمعزوفة فتية في لحنها الأول؟ وكم كنّا نتشابه معاً في التجاعيد، وفي كل حفنة بكاء تنحو باتجاه المنديل، لتدقق في حكمة الخراب، ولكن، ها نحن وصلنا الى التوقّف المحتوم، الى ذلك الحنين المشوب بخطورة المواجهة، فبيننا يا "كامل" ارتباط لا فكاك منه في مواجهة معزوفة خراب وطن.
حسبي أنك طويت خمسة وعشرين عاما من الهجرة وفتحت فصلا آخر واستجبت إليه، لم تكن مغامرا، لم تتخيل عودتك نزهة، ولم يأخذك إليها حماس رومانتيكي، لقد شعرت فقط أنك مدعو الى المجهول، قبالة موت جارف، وشيك وعبثي. حقائق يمتزج فيها الموت بالحياة ويتلازمان في كل لحظة. الموت في بغداد يسعى إلى الناس، فيما تتواصل الحياة مذعورة منه أحيانا، ولا مبالية إزاءه في أغلب الأحيان. كم بكيت في سرك حزنا على مشاهد الدماء المسفوكة في كل مكان؟
ولكن كيف يكون الرهان إذن؟ والماضي هو الذي يحرك كل شيء بآلية عجيبة، ماكنة صدئة أدركت يا "كامل" عطلاتها، ونبهت إلى مساوئها منذ وقت مبكر، وها هي بكل جنونها جاءت اليك، وقفت قبالتك وفرضت عرفها القبيح، رصاصة غدر حمقاء في مواجهة حلم. هل كانت تحتاج الى حرب كي تغدو بشعة؟ يكفي بشاعتها أنها قتلتك.
#عبدالكريم_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