|
كيف تحول جير دواني السوداني من طفل محارب إلى أسطورة سينمائية و رياضية ثم رسول للإنسانية
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 5552 - 2017 / 6 / 15 - 00:10
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
جير دواني هو أحد الأطفال الجنوبيين النازحين الذين هربوا من السودان في عام 1986م متنقليين سيرا علي الأقدام العاريه من بلد إلى آخر حتي حط بهم الرحال إلي الشقيقة إثيوبيا هرباً من الحروب وبحثا عن حياه أفضل في دوله أفريقيا أخري حيث مكث لمده أربع سنوات في مخيمات اللاجئين وعندما اندلعت الحرب الأهلية الثانيه في عام 1991م اضطر هذا الطفل في عمر صغير لحمل السلاح مجبرا رغم أنفه حفاظاً علي نفسه اذا أراد البقاء علي قيد الحياة تاركاً وراءه عائلته فى جنوب السودان وجميع ذكرياته الجميلة منها والمؤلمه وفي عام 1992م ودع هذا الطفل حياه الطفوله والبراءة وانتقل إلي حياة الجندي الصغير طفل لم تتجاوز سنه الرابعة عشر شافعا يافعا يتعلم إطلاق النار ومع ذلك لا زالت صور عائلته الكبيره المتكونة من 63 أخا وتسعه زوجات من أبيه لا يغادروا مخيلته وهو لا يعلم اذا كانوا علي قيد الحياه أم أنهم نزحوا كغيرهم من الجنوبيين نحو كينيا ويوغندا وإثيوبيا ومن هنا تبدأ مأساة هذا الطفل البرئ ويتقطع قلبه عندما تراود مخيلته صور الحرب والعنف والمجاعات . وفي أول لحظه لامست يده المسدس شعر قلبه الصغير يدق بسرعه لأن حياته سوف تتحول إلى كابوس لا نهايه له . وفي عام 1994م وبعد سنين من الضياع والعذاب تمكن جير دواني من الدخول إلى الولايات المتحدة في عمر صغير جداً لا يتجاوز الخامسه عشر ولكن لم يكن الأمر سهلاً كما كان يتوقع حيث انتهي به الأمر إلي التسكع في الطرقات مع أولاد الشوارع الضائعين من السودانيين إلي أن علم أن له أقارب أو بالاحرى عم تمكن من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية والإستقرار فيها منذ عام 1984م ولحسن حظه كان عمه الدكتور وال دواني أستاذا في جامعة إنديانا وهكذا ضحكت الدنيا مره ثانيه في وجه هذا الطفل الضائع وفتحت له بوابه الأمل فسارع جير دواني لمقابله عمه الدكتور وأبناء عمه الذين يساونه في العمر وهكذا وجد جير دواني الإستقرار والمأوى فى منزل عمه والجدير بالذكر أن أبناء عمه لاعبو كره سله مشهورين ومعروفين في الوسط الأمريكي وهم دواني دواني وكويث دواني كابتن فريق سيراكيوز والفائز في البطولة الوطنية لكره السله عام 2003م وهكذا بدأت تتغير حياه جير دواني بعد إلتقاء عمه وأبناءه وفتحت عيناه علي نمط جديد للحياه مختلف كليا عن حياة الحرب والتشرد والجوع التي عاشها سابقاً ومن هنا عادت إلي جير دواني من جديد طفولته الضائعه وصار قلبه يضحك ويحلم بحياه أخري وتفتحت عيناه شيئاً فشيئاً على نمط الحياة الأمريكية ولكن عند إقامته في ولاية ساوث داكوتا إتضح له أن معظم الأولاد في عمره في هذه المنطقة يعيشون حاله ضياع أخري متمثلة في مشاكل بلانهايه مع الشرطة والقانون ولكن بما أن جير كان يقضي معظم وقته في لعب كره السله التي كان لها دور كبير في تغيير حياته و مساعدته علي التخلص من الطاقة السلبية العالقة في مخيلته من صور حرب وعنف وماضي طفولي أليم ولكن إصابته ومكثوه للعلاج كان بمثابة الصدمة الكبيره وبرغم أصابت هذا الجسم النحيل الضعيف لم يتوقف حلمه الكبير في التأهل للدوري الاميركي للمحترفين وقد تمكن جير بالعمل الجاد وإصراره علي الحصول علي منح دراسية عديده كانت وسيلته الوحيده لتمويل دراسته ومتابعه الرياضة في نفس الوقت وفي سنته الدراسيه الأخيره كانت هناك ضجه