رأي حول الاستفتاء في أقليم كردستان
سعد محمد حسن
2017 / 8 / 1 - 09:53
رأي حول الاستفتاء في إقليم كردستان
منذ أن حدد مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته موعد الاستفتاء المزمع أجرائه في 25 أيلول القادم والذي يشكل نقطة البدء في تحديد مصير الإقليم و طبيعة شكل العلاقة بينه وبين الحكومة المركزية فأنه قد أثار العديد من ردود الأفعال والمواقف المتباينة والمتناقضة ليس في داخل الإقليم أو خارجه بل وكذلك من دول إقليمية وعالمية التي ما انفكت تمارس العديد من الضغوط للحيلولة دون أجراء الاستفتاء أو تأجيله على أقل تقدير , فإيران على سبيل المثال ترفض هذا الأجراء لما قد يشكله انفصال كردستان عن العراق دافع قوي لأكراد إيران لتعزيز كفاحهم على طريق نيل حقوقهم القومية , فيما أن موقف تركيا الحليف القوي لمسعود برزاني الساعية لإقامة تحالف سني يضم بالإضافة لها إقليم كردستان دول الخليج في مواجهة مطامح إيران ومشروعها في أقامة هلال شيعي في المنطقة يمتد إلى البحر الأبيض المتوسط ضمانا لمصالحها الحيوية لذلك فأن تركيا ومن هذا المنطلق فهي لا تخفي تأييدها المعلن لمسعود برزاني على الرغم مما تشكله قيام دولة كردية مستقلة عن العراق من تهديد حقيقي لوحدة أراضي تركيا ومع ذلك فأن أي نظرة عقلانية لحل المسألة الكردية في العراق تستلزم التأكيد على المسائل التالية
أولا :
لا شك فيه أن من حق شعبنا في إقليم كردستان في تحديد شكل العلاقة مع الحكومة المركزية , أما الانفصال وتأسيس الدولة القومية الخاصة به أو البقاء ضمن حدود الدولة العراقية و تمتين النضال المشترك بين مكونات المجتمع العراقي لضمان كامل الحقوق و المكتسبات التي تحققت له بفعل الدماء التي سالت من أجل الظفر بتلك الحقوق والعمل على تمتين أواصر الأخوة بين العرب والأكراد وبقية مكونات المجتمع العراقي ونبذ روح التعصب والكراهية والسعي الجاد والمخلص لتطوير الحياة السياسية وترسيخها على أسس ديمقراطية سليمة وصولا إلى بناء دولة حقيقية قائمة على المواطنة المتساوية وضمان حقوق جميع العراقيين كمواطنين دون تمييز قومي أو ديني أو طائفي وغير.
ثانيا
أن هذا الموقف لا يعني التغاضي أطلاقا عن الهدف الحقيقي وراء مسعى العائلة البرزانية الحاكمة ( التي تشابه ,إلى حد كبير عائلة الدكتاتور صدام حسين أثناء حكمه بامتيازاتها واحتكارها المناصب الحيوية والمهمة في الدولة ) في دعوتها لإجراء الاستفتاء لذلك فأن الهدف وراء دعوتها بات واضحا هو لضمان بقائها كسلطة حاكمة لأطول مدى ممكنة , خاصة وهي تواجه موجة من السخط والاحتجاجات الشعبية ضد سياستها جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة وسوء إدارة الدولة وتراجع الخدمات ونهب موارد البلاد وتفشي الفساد وغيرها , ولا شك من أن سلطة العائلة الحاكمة أرادت من وراء الاستفتاء واستغلالها لعواطف الشعب وحقه الطبيعي في تقرير مصيره لغرض تعزيز مصالحها وسلطتها وليس لتحقيق طموحات الشعب الكردي الحقيقية
ثالثا :
تجدر الإشارة من أن الدعوة إلى أقامة الاستفتاء تأتي في ظروف غير طبيعية حيث الحرب على داعش ما زالت قائمة وقد يؤدي ذلك إلى أضعاف جبهة الحرب, كما وقد يشكل مبررا لتدخل إقليمي واسع ليس من إيران وتركيا التي لا تخفي مخاوفها بل وأيضا من دول إقليمية أخرى تسعى لوضع العراقيل أمام أي تطور لاحق في العراق قد يؤدي إلى تغيرات سياسية في المنطقة وربما قد تصل الأمور إلى تدخل عسكري يكون الشعب الكردي بالنتيجة الخاسر الوحيد فيه وستتعرض مكتسباته التي تحققت إلى الانهيار تماما
رابعا :
إضافة لما قد يؤدي ذلك من تأجيج لروح الكراهية القومية بين العرب والأكراد وباقي مكونات المجتمع العراقي الأخرى في كركوك وبغداد وبعقوبة وغيرها من المدن التي تتسم مجتمعاتها بالتعدد القومي والديني مما قد يؤدي إلى صدامات ومعارك يكون ضحيتها أبناء المجتمع العراقي بكل مكوناته