وسقط سر إستفتاء البرزاني
سامان كريم
2017 / 7 / 1 - 02:47
وسقط سر إستفتاء البرزاني
سامان كريم
خلصت الجزء الاول من بحثي حول " سياسة الشيوعية تجاه استفتاء البرزاني و الدولة الكردية" و نشرته باللغة الكردية و بدأت بالجزء الثاني حين جاء مقال للسيد مسعود البرزاني في جريدة " واشنطن بوست" الامريكية و ترجم الى العربية و الكردية من قبلهم . حيث قال البرزاني " ان اعلان توقيت وطريقة استقلالنا بعد الإستفتاء سوف يكون بعد تفاوضات ومشاورات واسعة مع بغداد ومع الدول الجارة والمجتمع الدولي، وسنكون عمليين مع بغداد، ونقترح بأن يتم منح فرصة لسكان المناطق المتنازع عليها لتحديد مستقبلهم بطريقة ديمقراطية، بعدما رفضت الحكومة العراقية تطبيق مادة دستورية وهي المادة 140، لأن آخر ما نريده هو نزاع اقليمي طويل الأمد مع العراق قد يؤثر على علاقاتنا المستقبلية."(موقع روداو التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني). جاء هذا المقال من قبله من قبل قائد الحركة الكردية او قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني وصاحب مبادرة الاستفتاء, قلت أنه اي السيد البرزاني اسقط كل اوراقه السياسية عبر هذا المقال. اسقطها رغماً عنه امام الجماهير في كردستان. لانها كانت امام الحكومات والدول في العالم والمنطقة سياسته معلومة. سياسة " الإلهاء" الهاء الجماهير وابعادهم عن قضاياهم الرئيسة: قطع الرواتب, البطالة, فقدان الوظائف, انعدام التوظيف, قطع الكهرباء, الفقر و المجاعة, و الصراع بين الاحزاب القومية الكردية, واستمراره في السلطة بصورة غير قانونية, مشاكل المناطق المتنازع عليها.... مشاكل ومشاكل. سياسة الالهاء خصوصا بعد سقوط داعش, واقصد سقوطها عسكريا فقط.
الجماهير في كردستان تهدف الى الاستفتاء في سبيل الاستقلال و بناء الدولة في كردستان. اما البرزاني فقد حول الاستفتاء بحد ذاته الى سياسة الى هدف استراتيجي سياسي في سبيل اخفاء كل هذه القضايا انفة الذكر, وفي سبيل تتويجه كبطل للحركة القومية وخصوصا هو ينوي عدم ترشيح نفسه مرة اخرى. حول الاستفتاء الى سياسة بحد ذاتها... مما يعني ان امام الجماهير في كردستان ليس الاستفتاء بل هدف سياسي واضح يقوده السيد البرزاني و حزبه. في مقاله الانف الذكر كشف رغما عنه هدفه السياسي بصورة واضحة. رغما عنه لان طرحه وحركته السياسية غير مقبولة لدى الجميع بما فيها امريكا و تركيا و ايران وقد رفضوها بشكل واضخ وعلني... عليه وبرأيي كتب هذا المقال لكي يطمأن تلك الدول وقادتها. فحوى هذا المقال هو ليس توضيح سياساته خصوصا فقد نشره في جريدة امريكية ذائعة الصيت, بل لاطمئنان اصدقاءه في قيادات هذه الدول.
الاستفتاء هو الية عملية لتحقيق هدف سياسي ما : انفصال او تغيير العملة مثلما جرى في اوروبا , او لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي مثلا, او لاستقلال كيوبيك من كندا....الخ. عند البرزاني تحول الاستفتاء الى سياسة لانه وخلال اربع سنوات ماضية لم يقدم اي شئ لجماهير كردستان, سوى قطع الراتب, زيادة الفقر و قطع الكهرباء ناهيك عن تهيئة الارضية مع دول المنطقة لسيطرة داعش على الموصل و شنكال... ومن جانب اخر لانه تحت ضغط داخلي ودولي شديد حول بقائه في السلطة واستمراره رغم اتمام مدته القانونية قبل سنتين... عليه حول الاستفتاء الى سياسة بحد ذاتها . لانه لن يعمل بنتيجته. لن يعمل بصوت الجماهير بل ليحفاظ عليها في جيوبه وعلى الرفوف في سبيل الضغط على الاخرين على بغداد ودول المنطقة و القوى العراقية الاخرى من الاسلام السياسي و القومية العربية ....
