|
الاستحقاقات ..والمحاصصة ..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1452 - 2006 / 2 / 5 - 10:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حتى اللحظة لم تعلن نتائج الانتخابات النهائية ، رغم مرور أكثر من شهر ونصف ، وهذا يضيف برهانا جديدا ، على أن الانتخابات ليس لم تكن نزيهة فقط ، وإنما تعني أن الحكومة الجعفرية ، لم تكن قادرة على حماية أمن المواطنين وصناديق الانتخابات ومراكزها ، كما وإن المفوضية العليا " المستقلة "للإنتخابات في مأزق حقيقي ، نتيجة لتدخلات القوائم الكبيرة في تغيير النتائج الانتخابية ، الله وحده ، والراسخون في العلم ، وحدهم القادرون على التكهن متى يمكن الخروج من هذا النفق الذي دخلته الانتخابات ونتائجها ، وانعكاساتها على الوضع العراقي البائس.. هذا المأزق يعتبر أحد الأسباب المهمة التي حالت دون اجتماع المجلس النيابي الجديد لممارسة صلاحياته ، ولهذا السبب تعذر على القائمة الفائزة تسمية رئيس الوزراء القادم ، وإن كان الاختلاف بين قوى الائتلاف الشيعي ، على تسمية المرشح لهذا المنصب ، ما زال قائما أيضا. هذه الإشكالية تعتبر من إفرازات ضعف الحكومة السابقة ، وفشلها في تحقيق المطالب الأساسية التي تعاني منها أكثرية الشعب العراقي ، وهنا ، لا يمكن إقصاء الخلافات الجدية التي شابت أعلى هرم الدولة ومؤسساتها، بين التحالف الطائفي ـ الشيعي ، والقومي ـ الكوردي ، فالخلافات بينهما هيمنت على أداء الحكومة السابقة ، وحالت دون إصلاحات حقيقية لأجهزة الدولة ، وأسلوب عمل هذه الأجهزة ، مما انعكس لاحقا على تعثر العلاقة بين الأطراف المؤثرة في تشكيل الحكومة الجديدة ، وعموم الساحة السياسية والقوائم التي تمثلها ، بحجة ترتيب الأوضاع الداخلية للمتحالفين فيما بينهم ، وهذا ما حال دون الشروع في تشكيل الحكومة الجديدة حتى اللحظة . الأوضاع الأمنية العراقية ، والحالة المعاشية والاقتصادية ، متدهورة ، وتتدهور أكثر، يوما بعد آخر ، كان هذا منذ أن تشكلت حكومة الجعفري في العام الماضي ، وبوجود الجمعية الوطنية ، أما الآن فالعراق يعيش في البرزخ ، فلا جمعية وطنية ولا مجلس نيابي ، والحكومة ورجالها بمنجى عن الحساب أو المتابعة ، سواء عن أدائها للسنة الماضية ، أم عن الفترة التي انتهت بها ولايتها ، فحكومة تصريف الأعمال الحالية ، هي نفسها حكومة الجعفري ، لم يتغير منها سوى اسمها ، أما الأداء ففي انحطاط وتدني ، وشخوصها تشغلهم عن الشعب والوطن ، هموم المواقع والمراكز في تشكيلة الحكم الجديدة ، للحصول على مواقع تنسجم مع نضالاتهم ، في الحكومة السابقة ، ومركز سيادي جديد يتبوءونه ، تحت الشمس العراقية ، التي لم تعد تلهب الضمائر " الوطنية " ، كسابق عهدها ، نتيجة للخرق الحاصل في طبقة الأوزون " الطائفي والعنصري " ، والمتعذر رتقه على راتق في تشكيلة حكم طائفية ـ عنصرية ، وفق مبدأ المحاصصة ، فشلت حتى الآن في توفير أمن ، نتمنى أن نراه ، كما هو عليه الحال في الصومال أو دارفور . الدعم الذي تبذله السفارة الأمريكية ، ونصح رئيس هيئتها زلماي خليل زاده ، للمعنيين ، بتشيكل حكومة " وحدة وطنية " وفق المقاسات التي وضعها ، طيب الذكر بريمر ، واعتلى عرشها " المرحوم مجلس الحكم " لا زالت قيد اجتماعات ومناقشات ، ورحالات مارثونية ، بين بغداد وعاصمة الإقليم الكوردي ، وبين مقرات وسكن أقطاب الحكم في المنطقة الخضراء ، جعجعة دون طحن ، وابتسامات لا تغني ولا تدلل عن تذليل ما يعترض طريق الاتفاق من صعوبات ، خصوصا وكل طرف من الأطراف الزاحفة نحو السلطة ، له مطالبه وفهمه الخاص لحكومة الوحدة الوطنية ، كما لكل منهم اشتراطاته على من سيدخل في هذه الحكومة ، فبغض النظر عن عدم اتفاق الجميع على مفهوم واحد لهذه الحكومة " الوطنية " إلا أن الفائزين الكبار يرون أن أي اتفاق على هذه الحكومة ، يجب أن لا يخرج عن الاستحقاق الإنتخابي ، كما أن الاستحقاق الانتخابي يجب ألا يتعارض مع مفهوم الاستحقاق الوطني ، وهذه معادلة يصعب فهمها ، دون الرجوع إلى مبادئ المحاصصة الطائفية والقومية التي تأسس عليها مجلس الحكم ، ومن هنا يتضح أن حكومة الوحدة الوطنية ، هي نسخة طبق الأصل من مفهوم الحكومة السابقة ، التي أطلق عليها السيد الجعفري ، عند تشكيلها اسم حكومة وحدة وطنية ، فالسيد فؤاد معصوم صرح بأن رئاسة الجمهورية للكورد ورئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة ، ويبقى حال نواب الرئيسين كما كان عليه الحال السابقة . وهناك اشتراطات أخرى لأطراف لا تقبل المساومة ، بغض النظر عن وجود الأكفأ أم لا ، فمثلا الجانب الكوردي يقول على لسان مفاوضه السيد فؤاد معصوم :" لم يتم حتى الآن تحديد الحقائب ولمن ستمنح ، لكننا واضحون في مطالبنا بوزارة الخارجية كوزارة سيادية .." أما الوزارات الأخرى كالتخطيط والنفط والمالية والداخلية والدفاع ، فهي موضع تقاسم وتوزيع مع الائتلاف الشيعي ، والأخير تعتبر مطالبه حدية وواجبة النفاذ بالنسبة لهذه الوزارات السيادية ، التي يطالب بها ، ولا يمكن التنازل عنها . هذا ما سيكون عليه حال حكومة الوحدة الوطنية ، التسمية تمثل فخا للقوى السياسية خارج إطار التحالف الكوردستاني والائتلاف الشعي ، إذا ساهمت بالحكم وفق هذا المنطق ، خصوصا إذا علمنا أن هناك اشتراطات أخرى ، تمثل نكوصا عما اتفق عليه قبل إقرار الدستور في مرحلته الأخيرة . توزيع المناصب وتقاسمها وفق ما تقدم ، لم ولن يخرج عن إطار المحاصصة الطائفيةـ العنصرية التي رسمها الاحتلال الأمريكي ، وما سينفذ بهذه الصيغة لن يحقق مصلحة الشعب والوطن . فنجاح أي محاولة لإشراك القوى السياسية الأخرى في الحكم ، يعتبر شهادة زور وتحميلها مسؤولية ماسيحصل لاحقا ، الهدف منها تجميل الواجهة الاحتفالية ، وديكور تزين بها واجهة القرارات المصيرية التي سيتم تقاسم العراق بها ، عن طريق إضفاء طابع التوافق أو الإجماع الوطني . الحديث عن حكومة وحدة وطنية بهذا الشكل ، ما هو إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، وترضية لغرور البعض ممن وصلوا إلى موقع المساومة ، الغرض الحقيقي هو تغطية لفرض واقع تقسيم وتجزئة العراق ، في ظروف غير اعتيادية يمر بها الوطن ، مغيبة فيه مصلحته العليا . حكومة الوحدة الوطنية ، في الظرف العراقي الراهن ، تعني حكومة ائتلاف قوية ، لقوى سياسية وطنية متعددة الاتجاهات ، كما تعني حكومة تصالح وإنقاذ وطني ، تعلن وتنفذ برنامجا سياسيا متفق عليه مسبقا ، هدفه إصلاح ما أفسد البلد وإعادة الأمن والاستقرار إليه ، دون اشتراطات لهذه الفئة أو تلك ، في شغل هذا المنصب أو ذاك . ما يضع العراق على طريق بداية صحيحة لحل مشاكله ، هو تشكيل حكومة تكنوقراط غير مسيسة ، مسؤولة أمام المجلس النيابي الجديد
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليوم الشهيد ..تحية وسلام ..! - بمنايبة يوم الشهيد الشيوعي
-
الرصافي شاعر التحرر..يحاول إيقاظ الرقود ..!
-
الانتخابات ...وتقرير البعثة الدولية لمراقبتها...!
-
أيها العراقيون ..لا زال العراقي الفيلي مهَجرا..!
-
عندما يتحول البغض إلى حب ..!
-
من أجل من ..صلاحيات رئيس الجمهورية ..!
-
تأبين الشهداء ..والحزب الشيوعي ..!
-
المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!
-
الديموقراطية والاستحقاق الانتخابي ..!!
-
أين الديموقراطية ..؟ تضامنا مع سجين الفكر والرأي الدكتور كما
...
-
الشعب العراقي جدير بالديموقراطية ..ولكن ..!
-
البصرة - تتونس - وكركوك تدفع الخاوة ..!
-
السيادة وقوات الاحتلال ..!!
-
الفساد..وفضح الحرامية..!!
-
فرهود ..!
-
الحوار المتمدن ضرورة لواقعنا ..!
-
هل سجن الجادرية بداية الحلم ..؟
-
من يستحق تمثيلي غدا- ..؟؟/ حمى الإنتخابات ..!
-
هل سيتم توطين الفلسطينيين في كوردستان العراق ..؟
-
هل مؤتمر الوفاق بداية الحل..؟
المزيد.....
-
تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد
...
-
قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
-
وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا
...
-
مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو
...
-
الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر
...
-
مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
-
شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها
...
-
-نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام
...
-
ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
-
الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|