|
عيْنَاها متاهَةٌ
كمال التاغوتي
الحوار المتمدن-العدد: 5555 - 2017 / 6 / 18 - 02:51
المحور:
الادب والفن
لَيْسَ لِعَيْنَيْهَــا سَقْفٌ
تَــزْرَعُ فِيهِ الشَّمْسُ تِبْغَــهَــا،
لَيْسَ لِعَيْنَيْهَــا شَــاطِئٌ
تَصْقُلُ فِيهِ الأَمْوَاجُ نِصَــالَهَــا،
لَيْسَ لِعَيْنَيْهَــا أسْــوَارٌ
تَــذْخَــرُ فِيهِ الطُّيُـوـرُ أَجْرَاسَهَــا،
فَــهُــمَــا تِيــهٌ مَــحْضٌ كَالغَمَــامِ
كَــجُــنُـــونِ النَّـــارِ
كَــانْــفِجَــارِ الشَّـــقَـــائِقِ
وَهْيَ تَفْــتَــضُّ أَخْتَــامَ الرَّبِيعِ،
حَسْبِي هَــذَا المِعْرَاجُ الأَبَــدِيُّ
فِي أقَــالِيمِ الهُــلاَمِ؛
عَيْنَـــاهَــا أَبْعَــدُ مِنْ زَفْــرَةِ الفَــجْرِ
ورَصِيفِ الشَّــارِعِ المَقْبُــورِ
تَــحْتَ حِــذَاءِ الجَلاَّدِ،
مَــا زَالَ الجَــلاَّدُ
يَشْغَــلُ صَــدْرَ الصُّحُفِ
مَــا زَالَتْ أَنْيَـــابُهُ
تَــكْتُمُ أَنْفَـــاسَ البَــحْرِ
فِي أَغْوَارِ الصَّدَفِ،
يَــا تُرَى مَــاذَا عَسَــاهُ خَبَّــأَ فِي هَــاتِيكَ الجِرَارِ
وشَــرَايِــينِ الشِّرَاعِ المَقْهُــورِ؟
لِلَّهِ دَرُّ الوَرْدِ
أَفْشَـــى دُونَ لِجَــامٍ كُلَّ أسْرَارِنَــا:
عِشْقَــنَـــا الأَعْــمَقَ لِلشَّايِ
وَهْــوَ يُــطَــاوِلُ جُرْحَ الغُــرُوبِ،
بَــحْثَــنَــا الأَشْمَــلَ عَــنْ نَــافِــذَةٍ
فِي جُــدْرَانِ اللَّــيْلِ،
جُــوعَــنَــا الدَّائِمَ لِلْــحُلْمِ
وَهْــوَ يُــكَرِّرُ أَوْجَــاعَ النَّـــايِ
السَّــاكِنَ كَالسِّكِّينِ نَبْضَ القُــلُوبِ ...
لِلَّهِ دَرُّ الوَرْدِ المِهْــذَارِ
كَمْ نَسَجَتْ أَوْرَاقُهُ مِنْ حِكَــايَــاتٍ
حَــوْلَــنَــا، حَــوْلَ اخْضِرَارِ الثَّلْجِ
تَــحْتَ خُــطَــانَــا،
يَــهْذِي، يَــعْوِي، يَــذْوِي،
يَسْقُــطُ فِي هــاوِيَــةٍ
مِــنْ مَـــهَــاوِي عَيْــنَيْـــهَــا؛
غَــوْرُ عَيْنَيْهَــا لاَ يُورَثُ
كَصَـــهِيلِ الخَيْلِ
بَيْنَ نَــهْدَيْهَــا،
وأَسَــى عَيْنَــيْهَــا لاَ يُــحْرَثُ
كَــمُذَابِ النُّــورِ
فِي شَفَــتَيْــهَــا،
فَــعَيْــنَـــاهَــا تَــخْشَــاهَــا السُّفُنُ
بَــيْدَ أَنِّي فِيهِمَــا أَبْحَثُ
عَــنْ رَصِيفٍ
فِيــهِ تَصْطَخِبُ الأَلْـــوَانُ
وَنُــذُورُ البَدْوِ والأَقْمَـــارُ
أَبْحَثُ عَنْ أَبْرَاجٍ تَــأْوِي إلَيْهَــا الأَوْتَـــارُ
حَــامِلاً مَــا فَــاضَ عَنْ مَـأْدُبَــةِ الغِزْلاَنِ
مِنْ تَــرَاتِيلِ العِشْقِ
سَأَظَـــلُّ العَـــاشِــقَ الذَّرِّيَّ
مَــا دَامَتْ عَيْنَــاهَــا مِرْجَــلاً،
سَــأَظَــلُّ الحَــالِمَ البَحْرِيَّ
مَــا دَاَمَتْ عَيْنَــاهَــا عَــاصِفَــةً،
سَــأَظَلُّ العَــاثِرَ الغَــجَرِيَّ
مَــا دَاَمَتْ عَيْنَــاهَــا قَــرْيَــةَ مِيلاَدِ الصُّخُــورِ؛
تَسْــأَلُــنِي عَنْ مَــدَارِ الشَّــوْقِ
فِي عَصْرِ القَصْدِيرِ المَصْقُــولِ؟