اعلاميه لفيلم i heart Huckabees حيث كان البحث جاري عن وجوه سينمائية جديدة فتقدم جيري للإختبار وتم اختياره فالشاب جير مع عزيمته وإصراره كان يتمتع بجاذبيه وكريزما سودانيه سمراء غير معتادة إضافة إلي إحساس الفنان المرهف الذي لم تتمكن الحروب من قتله بداخله ومن هنا بدأت مسيرته مع هوليود والسينما الأمريكية ولكن قلب دواني الشاب الأسمر السوداني كان يحن دائماً إلي أرض الملعب وكره السله التي ما زال يعشقها وتجرى في دمه ولم تتمكن أضواء هوليوود السينمائيه الخلابة ان تنسيه إياها فعشق دواني لكره السله خاص من نوعه حيث يشبهها بالدين وهنا أرجو ان لايسئ القارئ فهم التشبيه بالدين لأن الدين والروحانيات تساعد الناس علي تخطي الأزمات الصعبه فى الحياه وتدعم صبرهم فكره السله كانت هي رفيقه درب جير التي تريح أعصابه وتهون عليه مأساة الماضي المرير التي لازالت تراود مخيلته ولأنها كانت ملاذه الوحيد للخروج من جميع الأزمات شبها بالدين لهذا لم يتوقف جير طوال فتره التصوير السينمائي عن سؤال المخرج متي ننتهي ؟ لكى أعود الي أرض الملعب . وبالفعل بعد انتهاء التصوير غادر جير كاليفورنيا التي يحلم بها الكثيرون إلي كره السله والي جامعه بريدجبورت حيث تمكن من الحصول علي منحه دراسية أخري وتحصل علي شهاده البكالوريوس في الخدمات الإنسانية التي كانت هى الأقرب الي قلبه الملئ بمعاني الانسانيه السامية حيث يذوب وجدانه ويشرد خياله في هذا العالم السامي وبما ان الله وهب هذا الشاب الأسمر السمات الجماليه المتعددة متمثلة في وجه الأسمر الجميل وعنقه الطويل وابتسامته الخلابة وقامته الطويله وانفه الجميل وغيرها من الصفات الجماليه التي تتمتع بها قبائل الدينكا السودانيه التي طالما قدمت لأمريكا والعالم بأكمله أجمل وأرشق عارضو الازياء بدايه بعارضه الأزياء العالميه إليك ويك و مروراً بعارض الازياء العالمي جير دواني الذي جذب إليه أكبر مصممي الازياء وإنتقلت مسيره جير دواني الي عالم آخر من عالم النجومية والشهرة وهكذا ترك جير بصمته في مجال الازياء والموضه والسينما الهوليوديه وكره السله الأمريكية العالميه وصار دواني نجما سودانيا امريكيا عالمياً يضي سماء أمريكا وماحولها بابتسامتة البراقة وكعادته جير جواني لم يجد نفسه في مجال الموضه والازياء الذي أبدع واشتهر فيه لان حلمه كان أكبر من هذا حلم إنساني كبير لطالما حلم جير بمد يد العون لجميع الأطفال ذوي الحاجه وتوفير الحياه الكريمه لهم وهكذا انهمك دواني في الأعمال الخيريه والإنسانيه وكرس لها وقته وجهده وعلاقته التي اكتسبها من عمله في السينما والموضه وفي عام 2015م تم أخيراً إختيار جيري دواني من قبل وكاله الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وتعينه سفيراً للنوايا الحسنة الإقليمية لشرق أفريقيا والقرن الأفريقي.
عبير سويكت ناشطة سودانية و كاتبة صحفية مقيمة بباريس
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر التي عقدت التصالح اعجزت أن تعلم رموزها التسامح
-
المايقوما و صرخة أمل نموذج لضحايا جرائم الشرف في العالم العر
...
-
تحرير المطلقات و الأرامل و العوانس و القصر من السجن التقليدي
...
-
أوراق عاشقه بين اليقظة والأحلام
-
جدل حول زواج التراضي و إستمرار علماء الدين في تضليل العباد و
...
-
لماذا لا يحكم المسيحي في بلد أغلبيته مسلمة إذا كان مؤهلا سيا
...
-
تحريم زواج المسلمة من المسيحي مصدره القرآن الكريم أم العقلية
...
-
حد الردة إنتهاك لحرية الإعتقاد و هدر للنفس البشرية العزيزة
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|