محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 00:44
المحور:
الادب والفن
من الصعب أن تقف علي عتبات عقلك وتقرأه وتحاوره , وتذهب إلي مذاهب شتي تفوقت عليك , أو تفوقت عليها وانتصر عقلك المفرد , لتحطم إيديولوجيا , وتنشئ لذاتك إيديولوجيا جديدة من نوع آخر , لاتهوي أن يتبعها من هو خارج عن إطار ذاتك , ولا تأبه لمن ينتقدها او يحقرها ويذدريها , فأنت في هذه الحالة تكون قد أدركت ذاتك , ووهبتها طرائق الإلهام , وأطلقت لها عنان العقل المجنون , ورياح الجنون العاقل .
إذا كنت كذلك فأنت دالياً تقترب من جدارة عقل دالي المتوهج للجنون العاقل .
يوميات دالي كما وصفها مايكل ديون :صفحات هدامة , في رأي غير العليم .
ولما لا ودالي ذاته قال عن نفسه : الفرق بيني وبين المجنون , أني لست مجنوناً .
إستهلال سلفادور دالي لكتابه يوميات عبقري بجملة لميشيل دي مونتان : هناك فرق بين إنسان وآخر , أكثر من الفرق بين حيوان وآخر من نوع مختلف .
هكذا بدأ دالي إستهلال كتابه بهذه الجملة المثيرة للإمعان في التفكير وسبر أغوار ما يرمي إليه سلفادور دالي الذي يعرف العبقري المعاصر الحقيقي , بأنه عبقري النظام الروحي العظيم لعصرنا , فهو أكثر تطبيفاً حين نطبقه علي أولئك العباقرة مثل رفائيل , الذين يجسدون عبقرية عصر النهضة .
وعن يومياته يقول دالي : لا أستطيع أن أقول كل شئ اليوم , ستكون هناك صفحات محذوفة من هذه اليوميات التي تغطي الفترة من 1952 حتي 1963 من حياتي السرية . ويستكمل , فسنوات محددة وأيام محددة سأحتفظ بتفاصيلها غير منشورة في الوقت الراهن , فالمجتمعات الديمقراطية غير مهيأة بعد لنشر مثل هذا البوح العاصف الذي إعتدت عليه .
واللافت للنظر أن سلفادور دالي يتحدث هذا الحديث الجنوني اللائق لجنون العبقرية , وعبقرية الصمود والتحدي للتقاليد الملكية والكنسية في مجتمع يعود تاريخ كتابة هذه السطور إلي 1952 حتي 1963 , في الفترة التي كانت مصر تتحلل من التقاليد الملكية لتنتقل إلي مرحلة ثورية , ثار حولها الجدل حينها ومازال حتي الأن !
وسيظل سلفادور دالي رائد مدرسة الجنون العاقل ..
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