تَــسْأَلُنِي عَــنْ غَــرَضِ البَرْقِ
مِنْ فَــتْـــقِ الغَيْمَــةِ الحُبْـــلَى بالغَيْبِ
فِي عَصْرِ القَمَــرِ المَــنْحُــولِ؟
تَــسْأَلُنِي عَــنْ هَــذَا الحُبِّ
كَيْفَ يَــرْبُو فِي طَمْيِ الطُّغْيَـــانِ
وهْوَ مَخْلُوطٌ بِأَشْــوَاكِ الصَّلِيبِ؟
آهٍ يَــا مِيــنَـــاءَنَــا المُؤَجَّــلْ
آهٍ يَــا تَــنُّـــورَنَــا المُعَــجَّلْ
مَـــلَّــنَــا مِنْ دُونِ أنْ نَــمَــلَّهُ القَــهْرُ
وَوَصَـــلْنَــاهُ وقَــلاَنَــا الصَّبْرُ،
فَــمَــتَى يُبْطِــلُ رُقْيَـــاهُ هَذَا السِّحْرُ؟
ومَتَى يَخْتِصِرُ المَرْجَ المَسِيحُ
فِي رَغِيفٍ؟
وَمَــتَى تُــورِقُ أَكْفَــانُـــهُ عِطْرًا
يُــوقِظُ الزَّيْتُــونَ فِي كُلِّ نَشِيــدٍ؟
حِينَئِــذٍ يُصْبِحُ لِلْوَشْمِ حِمًى وقِلاَعُ
عَنْهُ تَــرْتَــدُّ رُبْــدَةُ الخَرِيفِ،
فَـــلاَّحِ الشُّحُوبِ
وصَــدِيدِ الفُصُــولِ؛
وَيْحِي كَيْفَ اصْطَــفَــتْنِي الرِّيحُ
مِنْ بَيْنِ الوُعُــولِ
لأَؤُمَّ الأَشْجَـــارَ الطَّــهُــورَ
فِي عَيْنَيْــــهَــا؟
أَنَّــى لِي بِصَـــلاَةٍ وَأَنَــا العَــالِقُ كَالظِّلِّ
فِي حَــدَقِ المِرْآةِ؟
كَــذَّبَ مِنْ قَـــبْلُ مِلْحُ الغُــزَاةِ
وَعْدَ الأرْضِ وإِصْــرَارَ السَّنَــابِلِ،
فَـــأَتَـــاهُمْ وَعْدُهَــا بَغْتَــةً
مِنْ تَــوَابِيتِ الفَحْمِ الغَـــائِرِ
فِي شَــرَايِيــنِ الجِبَـــالِ
وَأَتَـــاهُمْ صَــدُّهَــا
مِنْ أَنِيـــنِ النَّــهْرِ المَــاكِرِ
كِسَـــفًــا مِنْ صَــلْصَــلَةِ السَّــلاَسِلِ
وَأَتَـــاهُمْ صَــدُّهَــا
مِنْ أَهَــازِيجِ الرُّعَــاةِ،
إنَّ وَعْدَ الأَرْضِ قَــبْرُ
وأَنَـــاجِيلُ غَضبْ،
وَحَصَــادُ البَــغْيِ جِسْرُ
فَــوْقَ طَــاعُونِ التَّعَبْ،
إنَّ وَعْدَ الأرْضِ قَصْرُ
فِي مَيَــادِينِ السَّغَبْ؛
لَيْتَ لِعَيْنَيْــهَــا أَعْتَــابَا
تَسْكُــنُهَـــا الأَصْــدَاءُ
مِثْلَـــمَــا تَسْكُنُ أَضْــوَاءُ
نَــجْمٍ مَـــغْرُورٍ جُرْحَ المِيَــاهِ،
لَيْتَ لِعَيْنَيْهَــا أَبْوَابَــا
أَوْ شُبَّــاكًــا مَفْتُــوحًــا عَــلَى أَقْطَــارِ
المِرْآةِ الزّرْقَـــاءِ وَدَمْعِ الإلَهِ
فَيَـــخُطَّ الجَمْرُ دَرْبًــا
نَـــحْوَ فَتِيلِ الكَمَنْجَـــاتِ ...
#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الرِّئاسَةِ وَغْدٌ
-
عن الأقصوصة بقلم: ياسمين عياشي
-
حِذْوَ نِرْسِيس
-
مَلأَتْنِي حُبًّا
-
أَرْضُنَا
-
أما بِنعْمة ربّك فحدّث
-
أعشق فيك حريقي
-
جبران خليل جبران
-
سَرَقُوا أوجَاعَنَا
-
المُعَلِّمُ
-
أَيُّهَا القَلْبُ
-
القُطْبُ والمُرِيدُ
-
إلى عِراقِيَّةٍ
-
حَنْظَلَةُ
-
المَوْؤُودَةُ تُغْتَصَبُ مِنْ جديد
-
مَمْلَكَةُ النَّارِ
-
تَقَاسِيم
-
ذاكَ العُصْفُورُ
-
طَواحِينُ الهُرَاء
-
الفَقِيدة
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|