السيد البرزاني كتب ذلك المقال لكي يسجل انه لا يعمل بنتيجته وبهذا سقط رهانه. هو يقول "" ان اعلان توقيت وطريقة استقلالنا بعد الإستفتاء سوف يكون بعد تفاوضات ومشاورات واسعة مع بغداد ومع الدول الجارة والمجتمع الدولي..." بعني بعد الاستفتاء اذا تم في توقيته او اذا تم اصلا, سيقول لجماهير كردستان شكرا لكم وان اصواتكم في آمان و محفوظة في اللوح المحفوط, واستعملها في المفاوضات مع العبادي او المالكي او اي رئيس وزارء اخر, واستعملها للضغط على بغداد, للضغط على القوى الاخرى . لانه يجري مشاورات واسعة مع بغداد!! اين حق التصويت وحقوق الجماهير في الاستفتاء اذا السيد البرزاني يستعمله في المشاورات والمفاوضات, لا لإعلان دولته الكردية, التي ربما اتفاقية اوسلو و المفاوضات التي تلتها كانت حفلة العرس مقارنة بهذه التي يجريها السيد البرزاني مع القوى الرجعية الاسلامية و القومية حول كركوك و شنكال و طوز وووو.... او حتى على الاستقلال في المناطق الحالية اي المدن الاربعة ... ومشاورات مع اوردوغان و خامنئي؟!! مشاورات و مفاوضات سهلة!!! عجيب ولكن ليس غريبا, على قائد الحركة الكردية.
اذا السيد البرزاني يريد المفاوضات و المشاورات مع بغداد و تلك الدول الرجعية حتى النخاع وتلك القوى الرجعية الاسلامية والقومية الشوفنية العربية من امثال اصدقائه النجيفي و المطلك و السيد الحكيم والمالكي .... ومع اوروبا و امريكا والسيد ترامب. اذا يريد مشاورات مع كل هذه القوى ... لماذا الاستفتاء اذن؟! لماذا تعبئة الجماهير وتحميقهم الى جهة معاكسة؟!
ان مقاله كشف وبالمطلق اننا لسنا امام الاستفتاء لا لأستقلال كردستان و لا لاي شئ اخر بل نحن امام حركة سياسية كبيرة يقودها بارزاني لتتويج ذاته كقائد للحركة التحريرية القومية الكردية!! ولو لم ولن يكون فيها اية تحرر, و اخفاء كل التاريخ الماضي للحزب الديمقراطي الكردستاني وتصوير نفسه وذاته وحزبه كمحررين للهوية القومية الكردية على الاقل في صفوف الحركة القومية الكردية.
يعني بعد الاستفتاء يظل الصراع القومي قائما بل يتعمق ويشتد كما جاء في مقاله وهو يقول انه سيتشاور مع بغداد حول المناطق المتنازع عليها, يعني ذلك بقاء المشاكل والقضايا الموجودة حاليا... حينذاك بامكان البرزاني ان يقول ان كل شئ بما فيه الفقر و المجاعة و قطع الرواتب كلها من بغداد, وبغداد هي المسؤولة عن قطع الكهرباء و... هذه الاقاويل تبقى في مكانها بل بالعكس ربما تشتد. والبرزاني يتعامل مع الاحزاب الرجعية هو وحزبه مع الاسلام السياسي و القومية العربية, عليه ربما تتحول المشاورات و المفاوضات حول كركوك وشنكال والحويجة و طوز الى اقتتال قومي كبير, حينذاك السيد البرزاني يقول لنا, ان بغداد مسوؤلة عن هذا الخراب والدمار والاقتتال وخصوصا ان الحشد الشعبي يمسك بجنوب وغرب شنكال ومناطق اخرى في اقليم كردستان.... كل هذه الاقاويل سوف تستمر وبشكل اعنف... نحن امام عملية سياسية كبيرة. عليه وبغض النظر عن موقفنا من الدولة الكردية المزعم تشكيلها , اوكد وبغض النظر عن هذا الموقف , يجب إفشال هذه السياسة بإعتراضات و احتجاجات جماهيرية مؤثرة. يجب افشال هذه السياسة في سبيل بقاء الاستفتاء في مكانه و بقاء هذه الورقة لصالح الجماهير في كردستان..... اذا كانت الجماهير في كردستان تهدف الى تنظيم استفتاء حول بقاءهم كمواطنين متساوين في الحقوق او عدم بقائهم في العراق, عليها ان تنظم حركتها. حركتها مخالفة ومختلفة مع حركة البرزاني, حركتها تهدف الى استفتاء فعلي وواقعي لتحقيق الهدف السياسي المعلن. القوى التي تشارك السيد البرزاني في هذه الحركة السياسية الاعوجاجية الخطيرة, سيكونون مسؤولون امام التاريخ .30.6.2017